الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(65) - (925) - بَابُ الْجُبَارِ
(140)
- 2631 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّب، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ،
===
(65)
- (925) - (باب الجبار)
بضم الجيم وتخفيف الباء؛ أي: هدر لا ضمان فيها.
* * *
(140)
- 2631 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان) بن عيينة، (عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة) رضي الله عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: العجماء) مؤنث الأعجم؛ وهي البهيمة، وقال النووي: العجماء: هي كل الحيوان غير الآدمي، وسميت البهيمة عجماء؛ لأنها لا تتكلم.
(جرحها) - بفتح الجيم لا غير - كما في "السندي" أي: جرح البهيمة وإتلافها شيئًا؛ والجرح - بفتح الجيم - مصدر لجرح الثلاثي، وبضمها اسم مصدر، أو اسم عين، وإنما عبر بالجرح مع أن إتلافها قد يكون بغير الجرح؛ لأنه الأغلب، أو هو مثال منه لا قيد، يطلق على ما عداه، وقد وقع في بعض الروايات:(العجماء جبار) بدون لفظ (الجرح)، فمعناه عليها: إتلاف العجماء بأي وجه كان بجرح أو غيره، كذا في "عمدة القاري"(11/ 26).
أي: جرح العجماء وإتلافها شيئًا من المال ونحوه (جبار) - بضم الجيم وفتح الباء المخففة - أي: هدر لا ضمان على صاحبها إذا لم يوجد منه تفريط،
وَالمَعْدِن جُبَارٌ،
===
أما إذا وجد؛ كما في صورة كونه راكبًا عليها أو قائدًا لها أو سائقًا أو راعيًا لها .. ففيه ضمان على التفصيل المذكور في الفقه.
وقوله: "العجماء" مبتد "جرحها" بدل اشتمال منه، وقوله:"جبار" خبره.
قال ابن الأثير نقلًا عن الأزهري: الجرح ها هنا بفتح الجيم على المصدر لا غير. انتهى.
والتعبير بالجرح باعتبار الأغلب، وليس في كل روايات البخاري لفظ الجرح، فيكون المعنى: إتلاف العجماء بأي وجه كان؛ بجرح أو بغيره .. هدر لا شيء فيه، وقال الشافعي رحمه الله تعالى: إذا كان مع البهيمة إنسان .. فإنه يضمن ما أتلفته من نفس أو عضو أو مال، سواء كان سائقًا أو راكبًا أو قائدًا، وسواء كان مالكًا أو أجيرًا أو مستأجرًا أو مستعيرًا أو غاصبًا، وسواء أتلفت بيدها أو برجلها أو ذنبها أو رأسها، وسواء كان ذلك ليلًا أو نهارًا؛ لأن الإتلاف لا فرق فيه بين العمد وغيره، ومن هو مع البهيمة حاكم عليها، فهي كالآلة بيده، ففعلها منسوب إليه، سواء حملها أم لا وسواء علم به أم لا، كذا في "فتح الباري"(12/ 258)، قال الخطابي: وإنما يكون جرحها هدرًا؛ إذا كانت منفلتة عاثرة على وجهها ليس لها قائد ولا سائق ولا عليها راكب.
(والمعدن) بكسر الدال (جبار) أي: وتلف الواقع فيه، إذا حفره إنسان في ملكه، أو في موات؛ لاستخراج ما فيه من الجواهر لا ضمان عليه، وكذا إذا انهار على حافره.
قال ابن حجر: ويلتحق بالبئر والمعدن في ذلك كل أجير على عمل؛ كمن استؤجر على صعود نخلة لقطف ثمرها، أو صعود سطح للبناء فسقط منها فمات. انتهى.
وَالْبِئْرُ جُبَارٌ".
===
وفي "العون": ومعناه: أن الرجل إذا حفر المعدن في ملكه، أو في موات، فمر بها مار فسقط فيها فمات، أو استأجر أجراء يعملون فيه فسقط عليهم فماتوا .. فلا ضمان في ذلك. انتهى.
(والبئر) أي: وتلف الواقع في بئر حفرها إنسان في ملكه أو في موات (جبار) أي: هدر لا ضمان فيه إذا لم يكن منه سبب إلى ذلك ولا تغرير، وكذا لو استأجر إنسانًا ليحفر له البئر فانهارت عليه، أو ليبني عمارةً فسقط منها .. فلا ضمان، وأما من حفرها تعديًا؛ كأن حفرها في طريق أو في ملك غيره بغير إذن فتلف بها إنسان .. فإنه تجب ديته على عاقلة الحافر، والكفارة في مال الحافر، وإن تلف بها غير آدمي .. وجب ضمانه في مال الحافر، ويلتحق بالبئر كل حفرة على التفصيل المذكور، كذا في "فتح الباري".
قال أبو عبيدة: والمراد بالبئر ها هنا: العادية القديمة التي لا يعلم لها مالك، تكون في البادية فيقع فيها إنسان أو دابة، فلا شيء في ذلك على أحد. انتهى.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الزكاة، وفي باب الركاز، ومسلم في كتاب الحدود، باب جرح العجماء والمعدن والبئر جبار، وأبو داوود في كتاب الديات، باب العجماء والمعدن والبئر جبار، والترمذي في كتاب الزكاة، باب (16)، رقم (642)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الزكاة، باب المعدن، وعبد الرزاق في "مصنفه"، والدارمي في كتاب الديات، باب العجماء وجرحها جبار.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
(141)
- 2632 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيه، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "الْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْمَعْدِنُ جُبَارٌ".
===
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث عمرو بن عوف رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(141)
- 2632 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا خالد بن مخلد) القطواني - بفتح القاف والطاء - أبو الهيثم البجلي مولاهم الكوفي، صدوق يتشيع، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ)، وقيل: بعدها. يروي عنه: (خ م ت س ق).
(حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف) المزني المدني، ضعيف أفرط من نسبه إلى الكذب، من السابعة. يروي عنه:(د ت ق).
(عن أبيه) عبد الله بن عمرو بن عوف بن زيد المزني المدني والد كثير، مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(د ت ق).
(عن جده) عمرو بن عوف بن زيد بن ملحة - بكسر أوله ومهملة - أبي عبد الله المزني المدني الصحابي الشهير رضي الله تعالى عنه، مات في ولاية معاوية. يروي عنه:(د ت ق).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه كثير بن عبد الله، وهو مجمع على ضعفه.
(قال) عمرو بن عوف: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: العجماء) أي: البهيمة (جرحها) أي: متلفاتها (جبار) أي: هدر لا ضمان فيه (والمعدن) أي: متلفات حفيرته (جبار) أي: هدر لا ضمان فيه.
(142)
- 2633 - (3) حَدَّثَنَا عَبْدُ رَبِّهِ بْنُ خَالِدٍ النُّمَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا فُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ، حَدَّثَنِي إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيد،
===
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده".
فدرجته: أنه صحيح بغيره، وإن كان سنده ضعيفًا؛ لأن له شاهدًا من حديث أبي هريرة المتفق عليه الجماعة المذكور قبله، فالحديث: صحيح المتن، ضعيف السند، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة المذكور قبله.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث عبادة بن الصامت رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(142)
- 2633 - (3)(حدثنا عبد ربه بن خالد) بن عبد الملك بن قدامة (النميري) - مصغرًا - أبو المغلس البصري، مقبول، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا فضيل بن سليمان) النميري - بالنون مصغرًا - أبو سليمان البصري، صدوق له خطأ كثير، من الثامنة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ)، وقيل غير ذلك. يروي عنه:(ع).
(حدثني موسى بن عقبة) بن أبي عياش - بتحتانية ومعجمة - الأسدي مولى آل الزبير، ثقة فقيه إمام في المغازي، من الخامسة، مات سنة إحدى وأربعين ومئة (141 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(حدثني إسحاق بن يحيى بن الوليد) بن عبادة بن الصامت، أرسل عن
عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَضَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الْمَعْدِنَ جُبَارٌ، وَالْبِئْرَ جُبَارٌ، وَالْعَجْمَاءُ جَرْحُهَا جُبَارٌ، وَالْعَجْمَاءُ: الْبَهِيمَةُ مِنَ الْأَنْعَامِ وَغَيْرِهَا، وَالْجُبَارُ: هُوَ الْهَدَرُ الَّذِي لَا يُغَرَّمُ.
===
عبادة، وهو مجهول الحال، قتل سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ)، من الخامسة. يروي عنه:(ق).
(عن عبادة بن الصامت) بن قيس بن أصرم الأنصاري الخزرجي أبي الوليد المدني أحد النقباء ليلة العقبة، بدري مشهور رضي الله تعالى عنه، مات بالرملة سنة أربع وثلاثين (34 هـ)، وقيل: عاش إلى خلافة معاوية. يروي عنه: (ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه إسحاق بن يحيى، وهو مجهول الحال، وأيضًا هو لم يدرك عبادة بن الصامت.
(قال) عبادة: (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المعدن) أي: متلفاته (جبار) أي: هدر (والبئر) أي: متلفاته (جبار) أي: هدر (والعجماء جرحها) أي: متلفاتها (جبار) أي: هدر.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لأن له شاهدًا من حديث أبي هريرة المذكور أول الباب، وغرضه: الاستشهاد به له.
وقوله: (والعجماء: البهيمة من الأنعام) الثلاثة (وغيرها) كالدواب الثلاثة (والجبار: هو الهدر الذي لا يغرم) بالبناء للمفعول؛ من الغرم؛ أي: لا يضمن بقيمة ولا مثل .. تفسير مدرج من بعض الرواة، أو من أبي الحسن بن بحر، أو من المؤلف، والله أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي هريرة الأول بحديث آخر له رضي الله تعالى عنه، فقال:
(143)
- 2634 - (4) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْأَزْهَر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاق، عَنْ مَعْمَر، عَنْ هَمَّام، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "النَّارُ جُبَارٌ، وَالْبِئْرُ جُبَارٌ".
===
(143)
- 2634 - (4)(حدثنا أحمد بن الأزهر) بن منيع أبو الأزهر العبدي النيسابوري، صدوق كان يحفظ، ثم كبر فصار كتابه أثبت من حفظه، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث وستين ومئتين (263 هـ). يروي عنه:(س ق).
(حدثنا عبد الرزاق) بن همام بن نافع الحميري مولاهم أبو بكر الصنعاني، ثقة حافظ مصنف شهير، عمي في آخر عمره فتغير، وكان يتشيع، من التاسعة، مات سنة إحدى عشرة ومئتين (211 هـ)، وله خمس وثمانون سنة. يروي عنه:(ع).
(عن معمر) بن راشد الأزدي مولاهم أبي عروة البصري نزيل اليمن، ثقة ثبت فاضل، من كبار السابعة، مات سنة أربع وخمسين ومئة (154 هـ)، وهو ابن ثمان وخمسين سنة. يروي عنه:(ع).
(عن همام) بن منبه بن كامل الصنعاني أخي وهب، ثقة، من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: النار) أي: متلفاتها (جبار) أي: هدر (والبئر) أي: متلفاتها (جبار) وصورتها: أن يوقد الرجل النار في حطب مملوك له لحاجة له فيها، فتطيرها الريح فتشعلها في مال غيره في حيث لا يملك ردها، فيكون ما أتلفته هدرًا غير مضمون عليه.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الخطابي: لم أزل أسمع أصحاب الحديث يقولون: غلط فيه عبد الرزاق، وإنما هو:(البئر جبار) حتى وجدته لأبي داوود عن عبد الرزاق الصنعاني عن معمر، فدل على أن الحديث لم ينفرد به عبد الرزاق، هذا آخر كلامه.
ومن قال: هو تصحيف (البئر) .. احتج في ذلك بأن أهل اليمن يميلون النار بكسر النون منها، فسمعه بعضهم على الإمالة، فكتبه بالياء؛ أي: بلفظ البير، فنقله مصحفًا، فعلى هذا الذي ذكره، هو على العكس مما قاله.
قلت: وهذا يقتضي أن يكون البئر مصحفًا من النار، ويكون الأصل النار لا البئر، وهو خلاف المطلوب، فليتأمل. انتهى من "العون" مع "السندي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الديات، باب في النار تعدى.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول منها للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم