المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(41) - (901) - باب: من قتل له قتيل .. فهو بالخيار بين إحدى ثلاث - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحدود

- ‌(1) - (861) - بَابٌ: لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ

- ‌(2) - (862) - بَابُ الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ

- ‌(3) - (863) - بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ

- ‌(4) - (864) - بَابُ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

- ‌(5) - (865) - بَابُ السَّتْرِ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَدَفْعِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ

- ‌(6) - (866) - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ

- ‌(7) - (867) - بَابُ حَدِ الزِّنَا

- ‌(8) - (868) - بَابُ مَنْ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌(9) - (869) - بَابُ الرَّجْمِ

- ‌(10) - (870) - بَابُ رَجْمِ الْيَهُودِيِّ وَالْيَهُودِيَّةِ

- ‌(11) - (871) - بَابُ مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ

- ‌(12) - (872) - بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌(13) - (873) - بَابُ مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌(14) - (874) - بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْإِمَاءِ

- ‌فرع

- ‌(15) - (875) - بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌(16) - (876) - بَابُ حَدِّ السَّكْرَانِ

- ‌(17) - (877) - بَابُ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مِرَارًا

- ‌(18) - (878) - بَابُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

- ‌(19) - (879) - بَابُ مَنْ شَهَرَ السِّلَاحَ

- ‌(20) - (880) - بَابُ مَنْ حَارَبَ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا

- ‌(21) - (881) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ .. فَهُوَ شَهِيدٌ

- ‌(22) - (882) - بَابُ حَدِّ السَّارِقِ

- ‌فائدة

- ‌(23) - (883) - بَابُ تَعْلِيقِ الْيَدِ فِي الْعُنُقِ

- ‌(24) - (884) - بَابُ السَّارِقِ يَعْتَرِفُ

- ‌(25) - (885) - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ

- ‌(26) - (886) - بَابُ الْخَائِنِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْمُخْتَلِسِ

- ‌(27) - (887) - بَابٌ: لَا يُقْطَعُ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ

- ‌(28) - (888) - بَابُ مَنْ سَرَقَ مِنَ الْحِرْزِ

- ‌(29) - (889) - بَابُ تَلْقِينِ السَّارِقِ

- ‌(30) - (890) - بَابُ المُسْتَكْرَهِ

- ‌(31) - (891) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌(32) - (892) - بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌تتمة

- ‌(33) - (893) - بَابٌ: الْحَدُّ كفَّارَةٌ

- ‌(34) - (894) - بَابُ الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا

- ‌(35) - (895) - بَابُ مَنْ تَزَوَّجَ أمْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ

- ‌(36) - (896) - بَابُ مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ

- ‌تتمة

- ‌(37) - (897) - بَابُ مَنْ نَفَى رَجُلًا مِنْ قَبِيلَتِهِ

- ‌(38) - (898) - بَابُ الْمُخَنَّثِينَ

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌(39) - (899) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا

- ‌(40) - (900) - بَابُ هَلْ لِقَاتِلِ مُؤْمِنٍ تَوْبَةٌ

- ‌تتمة

- ‌(41) - (901) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ .. فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ

- ‌(42) - (902) - بَابُ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَرَضُوا بِالدِّيَةِ

- ‌(43) - (903) - بَابٌ: دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ

- ‌تتمة

- ‌(44) - (904) - بَابُ دِيَةِ الْخَطَأَ

- ‌(45) - (905) - بَابُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ .. فَفِي بَيْتِ الْمَالِ

- ‌(46) - (906) - بَابُ مَنْ حَالَ بَيْنَ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَبَيْنَ الْقَوَدِ أَوِ الدِّيَةِ

- ‌(47) - (907) - بَابُ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ

- ‌(48) - (908) - بَابُ الْجَارِحِ يُفْتَدَى بِالْقَوَدِ

- ‌تتمة في ترجمة أبي الجهم

- ‌(49) - (909) - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌(50) - (910) - بَابُ الْمِيرَاثِ مِنَ الدِّيَةِ

- ‌(51) - (911) - بَابُ دِيَةِ الْكَافِرِ

- ‌(52) - (912) - بَابٌ: الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ

- ‌(53) - (913) - بَابٌ: عَقْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى عَصَبَتِهَا وَمِيرَاثُهَا لِوَلَدِهَا

- ‌(54) - (914) - بَابُ الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ

- ‌تتمة في دفع التعارض الواقع بين الروايات المختلفة الواقعة في هذه القصة

- ‌(55) - (915) - بَابُ دِيَةِ الْأَسْنَانِ

- ‌(56) - (916) - بَابُ دِيَةِ الْأَصَابِعِ

- ‌(57) - (917) - بَابُ الْمُوضِحَةِ

- ‌(58) - (918) - بَابُ مَنْ عَضَّ رَجُلًا فَنَزَعَ يَدَهُ فَنَدَرَ ثَنَايَاهُ

- ‌(59) - (919) - بَابٌ: لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ

- ‌(60) - (920) - بَابٌ: لا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ

- ‌(61) - (921) - بَابُ هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ

- ‌(62) - (922) - بَابٌ: يُقْتَادُ مِنَ الْقَاتِلِ كمَا قَتَلَ

- ‌(63) - (923) بَابٌ: لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ

- ‌(64) - (924) - بَابٌ: لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ

- ‌(65) - (925) - بَابُ الْجُبَارِ

- ‌(66) - (926) - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌(67) - (927) - بَابٌ: مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ .. فَهُوَ حُرٌّ

- ‌(68) - (928) - بَابٌ: أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ

- ‌(69) - (929) - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ

- ‌(70) - (930) - بَابُ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌(71) - (931) - بَابُ مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ

- ‌(72) - (932) - بَابُ الْعَفْوِ عَنِ الْقَاتِلِ

- ‌(73) - (933) - بَابُ الْعَفْوِ فِي الْقِصَاصِ

- ‌(74) - (934) - بَابُ الحَامِلِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَوَدُ

- ‌كتاب الوصايا

- ‌(75) - (935) - بَابٌ: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(76) - (936) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْوَصِيَّةِ

- ‌(77) - (937) - بَابُ الْحَيْفِ فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌(78) - (938) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِمْسَاكِ فِي الْحَيَاةِ وَالتَّبْذِيرِ عِنْدَ الْمَوْتِ

- ‌(79) - (939) - بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ

- ‌(80) - (940) - بَابُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ

- ‌(81) - (941) - بَابٌ: الدَّيْنُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ

- ‌(82) - (942) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ هَلْ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ

- ‌(83) - (943) - بَابُ قَولِهِ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}

الفصل: ‌(41) - (901) - باب: من قتل له قتيل .. فهو بالخيار بين إحدى ثلاث

(41) - (901) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ .. فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ

(90)

- 2581 - (1) حَدَّثَنَا عُثْمَانُ وَأَبُو بَكْرٍ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ ابْنَا أَبِي شَيْبَةَ قَالَا: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ

===

(41)

- (901) - (باب: مَنْ قُتل له قتيلٌ .. فهو بالخيار بين إحدى ثلاث)

(90)

- 2581 - (1)(حدثنا عثمان) بن محمد (وأبو بكر) عبد الله بن محمد (ابنا أبي شيبة) إبراهيم بن عثمان، وهو صفة لمحمد.

أما عثمان .. فهو عثمان بن محمد بن إبراهيم بن عثمان العبسي أبو الحسن بن أبي شيبة الكوفي، ثقة حافظ شهير وله أوهام، وقيل: كان لا يحفظ القرآن، من العاشرة، مات سنة تسع وثلاثين ومئتين (239 هـ) وله ثلاث وثمانون (83) سنة، وكان أكبر من أبي بكر بسنتين. يروي عنه:(خ م د س ق).

وأما أبو بكر .. فهو عبد الله بن محمد بن أبي شيبة، واسم أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الواسطي الأصل ثم الكوفي، ثقة، حافظ صاحب تصانيف، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(قالا: حدثنا أبو خالد الأحمر) سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق يخطئ، من الثامنة، مات سنة تسعين ومئة (190 هـ)، أو قبلها. يروي عنه:(ع).

(ح وحدثنا أبو بكر وعثمان بنا أبي شيبة، قالا: حدثنا جرير) بن عبد الحميد بن قرط - بضم القاف وسكون الراء بعدها طاء مهملة - الضبي

ص: 288

وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنِ الْحَارِثِ بْنِ فُضيْلٍ أَظُنُّهُ عَنِ ابْنِ أَبِي الْعَوْجَاءِ وَاسْمُهُ سُفْيَانُ،

===

الكوفي نزيل الري وقاضيها، ثقة، من الثامنة صحيح الكتاب، مات سنة ثمان وثمانين ومئة (188 هـ). يروي عنه:(ع).

(وعبد الرحيم بن سليمان) الكناني أو الطائي أبو علي الأشل المروزي نزيل الكوفة، ثقة له تصانيف، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه؛ (ع).

(جميعًا) أي: كل من أبي خالد وجرير وعبد الرحيم رووا (عن محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم المدني إمام المغازي، ثقة أو صدوق، من صغار الخامسة، والراجح أنه ثقة إمام حجة في المغازي؛ كما في "التهذيب"، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).

(عن الحارث بن فضيل) الأنصاري الخطمي أبي عبد الله المدني، ثقة، من السادسة. يروي عنه:(م د س ق).

قال محمد بن إسحاق: (أظنه) أي: أظن الحارث بن فضيل روى (عن ابن أبي العوجاء واسمه) أي: واسم ابن أبي العوجاء (سفيان) بن أبي العوجاء السلمي أبي ليلى الحجازي، من الثالثة، روى عن أبي شريح الخزاعي، ويروي عنه:(د ق)، والحارث بن فضيل، قال البخاري: فيه نظر، وقال أبو أحمد الحاكم: حديثه ليس بالقائم، وذكره ابن حبان في "الثقات"، روى له أبو داوود وابن ماجه حديثًا واحدًا في القصاص.

قلت: وقال أبو حاتم: ليس بالمشهور، وقرأت بخط الذهبي: حديثه منكر ولا يعرف إلا به، كذا قال، وقد أخرج له أحمد في "مسنده" حديثًا آخر من

ص: 289

عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أُصِيبَ بِدَمٍ أَوْ خَبْلٍ - وَالْخَبْلُ الْجُرْحُ - .. فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ؛ فَإِنْ أَرَادَ الرَّابِعَةَ .. فَخُذُوا عَلَى يَدَيْهِ:

===

حديث ابن مسعود في الكسوف، وقد ظهر من هذا أنه مختلف فيه لا ضعيف بَحْتٌ، والله أعلم. انتهى من "التهذيب".

(عن أبي شريح) - بضم الشين المعجمة وفتح الراء المهملة وسكون الياء آخر الحروف وبعدها حاء مهملة - اسمه خويلد بن عمرو، ويقال: كعب بن عمرو، ويقال: هَانِئ، ويقال: عبد الرحمن بن عمرو، وقيل: غير ذلك، والأول هو المشهور، قاله المنذري (الخزاعي) - بضم أولى المعجمتين - الكعبي الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، نزل المدينة، ومات بها سنة ثمان وستين (68 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذان السندان من سداسياته، وحكمهما: الحسن، لأن فيهما سفيان بن أبي العوجاء، وهو مختلف فيه.

(قال) أبو شريح: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصيب) وَابْتُلِيَ (بـ) إِراقةِ (دم) مُورِّثه وقَتْلِه (أو) بِـ (خَبْلِ) مورِّثِه وجَرْحِه؛ كأن قتل ولده أو قطع يده أو جرح رأسه جراحة توجب القصاص؛ كالموضحة، قتلًا محرمًا أو جرحًا كذلك، وفسر بعض الرواة الخبل بقوله:(والخبل: الجرح .. فهو) أي: فالوارث الذي أصيب بقتل مورثه أو بجرحه أو قطع عضوه ملتبس (بالخيار بين) استيفاء (إحدى ثلاث) خصال من الجاني؛ إما القصاص، أو الدية، أو العفو عنه (فإن أراد) ذلك الوارث الذي هو ولي الدم بعد استيفاء إحدى الثلاث الخصلة (الرابعة) بأن أراد قتل الجاني بعد أخذ الدية أو بعد العفو .. (فخذوا على يديه) أي: فامنعوا أيها الحكام

ص: 290

أَنْ يَقْتُلَ أَوْ يَعْفُوَ أَوْ يَأْخُذَ الدِّيَةَ، فَمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَعَادَ .. فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا".

===

ذلك الوارث من تلك الرابعة التي هي قتل الجاني بعد أخذ الدية مثلًا.

وفصَّل تلك الثلاث بقوله: (أن يقتل) أي: فله الخيار بين أن يقتل الجانيَ قصاصًا (أو) أن (يعفو) عن القصاص بلا عوض (أو) أن (يأخذ الدية، فمن) اختار إحدى تلك الثلاث و (فعل شيئًا) اختاره (من ذلك) الثلاث المذكور، بأن عفا عن القصاص (فعاد) إليه وقتل الجاني .. (فإن له) أي: لذلك العائد إلى ما عفا عنه (نار جهنم) حالة كونه (خالدًا) أي: ماكثًا فيها مكثًا طويلًا (مخلدًا) أي: محبوسًا (فيها) أي: في جهنم (أبدًا) أي: مدة لا نهاية لها ولا آخر، ولفظة (أبدًا) ظرف مستغرق لما يستقبل من الزمان لا نهاية له.

وعبارة "أبي داوود مع العون": (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصيب) أي: ابتلي (بقتل) نفس محرمة ممن يرثه (أو خبل) - بفتح الخاء المعجمة وسكون الموحدة - والخبل: الجرح - بضم الجيم - قاله القاري.

وقال في "النهاية": الخبل - بسكون الباء - فساد الأعضاء، يقال: خبل الحُبُّ قلبَه؛ إذا أفسده يَخبِله ويَخبُله خبلًا، ورجل خبل ومختبل، والمعنى: أي: من أصيب بقتل نفس أو قطع عضو، يقال: بنو فلان يطالبون بدماء وخبل؛ أي: بقطع يد أو رجل .. (فهو) أي: فالمصاب الذي أصابته المصيبة؛ وهو الوارث، قاله القاري (بالخيار) أي: ملتبس بالخيار في المطالبة (بين إحدى ثلاث) خصال (فإن أراد) وقصد المطالبة (بالرابعة) بعد هذه الثلاث؛ بأن أراد الاقتصاص بعد العفو عنه، أو بالدية بعد العفو عنها .. (فخذوا على يديه) أي: امنعوه عن تلك الرابعة.

وقوله: (أن يقتل

) إلى آخره، متعلق بالخيار، أي: فهو ملتبس بالخيار

ص: 291

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

بين (أن يقتل) ويقتص (أو يعفو) بلا طلب معاوضة (أو يأخذ الدية، فمن فعل شيئًا من ذلك) الثلاث باختياره إياه (فعاد) إلى طلب الرابعة (بعد ذلك) أي: بعد بلوغ هذا البيان، أو بعد منع الناس إياه، والأول أحسن، قاله في "فتح الودود".

أو المعنى: إن من اعتدى إلى الرابعة؛ أي: تجاوز الثلاث، وطلب شيئًا آخر؛ بأن قتل القاتل بعد ذلك؛ أي: بعد العفو، أو أخذ الدية، أو بأن عفا ثم طلب الدية .. (فله) أي: فلذالك المعتدي (عذاب أليم) أي: موجع شديد.

قال الحافظ في "الفتح": إنَّ المخيَّر في القود أو أخذ الدية هو الوليُّ، وهو قول الجمهور، وقرره الخطابي.

وذهب مالك والثوري وأبو حنيفة إلى أن الخيار في القصاص أو الدية للقاتل. انتهى.

وأطال الحافظ الكلام في ذلك، في باب من قُتِلَ له قتيل .. فهو بخير النظرين، فليرجع إليه. انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الديات، بابُ الإمامِ يأمر بالعفو في الدم.

فدرجةُ هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ كما تقدم في محله، وللمشاركة، وغرضُه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي شريح بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

ص: 292

(91)

- 2582 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ

===

(91)

- 2582 - (2)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم (الدمشقي) أبو سعيد، لقبه دحيم - بمهملتين مصغرًا - ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).

(حدثنا الوليد) بن مسلم القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقة، لكنه كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا الأوزاعي) عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو أبو عمرو الفقيه، ثقة فاضل، من السابعة، مات سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثني يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي مولاهم أبو نصر اليمامي، ثقة ثبت، لكنه يدلس ويرسل، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ)، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين، أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل له قتيل)

ص: 293

فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ؛ إِمَّا أَنْ يَقْتُلَ، وَإِمَّا أَنْ يُفْدَى".

===

أي: مَنْ صُيِّر قريبٌ له قتيلًا بهذا القتل لا بقتل سابق؛ لأن قتل القتيل محال، وجواب الشرط قوله:(فهو) أي: فوليُّ القتيل ووارثُه ملتبس (بخير النظرين) أي: مخير بخير الأمرين في نظره؛ وهما: القتل والدية (إما أن يقتل) قاتل قريبه إن اختار الاقتصاص (وإما أن يفدى) بالبناء للمجهول؛ أي: وإما يعطى فداء قتيله؛ أي: بدل دمه؛ وهو الدية.

ولفظ "مسلم مع شرحه الكوكب": (ومن قتل له قتيل) أي: من قتل له قريب كان حيًّا فصار قتيلًا بذلك القتل .. (فهو) أي: فولي الدم يختار (بخير النظرين) أي: يختار بخير الأمرين له وأفضلهما عنده.

وقوله: (إما) حرف تفصيل للنظرين.

وجملة قوله: (أن يقتل) بالبناء للفاعل في تأويل مصدر مجرور على البدلية من خير النظرين؛ بدل تفصيل من مجمل؛ تقديره: إما قتل قاتل قتيله.

وجملة قوله: (وإما يفدى) بالبناء للمجهول معطوفة على جملة قوله: (إما أن يقتل) فهو أيضًا في تأويل مصدر مجرور على البدلية من النظرين؛ بدل تفصيل من مجمل؛ تقديره: وإما أخذ الفدية؛ أي: الدية، سميت الدية بذلك؛ لأنها فداء عن نفس القاتل.

قال النووي: يعني: أن ولي الدم مخير بين أخذ الدية وبين إجراء القود، وهو مذهب الإمام الشافعي، خلافًا للأحناف.

قال القرطبي: الحديث حجة للشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور، وروي عن ابن المسيب وابن سيرين على قولهم: إن ولي دم العمد بالخيار بين القصاص والدية، ويجبر القاتل عليها إذا اختارها الولي، وهو رواية أشهب عن مالك.

وذهب مالك في رواية ابن القاسم وغيره إلى أن الذي للولي إنما هو القتل

ص: 294

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فقط أو العفو، وليس له أن يجبر القاتل على الدية؛ تمسكًا بقوله تعالى:{كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} (1)، وقوله تعالى:{عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} (2)، وقوله صلى الله عليه وسلم:"كتاب الله القصاص"، وفي المسألة أبحاث تنظر في مسائل الخلاف. انتهى من "المفهم".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب اللقطة، باب كيف تعرف لقطة الحاج، ومسلم في كتاب الحج، باب تحريم مكة وصيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام، وأبو داوود في كتاب الديات، باب ولي العمد يرضى بالدية، والترمذي في كتاب الديات، باب ما جاء في حكم ولي القتل في القصاص والعفو، والنسائي في كتاب القسامة، باب هل يؤخذ من قاتل العمد الدية إذا عفا ولي المقتول عن القود، والبيهقي، والدارقطني.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة، لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

(1) سورة البقرة: (178).

(2)

سورة المائدة: (45).

ص: 295