المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(42) - (902) - باب من قتل عمدا فرضوا بالدية - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحدود

- ‌(1) - (861) - بَابٌ: لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ

- ‌(2) - (862) - بَابُ الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ

- ‌(3) - (863) - بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ

- ‌(4) - (864) - بَابُ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

- ‌(5) - (865) - بَابُ السَّتْرِ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَدَفْعِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ

- ‌(6) - (866) - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ

- ‌(7) - (867) - بَابُ حَدِ الزِّنَا

- ‌(8) - (868) - بَابُ مَنْ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌(9) - (869) - بَابُ الرَّجْمِ

- ‌(10) - (870) - بَابُ رَجْمِ الْيَهُودِيِّ وَالْيَهُودِيَّةِ

- ‌(11) - (871) - بَابُ مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ

- ‌(12) - (872) - بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌(13) - (873) - بَابُ مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌(14) - (874) - بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْإِمَاءِ

- ‌فرع

- ‌(15) - (875) - بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌(16) - (876) - بَابُ حَدِّ السَّكْرَانِ

- ‌(17) - (877) - بَابُ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مِرَارًا

- ‌(18) - (878) - بَابُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

- ‌(19) - (879) - بَابُ مَنْ شَهَرَ السِّلَاحَ

- ‌(20) - (880) - بَابُ مَنْ حَارَبَ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا

- ‌(21) - (881) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ .. فَهُوَ شَهِيدٌ

- ‌(22) - (882) - بَابُ حَدِّ السَّارِقِ

- ‌فائدة

- ‌(23) - (883) - بَابُ تَعْلِيقِ الْيَدِ فِي الْعُنُقِ

- ‌(24) - (884) - بَابُ السَّارِقِ يَعْتَرِفُ

- ‌(25) - (885) - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ

- ‌(26) - (886) - بَابُ الْخَائِنِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْمُخْتَلِسِ

- ‌(27) - (887) - بَابٌ: لَا يُقْطَعُ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ

- ‌(28) - (888) - بَابُ مَنْ سَرَقَ مِنَ الْحِرْزِ

- ‌(29) - (889) - بَابُ تَلْقِينِ السَّارِقِ

- ‌(30) - (890) - بَابُ المُسْتَكْرَهِ

- ‌(31) - (891) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌(32) - (892) - بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌تتمة

- ‌(33) - (893) - بَابٌ: الْحَدُّ كفَّارَةٌ

- ‌(34) - (894) - بَابُ الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا

- ‌(35) - (895) - بَابُ مَنْ تَزَوَّجَ أمْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ

- ‌(36) - (896) - بَابُ مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ

- ‌تتمة

- ‌(37) - (897) - بَابُ مَنْ نَفَى رَجُلًا مِنْ قَبِيلَتِهِ

- ‌(38) - (898) - بَابُ الْمُخَنَّثِينَ

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌(39) - (899) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا

- ‌(40) - (900) - بَابُ هَلْ لِقَاتِلِ مُؤْمِنٍ تَوْبَةٌ

- ‌تتمة

- ‌(41) - (901) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ .. فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ

- ‌(42) - (902) - بَابُ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَرَضُوا بِالدِّيَةِ

- ‌(43) - (903) - بَابٌ: دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ

- ‌تتمة

- ‌(44) - (904) - بَابُ دِيَةِ الْخَطَأَ

- ‌(45) - (905) - بَابُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ .. فَفِي بَيْتِ الْمَالِ

- ‌(46) - (906) - بَابُ مَنْ حَالَ بَيْنَ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَبَيْنَ الْقَوَدِ أَوِ الدِّيَةِ

- ‌(47) - (907) - بَابُ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ

- ‌(48) - (908) - بَابُ الْجَارِحِ يُفْتَدَى بِالْقَوَدِ

- ‌تتمة في ترجمة أبي الجهم

- ‌(49) - (909) - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌(50) - (910) - بَابُ الْمِيرَاثِ مِنَ الدِّيَةِ

- ‌(51) - (911) - بَابُ دِيَةِ الْكَافِرِ

- ‌(52) - (912) - بَابٌ: الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ

- ‌(53) - (913) - بَابٌ: عَقْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى عَصَبَتِهَا وَمِيرَاثُهَا لِوَلَدِهَا

- ‌(54) - (914) - بَابُ الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ

- ‌تتمة في دفع التعارض الواقع بين الروايات المختلفة الواقعة في هذه القصة

- ‌(55) - (915) - بَابُ دِيَةِ الْأَسْنَانِ

- ‌(56) - (916) - بَابُ دِيَةِ الْأَصَابِعِ

- ‌(57) - (917) - بَابُ الْمُوضِحَةِ

- ‌(58) - (918) - بَابُ مَنْ عَضَّ رَجُلًا فَنَزَعَ يَدَهُ فَنَدَرَ ثَنَايَاهُ

- ‌(59) - (919) - بَابٌ: لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ

- ‌(60) - (920) - بَابٌ: لا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ

- ‌(61) - (921) - بَابُ هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ

- ‌(62) - (922) - بَابٌ: يُقْتَادُ مِنَ الْقَاتِلِ كمَا قَتَلَ

- ‌(63) - (923) بَابٌ: لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ

- ‌(64) - (924) - بَابٌ: لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ

- ‌(65) - (925) - بَابُ الْجُبَارِ

- ‌(66) - (926) - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌(67) - (927) - بَابٌ: مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ .. فَهُوَ حُرٌّ

- ‌(68) - (928) - بَابٌ: أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ

- ‌(69) - (929) - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ

- ‌(70) - (930) - بَابُ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌(71) - (931) - بَابُ مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ

- ‌(72) - (932) - بَابُ الْعَفْوِ عَنِ الْقَاتِلِ

- ‌(73) - (933) - بَابُ الْعَفْوِ فِي الْقِصَاصِ

- ‌(74) - (934) - بَابُ الحَامِلِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَوَدُ

- ‌كتاب الوصايا

- ‌(75) - (935) - بَابٌ: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(76) - (936) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْوَصِيَّةِ

- ‌(77) - (937) - بَابُ الْحَيْفِ فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌(78) - (938) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِمْسَاكِ فِي الْحَيَاةِ وَالتَّبْذِيرِ عِنْدَ الْمَوْتِ

- ‌(79) - (939) - بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ

- ‌(80) - (940) - بَابُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ

- ‌(81) - (941) - بَابٌ: الدَّيْنُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ

- ‌(82) - (942) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ هَلْ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ

- ‌(83) - (943) - بَابُ قَولِهِ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}

الفصل: ‌(42) - (902) - باب من قتل عمدا فرضوا بالدية

(42) - (902) - بَابُ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَرَضُوا بِالدِّيَةِ

(92)

- 2583 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدِ الْأَحْمَرُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ، عَنْ زَيْدِ بْنِ ضُمَيْرَةَ، حَدَّثَنِي أَبِي وَعَمِّي

===

(42)

- (902) - (باب من قتل عمدًا فرَضُوا بالديةِ)

(92)

- 2583 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو خالد الأحمر) سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق، من الثامنة، مات سنة تسعين أو قبلها. يروي عنه:(ع).

(عن محمد بن إسحاق) بن يسار المطلبي مولاهم المدني، ثقة، من صغار الخامسة، مات سنة خمسين ومئة، ويقال بعدها. يروي عنه:(م عم).

(حدثني محمد بن جعفر) بن الزبير بن العوام الأسدي المدني، ثقة، من السادسة. يروي عنه:(ع)، مات سنة بضعة عشرة ومئة (113 هـ).

(عن زيد بن ضميرة) ويقال: زيد بن سعد بن ضميرة، ويقال: زياد بن ضميرة بن سعد، مقبول، من الرابعة. يروي عنه:(د ق).

(حدثني أبي) ضميرة بن سعد (وعمي) لم أر من ذكر اسم عمه، وفي رواية أبي داوود:(حدثني محمد بن جعفر أنه سمع زياد بن سعد بن ضميرة) بالتصغير (السُّلميَّ يُحدِّث) أي: زياد بن سعد (عروة بن الزبير) أي: سمع محمد بن جعفر زيادَ بن سعد حالة كون زياد يُحدِّث لعروة بن الزبير (أنه) أي: أن زيادًا سمع (أباه) سعدًا (وجدَّه) ضميرة.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه زيدَ بن سعد بن ضميرة؛ وهو مقبول.

ص: 296

- وَكَانَا شَهِدَا حُنَيْنًا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَا: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظُّهْرَ ثُمَّ جَلَسَ تَحْتَ شَجَرَةٍ، فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَهُوَ سَيِّدُ خِنْدِفَ يَرُدُّ عَنْ دَمِ مُحَلِّمِ بْنِ جَثَّامَةَ،

===

(وكانا) أي: وكان أبي سعدٌ وجدي ضميرةُ، رضي الله تعالى عنهما (شهدا حُنينًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(قالا: ) أي: قال كل من أبي وجدي (صلَّى النبي صلى الله عليه وسلم الظهرَ ثم) بعدما صلى الظهر (جَلَس) النبيُّ صلى الله عليه وسلم (تحت شجرة) هناك (فقام إليه) صلى الله عليه وسلم (الأقرعُ بن حابس) التميميُّ، وليس له رواية في الحديث (وهو) أي: الأقرع (سيدُ خِنْدِفَ) أي: رئيسُهم، حالة كون الأقرع (يَرُدُّ) ويُدافع (عن دم محلم بن جَثَّامة) أي: يرد الأقرعُ عن محلم بن جثامة الدمَ الذي ادُّعِيَ عليه أنه قتَلَه، وإنما دافع الأقرعُ عنه؛ لأن محلمًا من قبيلة الخِنْدف التي كان منها الأقرع، وكان مُحلِّم قتل عامرَ بن الأَضْبَط الأشجعيَّ الذي قتلَتْهُ سريةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضَبْطُ مُحلِّم: هو بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد اللام وكسرها وبعدها ميم.

وجَثَّامة: بفتح الجيم وتشديد الثاء المثلثة وفتحها وبعد الألف ميم مفتوحة وتاء تأنيث، قاله المنذري.

وأمَّا خِنْدِف .. فهي بكسر الخاء المعجمة وسكون النون وبعدها الدالُ المهملة المكسورة، وهي زَوْجُ إلياس بن مضر، واسمُها: ليلى، انتُسب إليها ولدُ إلياس بن مضر، وهي أُمُّهم، وكان سببُ تلقُّبِها بذلك أَنَّ إلياس بن مضر خرج مُنْتَجِعًا - قال في "المصباح": انتجع القوم؛ إذا ذهبوا لطلب الكلأ - فنَفرَتْ إبله مِن أَرْنَبٍ، فطَلبَها ابنُه عَمرُو بن إلياس فأَدْركَها، فسُمِّي مُدرِكة، وخرج عامر بن

ص: 297

وَقَامَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ يَطْلُبُ بِدَمِ عَامِرِ بْنِ الْأَضْبَطِ وَكَانَ أَشْجَعِيًّا،

===

إلياس في طَلبها فأخذَهَا فطبَخَها، فسُمِّي طابخة، وَانْقَمَع عميرُ بن إلياس في الخِباء فلم يخرج، فسُمِّي قَمِعةَ، فخرجَتْ أُمه ليلى تَنْظُر مَشْيَ الخِنْدِفةِ؛ وهو ضَرْبٌ من المَشيِ فيه تَبَخْتُرٌ، فقال لها إلياسُ: أين تُخَنْدِفِين وقد رُدَّت الإبلُ؟ ! فسُمِّيت خندفًا، قاله المنذري. انتهى من "العون".

(وقام عيينة بن حصن) بن حذيفة (يطلب بِـ) ثَأرِ (دمِ عامر بن الأَضْبَط، وكان) عامرٌ المقتولُ (أشجعيًا) أي: منسوبًا إلى أشجع بن ريثِ بن غَطَفان بن سعد بن قيس عَيْلَان، وهو الذي قَتلَتْهُ سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم مُتعوِّذًا بالشهادة، وكان عامرٌ المقتول أشجعيًا؛ كما كان عُيينة بن حِصْن أشجعيًّا؛ لأن عيينة هو ابن حصن بن حذيفة بن بدر بن عمرو بن جُويرية بن لُوذان بن ثعلبة بن عدي بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان الفزاري، والمقتول: عامر بن الأخضر بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان، وكان عيينة بن حصن وعامر بن الأخضر المقتول من قبيلة واحدة، ولذلك طلب ثأر دمه، قاله المنذري.

وفي رواية لابن إسحاق في "المغازي": يقول زياد بن سعد بن ضميرة: حدثني أبي وجدي، وكانا شهدا حنينًا مع النبي صلى الله عليه وسلم قالا: صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الظهر يوم حنين، ثم جلس إلى ظل شجرة، فقام إليه الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن، وعيينة يومئذ يطلب بدم عامر بن الأضبط المقتول، قتله محلم بن جثامة، وهو في سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما تعوذ عامر بالشهادة، وكان عيينة وعامر المقتول من قبيلة واحدة؛ والأقرع بن حابس يدافع عن محلم بن جثامة، وهما أيضًا من قبيلة واحدة؛

لأنهما من خندف. انتهى منه بزيادة.

ص: 298

فَقَالَ لَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَقْبَلُونَ الدِّيَةَ؟ "، فَأَبَوْا، فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي لَيْثٍ يُقَالُ لَهُ: مُكَيْتِلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ وَاللهِ؛ مَا شبَّهْتُ هَذَا الْقَتِيلَ فِي غُرَّةِ الْإِسْلَامِ إِلَّا كَغَنَمٍ وَرَدَتْ فَرُمِيَتْ

===

(فقال لهم) أي: لقوم عيينة بن حصن وهم أولياء الدم (النبي صلى الله عليه وسلم تقبلون الدية؟ ) بتقدير همزة الاستفهام؛ أي: هل تقبلون يا قوم عيينة الدية، أو خبر بمعنى الأمر؛ أي: اقبلوا دية قتيلكم عامر بن الأخضر الأشجعي، قال زيد بن ضميرة: قال أبي وجدي: (فأبوا) أي: أبي قوم عيينة الذين هم أولياء الدم، وامتنعوا من قبول الدية، وطلبوا القصاص؛ أي: قتل محلم بن جثامة.

ولفظ رواية أبي داوود: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عيينة؛ ألا تقبل الغير) - بكسر الغين وفتح الياء - هو الدية، والاستفهام فيه للتقرير (فقال عيينة: لا والله) لا نقبل (حتى أُدْخِلَ على نسائه) أي: القاتلِ (مِن الحرب) - بفتح الحاء وسكون الراء - أي: مِن المُقَاتِلَةِ (والحَزَنِ) - بفتحتين -: الأسف والفَجَع (ما أَدْخَل) القاتلُ (على نسائي، قال) أَي: أبي سعد أو جدي ضميرة: (ثُمَّ ارتفعَت الأصواتُ، وكَثُرَت الخصومة واللغطُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثانيًا: (يا عيينة؛ ألا تَقْبلُ الغِيرَ؟ فقال عيينة: مثل ذلك أيضًا.

(فقام رجل من بني ليث يقال له: مكيتل) بمثناة مصغرًا (فقال) ذلك الرجل، وهو من قوم القتيل عامر بن الأخضر:(يا رسول الله؛ والله) أي: أقسمتُ لك بالإله الذي لا إله غيره (ما شَبَّهْتُ) ولا مَثَّلْتُ (هذا القتيلَ) الذي قُتِل (في غُرَّةِ الإسلام) وبِدايَتِه.

قال في "النهاية": غُرة الإسلام: بدايتُه وأوَّله، وغرة كل شيء: أوله؛ أي: ما مثَّلْتهُ هو وقومَه، بل وجميعَ الناس (إلا كغنم وردَت) الماءَ للشربِ (فَرُمِيَت)

ص: 299

فَنَفَرَ آخِرُهَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَكُمْ خَمْسُونَ فِي سَفَرِنَا، وَخَمْسُونَ إِذَا رَجَعْنَا"، فَقَبِلُوا الدِّيَةَ.

===

تلك الغنم بسهم فقُتِلَتْ واحدةٌ مِن أوائلها (فنفَرَ) أي: شرد (آخرُها) أي: من الماء ولم تشرب؛ أي: رجعت بقيةُ الغنم؛ لخوفِ القَتْل، فكذلك ينبغي لك أن تَقْتلَ هذا الأولَ، حتى يكون قَتْلهُ عِظةً واعتبارًا للآخرين، قاله السندي.

(فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم لقوم عيينة: يُعطَى (لكم خمسون) من الإبل (في سفرنا و) يُعطى (خمسون) منها (إذا رجعنا) إلى المدينة (فقَبِلُوا الديةَ).

قوله: (وقال رجل من بني ليث يقال له مكيتل: يا رسول الله؛ والله ما شبهتُ هذا القتيل في غرة الإسلام) قال السيوطي في "مرقاة الصعود": معنى هذا المثل: إن مَثَل محلم في قتله الرجل وطلبه ألا يُقْتصَّ منه، وتُؤخذ منه الدية، والوقتُ أولَ الإسلام وصَدْرَه؛ كمثل هذه الغنم النافرة؛ يعني: إن جرى الأمر مع أولياء هذا القتيل على ما يريد محلِّم .. ثَبَّطَ الناسَ عن الدخول في الإسلام مَعْرفتُهُم أنَّ القود يغير بالديةِ والعوضِ خصوصًا، وهم حِرَاصٌ على دَرْكِ الأوثار، وفيهم الأنَفةُ مِن قبولِ الديات.

قوله: "لكم خمسون في سفرنا

" إلى آخره؛ أي: (خمسون) إبلًا لولي المقتول (في فورنا هذا) أي: في الوقت الحاضر لا تأخير فيه (وخمسون) إبلًا له (إذا رجعنا) من سفرنا إلى المدينة (فقبلوا) أي: قبل أولياء القتيل (الدية) ورضوا بها، وهذا موضع الترجمة.

* * *

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم، أخرجه مطولًا، وأما ابن ماجه .. فرواه مختصرًا جدًّا، فراجع "أبا داوود".

ص: 300

(93)

- 2584 - (2) حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ الدِّمَشْقِيُّ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَاشِدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ،

===

فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا؛ كما مر، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث سعد وضميرة بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهم، فقال:

(93)

- 2584 - (2)(حدثنا محمود بن خالد الدمشقي) أبو علي السلمي، ثقة، من صغار العاشرة، مات سنة سبع وأربعين ومئتين (247 هـ)، وله ثلاث وسبعون سنة. يروي عنه:(د س ق).

(حدثنا أبي) خالد بن يزيد السلمي أبو هاشم الأزرق، مقبول، من الثامنة. يروي عنه:(د ق).

(حدثنا محمد بن راشد) المكحولي الخزاعي الدمشقي أبو يحيى، سكن البصرة، صدوق يهم رمي بالقدر، من السابعة، مات بعد الستين ومئة. يروي عنه:(عم).

(عن سليمان بن موسى) الأموي مولاهم الدمشقي الأشدق، صدوق فقيه في حديثِهِ بعضُ لين، وخولط قبل موته بقليل، من الخامسة. يروي عنه:(م عم).

(عن عمرو بن شعيب) بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، من الخامسة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن أبيه) شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص، صدوق، ثبت سماعه من جده، من الثالثة. يروي عنه:(عم).

ص: 301

عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَلَ عَمْدًا .. دُفِعَ إِلَى أَوْلِيَاءِ الْقَتِيلِ؛ فَإِنْ شَاؤُوا .. قَتَلُوا، وَإِنْ شَاؤُوا .. أَخَذُوا الدِّيَةَ؛ وَذَلِكَ ثَلَاثُونَ حِقَّةً وَثَلَاثُونَ جَذَعَةً وَأَرْبَعُونَ خَلِفَةً؛

===

(عن جده) أي: عن جد شعيب عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي المدني أبي محمد أحد السابقين المكثرين من الصحابة، رضي الله تعالى عنهما، مات ليالي الحرة على الأصح. يروي عنه:(ع).

وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن عمرو بن شعيب فيما روى عن أبيه عن جده مختلف فيه، لأنه إنما رواه عن كثاب، ولأن فيه خالد بن يزيد السلمي، وهو مقبول.

(قال) عبد الله بن عمرو: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قتل) مؤمنًا (عمدًا .. دفع) ذلك القاتل (إلى أولياء القتيل) وورثته (فإن شاؤوا) أي: شاء أولياء القتيل قَتْلَه قصاصًا .. (قَتلُو). قصاصًا لا مانعَ لهم من ذلك؛ لأنهم استحقُّوا قَتْلَه (وإن شاؤوا) أَخْذَ الديةِ بدلَ دمِ قَتيلهم .. (أخذوا الدية، وذلك) الواجب في دية العمد الذي استحقوا أخذه بدلَ دم قتيلهم (ثلاثون حقة) سميت حقة؛ لاستحقاقها الركوب وطروق الفحل عليها والحمل عليها (وثلاثون جذعة) سميت جذعة، لأنها أجذعت؛ أي: أسقطت مقدم الأسنان (وأربعون خلفة) أي: حاملة.

وفي "التحفة": قوله: "حقة" - بكسر الحاء - وهي التي دخلت في السنة الرابعة؛ لأنها استحقت الركوب والحمل عليها.

قوله: "جذعة" - بفتحتين - وهي التي دخلت في السنة الخامسة.

وقوله: "خلفة" - بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام وبعدها فاء - وهي الحامل، وتجمع على خلفات وخلائف. انتهى منه.

ص: 302

وَذَلِكَ عَقْلُ الْعَمْدِ، وَمَا صُولِحُوا عَلَيْهِ .. فَهُوَ لَهُمْ؛ وَذَلِكَ تَشْدِيدُ الْعَقْلِ".

===

(وذلك عقل العمد، وما صولحوا عليه) أي: وما تصالح واتفق القاتل وأولياء الدم عليه من القصاص أو الدية .. (فهو) أي: فما اتفقوا عليه من القصاص أو الدية هو الواجب (لهم) أي: لأولياء الدم (وذلك) أي: كون الدية من الأصناف الثلاثة المذكورة؛ من الحقة والجذعة والخلفة (تشديد العقل) أي: تشديد الدية وتغليظها؛ لكون القتل عمدًا.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الديات، باب ولي يرضى بالدية، والترمذي في كتاب الديات، باب ما جاء في الدية كم هي من الإبل، وأخرجه في "السنن الكبرى" في كتاب الديات، باب أسنان دية العمد إذا زَالَ فيه القصاصُ، وأنها حالة في مال القاتل.

فدرجة هذا الحديث: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 303