الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا زَنَتِ الْأَمَةُ .. فَاجْلِدُوهَا، فَإِنْ زَنَتْ .. فَاجْلِدُوهَا، فَإِنْ زَنَتْ .. فَاجْلِدُوهَا، فَإِنْ زَنَتْ .. فَاجْلِدُوهَا ثُمَّ بِيعُوهَا وَلَوْ بِضَفِيرٍ"، وَالضَّفِيرُ: الْحَبْلُ.
===
وهذا السند من ثمانياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عمارة بن أبي فروة، وهو مختلف فيه.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا زنت الأمة .. فاجلدوها) خمسين جلدة، على النصف من الحرة (فإن زنت) ثانية .. (فاجلدوها) ثانيًا (فإن زنت) ثالثًا .. (فاجلدوها) ثالثًا (فإن زنت) رابعة .. (فاجلدوها) رابعًا (ثم) إن زنت خامسة .. فـ (بيعوها ولو) كان بيعها (بـ) ثمن تافه؛ كـ (ضفير؛ والضفير: الحبل) من الشعر، وهو تفسير من بعض الرواة؛ والضفير فعيل بمعنى مفعول؛ أي: مفتول.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن رواه النسائي في الرجم عن الربيع بن سليمان عن شعيب بن الليث عن أبيه، وليس هو في رواية ابن السني، وله شاهد من حديث أبي هريرة وزيد بن خالد وغيرهما، رواه الشيخان وغيرهما، وهو المذكور قبل هذا الحديث.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بما قبله وإن كان سنده حسنًا؛ كما مر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به.
فرع
إذا باعها .. عرَّف بزناها؛ فإنه عيب، فلا يحل أن يكتم.
فإن قيل: إذا كان مقصود هذا الحديث إبعاد الزانية، ووجب على بائعها التعريف بزناها، فلا ينبغي لأحد أن يشتريها؛ لأنَّها مما قد أُمِرنا بإبعادها؟
فالجواب: أنَّها مال ولا يضاع؛ للنهي عن إضاعة المال، ولا تسيب ولا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
تحبس دائمًا؛ إذ كلّ ذلك إضاعة مال، ولو سيبت .. لكان ذلك إغراءً لها على الزنا وتمكينًا لها منه، فلم يبق إلَّا بيعها، ولعل السيد الثاني يعفها بالوطء، أو يبالغ في التحرز بها، فيمنعها من ذلك.
وعلى الجملة: فعند تبدل الأملاك تختلف عليها الأحوال، وجمهور العلماء حملوا الأمر ببيع الأمة الزانية على الندب والإرشاد للأصلح، ما خلا داوود ومن وافقه من أهل الظاهر؛ فإنهم حملوه على الوجوب؛ تمسكًا بظاهر الأمر.
والجمهور صرفوه عن ظاهره؛ تمسكًا بالأصل الشرعي؛ وهو أنه لا يجبر أحد على إخراج ملكه لملك آخر بغير الشفعة؛ فلو وجب عليه ذلك .. لأُجْبِر عليه، ولم يجبر عليه أحد، فلا يجب.
وقد استنبط بعض العلماء من هذا الحديث جواز البيع بالغبن، قال: لأنه بيع خطير بثمن يسير، وهذا ليس بصحيح؛ لأن الغبن المختلف فيه إنما هو مع الجهالة من المغبون، وأما مع علم البائع بقدر ما باع وبقدر ما قبض .. فلا يختلف فيه؛ لأنه من علم منه ورضا، فهو إسقاط لبعض الثمن وإرفاق بالمشتري، لا سيما وقد بينا أن الحديث خرج على جهة التزهيد وترك الغبطة. انتهى من "المفهم".
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلَّا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم