المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(38) - (898) - باب المخنثين - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحدود

- ‌(1) - (861) - بَابٌ: لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ

- ‌(2) - (862) - بَابُ الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ

- ‌(3) - (863) - بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ

- ‌(4) - (864) - بَابُ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

- ‌(5) - (865) - بَابُ السَّتْرِ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَدَفْعِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ

- ‌(6) - (866) - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ

- ‌(7) - (867) - بَابُ حَدِ الزِّنَا

- ‌(8) - (868) - بَابُ مَنْ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌(9) - (869) - بَابُ الرَّجْمِ

- ‌(10) - (870) - بَابُ رَجْمِ الْيَهُودِيِّ وَالْيَهُودِيَّةِ

- ‌(11) - (871) - بَابُ مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ

- ‌(12) - (872) - بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌(13) - (873) - بَابُ مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌(14) - (874) - بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْإِمَاءِ

- ‌فرع

- ‌(15) - (875) - بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌(16) - (876) - بَابُ حَدِّ السَّكْرَانِ

- ‌(17) - (877) - بَابُ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مِرَارًا

- ‌(18) - (878) - بَابُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

- ‌(19) - (879) - بَابُ مَنْ شَهَرَ السِّلَاحَ

- ‌(20) - (880) - بَابُ مَنْ حَارَبَ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا

- ‌(21) - (881) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ .. فَهُوَ شَهِيدٌ

- ‌(22) - (882) - بَابُ حَدِّ السَّارِقِ

- ‌فائدة

- ‌(23) - (883) - بَابُ تَعْلِيقِ الْيَدِ فِي الْعُنُقِ

- ‌(24) - (884) - بَابُ السَّارِقِ يَعْتَرِفُ

- ‌(25) - (885) - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ

- ‌(26) - (886) - بَابُ الْخَائِنِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْمُخْتَلِسِ

- ‌(27) - (887) - بَابٌ: لَا يُقْطَعُ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ

- ‌(28) - (888) - بَابُ مَنْ سَرَقَ مِنَ الْحِرْزِ

- ‌(29) - (889) - بَابُ تَلْقِينِ السَّارِقِ

- ‌(30) - (890) - بَابُ المُسْتَكْرَهِ

- ‌(31) - (891) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌(32) - (892) - بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌تتمة

- ‌(33) - (893) - بَابٌ: الْحَدُّ كفَّارَةٌ

- ‌(34) - (894) - بَابُ الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا

- ‌(35) - (895) - بَابُ مَنْ تَزَوَّجَ أمْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ

- ‌(36) - (896) - بَابُ مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ

- ‌تتمة

- ‌(37) - (897) - بَابُ مَنْ نَفَى رَجُلًا مِنْ قَبِيلَتِهِ

- ‌(38) - (898) - بَابُ الْمُخَنَّثِينَ

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌(39) - (899) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا

- ‌(40) - (900) - بَابُ هَلْ لِقَاتِلِ مُؤْمِنٍ تَوْبَةٌ

- ‌تتمة

- ‌(41) - (901) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ .. فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ

- ‌(42) - (902) - بَابُ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَرَضُوا بِالدِّيَةِ

- ‌(43) - (903) - بَابٌ: دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ

- ‌تتمة

- ‌(44) - (904) - بَابُ دِيَةِ الْخَطَأَ

- ‌(45) - (905) - بَابُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ .. فَفِي بَيْتِ الْمَالِ

- ‌(46) - (906) - بَابُ مَنْ حَالَ بَيْنَ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَبَيْنَ الْقَوَدِ أَوِ الدِّيَةِ

- ‌(47) - (907) - بَابُ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ

- ‌(48) - (908) - بَابُ الْجَارِحِ يُفْتَدَى بِالْقَوَدِ

- ‌تتمة في ترجمة أبي الجهم

- ‌(49) - (909) - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌(50) - (910) - بَابُ الْمِيرَاثِ مِنَ الدِّيَةِ

- ‌(51) - (911) - بَابُ دِيَةِ الْكَافِرِ

- ‌(52) - (912) - بَابٌ: الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ

- ‌(53) - (913) - بَابٌ: عَقْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى عَصَبَتِهَا وَمِيرَاثُهَا لِوَلَدِهَا

- ‌(54) - (914) - بَابُ الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ

- ‌تتمة في دفع التعارض الواقع بين الروايات المختلفة الواقعة في هذه القصة

- ‌(55) - (915) - بَابُ دِيَةِ الْأَسْنَانِ

- ‌(56) - (916) - بَابُ دِيَةِ الْأَصَابِعِ

- ‌(57) - (917) - بَابُ الْمُوضِحَةِ

- ‌(58) - (918) - بَابُ مَنْ عَضَّ رَجُلًا فَنَزَعَ يَدَهُ فَنَدَرَ ثَنَايَاهُ

- ‌(59) - (919) - بَابٌ: لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ

- ‌(60) - (920) - بَابٌ: لا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ

- ‌(61) - (921) - بَابُ هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ

- ‌(62) - (922) - بَابٌ: يُقْتَادُ مِنَ الْقَاتِلِ كمَا قَتَلَ

- ‌(63) - (923) بَابٌ: لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ

- ‌(64) - (924) - بَابٌ: لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ

- ‌(65) - (925) - بَابُ الْجُبَارِ

- ‌(66) - (926) - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌(67) - (927) - بَابٌ: مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ .. فَهُوَ حُرٌّ

- ‌(68) - (928) - بَابٌ: أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ

- ‌(69) - (929) - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ

- ‌(70) - (930) - بَابُ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌(71) - (931) - بَابُ مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ

- ‌(72) - (932) - بَابُ الْعَفْوِ عَنِ الْقَاتِلِ

- ‌(73) - (933) - بَابُ الْعَفْوِ فِي الْقِصَاصِ

- ‌(74) - (934) - بَابُ الحَامِلِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَوَدُ

- ‌كتاب الوصايا

- ‌(75) - (935) - بَابٌ: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(76) - (936) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْوَصِيَّةِ

- ‌(77) - (937) - بَابُ الْحَيْفِ فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌(78) - (938) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِمْسَاكِ فِي الْحَيَاةِ وَالتَّبْذِيرِ عِنْدَ الْمَوْتِ

- ‌(79) - (939) - بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ

- ‌(80) - (940) - بَابُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ

- ‌(81) - (941) - بَابٌ: الدَّيْنُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ

- ‌(82) - (942) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ هَلْ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ

- ‌(83) - (943) - بَابُ قَولِهِ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}

الفصل: ‌(38) - (898) - باب المخنثين

(38) - (898) - بَابُ الْمُخَنَّثِينَ

===

(38)

- (898) - (باب المخنثين)

جمع مخنث، وقال أهل اللغة: المخنث - بكسر النون المشددة وفتحها -: هو الذي يُشْبِهُ النساءَ في أخلاقه وكلامه وحركاته وسكناته، وتارة يكون هذا خِلقةً من الأصل، وتارة بِتكلُّفٍ وتكسُّبٍ.

وهذا الثاني وهو الذي يتكلَّفُ أخلاقَ النساء وحركاتِهن وهيئاتِهن وكلامَهن .. هو المذموم الذي جاء في الأحاديث الصحيحة لَعْنُهُ، وهو بمعنى الحديث الآخر:"لعن الله المتشبهات من النساء بالرجال والمتشبهين بالنساء من الرجال".

بخلاف الأول؛ وهو معذور لا إثمَ ولا عُتْب عليه؛ لأنه لا صُنْعَ له في ذلك، ولهذا أَقرَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم أوَّلًا دخولَه على النساء، ولما ظهر له أنه يعرف النساء .. أنكر دخولَه عليهن، كذا في "النووي".

وأمَّا مَن تخَانَثَ وتَشبَّه بالنساء .. فقد أَتَى كبيرة مِن أَفْحَشِ الكبائر، لعَنَه اللهُ عليها ورسولُه، ولا يُقَرُّ عليها، بل يُؤدَّب بالضربِ الوجيعِ، والسجنِ الطويل، والنفيِ حتى يَنْزِعَ عن ذلك، ويكفي دليلًا على ذلك ما أخرجه البخاري عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما:(لعنَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم المتشبِّهينَ من الرجال بالنساء والمتشبهاتِ من النساء بالرجال) رواه البخاري برقم (5885)، وقال:"أَخْرجُوهم مِن بُيوتكم" رواه البخاري أيضًا برقم (5886).

وأخرج فلانًا وفلانًا، غَيْرَ أنه لا يُقتل؛ لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه رضي الله تعالى عنه (أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم أُتِي برجل قد خَضَب يدَيْه ورجلَيه، فقال:

ص: 248

(80)

- 2571 - (1) حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي الرَّبِيعِ الْجُرْجَانِيُّ، أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنِي يَحْيَى بْنُ الْعَلَاءِ، أَنَّهُ سَمِعَ بِشْرَ بْنَ نُمَيْرٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مَكْحُولًا يَقُولُ: إِنَّهُ سَمِعَ يَزِيدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ، أَنَّهُ سَمِعَ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ

===

"ما بالُ هذا؟ ! " فقيل: يَتشبَّهُ بالنساءِ، فأمَرَ به ونُفي إلى النَّقيع - بالنون - فقيل: يا رسول الله؛ ألا نقتله؟ فقال: "إني نُهيت عن قتل المسلمين" رواه أبو داوود (4928). انتهى من "المفهم".

(80)

- 2571 - (1)(حدثنا الحسن) بن يحيى بن الجعد العبدي أبو علي (بن أبي الربيع الجرجاني) نزيل بغداد، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وستين ومئتين (263 هـ). يروي عنه:(ق).

(أنبأنا عبد الرزاق) بن همام الحميري الصنعاني، ثقة ثبت، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ). يروي عنه:(ع).

(أخبرني يحيى بن العلاء) البجلي أبو عمرو أو أبو سلمة الرَّازِيُّ، رمي بالوضع، من الثامنة، مات قرب الستين من عمره. يروي عنه:(د ق).

(أنه سمع بشر بن نمير) القشيري البصري متروك متهم، من السابعة، مات بعد الأربعين ومئة. يروي عنه:(ق).

(أنه سمع مكحولًا) الشامي أبا عبد الله، ثقة فقيه كثير الإرسال مشهور، من الخامسة، مات سنة بضع عشرة ومئة (113 هـ). يروي عنه:(م عم).

(يقول: إنه سمع يزيد بن عبد الله) المكي، مجهولُ الحال. روى عن صفوان بن أمية، ويروي عنه مكحول، من الثالثة. يروي عنه:(ق).

(أنه سمع صفوان بن أمية) بن خلف بن وهب بن قدامة بن جمح القرشي الجمحي المكي صحابي من المؤلفة رضي الله تعالى عنه، مات أيام قتل عثمان،

ص: 249

قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ عَمْرُو بْنُ قُرَّةَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ إِنَّ اللهَ قَدْ كَتَبَ عَلَيَّ الشِّقْوَةَ؛ فَمَا أُرَانِي أُرْزَقُ إِلَّا مِنْ دُفِّي بِكَفِّي، فَأْذَنْ لِي فِي الْغِنَاءِ فِي غَيْرِ فَاحِشَةٍ،

===

وقيل: سنة إحدى أو اثنتين وأربعين في أوائل خلافة معاوية. يروي عنه: (م عم).

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الضعف جدًّا؛ لأن فيه يحيى بن العلاء وهو وضاع، وفيه بشر بن نمير، وهو متروك، وفيه يزيد بن عبد الله، وهو مجهول.

(قال) صفوان بن أمية: (كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم، فجاء عمرو بن قرة) قال ابن حجر في "الإصابة": ذكره غير واحد في الصحابة. ولم يذكره المزي وابن حجر في "التهذيب" و"تهذيبه". يروي عنه: (ق). (فقال) عمرو: (يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ إن الله قد كتَب عليَّ) في سابق علمه (الشِّقْوةَ) - بكسر الشين المعجمة وسكون القاف - أي: التعبَ والفَقْرَ والخَيْبَةَ والمصيبةَ.

(فما أُراني) - بضم الهمزة - أي: فما أَظنُّ نفسي (أُرْزَقَ) على صيغة المبني للمفعول؛ أي: أُعْطَى الرزقَ والقوتَ (إلا مِن دُفِّي) بضم الدال وفتحها في الغناء - بكسر الغين المعجمة وبالمد - أي: فما أَظَن نفسي أن أُعْطَى الرزقَ إلا بواسطة ضربِ دُفِّي وطَبْلِي في التَّغَنِّي (بكفي) أي: مع ضربِ كفي مع ضرب الدف، أو إلا من ضرب دفي بكفي في حالة التغنِّي والمدح للناس بشِعْري أو بسَجْعِي.

(فأذَنْ لي) يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أي: فأرخص لي (في) التكسُّب بـ (الغناءِ في غيرِ فاحشة) ومعصيةٍ وكذبٍ، وذلك الغَيْرُ ما إذا كان ذلك الغناء في مدح مَن يجوزُ مدحُه بصدقٍ؛ كالإسلام والمسلمين ورسول الله صلى الله عليه وسلم وكتابه.

ص: 250

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم: "لَا آذَنُ لَكَ، وَلَا كَرَامَةً وَلَا نُعْمَةَ عَيْنٍ، كَذَبْتَ أَيْ عَدُوَّ اللهِ؛ لَقَدْ رَزَقَكَ اللهُ طَيِّبًا حَلَالًا، فَاخْتَرْتَ مَا

===

(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم لذلك المستأذِن؛ وهو عَمْرو بن مرة الجهني (لا آذَنُ لك) في ذلك الغِناء والدُّفِ، ولا أُرخِّصُ لك فيه (ولا) أُكرمك (كرامةً) أي: إكرامًا بالإذنِ لك فيه (ولا) أُنعمك ولا أُبشرك (نعمة عين) أي: إنعامًا لِعَينٍ لك وقُرَّةً لها، وبُشْرَى لك بالإذنِ لك فيما استأذنت فيه.

قال السندي: قوله: (قد كتبَ الله علي الشِّقوة) - بالكسر - أي: المصيبةَ؛ أي: موتَ الأولاد وضيقَ المعيشة.

(أرزق) بالبناء للمفعول (مِن دفي) - بضم الدال وفتحها -: الطبلُ.

(في الغناء) - بالكسر والمد - أي: التغنِّي.

"ولا كرامة ولا نعمة عين" - نعمة بضم النون وفتحها وكسرها؛ فهي مثلثة النون - أي: قرة عين وبردها وراحة قلب.

وقال السيوطي: لا أكرمك كرامة، ولا أنعم عينيك، قيل: هما من المصادر المنتصبة على إضمار الفعل الممنوع إظهاره؛ كما قال سيبويه في "الكتاب"(3/ 582)، تقول: أفعل ذلك وكرامة ونعمة عين؛ كأنك قلت: أكرمك كرامة ونعمت عينيك نُعْمة؛ وهو - بضم النون وفتحها وكسرها -: اسم بمعنى الإنعام، ولما كان بمعنى المصدر .. ذكر مع المصدر.

ثم قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (كذبت) فيما قلت لي من أنك لا ترزق إلا من دفك (أي عدو الله) أي: يا عدو الله؛ فـ (أي) حرف نداء؛ لنداء القريب، وَصَفَه بعداوة الله؛ لكذبه فيما قال، وزجرًا له عمَّا استأذن فيه، والله (لقد رزقك الله) رزقًا (طيبًا حلالًا) أي: لقد مكنك منه؛ أي: من تحصيله بالاكتساب حيث رزقك الصحة والعافية، وعلمك كيفية الاكتساب (فاخترت ما

ص: 251

حَرَّمَ اللهُ عَلَيْكَ مِنْ رِزْقِهِ مَكَانَ مَا أَحَلَّ اللهُ عز وجل لَكَ مِنْ حَلَالِهِ، وَلَوْ كُنْتُ تَقَدَّمْتُ إِلَيْكَ .. لَفَعَلْتُ بِكَ وَفَعَلْتُ، قُمْ عَنِّي وَتُبْ إِلَى اللهِ، أَمَا إِنَّكَ إِنْ فَعَلْتَ بَعْدَ التَّقْدِمَةِ إِلَيْكَ .. ضَرَبْتُكَ ضَرْبًا وَجِيعًا، وَحَلَقْتُ رَأْسَكَ مُثْلَةً، وَنَفَيْتُكَ مِنْ أَهْلِكَ، وَأَحْلَلْتُ سَلَبَكَ نُهْبَةً لِفِتْيَانِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ"،

===

حرم الله عليك من) الأسباب في طلب (رزقه) وهي الغناء وضرب الدف والتصفيقُ عليه بضرب الكفين؛ أي: اخترت ما حرم الله عليك (مكان) أي: بدل (ما أحل الله عز وجل لك من حلاله) أي: من حلال الكسب؛ كالحرف والصناعة والتجارة والزراعة مثلًا.

(ولو كنتُ تَقدَّمْتُ) أي: قَدَّمْتُ (إليك) النَّهْيَ عن الكسب الحرامِ قبلَ النهي الذي ذكرتُه لك الآن؛ أي: لو بَلغَك النَّهْيُ مني قبل ما ذكرته لك الآن .. (لفعلت بك) التعزير والتأديب على استئذانك في الكسب الحرام.

وقوله: (وفعلت) توكيد لفظي لما قبله؛ بناءً على أن التوكيد اللفظي يجوز فيه اقترانه بالعاطف (قم عني) أي: قم من عندي (وتب) عن كذبك من الشقوة (إلى الله) عز وجل (أما) أي: انتبه من غفلتك واستمع ما أقول لك من النصيحة: (إنك إن فعلْتَ) ما نهيتُك عنه من الغِناء (بعد التقدمة) أي: بعد تقديم النهي عن الغناء (إليك .. ضَربْتُك) للتعزير والتأديب (ضربًا وجيعًا) أي: شديدًا أليمًا لك (وحَلَقْتُ) شَعْرَ (رأسك مُثْلةً) أي: تعييبًا لك وتقبيحًا عليك وتنكيلًا لغيرك (ونفَيْتُك) أي: وغَرَّبْتُكَ (مِن) وَطنِك و (أَهلكِ) وزوجتك عقوبة (وأَحلَلْتُ سَلبَك) أي: وحكمتُ بحِلِّيَّةِ سلبك ومتاعك؛ أي: حِلِّيةَ أَخذِ مالك للمسلمين (نُهْبةً) أي: حالة كونه مَنْهُوبًا مأخوذًا (لِفتْيان أهل المدينة) المنورة وشُبَّانِهم؛ تعزيرًا لك، وتنكيلًا لغيرك وعِبرة لهم.

وقوله: "نهبة" - بضم النون - اسم مصدر بمعنى المنهوب، وهذا حيث

ص: 252

فَقَامَ عَمْرٌو وَبِهِ مِنَ الشَّرِّ وَالْخِزْيِ مَا لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللهُ، فَلَمَّا وَلَّى .. قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"هَؤُلَاءِ الْعُصَاةُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ بِغَيْرِ تَوْبَةٍ .. حَشَرَهُ اللهُ عز وجل يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا كَانَ فِي الدُّنْيَا مُخَنَّثًا عُرْيَانًا لَا يَسْتَتِرُ مِنَ النَّاسِ بِهُدْبَةِ كُلَّمَا قَامَ صُرِعَ".

===

التعزيرُ بالمال مشروعًا، ولكنَّه نسخ إن قلنا بثبوتِ الحديث، وإلا .. ففي "الزوائدِ": في إسناده بِشْرُ بن نُمير، فلا حُجَّةَ فيه؛ لأن الحديث موضوع.

قال صفوانُ بن أمية: (فقام عمرو) بن قُرَّةَ من عند النبي صلى الله عليه وسلم (و) الحالُ أن (به) أي: بعمرو (من الشر) أي: من الحُزْنِ (والخزي) أي: الذل (ما لا يعلمه) أي: ما لا يعلم قَدْرَه في الشدة والعظم (إلا الله) عز وجل (فلما) قام عمرو من عند النبي صلى الله عليه وسلم و (وَلَّى) أي: ذهب وأدبر .. (قال النبي صلى الله عليه وسلم: هؤلاء العُصاة) المتشبِّهُون بالنساء - يعني: عمرًا وأمثالَه من المُخنَّثِين - (من مات منهم) على هذه الحالة التي هي التشبُّهِ بالنساءِ مُلْتَبِسِينَ (بـ) ها من (غير توبة) منها .. (حشره الله عز وجل أفرد الضمير هنا؛ نظرًا لِلَفْظِ مَن بعدما جمعه أولًا؛ نظرًا لمعنى مَن.

أي: جمعهم الله تعالى (يوم القيامة كما كان) أي: على ما كان عليه كُلٌّ منهم (في الدنيا) من التخنُّثِ والتشبُّهِ بالنساء؛ فضيحةً لهم على رؤوس الأشهاد حالة كون كل منهم (مُخنَّثًا) أي: متشبهًا بالنساء (عريانًا) أي: عاريًا؛ والعريانُ: وَصْفُ مذكَّرٍ مؤنثُه عُريانة (لا يستتر) كل منهم (من الناس بِهُدْبَةٍ) أي: بَقدرِ هُدْبَة؛ والهُدْبُ: - بالضم ثم السكون وبضمتين -: شَعْرُ أَشْفارِ العينَينِ، واحدتُها هُدْبَة (كلَّما قام) كُلٌّ منهم في عرصات القيامة .. (صُرِعَ) على صيغة المبني للمجهول؛ أي سقَطَ على الأرض؛ كالمُغمى عليه، وبهذا يُعرفون في عرصات القيامة.

ص: 253

(81)

- 2572 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ زَيْنَبَ بِنْتِ أُمِّ لسَلَمَةَ،

===

قوله: "مخنثًا" على صيغة اسم المفعول؛ من التخنيث، يقال: خنثه تخنيثًا: عَطفَه فتخنَّث، ومنه المخنث، ويقال له: خُنَاثة وخَنِيثة؛ والخَنِثُ - بوزن كَتِف - من فيه انْخِناثٌ؛ أي: تكسُّر وتَثَننٍّ، وقد خَنِثَ؛ كفرح، وتخنَّثَ وانْخنَثَ، والخنثى: مَن له ما للرجال وما للنساء جميعًا، يُجمع على خُناثى؛ كحُبالى جمع حبلى. انتهى من "القاموس".

وهذا الحديثُ انفرد به ابن ماجه، فدرجتُه: أنه ضعيف جدًّا، متنًا وسندًا، أو موضوعٌ (7)(276)، وضَعَه بِشْرُ بن نُمير، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.

قال البوصيري: هذا إسناد ضعيف؛ بِشْرُ بن نمير البصري قال فيه يحيى بن سعيد القطان: كان رُكْنًا من أركان الكذب، وقال أحمد: تَركَ الناسُ حديثَه، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: متروك، وقال النسائي: غَيْر ثقة، ويحيى بن العلاء قال فيه أحمدُ: كان يضعُ الحديث، وقال ابن عدي: أحاديثُه لا يُتابَع عليها وكُلُّها غَيْرُ مَحفوظَة، والضعفُ على رواياتِه وحديثهِ بَيِّن، وأحاديثهُ موضوعاتٌ.

ثم استدل المؤلف على الترجمة بحديث أم سلمة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(81)

- 2572 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع، عن هشام بن عروة، عن أبيه) عروة بن الزبير.

(عن زينب بنت أم سلمة) الصحابية المخزومية ربيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله تعالى عنهم.

ص: 254

عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَيْهَا فَسَمِعَ مُخَنَّثًا وَهُو يَقُولُ لِعَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ: إِنْ يَفْتَحِ اللهُ الطَّائِفَ غَدًا .. دَلَلْتُكَ عَلَى امْرَأَةٍ تُقْبِلُ بِأَرْبَعٍ وَتُدْبِرُ بِثَمَانٍ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ".

===

(عن) والدتها (أم سلمة) أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات، ومن لطائفه: أن فيه رواية صحابية عن صحابية، وبنت عن والدة.

(أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها) أي: على أم سلمة في بيتها (فسمع) النبي صلى الله عليه وسلم (مخنثًا) أي: صوته (وهو) أي: والحال أن ذلك المخنث (يقول لعبد الله بن أبي أمية) أخي أم سلمة لأبيها: (إن يفتح الله) عليكم (الطائف غدًا) وغلبتم أهلها وغنمتم نساءهم وصبيانهم .. (دللتك) يا عبد الله (على) أخذ بنت غيلان؛ فإنها (امرأة) إذا أقبلت إليك بوجهها .. (تقبل) إليك (بأربع) عكن؛ وهي طيات البطن (و) إذا أدبرت إليك بظهرها .. (تدبر) إليك (بثمان) عكن.

وفي رواية مسلم زيادة: قالت أم سلمة: فسمع رسول الله قول هذا المخنث؛ أي: قوله الذي قاله لعبد الله بن أبي أمية من الوصية له ببنت غيلان (فقال النبي صلى الله عليه وسلم لمن عنده من المؤمنين: (أخرجوهم) أي: أخرجوا هؤلاء المخنثين (من بيوتكم) أي: من بيوت نسائكم، فلا يَدْخُلُن على نسائكم بعد اليوم؛ فإنهم من أولي الإربة إلى النساء.

قال القرطبي: المخنث: هو الذي يَلِينُ في قوله ويتكسَّرُ في مِشيته ويتثنَّى فيها؛ كالنساءِ؛ من التخنُّث؛ وهو اللَّيْنُ والتكسرُ، وقد يكون خِلقةً، وقد يكون تَصنُّعًا مِن الفَسَقةِ، ومن كان ذلك فيه خلقةً .. فالغالبُ مِن حاله أنه لا إِرْبَ له

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

في النساء، ولذالك كان أزواجُ النبي صلى الله عليه وسلم يَعْدُدْنَ هذا المخنثَ مِن غير أولي الإربة، فكانوا لا يَحْجُبُونَه، إلى أَنْ ظهرَ منه ما ظهر فحَجَبُوهُ.

واختلف العلماء في اسم هذا المخنث الذي كان عند أم سلمة: والأشهر أن اسمه هَيْتٌ - بياء ساكنة بعد الهاء مثناة من تحتها آخره مثناة فوقية - وقيل: صوابه: هَنَبٌ - بنون وباء موحدة أخيرًا - والهَنَب: الرجلُ الأحمق، قاله ابن دُرستويه، اسمه عبد الله بن جعفر بن محمد بن درستويه مِن علماء اللغة، والقولُ الأولُ هو الأصح، وجمعَ بينهما أبو موسى المديني بأن أحدَهما اسمٌ له، والآخر لَقبٌ.

وقيل: اسم هذا المخنث: هو مَاتِعٌ - بمثناة فوقية - مولى أبي فَاخِتَة المخزومية، قيل: وكان هو وهَيْتُ يدخلان بيوتَ النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وقعت هذه القِصة الآتية .. غَرَّبَهما النبي صلى الله عليه وسلم من المدينةِ، فورَدَ في بعضها أنه صلى الله عليه وسلم أَجْلاه إلى الحِمَى؛ موضع رَعْي إبل الصدقة، وفي بعضِها: إلى حَمْراءِ الأسد، وفي بعضِها: إلى خَاخٍ، والله أعلم. انتهى من "المفهم".

قوله: (وهو يقول لعبد الله بن أبي أمية) أي: لأخي أم سلمة من أبيها، وأمه عاتكةُ بنت عبد المطلب بن هاشم، وكان قبل إسلامه شديدًا على المسلمين مخالفًا مُبْغِضًا لهم، وهو الذي قال فيما حكاه الله عنه: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا

} الآياتِ (1)، وكان شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم إنه خرج مهاجرًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلقيه بالطريق بين السُّقيا والعَرج، وهو صلى الله عليه وسلم يريد مكةَ عامَ الفتح فتلقَّاه، فأعرض عنه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم مرة بعد مرة، فدخَلَ على أُخْتِه

(1) سورة الإسراء: (90).

ص: 256

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

أم سلمة وسألها أن تشفع، فشفعت له، فشفَّعها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم فيه، وأسلم وحسن إسلامه، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة مُسْلِمًا، وشهد حنينًا والطائفَ، ورُمِيَ يومَ الطائف بسهم فقَتلَه، ومات يومئذ رضي الله عنه، كذا في "عُمدة القاري"(9/ 518).

قوله: (إن يفتح اللهُ الطائفَ غدًا) وسَبَيْتُم نساءه .. (دلَلْتُك على) بنتِ غيلان؛ هي (امرأة تُقبل بأربع، وتُدبر بثمان) وتلك المرأةُ هي بنت غيلان، اسمها (بَادِيَةُ) بنتُ غيلان - بالياء - وقيل:(بَادِنَةُ) - بالنون - والأول أصح، وأبوها غيلان بن سلمة؛ وهو الذي أسلم وتَحْته عشرةُ نسوة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يختار منهن أربعًا، وكان مِن رؤساء ثقيف، وعاش إلى أواخر خلافة عمر، وبادية بنتُه هي التي تزوَّجها عبدُ الرحمن بن عوف؛ فقد ورد أنها استُحِيضَتْ، وسألَت النبيَّ صلى الله عليه وسلم في المستحاضة.

قوله: (تقبل بأربع) عُكنٍ في بطنِها (وتدبر بثمان) أطرافٍ من العُكَن في جانبي البطن، على كُلِّ جانب أربعة، فتصير ثمانية في خاصرتيها؛ أربعة على الخاصرة اليمنى، وأربعة على الخاصرة اليسرى.

وحاصله: أنه وصفها بأنها مملوءةُ البَدَن؛ بحيث يظهر لبطنها أربع عكن ولخاصرتَيْها ثمان، وذلك لا يكون إلا للسَّمِينَةِ من النساء، وكانت العربُ تَرْغَبُ في مَن تكونُ بتلك الصفة.

والعُكَن - جمع عكنة - وهو الطيُّ الذي يكون في جانبي البطنِ من السِّمَن، وفي تعليق محمد الدهني على متن "مسلم": والعكنةُ: ما انْطوَتْ وتَثَنَّى مِن لحمِ البطن سِمنًا، والمراد: أن أطراف العكن الأربع التي في بطنها تظهر ثمانيةً في جَنْبَيها.

ص: 257

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

قال الزركشي وغيره: وإنما قال: بثمان، ولم يقل: بثمانية، والأطرافُ مذكر؛ لأنه لم يذكرها؛ كما يقال: هذا الثوب سبع في ثمان؛ أي: سبعةُ أذرع في ثمانية أشبار، فلمَّا لم يَذْكُرِ الأشبارَ .. أنث؛ لتأنيثِ الأَذْرع التي قبلها. انتهى.

قوله: "أخرجوهم من بيوتكم" وإنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإخراجهم مع أنه أَذِنَ لهم أولًا في الدخول على النساء؛ لأنه صلى الله عليه وسلم إنما أذن لهم أولًا في الدخول عليهن؛ لِمَا كان يظن بهم مِن أنهم مِن غير أُولي الإِرْبة، فلما عَرفَ بكلامه هذا الذي قاله لعبد الله بن أبي أمية أنه يعرفُ محاسنَ النساء ويصفُها للأجانب .. حَرَّم دخولَه عليهن.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المغازي، باب غزوة الطائف، وفي كتاب اللباس، باب إخراج المتشبهين، ومسلم في كتاب السلام، باب منع المخنث من الدخول على النساء الأجانب، وأبو داوود في كتاب اللباس، باب في قوله: غير أولي الإربة، وأحمد في "مسنده".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستئناس للترجمة، والثاني للاستدلال به عليها.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 258