الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(76) - (936) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْوَصِيَّةِ
(166)
- 2657 - (1) حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَتَيْنِ
===
(76)
- (936) - (باب الحث على الوصية)
(166)
- 2657 - (1)(حدثنا علي بن محمد) بن إسحاق الطنافسي الكوفي، ثقة عابد، من العاشرة، مات سنة ثلاث، وقيل: خمس وثلاثين ومئتين. يروي عنه: (ق).
(حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، ثقة، من كبار التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عبيد الله بن عمر) بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة بضع وأربعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن نافع) مولى ابن عمر، ثقة، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن) عبد الله (بن عمر) بن الخطاب رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) ابن عمر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما حق امرئ مسلم) ولا امرأة مسلمة؛ لأن النساء شقائق الرجال، و (ما) حجازية، و (حق) اسمها.
وقوله: (أن يبيت ليلتين) خبر (ما) الحجازية، وفي رواية:(أن يبيت ليلة أو ليلتين)، وفي أخرى:(أن يبيت ثلاث ليال) واختلاف الروايات دال على أنه للتقريب لا للتحديد، ووصفه بالمسلم خرج مخرج الغالب، فلا
وَلَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ".
===
مفهوم له، أو ذكره للتهييج؛ لتقع المبادر لامتثاله. انتهى "ابن حجر".
وإنما قال ذلك مع أن غير المسلم كالمسلم في صحة وصيته؛ لأنها زيادة في العمل الصالح في حق المسلم دون غيره.
وجملة قوله: (وله شيء) صفة ثانية و (امرئ) والواو فيه زائدة، دل عليه سقوطها في رواية مسلم، والفصل بين الصفة والموصوف بالخبر لا يضر؛ لأنه عمدة، وجملة (يوصي فيه) صفة لثيء.
قال المناوي: والمعنى: ليس الحزم والاحتياط واللائق لامرئ مسلم له شيء من المال، أو عليه دين، أو حق فرط فيه، أو أمانة بيتوتته ليلة أو ليليتين أو ثلاثًا .. إلا والحال أن وصيته مكتوبة لديه.
وقوله: (إلا) استثناء من أعم الأحوال أو الأزمان.
وقوله: (ووصيته مكتوبة عنده) مبتدأ وخبر، والواو حالية، والجملة الاسمية حال من الضمير المستكن في الخبر.
وحاصل المعنى: ليس حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه بيتوتته في حال من الأحوال أو في زمن من الأزمان .. إلا والحال أن وصيته مكتوبة محفوظة عنده؛ لأنه لا يدري متى يدركه الموت.
ومعنى الحديث: أنه ليس حقه من جهة الحزم والاحتياط والانتباه للموت أن يترك الوصية في زمن من الأزمان.
وفي بعض هوامش "مسلم": فـ (ما) بمعنى ليس، وجملة (له شيء) صفة ثانية لـ (امرئ)، و (يبيت) صفة ثالثة له، والجملة الواقعة بعد (إلا) خبر المبتدأ، والواو زائدة.
وفي بعض روايات السنن: (أن يبيت)، فيكون هو خبرًا؛ أي: لا ينبغي أن
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
يمضي عليه زمن وإن قل في حال من الأحوال إلا في هذه الحال؛ وهي أن تكون وصيته مكتوبة عنده؛ لأنه لا يدري متى يدركه الموت ويحله الحمام؛ فقد يفجأه وهو على غير وصية، ولا ينبغي لمؤمن أن يغفل عن ذكر الموت والاستعداد له.
قال في "المبارق": ذهب بعض العلماء إلى وجوبها؛ لظاهر هذا الحديث، والجمهور على استحبابها؛ لأنه صلى الله عليه وسلم جعلها حقًّا للمسلم لا عليه، ولو وجبت .. لكانت عليه لا له، وهو خلاف ما يدل عليه اللفظ، قيل: هذا في الوصية المتبرع بها، وأما الوصية بقضاء الدين ورد الودائع والأمانات .. فواجبة عليه.
واعلم: أن ظاهر الحديث مشعر بأن مجرد الكتابة بلا إشهاد عليها كاف، وليس كذلك، بل لا بد من الشاهدين عند عامة العلماء؛ لأن حق الغير تعلق به، فلا بد لإزالته من حجة شرعية، ولا يكفي أن يشهدهما على ما في الكتاب من غير أن يطلعا عليه. إلى هنا انتهى كلامه.
وقوله: "شيء يوصي فيه" عام في الأموال والبنين الصغار والحقوق التي له وعليه كلها؛ من ديون وكفارات وزكوات فرط فيها، فإذا أوصى بذلك .. أخرجت من رأس المال، والكفارات والزكوات من ثلثه، على تفصيل يعرف في الفقه. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الوصايا، باب الوصايا، وقول النبي صلى الله عليه وسلم:"وصية الرجل مكتوبة عنده"، ومسلم في كتاب الوصايا والترمذي في كتاب الجنازة، باب ما جاء في الحث على الوصية، قال أبو عيسى: حديث ابن عمر حديث حسن صحيح، والدارمي في كتاب الوصايا، باب من استحب الوصية، ومالك في "الموطأ" في كتاب الوصايا، باب الأمر بالوصية.
(167)
- 2658 - (2) حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ الْجَهْضَمِيُّ، حَدَّثَنَا دُرُسْتُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ، عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الْمَحْرُومُ
===
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استأنس المؤلف للترجمة بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، فقال:
(167)
- 2658 - (2)(حدثنا نصر بن علي) بن نصر بن علي بن صهبان (الجهضمي) ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).
(حدثنا درست) بضم الدال والراء وسكون المهملة بعدها مثناة مضمومة ضمة الإعراب (ابن زياد) العنبري، وكان ينزل في بني قشير البصري، ضعيف، من الثامنة. يروي عنه:(دق).
(حدثنا يزيد) بن أبان (الرقاشي) - بتخفيف القاف ثم معجمة - أبو عمرو البصري، القاص - بتشديد المهملة - الزاهد. روى عن: أنس بن مالك، والحسن البصري، ويروي عنه:(ت ق)، من الخامسة، قال شعبة: لأن أزني .. أحب إلي من يزيد وأبيه أبان، مات قبل العشرين ومئة.
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الضعف جدًّا؛ لأن فيه درست بن زياد وزياد بن أبان، وهما متفق على ضعفهما.
(قال) أنس: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المحروم) من الخير
مَنْ حُرِمَ وَصِيَّتَهُ".
(168)
- 2659 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى الْحِمْصِيُّ، حَدَّثَنَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيد، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر،
===
(من حرم) ومنع (وصيته) أي: الوصية في عياله وماله ودينه وأمانته التي كانت عنده، وفي جميع ما يطلب الوصية فيه.
قال السندي: (المحروم) من الكمال (من حرم وصيته) فإنها آخر عمل من أعمال الدنيا، شرعت، لينتفع بها في الآخرة، فمن حرمها .. حرم خيرًا كثيرًا. انتهى منه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف (11)(280)، لضعف سنده، ولعدم المشاركة، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
ثم استأنس المؤلف للترجمة ثانيًا بحديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(168)
- 2659 - (3)(حدثنا محمد بن المصفى) بن بهلول (الحمصي) القرشي، صدوق له أوهام وكان يدلس، من العاشرة، مات سنة ست وأربعين ومئتين (246 هـ). يروي عنه:(دس ق).
(حدثنا بقية بن الوليد) بن صائد بن كعب الكلاعي أبو يحمد التيمي الحمصي، صدوق كثير التدليس عن الضعفاء من الثامنة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(م عم).
(عن يزيد بن عوف) الشامي، مجهول، من السابعة. يروي عنه:(ق).
(عن أبي الزبير) المكي محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي، صدوق، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مَاتَ عَلَى وَصِيَّةٍ .. مَاتَ عَلَى سَبِيلٍ وَسُنَّةٍ، وَمَاتَ عَلَى تُقىً وَشَهَادَةٍ، وَمَاتَ مَغْفُورًا لَهُ".
(169)
- 2660 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ،
===
(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الضعف؛ لتدليس بقية، وشيخه يزيد بن عوف، مجهول لم أر من تكلم فيه بجرح وتعديل.
(قال) جابر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مات على وصية) في أمور ينبغي الإيصاء فيها .. (مات على سبيل) أي: على طريق مستقيم ودين قويم (وسنة) شرعية، وهو بمعنى ما قبله (ومات على تقىً) أي: على تقوى من الله تعالى بامتثال أوامره (و) على (شهادة) وإقرار بأمور الدين (ومات) أي: خرج من الدنيا حالة كونه (مغفورًا له) جميع ذنوبه.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه ضعيف (12)(281)؛ لضعف سنده، ولركاكة معناه، ولعدم المشاركة فيه، وغرضه: الاستئناس به للترجمة.
* * *
ثم ذكر المؤلف المتابعة في حديث ابن عمر الذي ذكره أول الباب رضي الله تعالى عنهما، ولو قدمه على الحديثين الضعيفين اللذين ذكرهما قبل هذا الحديث .. لوافق قاعدتهم وكان أوضح، فقال:
(169)
- 2660 - (4)(حدثنا محمد بن معمر) بن ربعي القيسي البصري البحراني - بالباء الموحدة والحاء المهملة - صدوق، من كبار الحادية عشرة، مات سنة خمسين ومئتين (250 هـ). يروي عنه:(ع).
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عَوْفٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا حَقُّ امْرِيءٍ مُسْلِمٍ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ وَلَهُ شَيْءٌ يُوصِي بِهِ إِلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ".
===
(حدثنا روح بن عوف) وقيل: روح بن عبد الله، وقيل: اسمه سُلمى بن عبد الله - بضم السين المهملة - أبو بكر الهذلي، أخباري متروك الحديث، من السادسة، مات سنة سبع وستين ومئة (167 هـ). يروي عنه:(ق).
(عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله تعالى عنهما.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الضعف؛ لأن روح بن عوف متروك، وغرضه: بيان متابعة روح لعبيد الله بن عمر في الرواية عن نافع.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما حق امرئ مسلم يبيت ليلتين وله شيء يوصي به إلا ووصيته مكتوبة عنده") قد تقدم البحث عن هذا الحديث في أول الباب، فراجعه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري ومسلم والترمذي.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: بيان المتابعة في السند، وإنما كرر المتن؛ لما فيه من المخالفة للرواية الأولى بحذف كلمة فيه وتعويض كلمة به عنها؛ فالحديث: صحيح وإن كان سنده ضعيفًا، وفائدة هذه المتابعة: بيان كثرة طرقه.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخير للمتابعة، والوسطان للاستئناس.
والله سبحانه وتعالى أعلم