المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

. . . . . . . . . . - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٥

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الحدود

- ‌(1) - (861) - بَابٌ: لَا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلَّا فِي ثَلَاثٍ

- ‌(2) - (862) - بَابُ الْمُرْتَدِّ عَنْ دِينِهِ

- ‌(3) - (863) - بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ

- ‌(4) - (864) - بَابُ مَنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

- ‌(5) - (865) - بَابُ السَّتْرِ عَلَى الْمُؤْمِنِ وَدَفْعِ الْحُدُودِ بِالشُّبُهَاتِ

- ‌(6) - (866) - بَابُ الشَّفَاعَةِ فِي الْحُدُودِ

- ‌(7) - (867) - بَابُ حَدِ الزِّنَا

- ‌(8) - (868) - بَابُ مَنْ وَقَعَ عَلَى جَارِيَةِ امْرَأَتِهِ

- ‌(9) - (869) - بَابُ الرَّجْمِ

- ‌(10) - (870) - بَابُ رَجْمِ الْيَهُودِيِّ وَالْيَهُودِيَّةِ

- ‌(11) - (871) - بَابُ مَنْ أَظْهَرَ الْفَاحِشَةَ

- ‌(12) - (872) - بَابُ مَنْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ

- ‌(13) - (873) - بَابُ مَنْ أَتَى ذَاتَ مَحْرَمٍ وَمَنْ أَتَى بَهِيمَةً

- ‌(14) - (874) - بَابُ إِقَامَةِ الْحُدُودِ عَلَى الْإِمَاءِ

- ‌فرع

- ‌(15) - (875) - بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ

- ‌(16) - (876) - بَابُ حَدِّ السَّكْرَانِ

- ‌(17) - (877) - بَابُ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ مِرَارًا

- ‌(18) - (878) - بَابُ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ يَجِبُ عَلَيْهِ الْحَدُّ

- ‌(19) - (879) - بَابُ مَنْ شَهَرَ السِّلَاحَ

- ‌(20) - (880) - بَابُ مَنْ حَارَبَ وَسَعَى فِي الْأَرْضِ فَسَادًا

- ‌(21) - (881) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ .. فَهُوَ شَهِيدٌ

- ‌(22) - (882) - بَابُ حَدِّ السَّارِقِ

- ‌فائدة

- ‌(23) - (883) - بَابُ تَعْلِيقِ الْيَدِ فِي الْعُنُقِ

- ‌(24) - (884) - بَابُ السَّارِقِ يَعْتَرِفُ

- ‌(25) - (885) - بَابُ الْعَبْدِ يَسْرِقُ

- ‌(26) - (886) - بَابُ الْخَائِنِ وَالْمُنْتَهِبِ وَالْمُخْتَلِسِ

- ‌(27) - (887) - بَابٌ: لَا يُقْطَعُ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ

- ‌(28) - (888) - بَابُ مَنْ سَرَقَ مِنَ الْحِرْزِ

- ‌(29) - (889) - بَابُ تَلْقِينِ السَّارِقِ

- ‌(30) - (890) - بَابُ المُسْتَكْرَهِ

- ‌(31) - (891) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِقَامَةِ الْحُدُودِ فِي الْمَسَاجِدِ

- ‌(32) - (892) - بَابُ التَّعْزِيرِ

- ‌تتمة

- ‌(33) - (893) - بَابٌ: الْحَدُّ كفَّارَةٌ

- ‌(34) - (894) - بَابُ الرَّجُلِ يَجِدُ مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا

- ‌(35) - (895) - بَابُ مَنْ تَزَوَّجَ أمْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ

- ‌(36) - (896) - بَابُ مَنِ ادَّعَى إِلَى غَيْرِ أَبِيهِ أَوْ تَوَلَّى غَيْرَ مَوَالِيهِ

- ‌تتمة

- ‌(37) - (897) - بَابُ مَنْ نَفَى رَجُلًا مِنْ قَبِيلَتِهِ

- ‌(38) - (898) - بَابُ الْمُخَنَّثِينَ

- ‌كتابُ الدّيات

- ‌(39) - (899) - بَابُ التَّغْلِيظِ فِي قَتْلِ مُسْلِمٍ ظُلْمًا

- ‌(40) - (900) - بَابُ هَلْ لِقَاتِلِ مُؤْمِنٍ تَوْبَةٌ

- ‌تتمة

- ‌(41) - (901) - بَابٌ: مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ .. فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِحْدَى ثَلَاثٍ

- ‌(42) - (902) - بَابُ مَنْ قَتَلَ عَمْدًا فَرَضُوا بِالدِّيَةِ

- ‌(43) - (903) - بَابٌ: دِيَةُ شِبْهِ الْعَمْدِ مُغَلَّظَةٌ

- ‌تتمة

- ‌(44) - (904) - بَابُ دِيَةِ الْخَطَأَ

- ‌(45) - (905) - بَابُ الدِّيَةِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَاقِلَةٌ .. فَفِي بَيْتِ الْمَالِ

- ‌(46) - (906) - بَابُ مَنْ حَالَ بَيْنَ وَلِيِّ الْمَقْتُولِ وَبَيْنَ الْقَوَدِ أَوِ الدِّيَةِ

- ‌(47) - (907) - بَابُ مَا لَا قَوَدَ فِيهِ

- ‌(48) - (908) - بَابُ الْجَارِحِ يُفْتَدَى بِالْقَوَدِ

- ‌تتمة في ترجمة أبي الجهم

- ‌(49) - (909) - بَابُ دِيَةِ الْجَنِينِ

- ‌(50) - (910) - بَابُ الْمِيرَاثِ مِنَ الدِّيَةِ

- ‌(51) - (911) - بَابُ دِيَةِ الْكَافِرِ

- ‌(52) - (912) - بَابٌ: الْقَاتِلُ لَا يَرِثُ

- ‌(53) - (913) - بَابٌ: عَقْلُ الْمَرْأَةِ عَلَى عَصَبَتِهَا وَمِيرَاثُهَا لِوَلَدِهَا

- ‌(54) - (914) - بَابُ الْقِصَاصِ فِي السِّنِّ

- ‌تتمة في دفع التعارض الواقع بين الروايات المختلفة الواقعة في هذه القصة

- ‌(55) - (915) - بَابُ دِيَةِ الْأَسْنَانِ

- ‌(56) - (916) - بَابُ دِيَةِ الْأَصَابِعِ

- ‌(57) - (917) - بَابُ الْمُوضِحَةِ

- ‌(58) - (918) - بَابُ مَنْ عَضَّ رَجُلًا فَنَزَعَ يَدَهُ فَنَدَرَ ثَنَايَاهُ

- ‌(59) - (919) - بَابٌ: لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ

- ‌(60) - (920) - بَابٌ: لا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِوَلَدِهِ

- ‌(61) - (921) - بَابُ هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ بِالْعَبْدِ

- ‌(62) - (922) - بَابٌ: يُقْتَادُ مِنَ الْقَاتِلِ كمَا قَتَلَ

- ‌(63) - (923) بَابٌ: لَا قَوَدَ إِلَّا بِالسَّيْفِ

- ‌(64) - (924) - بَابٌ: لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ

- ‌(65) - (925) - بَابُ الْجُبَارِ

- ‌(66) - (926) - بَابُ الْقَسَامَةِ

- ‌(67) - (927) - بَابٌ: مَنْ مَثَّلَ بِعَبْدِهِ .. فَهُوَ حُرٌّ

- ‌(68) - (928) - بَابٌ: أَعَفُّ النَّاسِ قِتْلَةً أَهْلُ الْإِيمَانِ

- ‌(69) - (929) - بَابٌ: الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ

- ‌(70) - (930) - بَابُ مَنْ قَتَلَ مُعَاهِدًا

- ‌(71) - (931) - بَابُ مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ فَقَتَلَهُ

- ‌(72) - (932) - بَابُ الْعَفْوِ عَنِ الْقَاتِلِ

- ‌(73) - (933) - بَابُ الْعَفْوِ فِي الْقِصَاصِ

- ‌(74) - (934) - بَابُ الحَامِلِ يَجِبُ عَلَيْهَا الْقَوَدُ

- ‌كتاب الوصايا

- ‌(75) - (935) - بَابٌ: هَلْ أَوْصَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(76) - (936) - بَابُ الْحَثِّ عَلَى الْوَصِيَّةِ

- ‌(77) - (937) - بَابُ الْحَيْفِ فِي الْوَصِيَّةِ

- ‌(78) - (938) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْإِمْسَاكِ فِي الْحَيَاةِ وَالتَّبْذِيرِ عِنْدَ الْمَوْتِ

- ‌(79) - (939) - بَابُ الْوَصِيَّةِ بِالثُّلُثِ

- ‌(80) - (940) - بَابُ لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ

- ‌(81) - (941) - بَابٌ: الدَّيْنُ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ

- ‌(82) - (942) - بَابُ مَنْ مَاتَ وَلَمْ يُوصِ هَلْ يُتَصَدَّقُ عَنْهُ

- ‌(83) - (943) - بَابُ قَولِهِ: {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ}

الفصل: . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

اتفاقًا لا أنه شُرِطَ ذلك في قطع السارق، وليس في لفظها ما يدلُّ على تقدير النصاب بذلك. انتهى من "الكوكب".

‌فائدة

اختلف الفقهاء في نصاب السرقة على أحد عشر قولًا:

الأول: ليس للسرقة نصاب معين؛ فيقطع السارق في كلّ قليل وكثير، وهذا مذهب داوود الظاهري والخوارج.

الثاني: نصابها درهم؛ فيقطع في درهم واحد فصاعدًا، وهو قول عثمان البستي، كذا حكى عنه ابن عبد البر في "الاستذكار" كما في "عمدة القاري"(11/ 837)، وهو قول ربيعة من أهل المدينة؛ كما في "فتح الباري"(67/ 101).

الثالث: نصابه درهمان، حكاه قتادة عن الحسن البصري؛ كما في "العمدة".

الرابع: نصابها ثلاثة دراهم، حكاه العيني عن الإمام مالك رحمه الله تعالى، والصحيح من مذهبه أن نصابها الأكثر من ربع دينار وثلاثة دراهم؛ فلا يقطع من سرق دون ذلك الأكثر منهما.

الخامس: نصابها من المذهب ربع دينار، ومن الفضة ثلاثة دراهم، ومن غيرهما قيمة ثلاثة دراهم، وهو رواية الجوزجاني عن أحمد، وروى عنه الأشرم أن غير الذهب والفضة يقوم بأقل الأمرين منهما؛ من ربع دينار أو ثلاثة دراهم، كذا في "المغني" لابن قدامة (10/ 242).

السادس: نصابها ثلاثة دراهم لا ربع دينار؛ فالأصل هو الورق، ويقوم به الذهب؛ فإن نقص ربع عن ثلاثة دراهم .. لَمْ يقطع سارقه، ويحكى ذلك عن الليث بن سعد وأبي ثور، وهو رواية عن أحمد؛ كما في "المغني".

السابع: نصابها ربع دينار لا ثلاثة دراهم؛ فكل شيء يقوم بالذهب حتى

ص: 169

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الدراهم تقوم به، وهو مذهب الشافعي رحمه الله تعالى؛ كما في "نهاية المحتاج" للرملي (7/ 419).

الثامن: نصابها أربعة دراهم، وهو مروي عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله تعالى عنهما؛ كما في "عمدة القاري"(11/ 137)، و"المغني" لابن قدامة (10/ 242).

التاسع: نصابها خمسة دراهم، أخرجه عبد الرزاق في "مصنفه"(10/ 237) عن أنس، وابنُ أبي شيبة في "مصنفه"(9/ 472)، والدارقطني في "سننه"(3/ 186) عن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه؛ كما في "فتح الباري"(12/ 107).

العاشر: نصابها عشرة دراهم أو دينار واحد، وهو مذهب أبي حنيفة وصاحبيه؛ كما في "المغني" و" فتح الباري".

الحادي عشر: نصابها أربعون درهمًا أو أربعة دنانير، روي ذلك عن إبراهيم النخعي؛ كما في "العمدة" و"الفتح" و"المغني".

فهذه أحد عشر قولًا، زاد عليها الحافظ في "الفتح" أقوالًا أخر، فبَلَّغها إلى عشرين مذهبًا.

قال القرطبي: وهذه كلها أقوال متكافئة خلية عن الأدلة الواضحة الشافية. انتهى "مفهم".

والحاصل: أن الأئمة الثلاثة الحجازيين اعتبروا ربع دينار أو ثلاثة دراهم نصابًا على خلاف بينهم في بعض التفاصيل، وخالفهم الحنفية، فاعتبروا عشرة دراهم أو دينارًا واحدًا، والله أعلم.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث؛ أعني: حديث ابن عمر: البخاري في

ص: 170

(52)

- 2543 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ الْعُثْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّ عَمْرَةَ أَخْبَرَتْهُ، عَنْ عَائِشَةَ

===

كتاب الحدود، باب قول الله تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} (1)، ومسلم في كتاب الحدود، باب حد السرقة، ومالك في "الموطأ" في كتاب الحدود، باب ما يجب فيه القطع.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث عائشة رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(52)

- 2543 - (3)(حدثنا أبو مروان العثماني) محمد بن عثمان بن خالد الأموي المدني، نزيل مكة، صدوق يخطئ، من العاشرة، مات سنة إحدى وأربعين ومئتين (241 هـ). يروي عنه:(س ق).

(حدثنا إبراهيم بن سعد) بن إبراهيم بن عبد الرَّحمن بن عوف الزهري المدني نزيل بغداد، ثقةٌ، من الثامنة، مات سنة خمس وثمانين ومئة (185 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) محمد بن مسلم (ابن شهاب) إمام حجة، من الرابعة، مات سنة خمس وعشرين ومئة، وقيل: قبل ذلك بسنة او سنتين. يروي عنه: (ع).

(أن عمرة) بنت عبد الرَّحمن بن سعد الأنصارية، ثقةٌ، من الثالثة، ماتت قبل المئة، ويقال بعدها. يروي عنها:(ع).

(أخبرته) أي: أخبرت ابن شهاب، (عن عائشة) رضي الله تعالى عنها.

(1) سورة المائدة: (38).

ص: 171

قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تُقْطَعُ الْيَدُ إِلَّا فِي رُبُعِ دِينَارٍ فَصَاعِدًا".

===

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(قالت) عائشة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقطع اليد) أي: يد السارق وكذا السارقة (إلَّا في) أخذ (ربع دينار فـ) ما زاد عليه، حالة كون ما زاد (صاعدًا) قدره إلى فوق؛ أي: إلى ما لا نهاية له؛ أي: لا تقطع يد السارق والسارقة إلَّا في سرقة ربع دينار أو ما قيمته ذلك، وإلا فيما زاد على ربع دينار، حالة كون ما زاد صاعدًا إلى فوق.

والفاء في قوله: "فصاعدًا" عاطفة لمحذوف على ربع دينار، صاعدًا حال من الضمير المستتر في عاملها المحذوف؛ وهو زاد.

وقوله: "لا تقطع اليد" أي: يد السارق بقرينة المقام؛ أي: يمينه؛ والمراد بالسارق: جنسه، فيشمل السارقة.

وفي "الفتح": إن قطع السارق كان معلومًا عندهم قبل الإسلام، فنزل القرآن بقطع السارق، فاستمر الحال فيه، وقد عقد ابن الكلبي بابًا لمن قطع في الجاهلية بسبب السرقة.

وقولنا: والمراد بالسارق: جنسه، فيشمل السارقة، أو يقال: يعرف حكمها بنص الآية والمقايسة؛ والمراد: يمينه؛ لقراءة ابن مسعود: (فاقطعوا أيمانهما)(1)، والمراد بقطعهما: قطعها إلى الرسغ، وقد أجمع المسلمون على أن اليمنى تقطع إذا وجدت؛ لأنَّها الأصل في محاولة كلّ الأعمال.

والسرقة: هي أخذ مال خفية ليس للآخذ أخذه من حرز مثله لا شبهة له فيه؛ فلا يقطع مختلس ولا منتهب وجاحد لنحو وديعة، وعند الترمذي مما

(1) سورة المائدة: (38).

ص: 172

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

صححه: (ليس على المختلس والمنتهب والخائن قطع).

قال القرطبي: وإنما خص الشرع القطع بالسارق؛ لأن آخذ الشيء مجاهرةً يمكن أن يسترجع منه غالبًا، والخائن مكنه رب الشيء منه، وكان ممكنًا من الاستيثاق بالبينة، وكذلك المعير، ولا يمكن شيء من ذلك في السرقة، فبالغ الشرع في الزجر عنها بما انْفَردَتْ به عن غيرها من قطع اليد. انتهى.

والمنتهب: من يأخذ المال جهارًا اعتمادًا على قوته، والمختلس: من يأخذه اعتمادًا على هربه.

قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: صان الله تعالى الأموال بإيجاب القطع على السارق، ولم يجعل ذلك في غير السرقة، كالاختلاس والانتهاب والغصب؛ لأن ذلك قليل بالنسبة إلى السرقة، ولأنه يمكن استرجاع هذا النوع بالاستعداء إلى ولاة الأمور وتسهل إقامة البينة عليه، بخلاف السرقة؛ فإنه يتندر إقامة البينة عليها، فعظم أمرها واشتدت عقوبتها؛ ليكون أبلغ في الزجر عنها، وقد أجمع المسلمون على قطع السارق في الجملة، وإن اختلفوا في فروع منه. انتهى.

قوله: "في ربع دينار" بضم الباء وقد يسكن.

قوله: "فصاعدًا" قال صاحب "المحكم": يختص هذا العطف بالفاء، وتَجوزُ ثُمَّ بدلها، ولا تجوز الواو.

وقال ابن جني: هو منصوب على الحال المؤكدة لعاملها، وصاحبها محذوف وجوبًا؛ تقديره: ولو زاد العدد، حالة كونه صاعدًا، ومن المعلوم أنه إذا زاد .. لَمْ يكن إلَّا صاعدًا، ولقد بسطنا الكلام على هذه الحال في كتابنا "نزهة الألباب على ملحة الإعراب"، فراجعه إن شئت الخوض فيما في هذا المقام.

وتمسَّكَ الشافعيُّ رحمه الله تعالى بهذا الحديث؛ في أن نصاب السرقة

ص: 173

(53)

- 2544 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الْمَخْزُومِيُّ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ، حَدَّثَنَا أَبُو وَاقِدٍ،

===

ربع دينار، والدينار قيمته اثنا عشر درهمًا، وربعه ثلاثة دراهم، وقد تقدم لك اختلاف الفقهاء في تحديد نصاب السرقة اختلافًا كَثيرًا.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحدود، ومسلم في كتاب الحدود، باب السرقة ونصابها، وأبو داوود في كتاب الحدود، والترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء في كم تقطع يد السارق، والنسائي في كتاب قطع السارق، باب ما تقطع فيه اليد، ومالك في "الموطأ".

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه أيضًا: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث أبي هريرة بحديث سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(53)

- 2544 - (4)(حدثنا محمد بن بشار) العبدي البصري، ثقةٌ، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه (ع).

(حدثنا أبو هشام) المغيرة بن سلمة (المخزومي) البصري، ثقةٌ، من صغار التاسعة، مات سنة مئتين (200 هـ). يروي عنه:(م د س ق).

(حدثنا وهيب) - بالتصغير - ابن خالد بن عجلان الباهلي مولاهم أبو بكر البصري، ثقةٌ ثبت، لكنه تغير قليلًا بأخرة، من السابعة، مات سنة خمس وستين ومئة (165 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(ع).

(حدثنا أبو واقد) صالح بن محمد بن زائدة الليثي المدني الصغير، ضعيف، من الخامسة، مات بعد الأربعين ومئة. يروي عنه:(عم).

ص: 174

عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"تُقْطَعُ يَدُ السَّارِقِ فِي ثَمَنِ الْمِجَنِّ".

===

(عن عامر بن سعد) بن أبي وقاص الزهري المدني، ثقةٌ، من الثالثة، مات سنة أربع ومئة (104 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبيه) سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف؛ لأن فيه أبا واقد الليثي، وهو متفق على ضعفه.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تقطع يد السارق في ثمن المجن") وقيمته؛ والمراد بالثمن: القيمة؛ إذ الشيء يحد ويعرف بالقيم لا بالأثمان؛ ثم المراد: مجن معين؛ وهو ما قيمته ربع دينار، والمجن عندهم غالبًا: ما كان أقلّ من ربع دينار، وإلا .. فالمجن مختلف القيمة، فلا يصلح للضبط.

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجة، ولكن رواه الإمام أحمد في "مسنده" من حديث سعد بن أبي وقاص، وله شاهد في "الصحيحين" وغيرهما، من حديث أبي هريرة وابن عمر وعائشة، وهي المذكورة للمؤلف في هذا الباب.

ودرجته: أنه صحيح المتن بما قبله من الأحاديث الثلاثة، وسنده ضعيف؛ لما تقدم آنفًا، فهذا الحديث: ضعيف السند، صحيح المتن، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:

الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 175