الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(78) - (938) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِمْسَاكِ فِي الْحَيَاةِ وَالتَّبْذِيرِ عِنْدَ الْمَوْتِ
(173)
- 2664 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ الْقَعْقَاعِ وَابْنِ شُبْرُمَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
===
(78)
- (938) - (باب النهي عن الإمساك في الحياة والتبذير عند الموت)
(173)
- 2664 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا شريك) بن عبد الله النخعي الكوفي القاضي، صدوق يخطيء كثيرًا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة، وكان عادلًا فاضلًا عابدًا شديدًا على أهل البدع، من الثامنة، مات سنة ثمان وسبعين ومئة (178 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن عمارة بن القعقاع) بن شبرمة - بضم المعجمة والراء بينهما موحدة ساكنة - الضبي - بالمعجمة والموحدة - الكوفي، ثقة أرسل عن ابن مسعود، من السادسة. يروي عنه:(ع).
(وابن شبرمة) عبد الله عم عمارة الكوفي، ثقة فقيه، من الخامسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ). يروي عنه:(م دس ق).
(عن أبي زرعة) هرم بن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي، ثقة، من الثالثة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
قَالَ: جَاءَ رَجُل إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ نَبِّئْنِي مَا حَقُّ النَّاسِ مِنِّي بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ؟ فَقَالَ: "نَعَمْ، وَأَبِيكَ
===
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أبو هريرة: (جاء رجل) لم أر من ذكر اسم هذا الرجل (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال) الرجل: (يا رسول الله، نبئني) أي: أخبرني، جواب (ما حق الناس) أي: جواب هذا الاستفهام؛ فـ (ما) اسم استفهام؛ بمعنى: من (حق الناس) مصدر بمعنى اسم التفضيل، وفي رواية مسلم:(من أحق الناس) وهي أوضح والجار والمجرور في قوله: (مني) متعلق بمحذوف صفة للصحبة في قوله: (بحسن الصحبة) والباء متعلقة بأحق، والإضافة في قوله:(بحسن الصحبة) من إضافة الصفة إلى الموصوف، و (ما) مبتدأ (أحق) خبره، أو بالعكس؛ وقُدِّم عليه حينئذ؛ للزومه الصدارة؛ والمعنى: نَبِّئْنِي جوابَ استفهامِ مَنْ أحق الناس بالصحبة والمعاشرة الواقعة مني؛ أي: مَنْ أولاهم وأَحْرَاهم وأحقُّهم بها، وفي رواية مسلم:(بحسن صحابتي) والصحابة: مصدر بمعنى الصحبة، يقال: صحبه يصحبه صحبةً وصحابة؛ من باب سلم، والمراد بالصحبة هنا: البر وحسن العشرة.
ونبأ من الأفعال التي تتعدى إلى ثلاثة مفاعيل، الأول منها: ياء المتكلم، وجملة الاستفهام سادة مسد المفعول الثاني والثالث.
(فقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل في جواب استفهامه: (نعم) حرفُ جواب للتصديق؛ كما أن بلي حرف جواب للنفي قائمٌ مقامَ الجواب، أي: أُنَبِّئكَ عما سألتني (وأبيك) أي: أقسمت لك بأبيك، لعله قال ذلك قبل النهي عن الحلف بالآباء، أو هو خرج مخرج العادة بلا قصد الحلف.
لَتُنَبَّأنَّ؛ أُمُّكَ"، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أُمُّكَ"، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ
===
واللام في قوله: (لتنبأن) بالبناء للمفعول بنون التوكيد موطئة لقسم محذوف؛ تقديره: والله؛ لتنبأن؛ أي: لتخبرن عما سألت.
وقوله: (أمك) خبر لمبتدأ محذوف؛ تقديره: أحقهم بحسن صحبتك ومعاشرتك أمك، أي: والدتك، وفيه أن الأم أحق بالبر من الأب؛ كما أنها أكثر تعبًا منه في تربية الولد. انتهى "سندي".
قال النووي: فيه الحث على بر الأقارب، وأن الأم أحقهم بذلك، ثم بعدها الأب، ثم الأقرب فالأقرب.
قال العلماء: والحكمة في تقديم الأم كثرة تعبها عليك، وشفقتها وخدمتها ومعاناة المشاق في حمله، ثم وضعه، ثم إرضاعه، ثم تربيته
…
إلى آخره.
قال في "المرقاة": قلت: وفي التنزيل إشارة إلى هذا التأويل بقوله: {حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (1).
فالتثليث في مقابلة ثلاثة أشياء مختصة بالأم؛ وهي: تعبُ الحمل، ومشقةُ الوضع، ومِحْنَةُ الرضاع انتهى.
(قال) الرجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثم) بعد أمي (من) أحق الناس بحسن صحبتي؟ (قال) له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثم) بعد أمك أيضًا أحق الناس بحسن صحبتك (أمك، قال) الرجل: (ثم) أحقهم بصحبتي (مَنْ؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثم) أحقهم بصحبتك
(1) سورة الأحقاف: (15).
أُمُّكَ"، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: "ثُمَّ أَبُوكَ"، قَالَ: نَبِّئْنِي يَا رَسُولَ اللهِ عَنْ مَالِي كَيْفَ أَتَصَدَّقُ فِيهِ؟ قَالَ: "نَعَمْ، وَاللهِ لَتُنَبأنَّ؛ أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ؛
===
(أمك، قال) الرجل: (ثم) أحقُّهم بصحبتي (مَنْ؟ قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثم) أحقهم بصحبتك (أبوك).
قال القرطبي: قوله: "أمك" ثلاث مرات، و"أبوك" في الرابعة يدل على صحة قول من قال: للأم ثلاثة أرباع البر، وللأب ربعه؛ ومعنى ذلك: أن حقهما وإن كان واجبًا .. فالأم تستحق الحظ الأوفر من ذلك، وفائدة تكرار ذلك في الأم المبالغة في القيام بحق الأم، وأن حقها مقدم عند تزاحم حقها وحقه. انتهى من "المفهم".
(قال) الرجل: (نبئني) أي: أخبرني (يا رسول الله عن) شأن (مالي كيف أتصدق) وأتصرف (فيه) من حيث التصدق منه؟ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (نعم) أخبرك عن ذلك (والله؛ لتنبأن) أي: لتخبرن عما سألته، والجملة الفعلية بالبناء للمفعول جواب القسم وإن كان غير مقصود معناه؛ نظرًا للفظه.
والحاصل: أن السائل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عمن يستحق بره وحسن معاملته .. أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بأن تخبر بجواب سؤالك، فأجابه بما تقدم.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير التصدق وأفضله وأكثره أجرًا لك (أن تصدق) أي: أن تتصدق - بتاءين فحذفت إحداهما تخفيفًا، ويحتمل أن يكون بتشديد الصاد والدال جميعًا - (وأنت) أي: والحال أنك (صحيح) غير مريض يخاف من الموت (شحيح) أي: بخيل عن صرفه لشدة احتياجك إليه
تَأْمُلُ الْعَيْشَ وَتَخَافُ الْفَقْرَ، وَلَا تُمْهِلْ؛ حَتَّى إِذَا بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَا هُنَا .. قُلْتَ: مَالِي لِفُلَانٍ وَمَالِي لِفُلَانٍ، وَهُوَ لَهُمْ وَإِنْ كَرِهْتَ".
===
(تأمل) - بضم الميم - من باب نصر؛ أي: ترجو (العيش) أي: الحياة، خبر ثالث (وتخاف) أي: تخشى (الفَقْر) أي: العُدْمَ إن أنفقته معطوف على تأمل؛ فإن المال يعز صرفه على النفس حينئذ، فيصير محبوبًا لها، قال تعالى:{لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} (1).
(ولا تمهل) أي: ولا تؤخره عن الإنفاق؛ من الإمهال (حتى إذا بلغت نفسك) أي: روحك (ها هنا) أي: الحلقوم؛ كناية عن مقدمات الموت .. (قلت) جوابُ إذا بلغتَ: أَوْصيتُ (مالي لفلان و) أوصيت (مالي لفلان) من الورثة (وهو) أي: والحال أن ذلك المال مملوك (لهم) أي: لورثتك (وإن كرهت) ذلك؛ أي: كونه لهم بغير اختيارك.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأدب، باب من أحق الناس بحسن الصحبة، ومسلم في كتاب البر والصلة والأدب، باب بر الوالدين وأنهما أحق به، وأبو داوود في كتاب الوصايا، باب ما جاء في كراهية الإضرار في الوصية مختصرًا، والنسائي في كتاب الوصايا، باب الكراهية في تأخير الوصية، وأحمد في "المسند".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث بسر بن جحاش رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(1) سورة آل عمران: (92).
(174)
- 2665 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، أَنْبَأَنَا حَرِيزُ بْنُ عُثْمَانَ، حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، عَنْ بُسْرِ بْنِ جَحَّاشٍ الْقُرَشِيِّ
===
(174)
- 2665 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
(أنبأنا حريز) بفتح أوله وكسر الراء وآخره زاي (ابن عثمان) الرحبي - بفتح الراء والحاء المهملتين بعدها موحدة - الحمصي، ثقة ثبت رمي بالنصب، من الخامسة، مات سنة ثلاث وستين ومئة (163 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثني عبد الرحمن بن ميسرة) الحضرمي أبو سلمة الحمصي، مقبول، من الرابعة. يروي عنه:(د ق).
(عن جبير بن نفير) - بالتصغير فيهما، وبنون وفاء في نفير - ابن مالك بن عامر الحضرمي الحمصي، ثقة فاضل مخضرم، من الثانية، ولأبيه صحبة، فكأنه هو ما وفد إلا في عهد عمر، مات سنة ثمانين (80 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(م عم).
(عن بسر) بضم الموحدة وسكون السين المهملة (ابن جحاش) - بفتح الجيم بعدها مهملة مشددة آخره جيم - ويقال فيه: (بشر) - بكسر أوله وسكون المعجمة - الصحابي (القرشي) نزل الشام رضي الله تعالى عنه. يروي عنه: (ق).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه عبد الرحمن بن ميسرة، وهو مقبول.
قَالَ: بَزَقَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي كَفِّهِ ثُمَّ وَضَعَ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ وَقَالَ: "يَقُولُ اللهُ عز وجل: أَنَّى تُعْجِزُنِي ابْنَ آدَمَ وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ مِثْلِ هَذِهِ؟ ! فَإِذَا بَلَغَتْ نَفْسُكَ هَذِهِ - وَأَشَارَ إِلَى حَلْقِهِ - قُلْتَ: أَتَصَدَّقُ وَأَنَّى أَوَانُ الصَّدَقَةِ؟ ! "
===.
(قال) بِشْرُ بن جَحَّاش: (بزق) أي: بصق (النبي صلى الله عليه وسلم في كفه) وراحته (ثم وضع إصبعه السبابة) التي تلي الإبهام في ذلك البزاق (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول الله عز وجل مخاطبًا لابن آدم: (أنى) - بفتح الهمزة والنون المشددة وألف مقصورة - اسم استفهام بمعنى كيف، أي: كيف (تُعجزني) يا (بن آدم) بتقدير حرف النداء (وقد خلقتك) أي: أوجدتك (من) نطفة (مثل هذه) البزاق في كونه ماءً مهينًا؟ ! (فإذا بلغت) ووصلت (نفسك) أي: روحك (هذه) الحلقوم (و) قد (أشار) النبي صلى الله عليه وسلم (إلى حلقه .. قلت) لنفسك: (أتصدق) الآن (وأنى) أي: وكيف يوجد لك (أوان الصدقة) لأن هذا الوقت وقت خروج الروح من الدنيا؟ !
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه أحمد في "مسنده" من حديث بسر، وأصله في "الصحيحين" وغيرهما من حديث أبي هريرة.
فدرجته: أنه حسن، لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم