الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(20)
- كتَابُ الدِّيَاتِ
(39) - (899) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا
(82)
- 2573 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ
===
(20)
- (كتاب الديات)
وهي جمع دية؛ مأخوذة من الوَدْيِ، يقال: وَدَيْتُ القَتِيلَ أَدِيه ديةً؛ إذا دفَعْتَ ديتَه، وهاؤُها عوضٌ عن فاء الكلمة؛ لأنَّ أَصلَها وَدْيٌ؛ كعدةٍ؛ فإن أَصلَها وعدٌ، حُذفت الواو وعُوِّض عنها الهاء، قال في "الخلاصة":
فَا أمرٍ او مضارع مِن كَوَعَد
…
احذفْ وفي كَعِدَةٍ ذاكَ اطَّرد
وشرعًا: هي المال الواجب بالجنايةِ على حر في نفسٍ أو طرفٍ.
وقولنا: (الواجبُ بالجناية) أي: بسببِ الجناية، وقولنا:(على حر) خرج به الرقيق؛ فالواجبُ فيه القيمةُ بالغةً ما بلغَتْ تشبيهًا له بالدَّوابِّ بجامعِ المِلْكِيةِ، فلا يسمى المال الواجب بالجناية عليه ديةً، بل قيمة.
وقولنا: (أو طرف) أي: أو معنىً؛ كالعقل والسمع والبصر مثلًا.
وهي على ضربين: مغلظة في العمد وشبه العمد، ومخففة في الخطأ؛ كما هو مبسوط في كتب الفروع، والأصل فيها الكتاب والسنة والإجماع، وهي من خصوصيات هذه الأمة المرحومة المحمدية.
* * *
(39)
- (899) - (باب التغليظ في قتل مسلم ظلمًا)
(82)
- 2573 - (1)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني
وَعَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالُوا: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ شَقِيقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
===
الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).
(وعليُّ بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(ومحمد بن بشار) بن عثمان العبدي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
(قالوا) أي: قال كل من الثلاثة: (حدثنا وكيع) بن الجراح بن مليح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا الأعمش) سليمان بن مهران الكاهلي الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن شقيق) بن سلمة الأسدي أبي وائل الكوفي، ثقة مخضرم، من الثانية، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز، وله مئة سنة. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أوَّلُ ما يُقضى) أول مبتدأ، وما مصدرية، والجملة العلية صلتها، والمصدر المؤول منها في محل الجر مضاف إليه للمبتدأ، والظرفان في قوله:(بين الناس يوم القيامة) متعلقان
فِي الدِّمَاءِ".
===
بـ (يقضى) وخبر المبتدأ: قوله: (في الدماء) والتقدير: أول القضاء بين الناس يوم القيامة كائن في شأن الدماء.
قال النووي: وذلك لعظم أمرها وكثير خطرها، وليس هذا الحديث معارضًا للحديث المشهور في "السنن":"أول ما يحاسب العبد به صلاته" لأن هذا الحديث في حقوق الله تعالى، وحديث الباب في حقوق العباد. انتهى.
قال القرطبي: وهذا يدل على أنه ليس في حقوق الآدميين أعظم من الدماء، ولا تعارض بين هذا وبين قوله صلى الله عليه وسلم:"أول ما يحاسب به العبد من عمله الصلاة" رواه النسائي (7/ 83) لأن كل واحد منهما أول في بابه؛ فأول ما ينظر فيه من حقوق الله الصلاة؛ لأنها أعظم قواعد الإسلام العملية، وأول ما ينظر فيه من حقوق الآدميين الدماء؛ لأنها أعظم الجرائم. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الرقاق، باب القصاص يوم القيامة، وفي كتاب الديات، باب قول الله تعالى: ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه جهنم، ومسلم في كتاب القسامة، باب المجازاة بالدماء في الآخرة، وأنها أول ما يقضى فيه بين الناس يوم القيامة، والترمذي في كتاب الديات، باب الحكم في الدماء، والنسائي في كتاب تحريم الدم، باب تعظيم الدم، وأحمد في "مسنده".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
(83)
- 2574 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُقْتَلُ نَفْسٌ ظُلْمًا
===
ثم استشهد المؤلف لحديث عبد الله الأول بحديث آخر له رضي الله تعالى عنه، فقال:
(83)
- 2574 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا عيسى بن يونس) بن أبي إسحاق الهمداني السبيعي أخو إسرائيل الكوفي، نزل الشام مرابطًا، ثقة مأمون، من الثامنة، مات سنة سبع وثمانين ومئة (187 هـ)، وقيل: سنة إحدى وتسعين ومئة. يروي عنه: (ع).
(حدثنا الأعمش، عن عبد الله بن مرة) الهمداني الخارفي - بمعجمة وراء وفاء - الكوفي، ثقة، من الثالثة، مات سنة مئة (100 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).
(عن مسروق) بن الأجدع بن مالك الهمداني الوادعي أبي عائشة الكوفي، ثقة فقيه عابد مخضرم، من الثانية، مات سنة اثنتين، ويقال: سنة ثلاث وستين (63 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتل نفس) محرم قتلها بإيمان أو أمان (ظلمًا) أي: بغير استحقاق قتل، خرج به المقتولة
إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْ دَمِهَا؛ لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ".
===
قصاصًا أو حدًّا .. (إلا كان على ابن آدم الأول) يعني: قابيل؛ وهو الذي قتل أخاه هابيل؛ كما هو المشهور عندهم، وعكس القاضي جمال الدين بن واصل في "تاريخه"، فجعل قابيل مقتولًا وهابيل قاتلًا؛ كما ذكره الحافظ في "الفتح"، واستشهد بأن قابيل مشتق من قبول قربانه، ولكن الأكثر على أن قابيل هو القاتل، ومجرد اشتقاق قابيل من القبول لا يصلح دليلًا على أنه هو المقتول.
وقوله: "الأول" هذا يؤيد ما هو المشهور؛ من أن هابيل وقابيل كانا ولدي آدم لصلبه، وبه صرح مجاهد فيما روى ابن أبي نجيح عنه، وذكر الطبري عن الحسن أنهما لم يكونا ولدي آدم من صلبه، وإنما كانا من بني إسرائيل، ولكن ظاهر حديث الباب يرده. انتهى من "الفتح"(12/ 193).
أي: إلا كان على ذلك الأول (كفل) - بكسر الكاف وسكون الفاء - أي: نصيب وحظ وجزء (من) وزر إراقة (دمها) أي: من دم تلك النفس المقتولة ظلمًا (لأنه) أي: لأن ذلك الأول (أول من سن) وأسس وشرع (القتل) ظلمًا.
فيه أن أول من سن الشيء وأسسه .. كتب له أو عليه، وهو أصل في أن المعونة على ما لا يحل حرام، وقد صرح به في حديث جرير عند مسلم وغيره:"من سن في الإسلام سنة حسنة .. كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن في الإسلام سنة سيئة .. كان عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة"، وهو محمول على من لم يتب من ذلك الذنب، كذا في "فتح الباري".
قوله: "لأنه أول من سن القتل" أي: جعله سيرة للناس، فهو متبوع في هذا
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الفعل، وللمتبوع نصيب من فعل تابعه وإن لم يقصد التابع اتباعه في الفعل.
قال القرطبي: قوله: "لا تقتل نفس ظلمًا
…
" إلى آخره، يدخل فيه بحكم عمومه نفس الذمي والمعاهد إذا قتلا ظلمًا؛ لأن (نفسًا) نكرة في سياق النفي فهي للعموم.
و(الكفل) الجزء والنصيب؛ كما قال تعالى: {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} (1)؛ أي: نصيب، وقال الخليل: الكفل من الأجر والإثم: الضعف.
وقوله: "لأنه أول من سن القتل" وهذا نص على تعليل ذلك الأمر؛ لأنه لما كان أول من قتل .. كان قتله ذلك تنبيهًا لمن أتى بعده وتعليمًا له، فمن قتل .. فكأنه اقتدى به في ذلك، فكان عليه من وزره، وهذا جار في الخير والشر؛ كما قد نص عليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم بقوله: "من سن في الإسلام سنة حسنة
…
" الحديث، وبهذا الاعتبار يكون على إبليس كفل من معصية من عصى بالسجود؛ لأنه أول من عصى به، وهذا - والله أعلم - إذا لم يتب ذلك الفاعل الأول من تلك المعصية؛ لأن آدم عليه السلام أول من خالف في أكل ما نهي عنه، ولا يكون عليه شيء من أوزار من عصى بأكل ما نهي عنه ولا بشربه ممن بعده بالإجماع؛ لأن آدم عليه السلام تاب من ذلك، وتاب الله عليه، فصار كمَن لم يَجْنِ؛ فإن التائب من الذنب كمن لا ذَنْبَ له، والله أعلم.
وابن آدم المذكور هنا هو قابيل، قتل أخاه هابيل لما تنازعا في تزوج إقليما، فأمرهما آدم أن يقربا قربانًا؛ فمن تقبل منه قربانه .. كانت له، فتقبل قربان
(1) سورة النساء: (85).
(84)
- 2575 - (3) حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْأَزْهَرِ الْوَاسِطِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ يُوسُفَ الْأَزْرَقُ، عَنْ شَرِيكٍ،
===
هابيل، فحسده قابيل بغيًا وعدوانًا، هكذا حكاه أهل التفسير. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء، باب خلق آدم وذريته، وفي كتاب الديات، باب قوله تعالى: ومن أحياها، ومسلم في كتاب القسامة، باب بيان إثم من سن القتل، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء الدالُّ على الخير كفاعله، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب تحريم الدم، باب (1)، رقم (3996).
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به للحديث قبله.
ثم ذكر المؤلف المتابعة للحديث المذكور في أول الباب من حيث السند فقط لا من حيث المتن؛ لأنه عين الأول، ولو قدمه على الحديث الثاني .. لكان أوضح، فقال:
(84)
- 2575 - (3)(حدثنا سعيد بن يحيى بن الأزهر) بن نجيح (الواسطي) أبو عثمان، وقد ينسب إلى جده، ثقة، من العاشرة، مات سنة ثلاث أو أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م ق).
(حدثنا إسحاق بن يوسف) بن مرداس المخزومي الواسطي المعروف بـ (الأزرق) ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن شريك) بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، صدوق يخطئ كثيرًا
عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي وَائِلِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَوَّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ".
===
تغير حفظه عندما ولي القضاء بالكوفة، كان عادلًا فاضلًا عابدًا شديدًا على أهل البدع، من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن عاصم) بن بهدلة، وهو ابن أبي النجود الأسدي مولاهم الكوفي أبي بكر المقرئ، صدوق له أوهام، من السادسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي وائل) شقيق بن سلمة الأسدي، ثقة، من الثانية مخضرم، مات في خلافة عمر بن عبد العزيز. يروي عنه:(ع).
(عن عبد الله) بن مسعود رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول ما يقضى) ويُحْكَمُ (بين الناس يوم القيامة في) شأن (الدماء).
وهذا الحديث نَفْسُ الحديث المذكور في أوَّلِ الباب، ولو قدمه على الحديث قبله؛ أعني: الحديث الثانيَ في الباب .. لكان أوضح، وغرضه بسوقه: بيان متابعة عاصم بن بهدلة لسليمان الأعمش في رواية هذا الحديث عن أبي وائل شقيق بن سلمة؛ لأنه شارك المؤلف في روايته أيضًا: البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأحمد؛ كما في الحديث الأول، والله سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عبد الله المذكور أول الباب بحديث
(85)
- 2576 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَّنِ بْنِ عَائِذٍ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لَقِيَ اللهَ لَا يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا لَمْ يَتَنَدَّ بِدَمٍ
===
عقبة بن عامر الجهني رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(85)
- 2576 - (4)(حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة أربع وثلاثين ومئتين (234 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا وكيع) بن الجراح الرؤاسي الكوفي، ثقة، من التاسعة، مات آخر سنة ست أو أول سنة سبع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا إسماعيل بن أبي خالد) فيروز الأحمسي مولاهم البجلي، ثقة ثبتٌ، من الرابعة، مات سنة ست وأربعين ومئة (146 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبد الرحمن بن عائذ) - بهمزة بعدها ذال معجمة - الثُّمَالِيّ - بضم المثلثة - ويقال: الكندي الحمصي، ثقة ثبت، من الثالثة، ووهم من ذكره في الصحابة، وقال أبو زرعة: لم يدرك معاذًا. يروي عنه: (عم).
(عن عقبة بن عامر الجهني) الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه؛ اخْتُلِفَ في كنيته على سبعة أقوال: أشهرها: أبو حماد وَلي إمرة مَصر لمعاوية ثلاثَ سنين، وكان فقيهًا فاضلًا، مات في قرب الستين. يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) عقبة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن لقي الله) عز وجل يوم القيامة، أو هو كناية عن الموت حالة كونه (لا يشرك به) تعالى (شيئًا) من المخلوق في عبادته وحالة كونه (لم يَتَنَدَّ) أي: لم يُرق في حياته الدنيا (بدمِ)
حَرَامٍ .. دَخَلَ الْجَنَّةَ".
(86)
- 2577 - (5) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ،
===
نفسٍ (حرامٍ) قَتْلُها بإيمانها أو أمانَها .. (دخل الجنة) أوَّلًا مع السابقين.
قال السندي: قوله: "لم يَتنَدَّ" - بفتحات آخره دال مشددة - قال السيوطي: أي: لم يصب منه شيئًا ولم يَنلْهُ منه شيءٌ؛ كأنَّه نَالَ نداوةً وَبَلَّة.
والجملة حال ثانية من فاعل (لقي) وفي بعض النسخ: (لم يَتَدَمَّرْ) وهو نسخة الدميري، فقال:(دمر) - بالدال المهملة -: هلك (وذمر) - بالذال المعجمة -: حَضَّ على القتل وحَثَّ عليه. انتهى.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" عن وكيع، ورواه الحاكم في "المستدرك" في كتاب الحدود، عن أبي عَمرو عثمانَ بن أحمد السَّمَاك عن الحسن بن أبي معشر عن وكيع بن الجراح بسنده، وأخرجه أحمد أيضًا.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به للحديث الأول في الباب.
ثم استشهد المؤلف ثالثًا للحديث الأول بحديث البراء بن عازب رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(86)
- 2577 - (5)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم أبو العباس الدمشقي، ثقة، لكنه
حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ جَنَاحٍ، عَنْ أَبِي الْجَهْمِ الْجُوزَجَانِيِّ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَزَوَالُ الدُّنْيَا .. أَهْوَنُ عَلَى اللهِ مِنْ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِغَيْرِ حَقٍّ".
===
كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا مروان بن جَنَاح) الأموي مولاهم الدمشقي، أصله كوفي، لا بأس به، من السادسة. يروي عنه:(د ق).
(عن أبي الجَهْمِ الجُوزجاني) سليمان بن الجهم بن أبي الجهم الأنصاري الحارثي أبي الجهم الجوزجاني مولى البراء، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(د س ق).
(عن البراء بن عازب) بن الحارث بن عدي الأنصاري الأوسي الصحابي المشهور، الصحابي ابن الصحابي، رضي الله تعالى عنهما، نزل الكوفة استصغر يوم بدر، وكان هو وابن عمر لدة، مات سنة اثنتين وسبعين (72 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لزوال الدنيا) وفناؤها وانعدامها (أهون على الله) أي: أيسرُ عند الله تعالى (مِن قتل مؤمن بغير حق) أي: ظلمًا بغير استحقاق، قال السندي: قوله: "لزوال الدنيا" الكلامُ مسوق لتعظيم القتل وتهويلِ أمره، وكيفِيَّةُ إفادةِ اللفظ ذلك: هو أنَّ الدنيا عظيمةٌ في نُفوس الخلْق، فزوالها يكون عندهم على قدرِ عظمتها.
فإذا قيل: إِنَّ زوالها أهونُ مِنْ قتلِ المؤمن .. يُفيد الكلامُ مِن تعظيمِ القتلِ وتهويلِه وتقبيحِه وتشنيعِه ما لا يحيطه الوَصْفُ ولا يتوقَّف ذلك على
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
كونِ الزوالِ إثمًا أو ذنبًا حتى يقال: إنه ليس بذنبٍ؛ فكُلُّ ذَنْب بجهةِ كونِهِ ذنبًا أَعْظَمُ منه، فأيُّ تعظيم حَصلَ للقتل بجعلِ زوالِ الدنيا أهونَ منه، وإن أريد بالزوالِ: الإِزالةُ .. فإزالةُ الدنيا يَسْتَلْزِمُ قَتْلَ المؤمنين، فكيفَ يُقال: إِنَّ قَتْلَ واحدٍ أعظمُ مما يَسْتَلْزِمُ قَتْلَ الكل، وكذا لا يتوقَّفُ على كونِ الدنيا عظيمة في ذاتِها عند الله حتى يقال: هي لا تُساوي جناحَ بعوضة عند الله؛ فكُلُّ شيءٍ أعظم منها، فلا فائدة في القول بأن قتل المؤمن أعظم منها مثلًا.
وقيل: المراد بالمؤمن: الكاملُ الذي يكون عارفًا بالله تعالى وصفاته؛ فإنه المقصود من خلق العالم؛ لكونه مظهرًا لآياته وأسراره، وما سواه في هذا العالم الحسي من السماوات والأرض مقصود لأجله، ومخلوق؛ ليكون مسكنًا له ومحلًا لتفكيره، فصار زواله أعظم من زوال التابع. انتهى منه.
قوله: (لزوال الدنيا) اللام لام الابتداء (أهون) أي: أحقر وأسهل (على الله) أي: عند الله (من قتل رجل مسلم) قال الطيبي رحمه الله تعالى: الدنيا عبارة عن الدار القربى التي هي معبر الدار الأخرى، وهي مزرعة لها؛ كما قيل:(وما خُلِقت السماواتُ والأرضُ إلا لتكون أنظارَ المتبصرين ومتعبداتِ المطيعين، وإليه الإشارة بقوله تعالى: {وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا} (1)؛ أي: بغير حكمة، بل خلقْتَها لأَنْ تجعلَها مساكنَ المكلَّفِين، وأدلةً لهم على معرفتك؛ فمن حاول قَتْلَ مَنْ خُلقت الدنيا لأجله .. فقد حاول زوال الدنيا، وبهذا لَمحَ ما ورد في الحديث الصحيح:"لا تقوم الساعة على أحد يقول: الله الله"، قال القاريُّ: وإليه الإيماء بقوله تعالى: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ
(1) سورة آل عمران: (191).
(87)
- 2578 - (6) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زِيَادٍ،
===
أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا} (1). انتهى من "تحفة الأحوذي".
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد من حديث عبد الله بن عمرو، رواه الترمذي في كتاب الديات، باب ما جاء في تشديد قتل المؤمن عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا وموقوفًا، وقال: وهذا أصح من الحديث المرفوع الذي رواه النسائي في "الصغرى" من حديث بُريدة بن الحصيب، ومن حديث عبد الله بن مسعود المذكور هنا.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به لحديث ابن مسعود الأول.
* * *
ثم استأنس المؤلف للترجمة بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، فقال:
(87)
- 2578 - (6)(حدثنا عمرو بن رافع) بن الفرات القزويني البجلي أبو حجر - بضم المهملة وسكون الجيم - ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا مروان بن معاوية) بن الحارث بن أسماء الفزاري أبو عبد الله الكوفي، نزيل مكة ودمشق، ثقة حافظ، وكان يدلس أسماء الشيوخ، من الثامنة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا يزيد بن زياد) ويقال: ابن أبي زياد القرشي الدمشقي. روى عن الزهري، ويروي عنه مروان بن معاوية، و (ت ق)، متروك، من السابعة.
(1) سورة المائدة: (32).
عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعَانَ عَلَيَّ قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ .. لَقِيَ اللهَ عز وجل مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ: آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ".
===
(عن الزهري) محمد بن مسلم.
(عن سعيد بن المسيب) بن حزن المخزومي المدني، ثقة، من كبار التابعين، مات بعد التسعين. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه يزيد بن زياد، وهو متفق على تركه.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أعان) مَنْ أراد قتل مؤمن ظلمًا؛ أي: أعانه (على قتل مؤمن) ولو كانت إعانته له عليه (بشطر كلمة) أي: ببعض كلمة، قيل: هو أَنْ يقولَ: اق؛ من اقْتُلْ؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: "مَن" فكيفَ مَنْ أمرَ بقَتْلهِ؛ كالقاضي، أو تسبَّب فيه؛ كالشاهد يشهد عليه بما يوجب قتله شهادة زور
…
(لقي) الذي أعان على قتله يوم موته (الله عز وجل أو يوم القيامة، قوله: (مكتوب) خبر لمحذوف؛ تقديره لقي الله تعالى يوم القيامة وهو (مكتوب) أي: والحال أنه مكتوب (بين عينيه) بقلم القدرة: هذا (آيس) أي: قانط (من رحمة الله) تعالى وهذه الجملة الثانية وقعت حالًا بلا واو، ومعنى كونه آيسًا يستحق ذلك، فظاهره يوافق ظاهر قوله تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا. . .} الآية (1).
(1) سورة النساء: (93).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، فدرجته: أنه ضعيف (8)(277)؛ لضعف سنده؛ كما مر، قال السندي: وهذا الحديث أورده أبو الفرج ابن الجوزي في "الموضوعات"، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ستة أحاديث:
الأول للاستدلال، والثالث للمتابعة، والأخير للاستئناس، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعم