الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(64) - (924) - بَابٌ: لَا يَجْنِي أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ
(136)
- 2627 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَص، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْأَحْوَص، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ: "أَلَا لَا يَجْنِي
===
(64)
- (924) - (باب: لا يجني أحد على أحد)
(136)
- 2627 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة متقن، من العاشرة.
(حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي مولاهم الكوفي، ثقة متقن صاحب حديث، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن شبيب بن غرقدة) - بمعجمة وقاف - ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(ع).
(عن سليمان بن عمرو بن الأحوص) الجشمي - بضم الجيم وفتح المعجمة - كوفي مقبول، من الثالثة. يروي عنه:(عم).
(عن أبيه) عمرو بن الأحوص الجشمي - بضم الجيم وفتح المعجمة - الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، له حديث واحد في حجة الوداع. يروي عنه:(عم).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) عمرو بن الأحوص رضي الله عنه (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في حجة الوداع) في خطبته يوم عرفة: (ألا) حرف تنبيه واستفتاح؛ أي: انتبهوا من غفلتكم واستمعوا ما أقول لكم من المواعظ من أنه (لا يجني)
جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِه، لَا يَجْنِي وَالِدٌ عَلَى وَلَدِه، وَلَا مَوْلُودٌ عَلَى وَالِدِهِ".
===
أي: لا يتعدى (جان) منكم؛ أي: لا يتعدى أحد منكم على غيره بظلم ولا جناية، سواء كانت من الكبائر أو غيرها؛ كالسب والشتم .. (إلا) كانت عقوبتها في الدنيا أو في الآخرة (على نفسه) أي: على نفس ذلك الجاني، سواء كانت جنايته على غيره كبيرة؛ كالقتل والقذف، أو صغيرة؛ كالسب.
و(لا يجني) أي: لا يتعدى (والد) منكم أيها الناس (على ولده) وإن سفل؛ بأن سبه أو ضربه بغير حق .. إلا كانت تلك الجناية؛ أي: عقوبتها على ذلك الوالد الجاني (ولا) يجني (مولود) أي: ولد (على والده) بأن عق عليه وقطع بره الواجب له عليه أو سبه أو لعنه .. إلا كانت عقوبة تلك الجناية على ذلك الولد العاق على والده؛ كما قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا} (1)، وقال تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (2)، وكما قال:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (3).
قال السندي: فجناية كل واحد منهما قاصرة عليه لا تتعداه إلى غيره، سواء كانت تلك العقوبة في الدنيا؛ كالقصاص إن اقتص منه، وكعذاب جهنم إن لم يقتص منه، قال في "النهاية": الجناية: الذنب والجرم وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العذاب أو القصاص في الدنيا والآخرة.
والمعنى: أنه لا يطالب بجناية غيره من أقاربه وأباعده، فإذا جنى أحدهما جنايةً .. لا يعاقب بها الآخر؛ كقوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} .
ولفظ الترمذي في (باب ما جاء في تحريم الدماء والأموال)(6/ 376):
(1) سورة فصلت: (46).
(2)
سورة الأنعام: (164).
(3)
سورة البقرة: (286).
(137)
- 2628 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ نُمَيْرٍ،
===
(ألا لا يجني جان إلا على نفسه، ألا لا يجني جان على ولده، ولا مولود على والده).
قال في "تحفة الأحوذي": يحتمل أن يكون المراد: النهي عن الجناية عليه؛ لاختصاصها بمزيد قبح، ويحتمل أن يكون المراد تأكيد قوله:"لا يجني جان إلا على نفسه"، فإن عادتهم جرت بأنهم يأخذون أقارب الشخص بجنايته.
والحاصل: أن هذا ظلم يؤدي إلى ظلم آخر، والأظهر أن هذا نفي، فيوافق قوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (1)، وإنما خص الولد والوالد؛ لأنهما أقرب الأقارب، فإذا لم يؤاخذا بفعله .. فغيرهما أولى، وفي رواية:"لا يؤاخذ الرجل بجريمة أبيه"، وضبط بالوجهين النفي والنهي. انتهى من "تحفة الأحوذي"(6/ 376).
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث عمرو بن الأحوص بحديث طارق المحاربي رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(137)
- 2628 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).
(حدثنا عبد الله بن نمير) الهمداني الكوفي، من التاسعة، مات سنة تسع وتسعين ومئة (199 هـ). يروي عنه:(ع).
(1) سورة الأنعام: (164).
عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنَا جَامِعُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ طَارِقٍ الْمُحَارِبِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَتَّى رَأَيْتُ بَيَاضَ إِبْطَيْهِ
===
(عن يزيد بن أبي زياد) القرشي الهاشمي أبي عبد الله مولاهم الكوفي رأى أنسًا.
وقال في "التقريب": ضعيف وصار يتلقن، وكان شيعيًّا، من الخامسة، مات سنة ست وثلاثين ومئة (136 هـ). انتهى "تقريب".
وقال يعقوب بن سفيان: ويزيد وإن كانوا يتكلمون فيه لتغيره، فهو على العدالة والثقة، وإن لم يكن مثل الحكم ومنصور، وقال ابن شاهين في "الثقات": قال أحمد بن صالح المصري: يزيد بن أبي زياد ثقة، ولا يعجبني قول من تكلم فيه، وقال ابن سعد: كان ثقةً في نفسه إلا أنه اختلط في آخر عمره، فجاء بالعجائب. انتهى منه. يروي عنه:(م عم).
(حدثنا جامع بن شداد) المحاربي أبو صخرة الكوفي، ثقة، من الخامسة، مات سنة سبع، ويقال: سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه: (ع).
(عن طارق) بن عبد الله (المحاربي) الكوفي الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، له حديثان أو ثلاثة. يروي عنه:(عم).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) طارق: (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه) رفعًا بليغًا (حتى رأيت بياض) وعفرة (إبطيه) تثنية إبط؛ وهو الموضع المنخفض تحت العضد.
وفي "المختار": الإبط - بسكون الباء -: ما تحت الجناح، يذكر ويؤنث، والجمع آباط. انتهى.
يَقُولُ: "أَلَا لَا تَجْنِي أُمٌّ عَلَى وَلَدٍ، أَلَا لَا تَجْنِي أُمٌّ عَلَى وَلَدٍ".
(138)
- 2629 - (3) حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ رَافعٍ،
===
أي: سمعته حالة كونه (يقول: ألا) حرف تنبيه؛ أي: انتبهوا واستمعوا ما أقول لكم؛ وهو قولي: (لا تجني) ولا تتعدى (أم) أي: والدة (على ولد) ها بسبه وضربه ولعنه؛ فإن عقوبة كل جناية ومظلمة على جانيها لا يحمل عنه غيره، وكرره ثانيًا بقوله:(ألا لا تجني أم على ولد) تأكيدًا ومبالغة في الزجر والردع.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن رواه أبو بكر بن أبي شيبة في "مسنده" ضمن حديث طويل، وروى النسائي طرفًا منه في كتاب القسامة، باب لا يؤخذ أحد بجريرة أحد، ورواه الدارقطني في "سننه" من حديث طارق بن عبد الله أيضًا، وله شاهد من حديث عمرو بن الأحوص، رواه أصحاب "السنن الأربعة" يعني: المذكور في أول هذا الباب، ورواه ابن حبان في "صحيحه" في كتاب المغازي والسير، باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام وما لقيه، وهو حديث طويل.
قال البوصيري: هذا حديث صحيح رجاله ثقات، له شواهد.
فدرجته: أنه صحيح، وغرضه: الاستشهاد به لحديت عمرو بن الأحوص.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عمرو بن الأحوص بحديث الخشخاش العنبري رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(138)
- 2629 - (3)(حدثنا عمرو بن رافع) بن الفرات القزويني البجلي، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة سبع وثلاثين ومئتين (237 هـ). يروي عنه:(ق).
حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يُونُسَ، عَنْ حُصيْنِ بْنِ أَبِي الْحُرِّ، عَنِ الْخَشْخَاشِ الْعَنْبَرِيِّ قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَعِي ابْنِي فَقَالَ: "لَا تَجْنِي عَلَيْهِ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ".
===
(حدثنا هشيم) بن بشير - بوزن عظيم - ابن القاسم بن دينار السلمي الواسطي، ثقة ثبت كثير التدليس والإرسال الخفي، من السابعة، مات سنة ثلاث وثمانين ومئة (183 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يونس) بن عبيد بن دينار العبدي البصري، ثقة ثبت فاضل ورع، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن حصين بن أبي الحر) مالك بن الخشخاش - بمعجمتين - وهو ابن أبي الحر التميمي العنبري أبو القلوص - بفتح القاف وضم اللام الخفيفة ثم مهملة - ثقة، من الثانية، عَمِلَ لِعُمَرَ بن الخطاب، ثم عاشَ إلى قرب التسعين. يروي عنه:(س ق).
(عن الخشخاش العنبري) جد حُصين بن أبي الحر الصحابي الجليل رضي الله تعالى عنه. يروي عنه: (ق).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
(قال) الخشخاش: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم ومعي ابني، فقال) لي: (لا تجني) ولا تتعدى ولا تظلم يا خشخاش (عليه) أي: على ولدك هذا (ولا يجني) ولدك هذا (عليك) يا خشخاش؛ لأن كل نفس عليها عقوبة جنايتها، لا يحمل عنها غيرها، ولو كان أقرب قريب وأصدق صديق؛ كما قال تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} (1).
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، لكن رواه ابن أبي شيبة في "مسنده"
(1) سورة الأنعام: (164).
(139)
- 2630 - (4) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عَقِيلٍ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا أَبُو الْعَوَّامِ الْقَطَّانُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُحَادَةَ،
===
عن سعيد بن سليمان عن هشيم به، ورواه أحمد بن منيع في "مسنده"، ورواه أبو يعلى الموصلي في "مسنده": حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي، أنبأنا يونس أخبرني مخبر عن حصين فذكره، ورجال إسناده كلهم ثقات إلا أن هشيمًا كان يدلس، وليس للخشخاش عند ابن ماجه سوى هذا الحديث، وليس له شيء في الأصول الخمسة.
فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثالثًا لحديث عمرو بن الأحوص بحديث أسامة بن شريك رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(139)
- 2630 - (4)(حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عقيل) - مكبرًا - الهلالي أبو مسعود البصري، صدوق، من الحادية عشرة. يروي عنه:(د س ق).
(حدثنا عمرو بن عاصم) بن عبيد الله الكلابي القيسي أبو عثمان البصري، صدوق في حفظه شيء، من صغار التاسعة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا أبو العوام القطان) عمران بن داور - بفتح الواو بعدها راء - البصري، صدوق يهم ورمي برأي الخوارج، من السابعة، مات بين الستين والسبعين. يروي عنه:(عم).
(عن محمد بن جحادة) - بضم الجيم وتخفيف المهملة - ثقة، من الخامسة، مات سنة إحدى وثلاثين ومئة (131 هـ). يروي عنه:(ع).
عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ شَرِيكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَا تَجْنِي نَفْسٌ عَلَى أُخْرَى".
===
(عن زياد بن علاقة) - بكسر المهملة وبالقاف - الثعلبي - بالمثلثة والمهملة - أبي مالك الكوفي، ثقة رمي بالنصب، من الثالثة، مات سنة خمس وثلاثين ومئة (135 هـ)، وقد جاوز المئة. يروي عنه:(ع).
(عن أسامة بن شريك) الثعلبي - بالمثلثة والمهملة - الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، تفرد بالرواية عنه زياد بن علاقة على الصحيح. يروي عنه:(م عم).
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(قال) أسامة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجني) ولا تتعدى (نفس على) نفس (أخرى) .. إلا كانت عقوبة جنايتها عليها لا على غيرها، ولو كانت تلك الأخرى قريبها أو صديقها.
وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، قال البوصيري: إسناده صحيح، رجاله ثقات، ومحمد بن عبد الله ذكره ابن حبان في "الثقات"، وأبو العوام قد وثقه الجمهور وإن ضعفه النسائي، وباقي رجال الإسناد على شرط الشيخين.
ودرجته: أنه صحيح، لصحة سنده، وغرضه: الاستشهاد به.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: أربعة أحاديث:
الأول للاستدلال، والبواقي للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم