الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(21) - (881) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ .. فَهُوَ شَهِيدٌ
(47)
- 2538 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْل، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم:"قَالَ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ .. فَهُوَ شَهِيدٌ".
===
(21)
- (881) - (باب: من قتل دون ماله .. فهو شهيد)
(47)
- 2538 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نُصير - مصغرًا - السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ خطيب، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا سفيان) بن عيينة، (عن الزهري) محمد بن مسلم المدني.
(عن طلحة بن عبد الله بن عوف) الزهري المدني القاضي، ابن أخي عبد الرَّحمن بن عوف، يُلَقَّب طلحةَ الندي، ثقةٌ مكثر فقيه، من الثالثة، مات سنة سبع وتسعين (97 هـ)، وهو ابن اثنتين وسبعين. يروي عنه:(خ عم).
(عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل) العدوي أبي الأعور أحد العشرة رضي الله تعالى عنه، مات سنة خمسين أو إحدى أو اثنتين وخمسين (52 هـ). يروي عنه:(ع).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قتل دون ماله) أو حريمه؛ أي: لأجل الدفع عنه .. (فهو شهيد) أي: يثاب ثواب شهيد المعركة في الآخرة.
و(دون) في أصلها ظرف مكان؛ بمعنى أسفلَ وتحتَ؛ وهو نقيض فوق، وقد استعملت في هذا الحديث بمعنى اللام التعليلية أو الباء السببية؛ أي:
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
لأجل الدفع عن ماله أو بسبب الدفع عن ماله، ففيه مجاز وتوسع.
ووجهه: أن الذي يقاتل لأجل ماله إنما يجعله خلفه أو تحته، ثم يقاتل عليه. انتهى من "المفهم".
وفي "القاموس": (دون) - بالضم - نقيض فوق، ويكون ظرفًا، وبمعنى فوق ووراء وأمامَ ضِدٌّ، وبمعنى غَيْرُ، قيل: ومنه حديث: "ليس فيما دون خمس أوَاقٍ صدقة" أي: في غير خمس أواق، قيل: ومنه أيضًا الحديث: "جاز الخلع دون عقاص رأسها" أي: بما سوى عقاص رأسها، أو معناه: بكل شيء حتى بعقاص رأسها. انتهى منه.
وفي الحديث: جواز قتل القاصد لأخذ المال بغير حق، سواء كان المال قليلًا أو كثيرًا؛ لعموم الحديث، وهذا قول جماهير العلماء.
وقال بعض المالكية: لا يجوز قتله إذا طلب شيئًا يسيرًا؛ كالثوب والطعام، وهذا ليس بشيء، والصواب ما قاله الجمهور.
وأما المدافعة عن الحريم .. فواجبة بلا خلاف، وفي المدافعة عن النفس بالقتل خلاف في مذهبنا ومذهب غيرنا، والمدافعة عن المال جائزة غير واجبة. انتهى "نووي".
قوله: "فهو شهيد" ورد في سبب تسميته شهيدًا أقوال:
الأول: سمي الشهيد شهيدًا؛ لأنه حي، فكأنه يشاهد الأشياء، قيل: لأن أرواحهم شهدت دار السلام، وأرواح غيرهم لا تشهدها إلَّا يوم القيامة، قاله النضر بن شميل: فهو فعيل بمعنى فاعل.
الثاني: وقال ابن الأنباري: سمي شهيدًا؛ لأن الله تعالى وملائكته عليهم السلام شهدوا له بالجنة، فهو شهيد بمعنى مشهود له.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الثالث: وقيل: سمي شهيدًا؛ لأنه يشهد عند خروج روحه ما أعد له من الثواب والكرامة.
الرابع: وقيل: لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه.
الخامس: وقيل: لأنه شُهِدَ له بالإيمان وخاتمة الخير بظاهر حاله.
السادس: وقيل: لأن عليه شاهدًا يَشْهَدُ بكونه شهيدًا؛ وهو دمه؛ فإنه يبعث وجرحه يَثْغَبُ دمًا.
السابع: وقال الأزهري وغيره: سمي شهيدًا؛ لأنه يشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة على الأمم السابقة، قال تعالى:{لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ} (1)، وعلى هذا القول لا اختصاص له بهذا السبب؛ لأنه قد جاء هذا في جماعة من المسلمين.
واعلم: أنَّ الشهيد ثلاثةُ أقسام:
الأول: شهيد الدنيا والآخرة؛ وهو المقتول في حرب الكفار بسبب القتال، فهو شهيد في الآخرة؛ لأنه ينال فيها ثواب الشهداء وكرامتهم، وشهيد في الدنيا؛ لأنه لا يغسل ولا يصلى عليه.
والثاني: شهيد الآخرة فقط؛ لأنه يثاب ثواب الشهداء في الآخرة، دون أحكام الدنيا؛ وهو المبطون والمطعون وصاحب الهدم ومن قتل دون ماله والغريق والحريق والتي ماتت في المطلق، ولهذا يغسل ويصلَّى عليه، وله في الآخرة ثواب الشهداء، ولا يلزم أن يكون ثوابُه مثلَ ثواب الأول.
والثالث: شهيد الدنيا فقط؛ كمن غَلَّ في الغنيمة، والمقاتل للعصبية
(1) سورة البقرة: (143).
(48)
- 2539 - (2) حَدَّثَنَا الْخَلِيلُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْجَزَرِيُّ،
===
والوطنية والمَحْمَدة وغيرِها إذا قُتل في حربِ الكفار، فهذا له حكم الشهداء في الدنيا لا يغسل ولا يصلى عليه، وليس له ثوابها الكاملُ في الآخرة. انتهى "نووي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب المظالم، باب إثم من ظلم شيئًا من الأرض، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدليل على أن من قصد أخذ مال غيره بغير حق
…
إلى آخره، وأبو داوود في كتاب السنة، باب في قتال اللصوص، والترمذي في كتاب الديات، باب من قتل دون ماله .. فهو شهيد، والنسائي في كتاب تحريم الدم، باب من قتل دون ماله، وأحمد.
وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة، والله أعلم.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث سعيد بن زيد بحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(48)
- 2539 - (2)(حدثنا الخليل بن عمرو) الثقفي أبو عمرو البزاز البغوي نزيل بغداد، صدوق، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(ق).
(حدثنا مروان بن معاوية) بن الحارث بن أسماء الفزاري أبو عبد الله الكوفي، نزيل مكة ودمشق، ثقةٌ حافظ، وكان يُدلِّس أسماء الشيوخ، من الثامنة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا يزيد بن سنان) بن يزيد التميمي (الجزري) أبو فروة الرَّهَاوي،
عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أُتِيَ عِنْدَ مَالِهِ فُقُوتِلَ فَقَاتَلَ فَقُتِلَ .. فَهُوَ شَهِيدٌ".
===
ضعيف، من كبار السابعة، مات سنة خمس وخمسين ومئة (155 هـ). يروي عنه:(ت ق).
(عن ميمون بن مهران) الجزري أبي أيوب، أصله كوفي نزل الرقة، ثقةٌ فقيه ولي الجزيرة لعمر بن عبد العزيز، وكان يرسل، من الرابعة، مات سنة سبع عشرة ومئة (117 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه يزيد بن سنان، وهو متفق على ضعفه.
(قال) ابن عمر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَنْ أُتِي) بالبناء للمفعول" أي: من أتاه وجاءه ظالمٌ (عند ماله) أي: لأجل أخذ ماله (فقوتل) أي: قاتله الظالم (فقاتَلَ) الظالمَ لأجل دفعه (فَقُتِلَ) أي: فقتله الظالم لأجل أخذِ مالِه .. (فهو شهيد) لأنه قُتل لأجل الدفع عن ماله.
وقوله: "عند ماله" أي: لأجل أخذ ماله، فعند هنا بمعنى اللام التعليلية.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن رواه مسدد في "مسنده" من طريق ميمون عن ابن عمر به، ورواه أبو بكر بن أبي شيبة عن مروان بن معاوية، حدثنا محمد بن بشار عن أبي عامر عن عبد العزيز بن المطلب عن عبد الله بن الحسن عن عبد الرَّحمن الأعرج، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أريد ماله ظلمًا فقتل .. فهو شهيد" إسناده حسن؛ لقصور درجة عبد العزيز عن درجة أهل الحفظ، وله شاهد من حديث سعيد بن زيد المذكور قبله، رواه الستة؛ كما مر آنفًا، ورواه الترمذي في "الجامع" في كتاب
(49)
- 2540 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُطَّلِبِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الْحَسَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ،
===
الديات، باب ما جاء فيمن قتل دون ماله .. فهو شهيد، وقال أبو عيسى: حديث عبد الله بن عمرو حديث حسن صحيح.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح بما قبله، وإن كان سنده ضعيفًا، وله شواهد أُخَر من حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمرو، كما بيناها آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به لحديث سعيد بن زيد، فهذا الحديث: صحيح المتن، ضعيف السند.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث سعيد بن زيد بحديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(49)
- 2540 - (3)(حدثنا محمد بن بشار) بندار.
(حدثنا أبو عامر) العقدي عبد الملك بن عمرو القيسي، ثقةٌ، من التاسعة، مات سنة أربع أو خمس ومئتين (205 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا عبد العزيز بن المطلب) بن عبد الله بن حنطب المخزومي أبو طالب المدني، صدوق، من السابعة، مات في خلافة المنصور. يروي عنه:(م ت ق).
(عن عبد الله بن الحسن) بن الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبي محمد المدني، ثقةٌ جليل القدر، من الخامسة، مات في أوائل سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن عبد الرَّحمن) بن هرمز (الأعرج) المدني الهاشمي مولاهم، ثقةٌ ثبت، من الثالثة، مات سنة سبع عشر ومئة (117 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أُرِيدَ مَالُهُ ظُلْمًا فَقُتِلَ .. فَهُوَ شَهِيدٌ".
===
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لقصور درجة عبد العزيز بن المطلب عن درجة أهل الحفظ.
(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أريد) وقصد أخذ (ماله ظلمًا فقتل) في الدفاع عنه .. (فهو شهيد).
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، فدرجته: أنه صحيح بحديث سعيد بن زيد المذكور أول الباب، حسن السند؛ لما مر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم