المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(68) - (778) - باب القافة - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب التّجارات

- ‌(1) - (711) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَبَيْعِ الْغَرَرِ

- ‌فصل في حكم بيع المعاطاة

- ‌(2) - (712) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ وَضُرُوعِهَا وَضَرْبَةِ الْغَائِصِ

- ‌(3) - (713) - بَابُ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ

- ‌(4) - (714) - بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌(5) - (715) - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُسَعِّرَ

- ‌(6) - (716) - بَابُ السَّمَاحَةِ فِي الْبَيْعِ

- ‌(7) - (717) - بَابُ السَّوْمِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (718) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كرَاهِيَةِ الْأَيْمَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ

- ‌فائدة

- ‌(9) - (719) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا أَوْ عَبْدًا لَهُ مَالٌ

- ‌(10) - (720) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا

- ‌تتمة

- ‌(11) - (721) - بَابُ بَيْعِ الثِّمَارِ سِنِينَ وَالْجَائِحَةِ

- ‌(12) - (722) - بَابُ الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ

- ‌(13) - (723) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ

- ‌(14) - (724) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ

- ‌(15) - (725) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ

- ‌(16) - (726) - بَابُ بَيْعِ الْمُجَازَفَةِ

- ‌(17) - (727) - بَابُ مَا يُرْجَى فِي كَيْلِ الطَّعَامِ مِنَ الْبَرَكَةِ

- ‌(18) - (728) - بَابُ الْأَسْوَاقِ وَدُخُولِهَا

- ‌(19) - (729) - بَابُ مَا يُرْجَى مِنَ الْبَرَكةِ فِي الْبُكُورِ

- ‌(20) - (730) - بَابُ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ

- ‌(21) - (731) - بَابُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ

- ‌(22) - (732) - بَابُ عُهْدَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(23) - (733) - بَابٌ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا .. فَلْيُبَيِّنْهُ

- ‌(24) - (734) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ

- ‌(25) - (735) - بَابُ شِرَاءِ الرَّقِيقِ

- ‌(26) - (736) - بَابُ الصَّرْفِ وَمَا لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(27) - (737) - بَابُ مَنْ قَالَ لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ

- ‌فصل في بيان حد الربا وأقسامه وعلته

- ‌(28) - (738) - بَابُ صَرْفِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ

- ‌(29) - (739) - بَابُ اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ وَالْوَرِقِ مِنَ الذَّهَبِ

- ‌(30) - (740) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ كسْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌(31) - (741) - بَابُ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ

- ‌(32) - (742) - بَابُ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ

- ‌(33) - (743) - بَابُ بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا

- ‌(34) - (744) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً

- ‌(35) - (745) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(36) - (746) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الرِّبَا

- ‌(37) - (747) - بَابُ السَّلَفِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

- ‌(38) - (748) - بَابٌ: مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ. . فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ

- ‌(39) - (749) - بَابُ إِذَا أَسْلَمَ فِي نَخْلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يُطْلِعْ

- ‌(40) - (750) - بَابُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ

- ‌(41) - (751) - بَابُ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ

- ‌(42) - (752) - بَابُ مَا لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ

- ‌(43) - (753) - بَابُ مَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا

- ‌(44) - (754) - بَابُ مَا لِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَ وَيَتَصَدَّقَ

- ‌(45) - (755) - بَابُ مَنْ مَرَّ عَلَى مَاشِيَةِ قَوْمٍ أَوْ حَائِطٍ هَلْ يُصِيبُ مِنْهُ

- ‌(46) - (756) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُصِيبَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا

- ‌فرع

- ‌(47) - (757) - بَابُ اتِّخَاذِ الْمَاشِيَةِ

- ‌كتابُ الأحكام

- ‌(48) - (758) - بَابُ ذِكْرِ الْقُضَاةِ

- ‌(49) - (759) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْحَيْفِ وَالرِّشْوَةِ

- ‌(50) - (760) - بَابُ الْحَاكِمِ يَجْتَهِدُ فَيُصِيبُ الْحَقَّ

- ‌(51) - (761) - بَابٌ: لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌(52) - (762) - بَابٌ: قَضِيَّةُ الْحَاكمِ لَا تُحِلُّ حَرَامًا وَلَا تُحَرِّمُ حَلَالًا

- ‌(53) - (763) - بَابُ مَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَخَاصَمَ فِيهِ

- ‌(54) - (764) - بَابٌ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌(55) - (765) - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا

- ‌(56) - (766) - بَابُ الْيَمِينِ عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ

- ‌(57) - (767) - بَابٌ: بِمَا يُسْتَحْلَفُ أَهْلُ الْكِتَابِ

- ‌(58) - (768) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ

- ‌(59) - (769) - بَابُ مَنْ سُرِقَ لَهُ شَيءٌ فَوَجَدَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ اشْتَرَاهُ

- ‌(60) - (770) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي

- ‌(61) - (771) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ كَسَرَ شَيْئًا

- ‌(62) - (772) - بَابُ الرَّجُلِ يَضَعُ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِ جَارِه

- ‌(63) - (773) - بَاب: إِذَا تَشَاجَرُوا فِي قَدْرِ الطَّرِيقِ

- ‌(64) - (774) - بَابُ مَنْ بَنَى فِي حَقِّهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ

- ‌(65) - (775) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ فِي خُصٍّ

- ‌(66) - (776) - بَابُ مَنِ اشْتَرَطَ الْخَلَاصَ

- ‌(67) - (777) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالْقُرْعَةِ

- ‌(68) - (778) - بَابُ الْقَافَةِ

- ‌(69) - (779) - بَابُ تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ بَيْنَ أَبَوَيْهِ

- ‌(70) - (780) - بَابُ الصُّلْحِ

- ‌(71) - (781) - بَابُ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُفْسِدُ مَالَهُ

- ‌(72) - (782) - بَابُ تَفْلِيسِ الْمُعْدِمِ وَالْبَيْعِ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ

- ‌(73) - (783) - بَابُ مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ

- ‌(74) - (784) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ لَمْ يُسْتَشْهَدْ

- ‌(75) - (785) - بَابُ الرَّجُلِ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا

- ‌(76) - (786) - بَابُ الْإِشْهَادِ عَلَى الدُّيُونِ

- ‌(77) - (787) - بَابُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ

- ‌(78) - (788) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌فائدة

- ‌(79) - (789) - بَابُ شَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌(80) - (790) - بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ

الفصل: ‌(68) - (778) - باب القافة

(68) - (778) - بَابُ الْقَافَةِ

(154)

- 2311 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ذَاتَ يَوْمٍ مَسْرُورًا

===

(68)

- (778) - (باب القافة)

جمع قائف، والقائف: الذي يعرف آثار الأقدام، أو آثار النسب.

* * *

(154)

- 2311 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وهشام بن عمار) بن نصير -بضم النون- السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(ومحمد بن الصباح) بن سفيان الجرجرائي أبو جعفر التاجر، صدوق، من العاشرة، مات سنة أربعين ومئتين (240 هـ). يروي عنه:(د ق).

(قالوا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قالت) عائشة: (دخل علي) في بيتي (رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم) أي: يومًا من الأيام، فلفظ:(ذاتَ) مقحم، أو الإضافة فيه للبيان، حالة كونه (مسرورًا) أي: فرحان، وفي رواية مسلم زيادة:(تبرق أسارير وجهه) أي: حالة كونه (تبرق) أي: تضيء وتلمع من السرور والفرح (أسارير) أي: خطوطُ جبهةِ (وجهِه) الشريف، والأسارير: الطرائق الدقيقة، والتكسر اليسير

ص: 450

وَهُوَ يَقُولُ: "يَا عَائِشَةُ؛ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ

===

الذي يكون في الجبهةِ والوجهِ، والغضونُ أكثر منه، وواحدُ الأسارير أسرار، وواحدها سِر وسَرَر، وأساريرُ جمع الجمع، ويجمع جمعَ القلة على أسرَّةٍ، وهذا عبارة عن انطلاقِ وظهورِ وجهه وظهورِ السُّرور عليه، ويعبر عن خلاف ذالك بالمُقَطَّبِ؛ أي: المجمَّعِ، فكأن الحزن والغضب جمعه وقبضه. انتهى من "المفهم".

(وهو) أي: دخل علي والحال أنه (يقول) لي: (يا عائشة؛ ألم تري) أي: ألم تعلمي (أن مجززًا) - بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاي الأولى وتشديدها - وهو المعروف عند الحفاظ، وكان ابن جريج يقول: مجززًا - بفتح الزاي الأولى - وقيل عنه أيضًا: محرزًا - بحاء مهملة ساكنة وراء مكسورة ثم زاي آخره - والصواب الأول؛ فإنه روي أنه إنما سمي مجززًا؛ لأنه كان إذا أخذ أسيرًا جز ناصيته، وقيل: حلق لحيته وأطلقه، قاله الزبيري.

قال الحافظ: فعلى هذا كان له اسم غير مجزز، لكن لم أر من ذكره. انتهى.

(المدلجي) - بضم الميم وسكون الدال وكسر اللام - أي: المنسوب إلى بني مدلج؛ قبيلة من العرب كانت فيهم القيافة وفي بني أسد، وكانت العرب تعترف لهم بذلك. انتهى من "المفهم"، وهو منسوب إلى مدلج بن مرة بن عبد مناف بن كنانة. انتهى "نووي".

وقال الأبي: وكان يقال: في العرب علوم ثلاثة: السيافة، والعيافة، والقيافة؛ فالسيافة: شم تراب الأرض، فيعلم بها الاستقامة على الطريق أو الخروج عنها، والعيافة: زجر الطير والطيرة والتفاؤل ونحو ذالك، والقيافة: اعتبار الشبه في إلحاق النسب. انتهى.

والقائف: من يتبع الآثار ويعرفها، ويعرف شبه الرجل بأبيه وأخيه، والجمع

ص: 451

دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَة قَدْ غَطَّيَا رُؤُوسَهُمَا وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهُمَا، فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ".

===

قافة، يقال: فلان يقوف الأثر ويقتافه قيافة؛ مثل قفا الأثر واقتفاه، كذا في "عمدة القاري"، وقال الحافظ: سمي بذلك؛ لأنه يقفو الأثر؛ أي: يتبعها، فكأنه مقلوب من القافي. انتهى.

أي: ألم تري أن مجززًا المدلجي (دخل علي) آنفًا؛ كما في رواية مسلم؛ أي: في زمن قريب (فرأى أسامة) بن زيد (وزيد) بن حارثة الكلبي، والحال أن (عليهما قَطِيفةً قد غطَّيا) وستَرا بها -والقطيفة: كساء غليظ مخطط- (رؤوسَهما وقد بدت أقدامهما) أي: ظهرت من تحت القطيفة أقدامهما، (فقال) مجزز:(إن هذه الأقدام بعضها من بعض) فسُرَّ وفَرِحَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقوله حتى استنارت أسارير جبهتِه وخطوطِها.

وحاصل القصة: أنهم كانوا في الجاهلية يقدحون في نسب أسامة رضي الله تعالى عنه؛ لأنه كان أسود شديد السواد، وكان أبوه زيد أبيض من القطن، فلما أخبر مجزز القائف بأن بينهما شبهًا .. سر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك؛ لأن الجاهلية كانت تعتمد على قول القائف، فكان قوله زاجرًا لهم عن الطعن في نسبه.

قال الحافظ: وقد أخرج عبد الرزاق من طريق ابن سيرين أن أم أسامة؛ وهي أم أيمن الحبشية مولاة النبي صلى الله عليه وسلم كانت سوداء، فلهذا جاء أسامة أسود.

قال عياض: لو صح أن أم أيمن كانت سوداء .. لم ينكروا سواد ابنها أسامة؛ لأن السوداء قد تلد من الأبيض أسود، قلت: يحتمل أنها كانت صافيةً، فجاء أسامة شديد السواد، فوقَعَ الإِنْكَارُ لذالك، كذا في "فتح الباري".

ص: 452

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وزيد بن حارثة عربي صريح، من كلب، أصابه سباء، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد رضي الله تعالى عنها، فوهبته للنبي صلى الله عليه وسلم فتبناه، فكان يدعى زيد ابن محمد، حتى نزل قوله تعالى:{ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ} (1)، فقيل له بعد نزولها: زيد بن حارثة، وابن زيد: أسامة، وأمه: أم أيمن بركة، وكانت تدعى أم الظباء، مولاة عبد الله بن عبد المطلب ودايةُ؛ (أي: حاضنةُ) رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر لأحد أنها كانت سوداء، إلا ما روي عن ابن سيرين في " تاريخ أحمد بن سعيد"، فإن كان هذا .. فلهذا خرج أسامة أسود، لكن لو كان هذا صحيحًا .. لم ينكر الناس لونه؛ إذ لا ينكر أن يلد الإنسان أسود من سوداء، وقد نسبها الناس، فقالوا: أم أيمن بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو بن النعمان.

وقد ذكر مسلم في الجهاد عن ابن شهاب أن أم أيمن كانت من الحبش وصيفةً لعبد الله بن عبد المطلب والد النبي صلى الله عليه وسلم، ولعل ابن شهاب نسبها إلى الحبشة؛ لأنها من مهاجرة الحبشة، وتزوجها عبيد بن زيد من بني الحارث، فولدت له أيمن، وتزوجها بعده زيد بن حارثة بعد النبوة، فولدت له أسامة، شهدت أحدًا، وكانت تداوي الجرحى، وشهدت خيبر، وتوفيت في أول خلافة عثمان بعشرين يومًا. انتهى من "المفهم".

قال القرطبي: وقد استدل جمهور العلماء على الرجوع إلى قول القافة عند التنازع في الولد بسرور النبي صلى الله عليه وسلم بقول هذا القائف، وما كان صلى الله عليه وسلم بالذي يسر بالباطل ولا يعجبه، ولم يأخذ بذلك أبو حنيفة والثوري وإسحاق وأصحابهم، متمسكين بإلغاء النبي صلى الله عليه وسلم الشبه

(1) سورة الأحزاب: (5).

ص: 453

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

في حديث اللعان على ما ذكر فيه، وفي حديث سودة بنت زمعة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها، وقد انفصل عن هذا الاعتراض بأن إلغاء الشبه في تلك المواضع التي ذكروها إنما هو لمعارض أقوى منه، وهو معدوم هنا، والله أعلم.

ثم اختلف الآخذون بقول القافة هل يؤخذ بذلك في أولاد الحرائر والإماء أو يختص بأولاد الإماء؟ على قولين؛ فالأول: قول الشافعي ومالك في رواية ابن وهب عنه، ومشهور مذهبه قَصْرُهُ على ولد الأمة، وفرق بينهما بأن الواطئ في الاستبراء يستند وطؤه لعقد صحيح، فله شبهة الملك، فيصح إلحاق الولد به إذا أتت به لأكثر من ستة أشهر من وطئه، وليس كذلك الوطء في العدة؛ إذ لا عقد إذ لا يصح، وعلى هذا، فليزم من نكح في العدة أن يحد ولا يلحق به الولد؛ إذ لا شبهة له، وليس مشهور مذهبه على هذا، فالأولى ما رواه ابن وهب عنه، وقاله الشافعي، ثم العجب أن هذا الحديث الذي هو الأصل في هذا الباب إنما وقع في الحرائر؛ فإن أسامة وأباه ابنا حرتين، فكيف النسبُ الذي خُرِّج عليه دليلُ الحكم وهو الباعثُ عليه؟ ! هذا ما لا يجوز عند الأصوليين. انتهى من "المفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المناقب، باب فضائل زيد بن حارثة، ومسلم في كتاب الرضاع، باب العمل بإلحاق القائف بالولد، وأبو داوود في كتاب الطلاق، باب القافة، والنسائي في كتاب الطلاق، باب في القافة.

فالحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ص: 454

(155)

- 2312 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ

يُوسُفَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، حَدَّثَنَا سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ

ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ قُرَيْشًا أَتَوُا امْرَأَةً كَاهِنَةً

===

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(155)

- 2312 - (2)) حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الله الذهلي النيسابوري، ثقة متقن، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا محمد بن يوسف) بن واقد بن عثمان الضبي مولاهم الفريابي، ثقة فاضل، من التاسعة، مات سنة اثنتي عشرة ومئتين (212 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا إسرائيل) بن يونس بن إسحاق السبيعي الكوفي، ثقة، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(حدثنا سماك بن حرب) بن أوس بن خالد الذهلي الكوفي، صدوق، من الرابعة، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير بأخرة، مات سنة ثلاث وعشرين ومئة (123 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن عكرمة) الهاشمي مولاهم المكي؛ مولى ابن عباس، ثقة عالم بالتفسير، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة، وقيل بعد ذالك. يروي عنه:(ع).

(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن سماك بن حرب مختلف فيه فيما رواه عن عكرمة.

(أن قريشًا أتوا) أي: جاؤوا في الجاهلية (امرأةً كاهنةً) أي: مخبرةً عن

ص: 455

فَقَالُوا لَهَا: أَخْبِرِينَا أَشْبَهَنَا أَثَرًا بِصَاحِبِ الْمَقَامِ؟ فَقَالَتْ: إِنْ أَنْتُمْ جَرَرْتُمْ كِسَاءً عَلَى هَذِهِ السِّهْلَةِ ثُمَّ مَشَيْتُمْ عَلَيْهَا .. أَنْبَأْتُكُمْ، قَالَ: فَجَرُّوا كِسَاءً ثُمَّ مَشَى النَّاسُ عَلَيْهَا، فَأَبْصَرَتْ أَثَرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: هَذَا أَقْرَبُكُمْ إِلَيْهِ شَبَهًا، ثُمَّ مَكَثُوا بَعْدَ ذَالِكَ عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ مَا شَاءَ اللهُ،

===

المغيبات، ولم أر من ذكر اسمها (فقالوا لها) أي: لتلك الكاهنة: (أخبرينا) أيتها الكاهنة (أشبهنا أثرًا) أي: أكثرنا شبهًا أثر قدمه (بـ) أثر قدم (صاحب) هذا (المقام) يعنون مقام إبراهيم الخليل عليه السلام، (فقالت) الكاهنة لهم:(إن أنتم جررتم كساءً) لكم؛ أي: إن جررتم كساء لكم (على هذه السهلة) والرملة ومسحتموها بالكساء، وجعلتموها مستوية؛ بحيث لا يكون فيها ارتفاع بعضها وانخفاض البعض الآخر منها (ثم مشيتم) بأقدامكم (عليها) على السيرة والترتيب .. (أنبأتكم) ذلك؛ أي: أخبرتكم بأكثركم شبهًا قدمه بقدم صاحب هذا المقام.

(قال) ابن عباس: (فجروا) أي: جر جمع من قريش (كساء) لهم على تلك السهلة والرملة؛ لتكون مستوية، والكساء: ثوب غليظ من صوف له خطوط تلبسه الأعراب (ثم مشى الناس) منهم (عليها) أي: على تلك السهلة التي سويت بجر الكساء عليها، وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (فأبصرت) المرأة، أي: رأت (أثر) قدم (رسول الله صلى الله عليه وسلم على تلك السهلة (فقالت) المرأة لهم: (هذا) الأثر، أي: قدم صاحب هذا الأثر (أقربكم إليه) إلى صاحب المقام (شبهًا) أي: أقرب أقدامكم إلى صاحب هذا المقام شبهًا.

قال ابن عباس: (ثم مكثوا) أي: مكث الناس (بعد ذلك) أي: بعد إخبار الكاهنة (عشرين سنة أو) قال ابن عباس: ثم مكثوا بعد ذلك (ما شاء الله)

ص: 456

ثُمَّ بَعَثَ اللهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم.

===

من الزمن والشك من عكرمة (ثم) بعد مضي تلك المدة (بعث الله) عز وجل (محمدًا صلى الله عليه وسلم أي: أرسله بدعوة الناس إلى التوحيد.

قال السندي: والمراد بصاحب المقام: إبراهيم عليه السلام، والمراد: أنه أكثر اتباعًا لإبراهيم لا أنتم يا معشر قريش.

قوله: (على هذه السهلة) هي الرمل الخشن المختلط بالدقاق الناعم، كذا ذكره السيوطي. انتهى.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، فدرجته: أنه صحيح بما قبله، وإن كان سنده حسنًا؛ لما تقدم، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 457