المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(61) - (771) - باب الحكم فيمن كسر شيئا - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٣

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌تَتِمَّة كتاب التّجارات

- ‌(1) - (711) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الْحَصَاةِ وَبَيْعِ الْغَرَرِ

- ‌فصل في حكم بيع المعاطاة

- ‌(2) - (712) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ شِرَاءِ مَا فِي بُطُونِ الْأَنْعَامِ وَضُرُوعِهَا وَضَرْبَةِ الْغَائِصِ

- ‌(3) - (713) - بَابُ بَيْعِ الْمُزَايَدَةِ

- ‌(4) - (714) - بَابُ الْإِقَالَةِ

- ‌(5) - (715) - بَابُ مَنْ كَرِهَ أَنْ يُسَعِّرَ

- ‌(6) - (716) - بَابُ السَّمَاحَةِ فِي الْبَيْعِ

- ‌(7) - (717) - بَابُ السَّوْمِ

- ‌تتمة

- ‌(8) - (718) - بَابُ مَا جَاءَ فِي كرَاهِيَةِ الْأَيْمَانِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ

- ‌فائدة

- ‌(9) - (719) - بَابُ مَا جَاءَ فِيمَنْ بَاعَ نَخْلًا مُؤَبَّرًا أَوْ عَبْدًا لَهُ مَالٌ

- ‌(10) - (720) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الثِّمَارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا

- ‌تتمة

- ‌(11) - (721) - بَابُ بَيْعِ الثِّمَارِ سِنِينَ وَالْجَائِحَةِ

- ‌(12) - (722) - بَابُ الرُّجْحَانِ فِي الْوَزْنِ

- ‌(13) - (723) - بَابُ التَّوَقِّي فِي الْكَيْلِ وَالْوَزْنِ

- ‌(14) - (724) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْغِشِّ

- ‌(15) - (725) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ

- ‌(16) - (726) - بَابُ بَيْعِ الْمُجَازَفَةِ

- ‌(17) - (727) - بَابُ مَا يُرْجَى فِي كَيْلِ الطَّعَامِ مِنَ الْبَرَكَةِ

- ‌(18) - (728) - بَابُ الْأَسْوَاقِ وَدُخُولِهَا

- ‌(19) - (729) - بَابُ مَا يُرْجَى مِنَ الْبَرَكةِ فِي الْبُكُورِ

- ‌(20) - (730) - بَابُ بَيْعِ الْمُصَرَّاةِ

- ‌(21) - (731) - بَابُ الْخَرَاجِ بِالضَّمَانِ

- ‌(22) - (732) - بَابُ عُهْدَةِ الرَّقِيقِ

- ‌(23) - (733) - بَابٌ: مَنْ بَاعَ عَيْبًا .. فَلْيُبَيِّنْهُ

- ‌(24) - (734) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ التَّفْرِيقِ بَيْنَ السَّبْيِ

- ‌(25) - (735) - بَابُ شِرَاءِ الرَّقِيقِ

- ‌(26) - (736) - بَابُ الصَّرْفِ وَمَا لَا يَجُوزُ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(27) - (737) - بَابُ مَنْ قَالَ لَا رِبَا إِلَّا فِي النَّسِيئَةِ

- ‌فصل في بيان حد الربا وأقسامه وعلته

- ‌(28) - (738) - بَابُ صَرْفِ الذَّهَبِ بِالْوَرِقِ

- ‌(29) - (739) - بَابُ اقْتِضَاءِ الذَّهَبِ مِنَ الْوَرِقِ وَالْوَرِقِ مِنَ الذَّهَبِ

- ‌(30) - (740) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ كسْرِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ

- ‌(31) - (741) - بَابُ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ

- ‌(32) - (742) - بَابُ الْمُزَابَنَةِ وَالْمُحَاقَلَةِ

- ‌(33) - (743) - بَابُ بَيْعِ الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا

- ‌(34) - (744) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ نَسِيئَةً

- ‌(35) - (745) - بَابُ الْحَيَوَانِ بِالْحَيَوَانِ مُتَفَاضِلًا يَدًا بِيَدٍ

- ‌(36) - (746) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الرِّبَا

- ‌(37) - (747) - بَابُ السَّلَفِ فِي كَيْلٍ مَعْلُومٍ وَوَزْنٍ مَعْلُومٍ إِلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ

- ‌(38) - (748) - بَابٌ: مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ. . فَلَا يَصْرِفْهُ إِلَى غَيْرِهِ

- ‌(39) - (749) - بَابُ إِذَا أَسْلَمَ فِي نَخْلٍ بِعَيْنِهِ لَمْ يُطْلِعْ

- ‌(40) - (750) - بَابُ السَّلَمِ فِي الْحَيَوَانِ

- ‌(41) - (751) - بَابُ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ

- ‌(42) - (752) - بَابُ مَا لِلرَّجُلِ مِنْ مَالِ وَلَدِهِ

- ‌(43) - (753) - بَابُ مَا لِلْمَرْأَةِ مِنْ مَالِ زَوْجِهَا

- ‌(44) - (754) - بَابُ مَا لِلْعَبْدِ أَنْ يُعْطِيَ وَيَتَصَدَّقَ

- ‌(45) - (755) - بَابُ مَنْ مَرَّ عَلَى مَاشِيَةِ قَوْمٍ أَوْ حَائِطٍ هَلْ يُصِيبُ مِنْهُ

- ‌(46) - (756) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُصِيبَ مِنْهَا شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ صَاحِبِهَا

- ‌فرع

- ‌(47) - (757) - بَابُ اتِّخَاذِ الْمَاشِيَةِ

- ‌كتابُ الأحكام

- ‌(48) - (758) - بَابُ ذِكْرِ الْقُضَاةِ

- ‌(49) - (759) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي الْحَيْفِ وَالرِّشْوَةِ

- ‌(50) - (760) - بَابُ الْحَاكِمِ يَجْتَهِدُ فَيُصِيبُ الْحَقَّ

- ‌(51) - (761) - بَابٌ: لَا يَحْكُمُ الْحَاكِمُ وَهُوَ غَضْبَانُ

- ‌(52) - (762) - بَابٌ: قَضِيَّةُ الْحَاكمِ لَا تُحِلُّ حَرَامًا وَلَا تُحَرِّمُ حَلَالًا

- ‌(53) - (763) - بَابُ مَنِ ادَّعَى مَا لَيْسَ لَهُ وَخَاصَمَ فِيهِ

- ‌(54) - (764) - بَابٌ: الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ

- ‌(55) - (765) - بَابُ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَاجِرَةٍ لِيَقْتَطِعَ بِهَا مَالًا

- ‌(56) - (766) - بَابُ الْيَمِينِ عِنْدَ مَقَاطِعِ الْحُقُوقِ

- ‌(57) - (767) - بَابٌ: بِمَا يُسْتَحْلَفُ أَهْلُ الْكِتَابِ

- ‌(58) - (768) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ السِّلْعَةَ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ

- ‌(59) - (769) - بَابُ مَنْ سُرِقَ لَهُ شَيءٌ فَوَجَدَهُ فِي يَدِ رَجُلٍ اشْتَرَاهُ

- ‌(60) - (770) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَا أَفْسَدَتِ الْمَوَاشِي

- ‌(61) - (771) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ كَسَرَ شَيْئًا

- ‌(62) - (772) - بَابُ الرَّجُلِ يَضَعُ خَشَبَةً عَلَى جِدَارِ جَارِه

- ‌(63) - (773) - بَاب: إِذَا تَشَاجَرُوا فِي قَدْرِ الطَّرِيقِ

- ‌(64) - (774) - بَابُ مَنْ بَنَى فِي حَقِّهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ

- ‌(65) - (775) - بَابٌ: الرَّجُلَانِ يَدَّعِيَانِ فِي خُصٍّ

- ‌(66) - (776) - بَابُ مَنِ اشْتَرَطَ الْخَلَاصَ

- ‌(67) - (777) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالْقُرْعَةِ

- ‌(68) - (778) - بَابُ الْقَافَةِ

- ‌(69) - (779) - بَابُ تَخْيِيرِ الصَّبِيِّ بَيْنَ أَبَوَيْهِ

- ‌(70) - (780) - بَابُ الصُّلْحِ

- ‌(71) - (781) - بَابُ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ يُفْسِدُ مَالَهُ

- ‌(72) - (782) - بَابُ تَفْلِيسِ الْمُعْدِمِ وَالْبَيْعِ عَلَيْهِ لِغُرَمَائِهِ

- ‌(73) - (783) - بَابُ مَنْ وَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ قَدْ أَفْلَسَ

- ‌(74) - (784) - بَابُ كَرَاهِيَةِ الشَّهَادَةِ لِمَنْ لَمْ يُسْتَشْهَدْ

- ‌(75) - (785) - بَابُ الرَّجُلِ عِنْدَهُ الشَّهَادَةُ وَلَا يَعْلَمُ بِهَا صَاحِبُهَا

- ‌(76) - (786) - بَابُ الْإِشْهَادِ عَلَى الدُّيُونِ

- ‌(77) - (787) - بَابُ مَنْ لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ

- ‌(78) - (788) - بَابُ الْقَضَاءِ بِالشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ

- ‌فائدة

- ‌(79) - (789) - بَابُ شَهَادَةِ الزُّورِ

- ‌(80) - (790) - بَابُ شَهَادَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ

الفصل: ‌(61) - (771) - باب الحكم فيمن كسر شيئا

(61) - (771) - بَابُ الْحُكْمِ فِيمَنْ كَسَرَ شَيْئًا

(138)

- 2295 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ قَيْسِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سُوَاءَةَ قَالَ: قُلْتُ لِعَائِشَةَ: أَخْبِرِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: أَوَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ

===

(61)

- (771) - (باب الحكم فيمن كسر شيئًا)

(138)

- 2295 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شريك بن عبد الله) النخعي الكوفي القاضي، صدوق يخطئ كثيرًا تغير حفظه منذ ولي القضاء، من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن قيس بن وهب) الهمداني الكوفي، ثقة، من الخامسة. يروي عنه:(م د ق).

(عن رجل من بني سواءة) قال في "التقريب": قيس بن وهب عن رجل من بني سواءة عن عائشة مجهول، من الثالثة. يروي عنه:(دق).

(قال) الرجل: (قلت لعائشة): يا أم المؤمنين (أخبريني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وشمائله؛ لأقتدي به فيها.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لجهالة التابعي فيه.

(قالت) لي عائشة في جواب سؤالي: أيها الرجل (أو ما تقرأ القرآن؟ ) والهمزة داخلة على محذوف، والواو عاطفة ما بعدها على ما قبلها؛ تقديره: أتسألني عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعلك لا تقرأ القرآن،

ص: 407

{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} ؟ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ أَصْحَابِه، فَصَنَعْتُ لَهُ طَعَامًا وَصَنَعَتْ لَهُ حَفْصَةُ طَعَامًا، قَالَتْ: فَسَبَقَتْنِي حَفْصَةُ، فَقُلْتُ لِلْجَارِيَةِ: انْطَلِقِي فَاكْفِئِي قَصْعَتَهَا، فَلَحِقَتْهَا وَقَدْ هَمَّتْ أَنْ تَضَعَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم

===

ولو قرأته .. لعلمتها، أوما قرأت قوله تعالى:{وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} ؟ ) (1)، ثم (قالت) عائشة لبيان أخلاقه صلى الله عليه وسلم:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا في بيتي (مع أصحابه) ضيفًا عنده فأمرني أنا وحفصة بإصلاح الطعام لهم.

(فصنعت) أنا (له) صلى الله عليه وسلم (طعامًا) يأكله مع الضيف (وصنعت له) صلى الله عليه وسلم (حفصة طعامًا) يأكله مع أصحابه (قالت) عائشة: (فسبقتني حفصة) بتقديم الطعام إليهم، فأخذتني الغيرة بسبقها علَيَّ في تقديم الطعام إليهم (فقلت للجارية) أي: لجاريتي وأمتي: (انطلقي) أي: اذهبي يا جارية إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا وضعت حفصة الطعام عندهم .. (فاكفئي) أي: كُبّي على الأرض (قصعتها) أي قصعةَ حفصة؛ أي: كبي ما فيها من الطعام على الأرض.

قال السندي: قوله: (فاكفئي) أمر للمؤنث من كفأ الثلاثي؛ أي: اقلبي؛ أي: كبي ما في الإناء من الطعام على الأرض؛ حرمانًا لها فضيلة السبق علَيَّ في تقديم الطعام إليهم.

(فلحقتها) أي: لحقت جاريتي حفصة (وقد همت) أي: والحال أن حفصة قد قصدت بـ (أن تضع) القصعة (بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدامه، وفي رواية: (وقد هوت) أي: فلحقت الجارية حفصة،

(1) سورة القلم: (4).

ص: 408

فَأَكْفَأَتْهَا، فَانْكَسَرَتِ الْقَصْعَةُ وَانْتَشَرَ الطَّعَامُ قَالَتْ: فَجَمَعَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَمَا فِيهَا مِنَ الطَّعَامِ عَلَى النِّطَع، فَأَكَلُوا، ثُمَّ بَعَثَ بِقَصْعَتِي فَدَفَعَهَا إِلَى حَفْصَةَ فَقَالَ: "خُذُوا ظَرْفًا مَكَانَ ظَرْفِكُمْ، وَكُلُوا مَا

===

والحال أن حفصة قد هوت ومالت وانحنت إلى الأرض (أن تضع) أي: لأن تضع القصعة (بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: قدامه (فأكفأتها) الجارية؛ أي: كَبَّتْ الجاريةُ وقلبت القصعة، فأفرغت على الأرض ما فيها من الطعام.

(فانكسرت القصعة) أي: انكسرت قصعة حفصة (وانتشر الطعام) الذي فيها على الأرض (قالت) عائشة: (فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: جمع القصعة وضم كسرها بعضَها إلى بعض (و) جمع (ما فيها) أي: ما في القصعة (من الطعام) المنتشر على الأرض (على النطع) أي: على الصفرة، والنطع -بكسر النون وفتح الطاء وبفتحتين أو سكون الثاني، وفيه لغات أخر-: هو ما يفرش تحت القصعة عند الأكل؛ وقاية لما سقط من الطعام عند الأكل من إصابة التراب أو الأوساخ له، وتسمى الآن: الصفرة.

(فأكلوا) أي: فأكل الأصحاب الذين كانوا معه الطعام المجموع على النطع (ثم) بعدما أكلوا (بعث) رسول الله صلى الله عليه وسلم (بقصعتي) الصحيحة إلى حفصة (فدفعها إلى حفصة) بدل قصعتها التي كسَرَتْهَا الجاريةُ (فقال) رسول الله لحفصة: (خذوا) يا حفصة، جمع الضمير نظرًا إلى أنه بمعنى: يا أهلي؛ أي: خذوا (ظرفًا) صحيحًا (مكان ظرفكم) أي: بدل ظرفكم المكسور.

وقوله: "وكلوا" معطوف على: "خذوا" أي: خذوا يا أهل بيتي - يعني: حفصة - القصعة الصحيحة التي أرسلناها لكم بدل المكسورة (وكلوا ما) بقي

ص: 409

فِيهَا"، قَالَتْ: فَمَا رَأَيْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

(139)

- 2296 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِث،

===

منا من الطعام (فيها) أي: في القصعة الصحيحة التي أرسلناها لكم.

قال السندي: قوله: "خذوا ظرفًا" لعل القصعتين كانتا في القيمة سواء، أو أنهما كانتا ملكًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما أراد بما فعل جبرًا للخاطر، فلا يضر التفاوت بينهما (قالت) عائشة:(فما رأيت ذلك) أي: أثر ما فعلت في حضرته من كسر القصعة؛ أي: أثر ذلك من الغضب (في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم من تغير اللون من البياض إلى الحمرة، وهذا من كمال حسن خلقه صلى الله عليه وسلم الذي يمكن أن يكون معجزةً له، والله أعلم.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه".

فدرجته: أنه صحيح المتن بما بعده من حديث أنس المذكور بعده، وسنده ضعيف؛ لما مر انفًا من ضعف التابعي فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عائشة بحديث أنس رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(139)

- 2296 - (2)(حدثنا محمد بن المثنى) العنزي البصري.

(حدثنا خالد بن الحارث) بن عبيد بن سليم الهجيمي أبو عثمان البصري، ثقة ثبت، من الثامنة، مات سنة ست وثمانين ومئة (186 هـ). يروي عنه:(ع).

ص: 410

حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ إِحْدَى أُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ، فَأَرْسَلَتْ أُخْرَى بِقَصْعَةٍ فِيهَا طَعَامٌ، فَضَرَبَتْ يَدَ الرَّسُولِ فَسَقَطَتِ الْقَصْعَةُ فَانْكَسَرَتْ، فَأَخَذَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْدَاهُمَا إِلَى الْأُخْرَى، فَجَعَلَ يَجْمَعُ فِيهَا

===

(حدثنا حميد) بن أبي الحميد الطويل يسار أبو عبيدة البصري، ثقة مدلس، من الخامسة، مات سنة اثنتين، ويقال: ثلاث وأربعين ومئة (143 هـ).

(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أنس: (كان النبي صلى الله عليه وسلم عند إحدى أمهات المؤمنين) وهي عائشة (فأرسلت أخرى) منهن؛ هي زينب بنت جحش؛ كما رواه ابن حزم في "المحلى" عن أنس، ووقع قريب من ذلك لعائشة مع أم سلمة؛ كما رواه النسائي عنها وبعض الروايات تدل على أنها حفصة، وبعضها تدل على أنها أم سلمة، وبعضها تدل على أنها صفية، قال الحافظ: وتحرر من ذلك أن المراد بمن أبهم في حديث الباب: هي زينب؛ لمجيء الحديث من مخرجه؛ وهو حميد عن أنس، وما عدا ذلك قصص أخرى لا يليق بمن تحقق أن يقول في مثل هذا، قيل: المرسلة فلانة، وقيل: فلانة من غير تحرر. انتهى من "تحفة الأحوذي".

أي: أرسلت الأخرى (بقصعة) بوزن صحفة وبمعناه (فيها طعام فضربت) صاحبة البيت؛ وهي عائشة؛ كما مرآنفًا (يد الرسول) أي: يد من أرسلت القصعة معه (فسقطت القصعة) من يده (فانكسرت) أي: فانشقت القصعة (فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكسرتين) أي: الشقتين من القَصْعةِ المنشقَّةِ (فضم إحداهما) أي: إحدى الكسرتين (إلى الأخرى، فجعل) أي: شرع النبي صلى الله عليه وسلم (يجمع فيها) أي: في القصعة المجموعة من

ص: 411

الطعَامَ وَيَقُولُ: "غَارَتْ أُمُّكُمْ كُلُوا"، فَأَكَلُوا حَتَّى جَاءَتْ بِقَصْعَتِهَا الَّتِي فِي بَيْتِهَا، فَدَفَعَ الْقَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ وَتَرَكَ الْمَكْسُورَةَ فِي بَيْتِ الَّتِي كَسَرَتْهَا.

===

الكسرتين (الطعام) المنتشر على الأرض (ويقول) لمن عنده: (غارت أمكم) اليوم؛ أي: أخذتها الغيرة والحمية على ضرَائِرِهَا، وقال لمن عنده:(كلوا) هذا الطعام المجموع (فأكلوا).

قال السندي: قوله: "غارت أمكم" اعتذار منه صلى الله عليه وسلم؛ لئلا يحمل صنيعها على ما يذم، بل يجرى على عادة الضرائر من الغيرة؛ فإنها مركبة في النفس بحيث لا يقدر على دفعها.

قال ابن العربي: وكأنه إنما لم يؤدب الكاسرة ولو بالكلام؛ لما وقع منها من التعدي؛ لما فهم من أن التي أهدت أرادت بذلك أذى التي هو في بيتها والمظاهرة عليها، فاقتصر على تغريمها القصعة.

قال: وإنما لم يُغرِّمها الطعامَ؛ لأنه كان مهدىً، فإتلافهم له قبول، أو في حكم القبول.

وحتى في قوله: (حتى جاءت بقصعتها التي) هو (في بيتها) بمعنى الفاء العاطفة؛ أي: وأكلوا الطعام المجموع فجاءت بقصعتها الصحيحة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لها بالمجيء بها التي هو صلى الله عليه وسلم في بيتها ونوبتها؛ وهي عائشة؛ لأنها كسرت القصعة (فدفع) رسول الله صلى الله عليه وسلم (القصعة الصحيحة) التي جاءت بها عائشة (إلى الرسول) أي: إلى رسول التي أرسلت الطعام؛ وهي زينب أو غيرها (وترك) رسول الله صلى الله عليه وسلم القصعة (المكسورة) وهي قصعة زينب (في بيت التي كسرتها) أي: كسرت المكسورة؛ وهي عائشة.

ص: 412

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال المنذري: والتي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتها عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما، والتي أرسلت القصعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم هي زينب بنت جحش، وقيل: أم سلمة، وقيل: صفية بنت حيي رضوان الله تعالى عليهن. انتهى كلام المنذري.

والمراد هنا: أنها لما رأت حسن الطعام .. غارت، وأخذتها مِثْلُ الرعدة، فكسرت القصعة. انتهى منه.

قال في "السبل": والحديث دليل على أن من استهلك على غيره شيئًا .. كان مضمونًا بمثله، وهو متفق عليه في المثلي من الحبوب وغيرها.

وأما المتقوم .. ففيه ثلاثة أقوال:

الأول للشافعي والكوفيين: أنه يجب فيه المثل حيوانًا كان أو غيره، ولا تعتبر القيمة إلا عند عدمه، والثاني: أن المتقوم يضمن بقيمته، وقال مالك والحنفية: أما ما يكال أو يوزن .. فمثله، وما عدا ذلك من العروض والحيوانات فالقيمة. انتهى منه.

وقال القسطلاني: استشكل هذا بأنه إنما يحكم في الشيء بمثله إذا كان متشابه الأجزاء؛ كالدراهم وسائر المثليات، والقصعة إنما هي من المتقومات؟

والجواب: ما حكاه البيهقي بأن القصعتين كانتا للنبي صلى الله عليه وسلم في بيت زوجتيه، فعاقب الكاسرة؛ بجعل القصعة المكسورة في بيتها، وجعل الصحيحة في بيت صاحبتها، ولم يكن ذلك على سبيل الحكم على الخصم. انتهى، انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المظالم

ص: 413

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

والغصب، باب إذا كسر قصعةً أو شيئًا لغيره، وأبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، باب فيمن أفسد شيئًا يغرم مثله، والترمذي في كتاب الأحكام، باب ما جاء فيمن يكسر له الشيء ما يحكم له من مال الكاسر، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث عائشة.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 414