الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(44) - (904) - بَابُ دِيَةِ الْخَطَأَ
(96)
- 2587 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ،
===
(44)
- (954) - (بابُ ديةِ الخطأ)
والدية: مصدر ودى القاتلُ المقتولَ؛ إذا أعطى وَلِيَّه المالَ الذي هو بدلُ النفس، ثم قيل لذلك المال: الدية تسمية بالمصدر.
واعلم: أن القتل على ثلاثة أضرب: عمد محض، وخطأ محض، وشبه عمد، وإليه ذهب الشافعية والحنفية والأوزاعي والأذرعي والثوري وأحمد وإسحاق وأبو ثور وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم؛ فجعلوا في العمد القصاص، وفي الخطأ الدية، وفي شبه العمد الدية مغلظة، وسيأتي تفصيل الدية وبيان تغليظها. انتهى من "العون".
قال في "الهِدايَة": العمد: ما تعمد ضربه بسلاح، أو بما جرى مجرى السلاح؛ كالمحدَّد من الخشب ولِيطَةِ القَصَب، وشبه العمد عند أبي حنيفة: أن يتعمد الضرب بما ليس بسلاح ولا ما أجري مجرى السلاح.
وقال أبو يوسف ومحمد بن الحسن وهو قول الشافعي: إذا ضربه بحجر عظيم أو بخشبة عظيمة .. فهو عمد، وشبه العمد: أن يتعمد ضربه بما لا يُقْتَلُ به غالبًا. انتهى منه.
* * *
واستدل المؤلف على الترجمة بحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(96)
- 2587 - (1)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي أبو بكر البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هَانِئٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ جَعَلَ الدِّيَةَ اثْنَي عَشَرَ أَلْفًا.
===
(حدثنا معاذ بن هانئ) القيسي البصري أبو هانئ، ثقة، من كبار العاشرة، مات سنة تسع ومئتين (209 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا محمد بن مسلم) الطائفي واسم جده سوس، وقيل: سوسن بزيادةِ نُونٍ في آخره، صدوق يخطئ من حفظه، من الثامنة، مات قبل التسعين ومئة. يروي عنه:(م عم).
(عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي، ثقة ثبت، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عكرمة) الهاشمي مولاهم المكي؛ مولى ابن عباس أبي عبد الله البربري، ثقة عالم بالتفسير والعلم، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه وإرساله، ورواه الترمذي مرفوعًا ومرسلًا، وأرسله النسائي، ورواه ابن ماجه مرفوعًا؛ كما قد علمت، والأصح الرفع؛ لما في الرفع من زيادة علم.
(أنه) صلى الله عليه وسلم (جعل الدية) أي: جعل بدل الدية عند فقدان الإبل أو في حق أهل الحضر عند تعذر الإبل عليهم؛ أي: جعل بدل الدية الكاملة؛ وهي مئة إبل (اثني عشر ألفًا) من الدراهم، ولفظ أبي داوود عن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
عكرمة عن ابن عباس: (أن رجلًا من بني عدي قُتِل، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم ديتَه اثني عشر ألفًا)، قال أبو داوود: رواه ابن عيينة عن عمرو عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يذكر ابنَ عباس، حاصله: أن الحديث رواه سفيان مرسلًا؛ فإنه لم يذكر ابن عباس.
وفي الحديث دليل على أن الدية من الفضة اثنا عشر ألف درهم، قال الخطابي: قال مالك وأحمد وإسحاق: إن الدية إذا كانت نقدًا .. فمن الذهب ألف دينار، ومن الورق اثنا عشر ألفا؛ وروي ذلك عن الحسن البصري وعروة بن الزبير، وعند أبي حنيفة من الذهب ألف دينار، ومن الدراهم عشرة آلاف، وكذالك قال سفيان الثوري، وحكي ذلك عن ابن شبرمة. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الديات، باب كم هي، والترمذي في كتاب الديات، باب ما جاء في الدية كم هي، والنسائي في كتاب القسامة، باب ذكر الدية من الورق.
فدرجته: أنه حسن؛ لأن فيه محمد بن مسلم الطائفي، فهو مختلف فيه، وفي رفع سنده وإرساله خلاف أيضًا، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
قال المنذري: وأخرج هذا الحديث الترمذي مرفوعًا ومرسلًا، وأرسله النسائي، ورواه ابن ماجه مرفوعًا، وقال الترمذي: ولا نعلم أحدًا يذكر في هذا الحديث عن ابن عباس غير محمد بن مسلم، هذا آخر كلامه، ومحمد بن مسلم هذا هو الطائفي، وقد أخرج له البخاري في المتابعة، ومسلم في الاستشهاد، وقال يحيى بن معين: ثقة، وقال مرة: إذا حدث من حفظه .. يخطئ، وإذا حدث من كتابه .. فليس به بأس، وضعفه الإمام أحمد بن حنبل، وذكر أبو داوود: أن ابن عيينة لم يذكر ابن عباس، وذكر الترمذي أنه لا يعلم أحدًا ذكر ابن عباس
(97)
- 2588 - (2) حَدَّثَثَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَرْوَزِيُّ، أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ،
===
في هذا الحديث غير محمد بن مسلم، وقد أخرج النسائي عن محمد بن ميمون عن ابن عيينة، وقال فيه: سمعناه مرة يقول: عن ابن عباس، وأخرجه الدارقطني في "سننه" عن أبي محمد بن صاعد عن محمد بن ميمون، وقال فيه: عن ابن عباس.
وقال الدارقطني: قال ابن ميمون: وإنما قال لنا فيه: عن ابن عباس مرة واحدة، وأكثر ذلك كان يقول: عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكره البيهقي من حديث الطائفي موصولًا، وقال: ورواه أيضًا سفيان عن عمرو بن دينار موصولًا، ومحمد بن ميمون هذا هو أبو عبد الله المكي الخياط، روى عن ابن عيينة وغيره، قال النسائي: صالح، وقال أبو حاتم الرازي: كان أميًّا مغفلًا، ذكر له أنه روى عن أبي سعيد مولى بني هاشم عن شعبة حديثًا باطلًا، وما أبعد أن يكون وضع للشيخ؛ فإنه كان أميًّا. انتهى كلام المنذري.
فتحصل لنا: أن الحديث حسن مرفوع، غرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث ابن عباس بحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(97)
- 2588 - (2)(حدثنا إسحاق بن منصور) بن بهرام الكوسج أبو يعقوب التميمي (المروزي)، ثقة ثبت، من الحادية عشرة، مات سنة إحدى وخمسين ومئتين (251 هـ). يروي عنه:(خ م ت س ق).
(أنبأنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم أبو خالد الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه (ع).
أَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَنْ قُتِلَ خَطَأً .. فَدِيَتُهُ مِنَ الْإِبِلِ ثَلَاثُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَثَلَاثُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَثَلَاثُونَ حِقَّةً، وَعَشَرَةُ بَنِي لَبُونٍ"،
===
(أنبأنا محمد بن راشد) المكحولي الخزاعي الدمشقي أبو يحيى نزيل البصرة، صدوق، من السابعة، مات بعد الستين ومئة. يروي عنه:(عم).
(عن سليمان بن موسى) الأموي مولاهم الدمشقي، صدوق فقيه في حديثه بعض لين، من الخامسة. يروي عنه:(عم).
(عن عمرو بن شعيب) بن محمد، صدوق، من الخامسة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن أبيه) شعيب بن محمد، صدوق، ثبت سماعه من جده، من الثالثة. يروي عنه:(عم).
(عن جده) أي: عن جد شعيب عبد الله بن عمرو بن العاص القرشي السهمي رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن عمرو بن شعيب مختلف فيه فيما روى عن أبيه.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قتل خطأ .. فديته) إذا كانت (من الإبل ثلاثون بنت مخاض) بالنصب على التمييز، وكذا يقال فيما بعده؛ وهي التي طعنت في السنة الثانية، سميت بذلك؛ لأن أمها صارت ذات مخاض بأخرى (وثلاثون بنت لبون) وهي التي طعنت في الثالثة، سميت بها؛ لأن أمها ولدت أخرى وكانت ذات لبن (وثلاثون حقة) وهي: التي طعنت في الرابعة، وحق لها أن تركب وتحمل (وعشرة بني لبون) بالإضافة إلى تمييزه.
وَكَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُقَوِّمُهَا عَلَى أَهْلِ الْقُرَى أَرْبَعَ مِئَةِ دِينَارٍ أَوْ عَدْلَهَا
===
قال الخطابي في "المعالم": لا أعرف أحدًا من الفقهاء قال بهذا الحديث وجرى عليه.
وقال المنذري: وفي إسناد هذا الحديث عمرو بن شعيب، وقد اختلفوا في ضعفه وتوثيقه: قال إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين: إذا حدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده .. فهو كتاب، ومن هنا جاء ضعفه، وإذا حدث عن سعيد بن المسيب أو سليمان بن يسار أو عروة .. فهو ثقة عن هؤلاء، وقال الدوري ومعاوية بن صالح عن ابن معين: ثقة، فهو مختلف فيه، ومن دون عمرو بن شعيب ثقات إلا محمد بن راشد المكحولي، وقد وثقه أحمد وابن معين والنسائي، وضعفه ابن حبان وأبو زرعة، فهو مختلف فيه أيضًا، فيكون سنده حسنًا؛ كما مر.
فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن عباس.
وأما قوله: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
) إلى آخره .. فليس من تتمة الحديث؛ لأنه من كلام عبد الله بن عمرو، فهو موقوف، ولذلك لم يذكره أكثر أهل السنن.
قال عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهما: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته (يقومها) أي: يقوم المئة إبل التي هي الأصل في الدية؛ أي: يوجب قيمتها (على أهل القرى) والمدن (أربع مئة دينار) أي: يجعل قيمة المئة أربع مئة دينار ويوجبها عليهم في الدية الكاملة إن كانوا من أهل الذهب؛ لتعذر الإبل عليهم (أو) يوجب عليهم (عدلها) أي: ما يساوي
مِنَ الْوَرِقِ، وَيُقَوِّمُهَا عَلَى أَزْمَانِ الْإِبِلِ إِذَا غَلَتْ رَفَعَ فِي ثَمَنِهَا، وَإذَا هَانَتْ نَقَصَ مِنْ ثَمَنِهَا عَلَى نَحْوِ الزَّمَانِ مَا كَانَ، فَبَلَغَ قِيمَتُهَا
===
الأربع مئة دينار (من الورق) إن كانوا من أهلها؛ وهي أربعة آلاف وثماني مئة درهم (و) كان صلى الله عليه وسلم (يقومها) أي: يقوم مئة الإبل التي هي الأصل في الدية مخالفًا بين قيمتها (على) حسب اختلاف (أزمان) قيمة (الإبل) غلاءً ورخصًا.
فـ (إذا غلت) وارتفعت قيمتها .. (رفع في ثمنها) أي: ثمن الإبل وبدلها الذي يكون عوضًا عنها في الدية، سواء كان من الذهب أو من الورق (وإذا هانت) الإبلُ ورخُصَ وانخفضَ سِعْرُها .. (نقَصَ من ثمنها) الذي يُدْفَع في الدية بدلًا عنها.
وقوله: (على نحو الزمان ما كان) متعلق بكل من قوله: "رفع ثمنها"، وقوله:"نقص من ثمنها" وفي هذا الكلام أيضًا تقديم وتأخير وحذف؛ والتقدير: رفع ثمنها على نحو ما كان ووجد في ذلك الزمان الذي ارتفع فيه سعرها؛ أي: رفع ثمنها المدفوع في الدية على قدر ما وقع ووجد في ذلك الزمان قلة وكثرة، أو نقص من ثمنها المدفوع في الدية على نحو ما كان ووقع في ذلك الزمان الذي انخفض ورخص فيه سعرها؛ أي: نقص من ثمنها على قدر ما كان ووقع في ذلك الزمان الذي هانت فيه.
والفاء في قوله: (فبلغ) فاء الإفصاح "لأنها أفصحت عن جواب شرط مقدر؛ تقديره: إذا عرفت ما ذكرته لك من أنه صلى الله عليه وسلم رفع من ثمنها إذا غلت، ونقص من ثمنها إذا هانت، وأردت بيان ما بلغت قيمتها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فأقول لك: بلغ (قيمتها) أي: قيمة تلك الإبل المئة التي هي الأصل في الدية؛ أي: بلغ ثمنها المدفوع في الدية
عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا بَيْنَ الْأَرْبَعِ مِئَةِ دِينَارٍ إِلَى ثَمَانِ مِئَةِ دِينَارٍ أَوْ عَدْلُهَا مِنَ الْوَرِقِ ثَمَانِيَةُ آلَافِ دِرْهَمٍ، وَقَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ مَنْ كَانَ عَقْلُهُ فِي الْبَقَرِ عَلَى أَهْلِ الْبَقَرِ مِئَتَيْ بَقَرَةٍ، وَمَنْ كَانَ عَقْلُهُ فِي الشَّاءِ عَلَى أَهْلِ الشَّاءِ أَلْفَيْ شَاةٍ.
===
بدلًا عنها (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي: في زمن حياته (ما بين الأربع مئة دينار) وما فوقها من خمس مئة دينار (إلى ثمان مئة دينار، أو) بلغت قيمتها (عدلها) أي: عدل الأربع مئة دينار وثمان مئة دينار ومساويها (من الورق) أي: من الفضة؛ من أربعة آلاف درهم إلى (ثمانية آلاف درهم).
وقوله: (وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من كان عقله في البقر
…
) إلى آخره، فيه تقديم وتأخير وإسقاط، والتقدير: وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم (على أهل البقر) في ديتهم (مئتي بقرة)؛ لأن عقلهم كان في البقر، وكذا قوله:(ومن كان عقله في الشاء على أهل الشاء ألفي شاة) فيه تقديم وتأخير وإسقاط وحذف؛ والتقدير: وقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الشاء ألفي شاة؛ والشاة: اسم لواحدة من الجنس، لأن عقلهم كان في الشاء؛ والشاء - بالهمز في آخره - اسم جنس، والله أعلم، إلى هنا تم أثرُ عبدِ الله بن عمرو، وقد ذكره بالسند السابق تبعًا للحديث.
قال الخطابي: وإنما قومها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل القرى؛ لعزة الإبل عندهم، فبلغت القيمة في زمانه من الذهب ثمان مئة دينار، ومن الورق ثمانية آلاف درهم، فجرى الأمر كذلك إلى أن كان عمر، وعزت الإبل في زمانه، فبلغ بقيمتها من الذهب ألف دينار، ومن الورق اثنا عشر ألفًا، وعلى هذا بنى الشافعي أصل قوله في دية العمد، فأوجب فيه الإبل وإن كان لا يصار إلى النقود إلا عند إعواز الإبل، فإذا أعوزت .. كانت فيها قيمتها ما
(98)
- 2589 - (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ السَّلَامِ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا الصَّبَّاحُ بْنُ مُحَارِبٍ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ أَرْطَاةَ، حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ جُبَيْرٍ،
===
بلغت ولم تعتبر فيها قيمة عمر التي قومها في زمانه؛ لأنها كانت قيمة تعديل في ذلك الوقت، والقيم تختلف فتزيد وتنقص باختلاف الأزمنة، وهذا على قوله الجديد.
وقال في قوله القديم بقيمة عمر رضي الله تعالى عنه؛ وهو اثنا عشر ألفًا أو ألف دينار، وقد روي مثل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في الورق. انتهى كلامه، انتهى من "العون".
* * *
ثم استأنس المؤلف للترجمة بحديث ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، فقال:
(98)
- 2589 - (3)(حدثنا عبد السلام بن عاصم) الجعفي الهِسنْجَانِي - بكسر الهاء والمهملة وسكون النون بعدها جيم - الرازي، مقبول، من الحادية عشرة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا الصباح بن محارب) التيمي الكوفي نزيل الري، صدوق ربما خالف، من الثامنة. يروي عنه:(ق).
(حدثنا حجاج بن أرطاة) - بفتح الهمزة وسكون الراء - ابن ثور بن هبيرة النخعي الكوفي القاضي أحد الفقهاء، صدوق كثير الخطأ والتدليس، من السابعة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(م عم).
(حدثنا زيد بن جبير) - مصغرًا - ابن حرمل - بفتح المهملة وسكون الراء - الطائي، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(ع).
عَنْ خِشْفِ بْنِ مَالِكٍ الطَّائِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فِي دِيَةِ الْخَطَأِ عِشْرُونَ حِقَّةً، وَعِشْرُونَ جَذَعَةً، وَعِشْرُونَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرُونَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرُونَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُورًا"
===
(عن خشف) بكسر أوله وسكون المعجمة بعدها فاء (ابن مالك الطائي) وثقه النسائي، من الثانية. يروي عنه:(عم).
(عن عبد الله بن مسعود) الهذلي الكوفي الصحابي المشهور، رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه حجاج بن أرطاة، وهو ضعيف، ولأن فيه خشف بن مالك، وهو مجهول.
(قال) عبد الله بن مسعود: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في) بيان (دية الخطأ): هي (عشرون حقة) وقوله: حقة - بكسر الحاء وتشديد القاف - منصوب على التمييز، وكذا ما بعده (وعشرون جذعة) - بفتح الجيم والذال المعجمة - وهي التي طعنت في الخامسة، وهي أكبر من يؤخذ في الزكاة (وعشرون بنت مخاضر، وعشرون بنت لبون، وعشرون بني مخاض) وقوله: (بني مخاض) منصوب على التمييز لعشرين؛ كسابقه، وعلامة نصبه الياء؛ لأنه ملحق بجمع المذكر السالم.
وقوله: (ذكورًا) بالنصب صفة لـ (بني مخاض)، وبالرفع عطف بيان و (عشرون) وفي بعض النسخ:(ذكر) - بضمتين - ولعله تخفيف ذكور، كذا في "العون".
وبهذا الحديث قال أبو حنيفة، وذهب الليث ومالك والشافعي إلى أن دية الخطأ عشرون بنت مخاض، وعشرون بنت لبون، وعشرون ابن لبون، وعشرون حقة، وعشرون جذعة.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الديات، باب الدية كم هي، والترمذي في كتاب الديات، باب ما جاء في الدية كم هي من الإبل، والنسائي في كتاب القسامة، باب ذكر أسنان دية الخطأ، قال أبو عيسى: حديث ابن مسعود هذا لا نعرفه مرفوعًا إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عبد الله موقوفًا، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى هذا الحديث، وهو قول أحمد وإسحاق
وقد أجمع أهل العلم على أن الدية تؤخذ في ثلاث سنين؛ في كل سنة ثلث الدية، ورأوا أن دية الخطأ على العاقلة.
ورأى بعضهم أن العاقلة قرابة الرجل من جهة أبيه، وهو قول مالك والشافعي، وقال بعضهم: إنما الدية على الرجال دون النساء والصبيان من العصبة، يحمل كل رجل منهم ربع دينار، وقد قال بعضهم إلى نصف دينار، فإن تمت، وإلا .. نظر إلى أقرب القبائل منهم، فألزموا ذلك. انتهى "سندي".
وقال أبو بكر البزار: وهذا الحديث لا نعلمه روي عن عبد الله مرفوعًا إلا بهذا الإسناد، وذكر الخطابي أن خشف بن مالك مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث، وعدل الشافعي عن القول به؛ لما ذكرنا من العلة في رواته، ولأن فيه بني مخاض، ولا مدخل لبني مخاض في شيء من أسنان الصدقات، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في قصة القسامة أنه ودى قتيل خيبر بمئة من إبل الصدقة، وليس في أسنان الصدقة ابن مخاض، لاجتماع نقصين فيه؛ الذكورة والصغر.
وقال الدارقطني: هذا حديث ضعيف غير ثابت عند أهل المعرفة بالحديث، وبسط الكلام في ذلك، وقال: لا نعلمه رواه إلا خشف بن مالك عن ابن مسعود،
(99)
- 2590 - (4) حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ،
===
وهو رجل مجهول لم يرو عنه إلا زيد بن جبير، ثم قال: لا نعلم أحدًا رواه عن زيد بن جبير إلا حجاج بن أرطاة، والحجاج رجل مشهور بالتدليس، وبأنه يحدث عمن لم يلقه ولم يسمع منه، ثم ذكر أنه قد اختلف فيه على الحجاج بن أرطاة. انتهى من "العون"، وقال البيهقي: وخشف بن مالك مجهول، وقال الموصلي: خشف بن مالك ليس بذلك، وذكر له هذا الحديث.
وخشف - بكسر الخاء وسكون الشين المعجمة وفاء - واختلف على الحجاج بن أرطاة، والحجاج غير محتج به، والله أعلم.
فدرجة هذا الحديث: أنه ضعيف (9)(278)؛ لضعف سنده؛ كما مر، وغرضه بسوقه: الاستئناس به للترجمة، والله أعلم.
* * *
ثم ذكر المؤلف المتابعة لحديث ابن عباس رضي الله تعالى عنهما المذكور في أول هذا الباب، ولو ذكرها متصلة بذلك الحديث؛ بأن جعلها ثانية أحاديث الباب .. لكان أوضح، فقال:
(99)
- 2590 - (4)(حدثنا العباس بن جعفر) بن عبد الله بن الزبرقان البغدادي أبو محمد بن أبي طالب أخو يحيى، أصله من واسط، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثمان وخمسين ومئتين (258 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا محمد بن سنان) الباهلي أبو بكر البصري العوقي - بفتحتين بعدهما قاف مكسورة - ثقة ثبت، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث وعشرين ومئتين (223 هـ). يروي عنه:(خ د ت ق).
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جَعَلَ الدِّيَةَ اثْنَى عَشَرَ أَلْفًا قَالَ: وَذَلِكَ
===
(حدثنا محمد بن مسلم) الطائفي واسم جده سوس، وقيل: سوسن - بزيادة نون في آخره - صدوق يخطئ من حفظه، من الثامنة، مات قبل التسعين ومئة. يروي عنه:(م عم).
(عن عمرو بن دينار) الجمحي المكي، ثقة، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عكرمة) البربري أبي عبد الله الهاشمي مولاهم المكي؛ مولى ابن عباس، ثقة عالم بالتفسير والعلم، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن ابن عباس) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، ولكن اختلف في رفعه وإرساله، ورواه الترمذي مرفوعًا ومرسلًا، ورواه ابن ماجه مرفوعًا هنا وفي أول الباب، والرفع مقدم على الإرسال؛ لما في الرفع من زيادة علم، وغرضه بسوق السند: بيان متابعة محمد بن سنان لمعاذ بن هانئ في رواية هذا الحديث عن محمد بن مسلم الطائفي، وإنما ذكر المتابعة هنا؛ لما بين الروايتين من المخالفة في اللفظ، فجعل هذه الرواية كالحديث المستقل، فرواها هنا، والله أعلم.
(أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الدية) الكاملة؛ وهي دية الرجل المسلم المحترم (اثني عشر ألفًا) من الدراهم في رجل قتل من بني عدي؛ كما مر في أول الباب (قال) ابن عباس: (وذلك) أي: ومصداق ذلك الجعل
قَوْلُهُ: {وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} قَالَ: بِأَخْذِهِمُ الدِّيَةَ.
===
وشاهده (قوله) تعالى في سورة التوبة: {وَمَا نَقَمُوا} أي: وما أنكر هؤلاء المنافقون، وما كرهوا من أمر الإسلام وبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم فيهم شيئًا يقتضي الكراهة والانتقام من الرسول؛ حيث قصدوا قتله {إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} (1)؛ أي: من عطائه.
(قال) ابن عباس: أغناهم بأخذ دية قتيلهم اثني عشر ألف درهم، وبالغنائم أيضًا، وكانوا أولًا عالة فقراء.
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن عكرمة أن مولى بني عدي بن كعب قتل رجلًا من الأنصار، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم بالدية اثني عشر ألفًا، وفيه نزلت:{وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ} ؛ أي: (بأخذهم الدية). انتهى من "الحدائق".
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد، والثالث للاستئناس، والرابع للمتابعة.
والله سبحانه وتعالى أعلم
(1) سورة التوبة: (74).