الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(17) - (877) - بَابُ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مِرَارًا
(39)
- 2530 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي ذِئْب، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِذَا سَكِرَ
===
(17)
- (877) - (باب من شرب الخمر مرارًا)
(39)
- 2530 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا شبابة) بن سوار المدائني، أصله من خراسان، كان اسمه مروان، مولى بني فزارة، ثقةٌ حافظ رمي بالإرجاء، من التاسعة، مات سنة أربع أو خمس أو ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن) محمد بن عبد الرَّحمن بن المغيرة بن الحارث (بن أبي ذئب) اسمه هشام بن سعيد القرشي العامري أبي الحارث المدني، ثقةٌ فقيه فاضل، من السابعة، مات سنة ثمان وخمسين ومئة (158 هـ)، وقيل: سنة تسع وخمسين ومئة. يروي عنه: (ع).
(عن) خاله (الحارث) بن عبد الرَّحمن القرشي العامري، خال ابن أبي ذئب، صدوق، من الخامسة، مات سنة تسع وعشرين ومئة (129 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرَّحمن بن عوف الزهري المدني، ثقةٌ، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا سكر)
فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ .. فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ .. فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ قَالَ فِي الرَّابِعَةِ: فَإِنْ عَادَ .. فَاضرِبُوا عُنُقَهُ".
===
الشارب .. (فاجلدوه، فإن عاد) إلى الشرب ثانيًا .. (فاجلدوه) مرّة ثانية (فإن عاد) إلى شربها مرّة ثالثة .. (فاجلدوه) مرّة ثالثة (ثم قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (في) المرة (الرابعة فإن عاد) إلى شربها .. (فاضربوا عنقه) بالسيف.
وهذا المعنى المذكور في الحديث هو المراد بقوله: (من شرب الخمر مرارًا) أي: ليس المراد: أنه شرب الخمر مرارًا كثيرة بلا فصل بعد كلّ مرّة بالحد والجلد، بل مقصوده: أنه إذا شرب رجل الخمر مرّة فجلد، ثم شرب فجلد، وهكذا فعل مرارًا، في حكمه؛ هل يجلد كلّ مرّة أم له حكم آخر؟ انتهى من "العون".
قال السندي: قوله: "فاضربوا عنقه" قال الترمذي في كتاب "العلل": أجمع الناس على تركه، أي: على أنه منسوخ، وقيل: مؤول بالضرب الشديد، وبسط السيوطي الكلام في "حاشية الترمذي" على هذا الحديث؛ كما سنذكره قريبًا، وقصد به: إثبات أنه كان ينبغي العمل به. انتهى.
وقال الزيلعي: قال ابن حبان في "صحيحه": معناه: إذا استحل ولم يقبل التحريم. انتهى.
قلت: قال السيوطي فيها بعد الإشارة إلى عدة أحاديث هكذا: فهذه بضعة عشر حديثًا كلها صحيحة صريحة في قتله بالرابعة، وليس لها معارض صريح، وقول من قال بالنسخ لا يعضده دليل، وقولهم: إنه صلى الله عليه وسلم قد أتي برجل قد شرب بالرابعة فضربه، ولم يقتله .. لا يصلح لرد هذه الأحاديث؛ لوجوه:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الأول: أنه مرسل؛ إذ راويه قبيصة ولد يوم الفتح، فكان عمره عند موته صلى الله عليه وسلم سنتين وأشهرًا، فلم يدرك شيئًا يرويه.
الثاني: أنه لو كان متصلًا صحيحًا .. لكانت تلك الأحاديث مقدمةً عليه؛ لأنَّها أصح وأكثر.
الثالث: أن هذه واقعة عين لا عموم لها.
الرابع: أن هذا فعل، والقول مقدم عليه؛ لأن القول تشريع عام، والفعل قد يكون خاصًّا.
الخامس: أن الصحابة خصوا في ترك الحدود بما لَمْ يخص به غيرهم، فلأجل ذلك لا يفسقون بما يفسق به غيرهم خصوصية لهم، وقد ورد بقصة نعمان لما قال عمر: أخزاه الله ما أكثر ما يؤتى به؛ يعني: في الخمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تطعنه؛ فإنه يحب الله ورسوله"، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم من باطنه صدق محبته لله ورسوله، فأكرمه بترك القتل، فله صلى الله عليه وسلم أن يخص من شاء بما شاء من الإحكام، فلا أقبل هذا الحديث إلَّا بنص صريح من قوله صلى الله عليه وسلم، وهو لا يوجد.
وقد ترك عمر إقامة حد الخمر على فلان؛ لأنه من أهل بدر، وقد ورد فيهم:"اعملوا ما شئتم؛ فقد غفرت لكم".
وترك سعد بن أبي وقاص إقامته على أبي محجن؛ لحسن بلائه في قتال الكفار، فالصحابة رضي الله تعالى عنهم جميعًا جديرون بالرخصة إذا بدت من أحدهم زلة، وأما هؤلاء المدمنون للخمر الفسقة، المعروفون بأنواع الفساد، وظلم العباد، وترك الصلاة ومجاوزة الإحكام الشرعية، وإطلاق أنفسهم في
(40)
- 2531 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ إِسْحَاقَ،
===
حال سكرهم في الكفريات وما قاربها .. فإنهم يقتلون بالرابعة، لا شك فيه ولا ارتياب، وقول المصنّف - لعله الترمذي -:(لا نعلم اختلافًا رده العراقي) حق بأن الخلاف ثابت محكي عن طائفة؛ فروى أحمد عن عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال: ائتوني برجل أقيم عليه حد الخمر، فإن لَمْ أقتله .. فأنا كذاب.
ومن وجه آخر عنه: ائتوني بمن شرب خمرًا في الرابعة ولكم علي أن أقتله. انتهى كلام السيوطي.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود، باب تتابع شرب الخمر، والنسائي في كتاب الأشربة، باب ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح، لصحة سنده وللمشاركة فيه، ولكنه منسوخ؛ كما قاله الترمذي، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث معاوية رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(40)
- 2531 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ خطيب، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا شعيب بن إسحاق) بن عبد الرَّحمن الأموي مولاهم البصري ثم الدمشقي، ثقةٌ رمي بالإرجاء، وسماعه من ابن أبي عروبة بأخرة، من كبار التاسعة، مات سنة تسع وثمانين ومئة (189 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ بَهْدَلَةَ، عَنْ ذَكْوَانَ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"إِذَا شَرِبُوا الْخَمْرَ .. فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوا .. فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوا .. فَاجْلِدُوهُمْ، ثُمَّ إِذَا شَرِبُوا .. فَاقْتُلُوهُمْ".
===
(حدثنا سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البصري، ثقةٌ، من السادسة، مات سنة ست، وقيل: سبع وخمسين ومئة. يروي عنه: (ع).
(عن عاصم بن بهدلة) اسم أمه؛ وهو ابن أبي النجود - بنون وجيم - الأسدي مولاهم الكوفي المقرئ، صدوق له أوهام حجة في القراءة، وحديثه في "الصحيحين"، من السادسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن ذكوان) الزيات (أبي صالح) السمان القيسي المدني، ثقةٌ، من الثالثة، مات سنة إحدى ومئة (101 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن معاوية بن أبي سفيان) صخر بن حرب القرشي الأموي رضي الله عنهما. وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا شربوا الخمر .. فاجلدوهم، ثم إذا شربوا .. فاجلدوهم، ثم إذا شربوا .. فاجلدوهم، ثم إذا شربوا .. فاقتلوهم").
قال القاري: المراد: الضرب الشديد، أو الأمر للوعيد؛ فإنه لَمْ يذهب أحد قديمًا وحديثًا إلى أن شارب الخمر يقتل، وقيل: كان ذلك في ابتداء الإسلام، ثم نسخ. انتهى.
قلت: إلى هذا القول الأخير ذهب الترمذي واختاره، وأما قول القاري: "بأنه لَمْ يذهب أحد
…
" إلى آخره .. ففيه نظر؛ فإنه قد ذهب إليه شرذمة قليلة؛
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
كما نقله القاري نفسه عن القاضي عياض. انتهى "تحفة الأحوذي".
قلت: والحق: أن قتل الشارب كان في أول الإسلام تغليظًا عليهم حين كثرت الشربة؛ لما ألفوا في الجاهلية، ثم نسخ القتل آخرًا رخصة لهم.
وناسخه ما رواه البزار في "مسنده" عن ابن إسحاق بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بالنعمان، وقد شرب الخمر ثلاثًا، فأمر بضربه، فلما كان في الرابعة .. أمر به فجلد الحد، فكان نسخًا لما قبله من القتل.
قال الترمذي في "جامعه": والعمل على هذا عند عامة أهل العلم، لا نعلم بينهم اختلافًا في ذلك في القديم والحديث، ومما يقوي هذا ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة صحيحة أنه قال:"لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلَّا الله وأني رسول الله إلَّا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثيب الزاني، والتارك لدينه". انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الحدود، باب إذا تتابع في شرب الخمر، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء مَن شرب الخمر .. فاجلدوه، ومن عاد في الرابعة .. فاقتلوه.
ودرجته: أنه حسن صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، ولكنه منسوخ؛ كسابقه، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلَّا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم