المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(58) - (918) - باب من عض رجلا فنزع يده فندر ثناياه - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحدود

- ‌(1) - (861) - بَابٌ: لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ

- ‌(2) - (862) - بَابُ الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ

- ‌(3) - (863) - بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ

- ‌(4) - (864) - بَابُ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

- ‌(5) - (865) - بَابُ السَّتْرِ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَدَفْعِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ

- ‌(6) - (866) - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ

- ‌(7) - (867) - بَابُ حَدِ الزِّنَا

- ‌(8) - (868) - بَابُ مَنْ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌(9) - (869) - بَابُ الرَّجْمِ

- ‌(10) - (870) - بَابُ رَجْمِ الْيَهُودِيِّ وَالْيَهُودِيَّةِ

- ‌(11) - (871) - بَابُ مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ

- ‌(12) - (872) - بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌(13) - (873) - بَابُ مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌(14) - (874) - بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْإِمَاءِ

- ‌فرع

- ‌(15) - (875) - بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌(16) - (876) - بَابُ حَدِّ السَّكْرَانِ

- ‌(17) - (877) - بَابُ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مِرَارًا

- ‌(18) - (878) - بَابُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

- ‌(19) - (879) - بَابُ مَنْ شَهَرَ السِّلَاحَ

- ‌(20) - (880) - بَابُ مَنْ حَارَبَ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا

- ‌(21) - (881) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ .. فَهُوَ شَهِيدٌ

- ‌(22) - (882) - بَابُ حَدِّ السَّارِقِ

- ‌فائدة

- ‌(23) - (883) - بَابُ تَعْلِيقِ الْيَدِ فِي الْعُنُقِ

- ‌(24) - (884) - بَابُ السَّارِقِ يَعْتَرِفُ

- ‌(25) - (885) - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ

- ‌(26) - (886) - بَابُ الْخَائِنِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْمُخْتَلِسِ

- ‌(27) - (887) - بَابٌ: لَا يُقْطَعُ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ

- ‌(28) - (888) - بَابُ مَنْ سَرَقَ مِنَ الْحِرْزِ

- ‌(29) - (889) - بَابُ تَلْقِينِ السَّارِقِ

- ‌(30) - (890) - بَابُ المُسْتَكْرَهِ

- ‌(31) - (891) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌(32) - (892) - بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌تتمة

- ‌(33) - (893) - بَابٌ: الْحَدُّ كفَّارَةٌ

- ‌(34) - (894) - بَابُ الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا

- ‌(35) - (895) - بَابُ مَنْ تَزَوَّجَ أمْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ

- ‌(36) - (896) - بَابُ مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ

- ‌تتمة

- ‌(37) - (897) - بَابُ مَنْ نَفَى رَجُلًا مِنْ قَبِيلَتِهِ

- ‌(38) - (898) - بَابُ الْمُخَنَّثِينَ

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌(39) - (899) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا

- ‌(40) - (900) - بَابُ هَلْ لِقَاتِلِ مُؤْمِنٍ تَوْبَةٌ

- ‌تتمة

- ‌(41) - (901) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ .. فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ

- ‌(42) - (902) - بَابُ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَرَضُوا بِالدِّيَةِ

- ‌(43) - (903) - بَابٌ: دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ

- ‌تتمة

- ‌(44) - (904) - بَابُ دِيَةِ الْخَطَأَ

- ‌(45) - (905) - بَابُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ .. فَفِي بَيْتِ الْمَالِ

- ‌(46) - (906) - بَابُ مَنْ حَالَ بَيْنَ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَبَيْنَ الْقَوَدِ أَوِ الدِّيَةِ

- ‌(47) - (907) - بَابُ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ

- ‌(48) - (908) - بَابُ الْجَارِحِ يُفْتَدَى بِالْقَوَدِ

- ‌تتمة في ترجمة أبي الجهم

- ‌(49) - (909) - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌(50) - (910) - بَابُ الْمِيرَاثِ مِنَ الدِّيَةِ

- ‌(51) - (911) - بَابُ دِيَةِ الْكَافِرِ

- ‌(52) - (912) - بَابٌ: الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ

- ‌(53) - (913) - بَابٌ: عَقْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى عَصَبَتِهَا وَمِيرَاثُهَا لِوَلَدِهَا

- ‌(54) - (914) - بَابُ الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ

- ‌تتمة في دفع التعارض الواقع بين الروايات المختلفة الواقعة في هذه القصة

- ‌(55) - (915) - بَابُ دِيَةِ الْأَسْنَانِ

- ‌(56) - (916) - بَابُ دِيَةِ الْأَصَابِعِ

- ‌(57) - (917) - بَابُ الْمُوضِحَةِ

- ‌(58) - (918) - بَابُ مَنْ عَضَّ رَجُلًا فَنَزَعَ يَدَهُ فَنَدَرَ ثَنَايَاهُ

- ‌(59) - (919) - بَابٌ: لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ

- ‌(60) - (920) - بَابٌ: لا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ

- ‌(61) - (921) - بَابُ هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ

- ‌(62) - (922) - بَابٌ: يُقْتَادُ مِنَ الْقَاتِلِ كمَا قَتَلَ

- ‌(63) - (923) بَابٌ: لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ

- ‌(64) - (924) - بَابٌ: لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ

- ‌(65) - (925) - بَابُ الْجُبَارِ

- ‌(66) - (926) - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌(67) - (927) - بَابٌ: مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ .. فَهُوَ حُرٌّ

- ‌(68) - (928) - بَابٌ: أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ

- ‌(69) - (929) - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ

- ‌(70) - (930) - بَابُ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌(71) - (931) - بَابُ مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ

- ‌(72) - (932) - بَابُ الْعَفْوِ عَنِ الْقَاتِلِ

- ‌(73) - (933) - بَابُ الْعَفْوِ فِي الْقِصَاصِ

- ‌(74) - (934) - بَابُ الحَامِلِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَوَدُ

- ‌كتاب الوصايا

- ‌(75) - (935) - بَابٌ: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(76) - (936) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْوَصِيَّةِ

- ‌(77) - (937) - بَابُ الْحَيْفِ فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌(78) - (938) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِمْسَاكِ فِي الْحَيَاةِ وَالتَّبْذِيرِ عِنْدَ الْمَوْتِ

- ‌(79) - (939) - بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ

- ‌(80) - (940) - بَابُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ

- ‌(81) - (941) - بَابٌ: الدَّيْنُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ

- ‌(82) - (942) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ هَلْ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ

- ‌(83) - (943) - بَابُ قَولِهِ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}

الفصل: ‌(58) - (918) - باب من عض رجلا فنزع يده فندر ثناياه

(58) - (918) - بَابُ مَنْ عَضَّ رَجُلًا فَنَزَعَ يَدَهُ فَنَدَرَ ثَنَايَاهُ

(123)

- 2614 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ عَمَّيْهِ يَعْلَى

===

(58)

- (918) - (باب من عض رجلًا فنزع يده فندر ثناياه)

(123)

- 2614 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العَبْسِيُّ الكوفي، ثقة حافظ، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(حدثنا عبدُ الرحيم بن سليمان) الكِناني أو الطائي أبو علي الأَشلُّ المروزي نزيلُ الكوفة، ثقة له تصانيف، من صغار الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم المدني نزيلُ العراق، إمام المغازي، وأحفظُ الناس في الحديث وأوثق الناس فيه، راجع "تهذيب التهذيب"، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).

(عن عطاء) بن أبي رباح أسلم القرشي مولاهم المكي، ثقة فقيه فاضل، لكنه كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة أربع عشرة ومئة (114 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن صفوان بن عبد الله) بن صفوان بن أمية القرشي، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(م س ق).

(عن عَمَّيْهِ يَعْلَى) بن أُمية بن أبي عُبيدة بن همَّام التميمي حليفِ قريش،

ص: 394

وَسَلَمَةَ ابْنَيْ أُمَيَّةَ قَالَا: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَمَعَنَا صَاحِبٌ لَنَا، فَاقْتَتَلَ هُوَ وَرَجُل آخَرُ وَنَحْنُ بِالطَّرِيقِ، قَالَ: فَعَضَّ الرَّجُلُ يَدَ صَاحِبِهِ، فَجَذَبَ صَاحِبُهُ يَدَهُ مِنْ فِيهِ فَطَرَحَ ثَنِيَّتَهُ،

===

وهو يعلى ابن مُنيةَ - بضم الميم وسكون النون بعدها تحتانية مفتوحة - وهي أُمُّه، الصحابيِّ المشهور رضي الله تعالى عنه، مات سنة بِضْعٍ وأربعين (43 هـ). يروي عنه:(ع).

(وسَلَمة) بن أمية التميمي الكوفي أخي يعلي بن أمية، صحابي فاضل رضي الله تعالى عنه. يروي عنه:(س ق)، له حديث واحد، وهو المذكورُ هنا، وجَمَعهما المؤلفُ بقوله:(ابْنَي أُميَّة) بلفظ التثنيةِ.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحةُ؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قالا) أي: قال يعلى وسلمةُ ابْنَا أمية: (خرجْنَا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوةِ تبوك) قال يعلى: (ومعَنَا صاحبٌ لنا) أي: أجيرٌ لنا (فَاقْتتلَ) أي: تضَاربَ (هو) أي: ذلك الصاحبُ وهو أجيرهُما (ورجلٌ آخر) من المسلمين معطوف على الضمير المستتر في (اقْتَتَل) بَعْدَ تأكيدِه بالضمير المنفصل؛ وذلك الرجلُ الآخر هو يَعْلَى بن أميةَ نَفْسُه، وهذا صريحٌ في أنَّ يَعْلَى بن أمية هو الذي قاتَلَ أَجيرَه (ونحن) ماشُون (بالطريقِ) أي: في طريق سفر تبوك لا نَازلُون للاستراحةِ.

(قال) يعلي بنُ أمية: (فعَضَّ الرجلُ) الآخرُ؛ من باب رَدَّ؛ وهو يعلى نَفْسُهُ أَبْهمَه؛ احْتِشامًا مِن نِسْبةِ العَضِّ إليه (يدَ صاحبِه) المتضارِبِ معه الذي هو أجيرُهُ (فجَذبَ صاحبُه) أي: صاحبُ العاضِّ؛ وهو الأجيرُ المعضوضُ؛ أي: نزَعَ (يَدهُ مِن فيه) أي: مِن فمِ العَاضِّ؛ وهو يعلى (فطرَحَ) أي: أسقط المعضوضُ بسببِ نزعِ يدِهِ مِن فمِ العاضِّ (ثَنيَّتَهُ) أي: ثنيةَ العاض الذي هو

ص: 395

فَأَتَى رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلْتَمِسُ عَقْلَ ثَنِيَّتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى أَخِيهِ فَيَعَضُّهُ كَعِضَاضِ الْفَحْلِ، ثُمَّ يَأْتِي يَلْتَمِسُ الْعَقْلَ؟ ! لَا عَقْلَ لَهَا"، قَالَ: فَأَبْطَلَهَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم.

===

يعلى؛ والثنيةُ: واحدُ الثنايا؛ وهي مُقدَّمُ الأسنان.

(فأَتَى) العاضُّ الذي سقطَتْ أسنانُه؛ وهو يعلي بن أمية (رسولَ الله صلى الله عليه وسلم حالةَ كونِه؛ أي: حالة كونِ العاض (يَلْتَمِسُ) ويطلبُ (عَقْلَ ثنيَّتِهِ) أي: ديتَها مِن العاضِّ بترافُعِه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والحاصلُ: أنَّ يعلي بن أمية عضَّ يدَ أجيره، وإنما أَبْهَم يعلى تسميةَ العاض؛ احْتِشَامًا من نسبة العض إلى نفسه، ولذالك قال الحافظ في "الفتح" (12/ 223): وفيه أنَّ مَنْ وقعَ له أمر يَأْنَفُه أو يَحْتَشِمُ مِن نسبتِه إليه؛ إذا حكاه لِغَيرِه .. كَنى عن نفسه؛ بأن قال: فَعلَ رجلٌ أو إنسانٌ كذا وكذا، فالعاضُّ هو يعلى، والمعضوضُ هو أجيرُه، وهذا هو الذي عليه سياقُ الحديث.

(فقال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لِيَعْلَى العاضِّ: أَ (يعمدُ) ويقصِدُ (أحدُكم) بتقديرِ همزة الاستفهام الإنكاريِّ؛ كما هو مصرح في رواية مسلم (إلى) إِذَايةِ (أَخِيه) المسلمِ (فَيَعضُّهُ) أي: فَيَعضُّ أخاه بأسنانه ويَمْضَغُه (كعِضاضِ) وأَكْلِ (الفحلِ) والجَملِ من الإبل الشجرَ (ثُمَّ يأتِي) ويَجِيءُ ذلك العاض إِلَيَّ حالةَ كونِه (يلتمسُ) ويطلبُ ذلك العاضُّ (العَقْلَ؟ ! ) أي: عقلَ سِنِّه وديَتها، فهي هَدَرٌ (لا عَقْلَ) ولا ديةَ (لها).

(قال) الراوي: (فأَبْطَلها) أي: حكَمَ بِبُطلانِها وهَدَرِها (رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.

قوله: (فطرَحَ ثنيتَه) بالإفراد، وفي رواية مسلم:(ثنيَّتَيهِ) بالتثنيةِ، وفي

ص: 396

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

رواية الكُشْميهنِي عند البخاري: (ثنايَاه) بصيغة الجمع، فبَيْنَ الروايات معارضةٌ بالإفرادِ والتثنية والجمع، فكَيْفَ الجمع بينها؟

قال العيني في "عمدة القاري"(11/ 207): والتوفيقُ بين هذه الروايات: أنَّ الاثنين يُطلق عليهما صيغةُ الجمع، وأن رواية الإفراد على إرادةِ الجنس الصادق بالواحد وما فوقه، كذا قيل، لكن يعكرُ عليه روايةُ محمد بن علي: فَانْتَزع (إِحدى ثنيتَيهِ) فعلى هذا يُحملُ الاختلافُ على التعدد، ولكن استبعد الحافظ حَمْلَهُ على التعدّدِ؛ لاتحادِ مَخْرَجِ الحديث، فالظاهر أنَّ أحدَ الرواة وَهِمَ في تعيينِ عدد الساقطةِ من الثنايا وقد قَدَّمْنَا مرارًا أنَّ الرُّواةَ إِنَّما يَعْتَنُون بحفظِ أصلِ القصة ولا يَسْأَلُون بتفصيلِ جزئياتِها في كثيرٍ من المواقع، فمِن الطبيعيِّ أَنْ يَجْرِيَ مثل هذه الخلافات البسيطةِ فيما بَيْنَ الرواة، ولا سبيلَ إلى القطعِ بتصحيحِ بعضِ الرواياتِ في مِثْلِها، ولا حاجةَ إلى تحصيلِ القطع واليقين فيها؛ فإنَّه لا يَقْدَحُ ذلك في ثبوتِ أَصْلِ الحديث، فالرجوعُ في مِثْلِ هذه الخلافاتِ إِلَى حَمْلِ الرواياتِ على تعدُّدِ القصة .. تكلُّفٌ لا دَاعِيَ إليه، والأقربُ حَمْلُها على وقوعِ الوَهْمِ مِنْ بعضِ الرواة. انتهى من "شرح مسلم".

قولُه: "لا عَقْلَ لها" أي: لا ديةَ لثنيته ولا قصاص، وبه أخَذَ الجمهور، فقالوا: لا يلزم المعضوضَ قصاص ولا ديةٌ؛ لأنه في حكمِ الصائل، واحتجُّوا أيضًا بالإجماعِ على أنَّ مَن شهر سلاحًا على آخرَ لِيَقْتُلَه، فدَفَع عن نفسِه، فقَتلَ الشاهرَ .. أنه لا شيءَ عليه، فكذا لا يَضْمَنُ سِنَّه بدَفْعِه إياه عن نفسِه، وكذا لو قَصَدَ رجلٌ الفُجورَ بامرأة، فلا يُمكِنُها الخَلاصُ إلا بقَتْلِه فقتَلَتْهُ .. لا شيءَ عليها؛ كما في "المبارق"، وهو مذهبُ أبي حنيفة والشافعي، على أن الحافظ في "الفتح"(12/ 222) قيَّدَهُ بِأَنْ يتألَّم المعضوضُ، ولا يُمكنه تخليصُ يدهِ

ص: 397

(124)

- 2615 - (2) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى،

===

بغيرِ ذلك؛ مِنْ ضَرْب في شِدْقَيْهِ أو فَكِّ لَحْيَيْهِ؛ لِيُرسِلَها، ومهما أَمْكَنه التخليصُ بدُونِ ذلك، فعَدَلَ إلى الأَثْقَل .. لم يَهْدِر، وعند الشافعيةِ وَجْهٌ: أنَّه يَهْدِرُ على الإِطلاق، ووجه: أنَّه لو دَفَعه بغيرِ الجذب من الجرح في موضع آخر .. ضَمِنَ، وقال مالك: يَضْمَنُ المعضوضُ سِنَّ العاضِ مطلقًا. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري ومسلم وأبو داوود والنسائي.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث يعلى وسلمة بحديث عمران بن حصين رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(124)

- 2615 - (2)(حدثنا عليُّ بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).

(حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البصري، ثقة مدلس، من السادسة، مات سنة ست، وقيل: سبع وخمسين ومئة. يروي عنه: (ع).

(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة مدلس، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن زرارة بن أوفى) - بضم الزاي - العامريِّ الحَرشي - بمهملة وراء

ص: 398

عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ رَجُلًا عَضَّ رَجُلًا عَلَى ذِرَاعِهِ، فَنَزَعَ يَدَهُ فَوَقَعَتْ ثَنِيَّتُهُ، فَرُفِعَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم .. فَأَبْطَلَهَا وَقَالَ:"يَقْضَمُ أَحَدُكُمْ كَمَا يَقْضَمُ الْفَحْلُ؟ ! ".

===

مفتوحتين ثم معجمة - أبي حاجب البصري قاضيها، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع)، مات فجأةً في الصلاة سنة ثلاث وتسعين (93 هـ).

(عن عمران بن حصين) بن عبيد بن خلف الخزاعي البصري الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحُكْمُه: الصحةُ؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن رجلًا) من المسلمين، وهو يعلي بن أمية الصحابيُّ المشهور (عَضَّ) أي: مضَغَ وأكَلَ بأسنانه (رجلًا) منهم؛ وهو أجيرُ يعلى، استأجره يعلى؛ لِيَخْدِمَه في سفرِ تبوك؛ أي: عَضه (علَى ذراعِه فَنزَع) أي: جَذَب ذلك المعضوضُ الذي هو أجيره (يدَه) أي: ذراعَه مِن فم العاض الذي هو يعلى (فوقعَتْ) أي: سقطَتْ (ثنيتهُ) أي: ثنيةُ العاض؛ وهو يعلى (فرُفِع) أَمْرُهما وشأنُهما (إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليحكم بينهما.

(فأبطلَها) أي: أبطل النبيُّ صلى الله عليه وسلم ثنيةَ العاض، أي: جَعلَهما غير مضمونة بقصاص ولا دية (وقال) النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أ (يَقْضَمُ) أي: أيأكلُ (أحدكلم) أيُّها المسلمون يدَ صاحبه (كما يَقْضَمُ) ويأكل (الفحل) والجملُ أغصانَ الشجر؟ ! استفهام إنكاري توبيخي.

قال الحافظ في "الفتح"(12/ 220): ليس في رواية مسلم ولا في رواية غيره من الكتب الستة ولا غيرها أن يعلى هو المعضوض، لا صريحًا ولا إشارةً، فتعين أن يعلى هو العاض، ويظهر من روايات هذه القصة، ما قاله العراقي في "شرح الترمذي" من أن المعضوض هو أجير يعلى لا يعلى؛ فقد صرح عمران في

ص: 399

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

رواية الباب أن يعلي بن أمية أحد المتقاتلين، وصرح في رواية صفوان بن يعلى المذكورة في "مسلم" أن أجير يعلى هو المعضوض، فتلخص من الروايتين أن العاض هو يعلى، والمعضوض هو أجيره.

قال السندي: (فنزع ثنيته) أي: أسقط المعضوض ثنية العاض من فيه، والثنية: واحد الثنايا مقدم الأسنان؛ كما (يقضم) أي: يعض بالأسنان؛ وهو - بقاف وضاد معجمة - من القضم؛ وهو الأكل بأطراف الأسنان (الفحل) الذكر من الحيوان. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الديات، باب إذا عض رجلًا فوقعت ثناياه، ومسلم في كتاب القسامة، باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه، وأبو داوود في كتاب الديات، والترمذي في كتاب الديات، باب ما جاء في القصاص، قال أبو عيسى: حديث عمران بن حصين حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب القسامة، باب القود في العضة.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث يعلى.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 400