الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(80) - (940) - بَابُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ
(179)
- 2670 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَّنِ بْنِ غَنْمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ خَارِجَةَ
===
(80)
- (940) - (باب لا وصية لوارث)
(179)
- 2670 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا يزيد بن هارون) بن زاذان السلمي مولاهم الواسطي، ثقة متقن عابد، من التاسعة، مات سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا سعيد بن أبي عروبة) مهران اليشكري البصري، ثقة، من السادسة، مات سنة ست، وقيل: سبع وخمسين ومئة. يروي عنه: (ع).
(عن قتادة) بن دعامة السدوسي البصري، ثقة، من الرابعة، مات سنة بضع عشرة ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن شهر بن حوشب) الأشعري الشامي، صدوق كثير الإرسال، من الثالثة، مات سنة اثنتي عشرة ومئة (112 هـ). يروي عنه:(م عم).
قال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن شهر بن حوشب فوثقه، وقال: إنما يتكلم فيه ابن عون، فهو ثقة إلا عند ابن عون.
(عن عبد الرحمن بن غنم) الأشعري مختلف في صحبته، وذكره العجلي في كبار ثقات التابعين، مات سنة ثمان وسبعين (78 هـ). يروي عنه:(عم).
(عن عمرو بن خارجة) الأسدي، وكان حليف أبي سفيان، صحابي له أحاديث رضي الله تعالى عنه. يروي عنه:(ت س ق).
وهذا السند من سباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَطَبَهُمْ وَهُوَ عَلَى رَاحِلَتِه، وَإِنَّ رَاحِلَتَهُ لَتَقْصَعُ بِجِرَّتِهَا، وَإِنَّ لُغَامَهَا لَيَسِيلُ بَيْنَ كَتِفَيَّ قَالَ: "إِنَّ اللهَ قَسَمَ لِكُلِّ وَارِثٍ نَصِيبَهُ مِنَ الْمِيرَاث، فَلَا يَجُوزُ لِوَارِثٍ وَصِيَّةٌ؛
===
(أن النبي صلى الله عليه وسلم خطبهم) أي: خطب الصحابة ووعظهم بذكر الترغيب والترهيب (وهو) أي: والحال أنه صلى الله عليه وسلم راكب (على راحلته) أي: على ناقته، ولم أر من ذكر موضع تلك الخطبة، ولعلها في السفر (وإن راحلته) صلى الله عليه وسلم (لتقصع) أي: لتمضغ (بجرتها) بعد إخراجها من جوفها، وتردُّها إلى الجوف بعد الدق.
قال في القاموس: الجِرَةُ - بكسر الجيم -: هيئةُ الجر وما يفيض به البعيرُ من جوفِه إلى فمِه فيأكلَه ثانية، ثم يرده إلى الجوف بعد دقه ومضغه.
واللُّقمة يتَعلَّلُ بها البعيرُ ويمضغُها إِلى وقت علفه (وإن لُغامها) أي: لغامَ ناقته ولُعابَها (ليسيل) على ظهري (بين كتفيَّ) واللُّغام - بضم اللام بعدها غين معجمة وبعد الألف ميم -: هو اللعاب؛ أي: لعابها وزبدُها الذي يُخرج من فيها، أو هو الزبدُ وَحْدَه. انتهى "سندي"، قال في "القاموس": لَغَمَ الجملُ؛ من باب منع: رَمَى بِلُعابِهِ لزبده، قال: والملاغم: ما حول الفم.
وفيه أيضًا قَصَع الجملُ؛ من باب منع: ابتلع جَرْعَ الماء، وقصعَتِ الناقة بجرتها: رَدَّتْها إلى جوفها أو مضغَتْها، أو هو؛ أي: القَصْعُ: أن تملأ فاها بالجرة أو شدة المضغ.
و(قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته وهو معطوف بعاطف مقدر على خطب (إن الله) عز وجل (قسم) وقدر في كتابه العزيز (لكل وارث نصيبه من الميراث) والتركة؛ أي: بيَّن له حظه ونصيبه الذي فرض له (فلا يجوز لوارث وصية) أي: فلا تجوز وصية لوارث.
الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ،
===
وعبارة الترمذي: (فلا وصية لوارث) لأنها صارت بمنزلة الزيادة له على النصيب الذي قدر له في كتاب الله تعالى، فلا ينبغي ذلك.
قال الأمير الصنعاني في "السبل": الحديث دليل على منع الوصية للوارث، وهو قول الجماهير من العلماء، وذهب الهادي وجماعة إلى جوازها مستدلين بقوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ
…
} الآية (1)، قالوا: ونسخ الوجوب لا ينافي الجواز.
قلنا: نعم؛ لو لم يرد هذا الحديث .. فإنه؛ أي: نسخها ينافي جوازها؛ إذ وجوبها قد علم نسخه من آية المواريث؛ كما قال ابن عباس: كان المال للولد والوصية للوالدين، فنسخ الله من ذلك ما أحب، فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس، وجعل للمرأة الثمن أو الربع، وللزوج الشطر والربع. انتهى.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الخطبة: (الولد للفراش) أي: للأم.
قال في "النهاية": وتسمى المرأة فراشًا؛ لأن الرجل يفترشها؛ أي: الولد منسوب لصاحب الفراش، سواء كان زوجًا أو سيدًا أو واطئًا بشبهة، وليس للزاني في نسبه حظ، إنما الذي جعل له من فعله استحقاق الحد، وهو قوله:(وللعاهر) أي: للزاني (الحجر) - بفتحتين - أي: الخيبة والحرمان من نسب الولد.
قال التوربشتي: يريد أن له الخيبة؛ وهو كقولك: له التراب، والذي فسره بالرجم فقد أخطأ؛ لأن الرجم لا يشرع في سائره.
(1) سورة البقرة: (180).
وَمَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ .. فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ، لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا عَدْلٌ - أَوْ قَالَ -: عَدْلٌ وَلَا صَرْفٌ".
(180)
- 2671 - (2) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ،
===
(ومن ادعى) وانتسب بتشديد الدال؛ أي: انتسب (إلى غير أبيه) وهو يعلم أنه غير أبيه (أو تولى غير مواليه) أي: انتسب بولائه إلى غيرهم حتى صار ولاؤه معروفًا بذلك الغير .. (فعليه) أي: فعلى ذلك المنتسب إلى غير أبيه، أو المتولي لغير مواليه (لعنة الله) تعالى؛ أي: طرده له من رحمته (و) عليه لعنة (الملائكة والناس أجمعين) ولعنتهما: دعاؤهم عليه بلعنة الله تعالى.
وقوله: "أجمعين" تأكيد لكل من الملائكة والناس (لا يقبل منه) أي: من كل منهما (صرف) أي: توبة (ولا عدل) أي: فدية؛ كما في "المختار".
(أو قال) الراوي: (عدل) أي: فرض (ولا صرف) أي: نقل، على خلاف الترتيب الأول، بالشك منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الوصايا، باب ما جاء لا وصية لوارث، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الوصايا، باب إبطال الوصية لوارث.
فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عمرو بن خارجة بحديث أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(180)
- 2671 - (2)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ، حَدَّثَنَا شُرَحْبيلُ بْنُ مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيُّ، سَمِعْتُ أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ عَامَ حِجَّةِ الْوَدَاعِ: "إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ؛ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ".
===
الخطيب، صدوق مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا إسماعيل بن عياش) بن سليم - مصغرًا - العنسي - بالنون - الحمصي، صدوق في روايته عن أهل بلده مخلط في غيرهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وثمانين ومئة (182 هـ). يروي عنه:(عم).
(حدثنا شرحبيل بن مسلم) بن حامد (الخولاني) الشامي، صدوق فيه لين، من الثالثة. يروي عنه:(د ت ق).
قال شرحبيل: (سمعت أبا أمامة الباهلي) صدي بن عجلان الصحابي المشهور، سكن الشام ومات بها سنة ست وثمانين (86 هـ). يروي عنه:(ع) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الحسن؛ لأن رجاله كلهم صدوقون؛ لأن إسماعيل بن عياش روى عن أهل بلده هنا، فهو صدوق، وإذا روى عن غيرهم من أهل العراق والحجاز .. فهو مخلط.
أي: سمعت أبا أمامة (يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع: إن الله) عز وجل (قد أعطى كل ذي حق حقه) أي: بين له حظه ونصيبه الذي فرض له في كتابه (فلا وصية لوارث) جائزة.
واعلم: أن حديث الباب أخرجه الدارقطني من حديث ابن عباس، وزاد في آخره:(إلا أن يشاء الورثة).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال الحافظ في "بلوغ المرام": إسناده حسن، وقال في "الفتح": رجاله ثقات، لكنه معلول، فقيل: إن عطاء الذي رواه عن ابن عباس هو الخراساني، وهو لم يسمع عن ابن عباس.
وأخرجه الدارقطني أيضًا من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعًا: "لا وصية لوارث إلا أن يجيز الورثة" قال الحافظ في "التلخيص": إسناده واه.
وفي هذه الزيادة دليل على أنها تصح وتنفذ الوصية للوراث إن أجازها الورثة، قال العيني في "العمدة": قال المنذري: إنما تبطل الوصية للوارث في قول أكثر أهل العلم؛ من أجل حقوق سائر الورثة، فإذا أجازوها .. جازت؛ كما إذا أجازوا الزيادة على الثلث.
وذهب بعضهم إلى أنها لا تجوز وإن أجازوها؛ لأن المنع لحق الشرع، فلو جوزناها .. كنا قد استعملنا الحكم المنسوخ، وذلك غير جائز، وهو قول أهل الظاهر. انتهى، انتهى من "التحفة".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب البيوع والإجارات، باب في تضمين العارية، وفي كتاب الوصايا، باب في الوصية للوارث، والترمذي في كتاب الوصايا، باب ما جاء لا وصية لوارث، قال أبو عيسى: وفي الباب عن عمرو بن خارجة، وهو حديث حسن صحيح، وقد روي عن أبي أمامة من غير هذا الوجه، فالحديث روي من طرق كثيرة، فكثرتها تجبر ضعفها، فترقى إلى درجة الصحة.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح وإن كان سنده حسنًا؛ لما ذكر آنفًا، وغرضه: الاستشهاد به.
(181)
- 2672 - (3) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ شَابُورَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: إِنِّي لَتَحْتَ نَاقَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَسِيلُ عَلَيَّ لُعَابُهَا،
===
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عمرو بن خارجة بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(181)
- 2672 - (3)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا محمد بن شعيب بن شابور) - بالمعجمة والموحدة - الأموي مولاهم الدمشقي نزيل بيروت، صدوق صحيح الكتاب، من كبار التاسعة، مات سنة مئتين (200 هـ). يروي عنه:(عم).
(حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر) الأزدي أبو عتبة الشامي الداراني، ثقة، من السابعة، مات سنة بضع وخمسين ومئة (153 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن سعيد بن أبي سعيد) كيسان المقبري أبي سعد المدني، ثقة، من الثالثة، تغير قبل موته باربع سنين، مات في حدود العشرين ومئة (120 هـ)، وقيل قبلها، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).
(أنه) أي: أن سعيدًا (حدثه) أي: حدث لعبد الرحمن بن يزيد.
(عن أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أنس: (إني لـ) كائن (تحت) رأس (ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حالة كوني (يسيل علي لعابها) وهذا كناية عن قربه إلى رسول الله
فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ: "إِنَّ اللهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، أَلَا لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ".
===
صلى الله عليه وسلم (فسمعته) صلى الله عليه وسلم (يقول: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه) من الميراث (ألا) أي: انتبهوا واعلموا (لا وصية لوارث).
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه الدارقطني في "سننه" من طريق عبد الرحمن بن يزيد به، ورواه البيهقي في "الكبرى"، من طريق الدارقطني، فذكروا له شاهدًا من حديث خارجة السابقة، رواه أصحاب السنن، وقال الترمذي فيهما: حسن صحيح.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم