المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(2) - (1149) - باب النهي عن اقتناء الكلب إلا كلب صيد أو حرث أو ماشية - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الصَّيْد

- ‌(1) - (1148) - بَابُ قَتْلِ الْكِلَابِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ

- ‌(2) - (1149) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ إِلَّا كلْبَ صَيْدٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ

- ‌(3) - (1150) - بَابُ صَيْدِ الْكَلْبِ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(4) - (1151) - بَابُ صَيْدِ كَلْبِ الْمَجُوسِ وَالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ

- ‌(5) - (1152) - بَابُ صَيْدِ الْقَوْسِ

- ‌(6) - (1153) - بَابُ الصَّيْدِ يَغِيبُ لَيْلَةً

- ‌(7) - (1154) - بَابُ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ

- ‌(8) - (1155) - بَابُ مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ

- ‌(9) - (1156) - بَابُ صَيْدِ الْحِيتَانِ وَالْجَرَادِ

- ‌(10) - (1157) - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْ قَتْلِهِ

- ‌(11) - (1158) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ

- ‌(12) - (1159) - بَابُ قَتْلِ الْوَزَغِ

- ‌(13) - (1160) - بَابُ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ

- ‌تنبيه

- ‌فائدة

- ‌(14) - (1161) - بَابُ الذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ

- ‌(15) - (1162) - بَابُ الضَّبُعِ

- ‌(16) - (1163) - بَابُ الضَّبِّ

- ‌(17) - (1164) - بَابُ الْأَرْنَبِ

- ‌(18) - (1165) - بَابُ الطَّافِي مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ

- ‌(19) - (1166) - بَابُ الْغُرَابِ

- ‌(20) - (1167) - بَابُ الْهِرَّةِ

- ‌كتاب الأَطعِمة

- ‌(21) - (1168) - بَابُ إِطْعَامِ الطَّعَامِ

- ‌(22) - (1169) - بَابُ طَعَامِ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ

- ‌(23) - (1170) - بَابٌ: الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعىً وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ

- ‌فائدة

- ‌تتمة

- ‌(24) - (1171) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُعَابَ الطَّعَامُ

- ‌(25) - (1172) - بَابُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الطَّعَامِ

- ‌(26) - (1173) - بَابُ الْأَكْلِ مُتَّكِئًا

- ‌(27) - (1174) - بَابُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الطَّعَامِ

- ‌(28) - (1175) - بَابُ الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌(29) - (1176) - بَاب لَعْقِ الْأَصَابِعِ

- ‌(30) - (1177) - بَابُ تَنْقِيَةِ الصَّحْفَةِ

- ‌(31) - (1178) - بَابُ الْأَكْلِ مِمَّا يَلِيكَ

- ‌(32) - (1179) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ مِنْ ذُرْوَةِ الثَّرِيدِ

- ‌(33) - (1180) - بَابُ اللُّقْمَةِ إِذَا سَقَطَتْ

- ‌(34) - (1181) - بَابُ فَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطعَامِ

- ‌(35) - (1182) - بَابُ مَسْحِ الْيَدِ بَعْدَ الطعَامِ

- ‌(36) - (1183) - بَابُ مَا يُقَالُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الطَّعَامِ

- ‌(37) - (1184) - بَابُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ

- ‌(38) - (1185) - بَابُ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ

- ‌(39) - (1186) - بَابٌ: إِذَا أَتَاهُ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ .. فَلْيُنَاوِلْهُ مِنْهُ

- ‌(40) - (1187) - بَابُ الْأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ

- ‌(41) - (1188) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَامَ عَنِ الطَّعَامِ حَتَّى يُرْفَعَ، وَأَنْ يَكُفَّ يَدَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ

- ‌(42) - (1189) - بَابُ مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ

- ‌(43) - (1190) - بَابُ عَرْضِ الطَّعَامِ

- ‌(44) - (1191) - بَابُ الْأَكلِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(45) - (1192) - بَابُ الْأَكْلِ قَائِمًا

- ‌فائدة

- ‌(46) - (1193) - بَابُ الدُّبَّاءِ

- ‌(47) - (1194) - بَابُ اللَّحْمِ

- ‌(48) - (1195) - بَابُ أَطَايِبِ اللَّحْمِ

- ‌(49) - (1196) - بَابُ الشِّوَاءِ

- ‌(50) - (1197) - بَابُ الْقَدِيدِ

- ‌(51) - (1198) - بَابُ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ

- ‌(52) - (1199) - بَابُ الْمِلْحِ

- ‌(53) - (1200) - بَابُ الائْتِدَامِ بِالْخَلِّ

- ‌(54) - (1201) - بَابُ الزَّيْتِ

- ‌(55) - (1202) - بَابُ اللَّبَنِ

- ‌(56) - (1203) - بَابُ الْحَلْوَاءِ

- ‌(57) - (1204) - بَابُ الْقِثَّاءِ وَالرُّطَبِ يُجْمَعَانِ

- ‌(58) - (1205) - بَابُ التَّمْرِ

- ‌(59) - (1206) - بَابُ إِذَا أُتِيَ بِأَوَّلِ الثَّمَرَةِ

- ‌(60) - (1207) - بَابُ أَكلِ الْبَلَحِ بِالتَّمْرِ

- ‌(61) - (1208) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ قِرَانِ التَّمْرِ

- ‌(62) - (1209) - بَابُ تَفْتِيشِ التَّمْرِ

- ‌(63) - (1210) - بَابُ التَّمْرِ بِالزُّبْدِ

- ‌(64) - (1211) - بَابُ الْحُوَّارَى

- ‌(65) - (1212) - بَابُ الرُّقَاقِ

- ‌(66) - (1213) - بَابُ الْفَالُوذَجِ

- ‌(67) - (1214) - بَابُ الْخُبْزِ المُلَبَّقِ بِالسَّمْنِ

- ‌فائدة

- ‌(68) - (1215) - بَابُ خُبْزِ الْبُرِّ

- ‌(69) - (1216) - بَابُ خُبْزِ الشَّعِيرِ

- ‌(70) - (1217) - بَابُ الاقْتِصَادِ فِي الْأَكلِ وَكَرَاهَةُ الشِّبَعِ

- ‌(71) - (1218) - بَابٌ: مِنَ الْإِسْرَافِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ

- ‌(72) - (1219) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِلْقَاءِ الطَّعَامِ

- ‌(73) - (1220) - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْجُوعِ

- ‌(74) - (1221) - بَابُ تَرْكِ الْعَشَاءِ

- ‌(75) - (1222) - بَابُ الضِّيَافَةِ

- ‌(76) - (1223) - بَابٌ: إِذَا رَأَى الضَّيْفُ مُنْكَرًا .. رَجَعَ

- ‌(77) - (1224) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ السَّمْنِ وَاللَّحْمِ

- ‌(78) - (1225) - بَابٌ: مَنْ طَبَخَ .. فَلْيُكْثِرْ مَاءَهُ

- ‌(79) - (1226) - بَابُ أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ

- ‌(80) - (1227) - بَابُ أَكْلِ الْجُبْنِ وَالسَّمْنِ

- ‌تنبيه

- ‌(81) - (1228) - بَابُ أَكْلِ الثِّمَارِ

- ‌(82) - (1229) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ مُنْبَطِحًا

الفصل: ‌(2) - (1149) - باب النهي عن اقتناء الكلب إلا كلب صيد أو حرث أو ماشية

(2) - (1149) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ إِلَّا كلْبَ صَيْدٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ

(3)

- 3148 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ، حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ

===

(2)

- (1149) - (باب النهي عن اقتناء الكلب إلا كلب صيد أو حرث أو ماشية)

(3)

- 3148 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق خطيب مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الشامي، ثقة كثير التدليس والتسوية، من الثامنة، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).

(حدثنا) عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرو (الأوزاعي) أبو عمرو الفقيه الشامي، ثقة فاضل، من السابعة، مات سنة سبع وخمسين ومئة (157 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثني يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي اليمامي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).

(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

ص: 20

قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا .. فَإِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ إِلَّا كَلْبَ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ".

===

(قال) أبو هريرة: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اقتنى) واتخذ (كلبًا) غير منتفع به في اصطياد أو حرث أو ماشية .. (فإنه) أي: فإن ذلك المتخذ (ينقص من) أجر (عمله) الصالح فرضًا كان أو نفلًا (كل يوم) ظرف متعلق بينقص (قيراط) واحد، وفي رواية:(قيراطان).

ولفظ: (نقص) يستعمل لازمًا ومتعديًا، وهو هنا لازم؛ بدليل رفع قيراط أو قيراطان، قال النووي: والقيراط هنا: مقدار معلوم عند الله تعالى؛ والمراد: نقص جزء من أجزاء أجور عمله الصالح. انتهى.

ثُم اسْتَثْنَى مِن الكلبِ المذكور أولًا بقوله: (إلا كلب حرث) أي: إلا كلبًا اتخذ لحفظ حرث وزرع (أو) اتخذ لحفظ (ماشية) في المرعى، أوفى المراح؛ كما مر، وفي "مجمع البحار": القيراط: نصف عشر الدينار في أكثر البلاد، وعند أهل الشام: جزء من أربعة وعشرين جزءًا منه.

ووقع في رواية المؤلف: (قيراط) بالإفراد؛ كما هي كذلك في رواية ابن أبي حرملة، بدل ما في مسلم وغيره:(قيراطان)، فيجمع بينهما باحتمال أنه في نوعين من الكلاب؛ أحدهما أشد أذىً من الآخر؛ كالأسود، أو لمعنىً فيهما، أو يكون ذلك مختلفًا باختلاف المواضع؛ فيكون القيراطان في المدينة خاصة؛ لزيادة فضلها، والقيراط في غيرها أو القيراطان في المدائن ونحوها من القرى، والقيراط في البوادي، أو يكون ذلك في زمنين، فذكر القيراط أولًا، ثم زاد التغليظ، فذكر القيراطين، كذا حققه النووي.

وذكر الحافظ في المزارعة من "الفتح"(5/ 5) أن الحكم للزائد منهما؛ لكونه حفظ ما لم يحفظه الآخر، وهو الأوجه عندي. انتهى منه.

ص: 21

(4)

- 3149 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الله، عَنْ أَبِي شِهَابٍ، حَدَّثَنِي يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَن،

===

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الصيد، باب من اقتنى كلبًا ليس بكلب صيد أو ماشية، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه، والترمذي في كتاب الأحكام والفوائد، باب من أمسك كلبًا ما ينتقص من أجره، والنسائي في كتاب الصيد، باب الرخصة في إمساك الكلب للحرث.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث عبد الله بن مغفل رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(4)

- 3149 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أحمد بن عبد الله) بن يونس بن عبد الله بن قيس التميمي اليربوعي الكوفي، ثقة حافظ، من كبار العاشرة، مات سنة سبع وعشرين ومئتين (227 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي شهاب) الأصغر، عبد ربه بن نافع الكناني الحناط - بمهملة ونون - نزيل المدائن، صدوق يهم، من الثامنة، مات سنة إحدى أو اثنتين وسبعين ومئة (172 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(حدثني يونس بن عبيد) بن دينار العبدي أبو عبيد البصري، ثقة ثبت فاضل ورع، من الخامسة، مات سنة تسع وثلاثين ومئة (139 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن الحسن) بن أبي الحسن البصري، اسم أبيه يسار - بالتحتانية والمهملة -

ص: 22

عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْلَا أَنَّ الْكِلَابَ أُمَّة مِنَ الْأُمَمِ .. لَأَمَرْتُ بِقَتْلِهَا،

===

الأنصاري مولاهم، ثقة فقيه فاضل مشهور، هو رأس أهل الطبقة الثالثة، مات سنة عشر ومئة (110 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن مغفل) بن عبد نهم بفتح النون وسكون الهاء الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله من الثقات.

(قال) عبد الله: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن الكلاب أمة من الأمم) أي: جنس من الأجناس، لا يعلم عددهن إلا الله تعالى.

قال الطيبي: فيه: إشارة إلى قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} (1)؛ أي: أمثالكم في كونها دالة على الصانع ومسبحةً له، قال الخطابي: معنى هذا الكلام: أنه صلى الله عليه وسلم كره إفناء أمة من الأمم، وإعدام جيل من الخلق؛ لأنه ما من خلق لله تعالى إلا وفيه نوع من الحكمة، وضرب من المصلحة، يقول: إذا كان الأمر على هذا، ولا سبيل إلى قتلهن وإعدامهن كلهن .. فاقتلوا شرارهن؛ وهن السود البهم، وأبقوا ما سواها؛ لتنتفعوا بهن في الحراسة، وعن إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل أنهما قالا: لا يحل صيد الكلب الأسود. انتهى.

وعند الشيخين من حديث ابن عمر: "نقص من عمله كل يوم قيراطان" أي: ولولا كون الكلاب أمة من الأمم وجنسًا من الأجناس، خلقت لحكمة ومصلحة وتسبيح لربها .. (لأمرت بقتلها) وإعدامها كلها؛ لمفسدتها، وإذا

(1) سورة الأنعام: (38).

ص: 23

فَاقْتُلُوا مِنْهَا الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ، وَمَا مِنْ قَوْمٍ اتَّخَذُوا كَلْبًا إِلَّا كَلْبَ مَاشِيَةٍ أَوْ كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ كَلْبَ حَرْثٍ .. إِلَّا نَقَصَ مِنْ أُجُورِهِمْ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطَانِ".

===

كانت كذلك .. فلا يمكن إعدامها كلًّا، وإذا كان الأمر كذلك .. (فاقتلوا منها الأسود البهيم) أي: الخالص في السواد؛ لأنه شرارها؛ أي: وأبقوا ما سواه؛ لتنتفعوا به في الحراسة (وما من قوم) منكم (اتخذوا) واقتنوا (كلبًا) غير منتفع به.

ولفظة: (إلا) في قوله: (إلا كلب ماشية) بمعنى غير، صفة لكلبًا؛ والمعنى: وما من قوم اتخذ كلبًا غير كلب ماشية (أو) غير (كلب صيد أو) غير (كلب حرث) وزرع؛ فليست كلمة إلا هنا للاستثناء، بل هي وصفية بمعنى غير؛ نظير التي في قوله تعالى:{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ} أي: آلهة غير الله {لَفَسَدَتَا} (1). انتهى من الفهم السقيم.

أي: ما من قوم منكم اتخذوا كلبًا غير الكلاب المستثنيات (إلا نقص من أجور) أعمالـ (هم) الصالحة (كل يوم) وليلة (قيراطان) والقيراط في الأصل: نصف دانق؛ والدانق: سدس الدرهم. انتهى من "العون".

قال السندي: ولعل الأمر في النقص كان كذلك أولًا، ثم نزل عنه إلى قيراط؛ لما علم أن الأمر في الكلاب أولًا كان على التشديد، حتى أمر بقتل الكل، ثم نزل إلى التخفيف، وهذا أشبه بالتوفيق، والله أعلم بما هو التحقيق. انتهى منه.

قال القرطبي: واختلف في معنى قوله: "نقص من عمله كل يوم قيراطان"، وأقرب ما قيل في ذلك قولان: أحدهما: أن جميع ما عمله من عمل ينقص لمن اتخذ ما نُهيَ عنه من الكلاب بإزاء كل يوم يمسكه فيه جزءان من أجزاء

(1) سورة الأنبياء: (22).

ص: 24

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

ذلك العمل، وقيل: من عمل ذلك اليوم الذي يمسكه فيه؛ وذلك لترويع الكلب للمسلمين وتشويشه عليهم بنباحه، ومنع الملائكة من دخول البيت، ولنجاسته على ما يراه الشافعي.

الثاني: أن يحبط من عمله كله عملان، أو من عمل يوم إمساكه على ما تقدم عقوبة له على ما اقتحم من المنهي، والله تعالى أعلم.

ثم إن الكلب تتبعه أمراض وأدواء كثيرة، وفي لعابه سمية تضر بالإنسان، فالاجتناب عن اقتنائه إلا لحاجة .. فيه حكم كثيرة وفوائد وفيرة.

وذكر الدميري في "حياة الحيوان"(2/ 226): أن الجيفة أحب إلى الكلب من اللحم الغريض، ويأكل العذرة، ويرجع في قيئه.

ومن عيوب الكلب أنه تغوره الحمية الجنسية؛ فإنه يعادي أبناء جنسه، وكلما كان في موضع، وجاء فيه كلب آخر .. طرده ولم يتحمله. انتهى منه.

واعلم: أنه اختلف العلماء في محل نقص القيراطين: فقيل: ينقص قيراط من عمل النهار، وقيراط من عمل الليل، أو قيراط من عمل الفرض، وقيراط من عمل النفل، والقول الأسلم الأصح: أنه لا سبيل إلى تعيين هذا بالقياس؛ فإن مثله يتوقف على السماع، ولم يوجد، ولا ضرورة إلى تعيين ذلك.

ومقصود الشارع: أن اقتناء الكلب بدون حاجة إليه ينقص من عمل الرجل قيراطين كل يوم، فيجب أن يحذر منه، وليس عندنا ما نتحقق به قدر القيراطين ولا تعيين عمل ينقص منه ذلك القدر، فلا حاجة إلى الخوض في أمثال هذه المباحث. انتهى من "الكوكب".

ثم اعلم أيضًا أنهم ذكروا في سبب نقصان الأجر وجوهًا؛ فقيل: سببه امتناع دخول الملائكة بسببه، وقيل: ما يلحق المارين من الأذى؛ من ترويع الكلب

ص: 25

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

لهم، وقصده إياهم، وقيل: إن ذلك عقوبةٌ له؛ لاتخاذه ما نهي عن اتخاذه، وعصيانه في ذلك، وقيل: لما يبتلى به من ولوغه في غفلة صاحبه، ولا يغسله بالماء والتراب، كذا في "شرح النووي".

ثم الظاهر من هذه الأحاديث عدم جواز اقتناء الكلب إلا لحاجات استثناها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكر ابن عبد البر أن هذه الأحاديث تدل على كراهة ذلك ولا تدل على التحريم؛ لأنها لا تذكر إلا نقصان الأجر، والمحرم لا بد فيه من إثم.

ولكن رد عليه الحافظ في المزارعة من "الفتح"(5/ 5) بأن نقصان الأجر نوع من الإثم، أو المراد بنقصان الأجر في الحديث: أن الإثم الحاصل باتخاذه يوازي قدر قيراط أو قيراطين من أجره، ومما يؤيد قول الحافظ الأحاديث التي ذكر فيها أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة أو كلب، والظاهر أن امتناع الملائكة لا يكون إلا بما فيه إثم.

وأما الحكمة في النهي عن اتخاذه واقتنائه .. فإنه يشبه الشيطان بجبلته؛ لأن ديدنه لعب وغضب، واطراح في النجاسات، وإيذاء الناس، ويقبل الإلهام من الشياطين، فرأى منهم صدودًا وتهاونًا، ولم يكن سبيل إلى النهي عنه بالكلية؛ لضرورة الزرع والماشية والحراسة والصيد، فعالج ذلك باشتراط أتم الطهارة. انتهى من "التكملة".

واختلاف العدد في القيراط محمول على اختلاف نوع الكلب أو على أنه أخبر أولًا بالعدد الأول ثم بالأكثر؛ تغليظًا عليهم؛ كما مر مع زيادة.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب، وأبو داوود في كتاب الصيد، باب من اتخذ الكلب للصيد

ص: 26

(5)

- 3150 - (3) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُصَيْفَةَ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ،

===

وغيره، والترمذي في كتاب الأحكام والفوائد، باب ما جاء في قتل الكلاب، قال أبو عيسى: حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب الصيد، باب صفة الكلاب التي أمر بقتلها، والدارمي في كتاب الصيد.

فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث سفيان بن أبي زهير رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(5)

- 3150 - (3)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا خالد بن مخلد) القطواني -بفتح القاف والطاء- أبو الهيثم البجلي مولاهم الكوفي، صدوق يتشيع، وله أفراد، من كبار العاشرة، مات سنة ثلاث عشرة ومئتين (213 هـ)، وقيل بعدها. يروي عنه:(خ م ت س ق).

(حدثنا مالك بن أنس) الأصبحي المدني، ثقة إمام، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن يزيد) بن عبد الله (بن خصيفة) -بمعجمة ثم مهملة مصغرًا- ابن عبد الله بن يزيد الكندي المدني، وقد ينسب إلى جده، ثقة، من الخامسة. يروي عنه:(ع).

(عن السائب بن يزيد) بن سعيد بن ثمامة الكندي، ويعرف بابن أخت النمر، الصحابي الصغير رضي الله تعالى عنه، له أحاديث قليلة، وحُجَّ بِه في حجةِ الوداع، وهو ابن سبع سنين، وولاه عمر سوق المدينة، مات سنة إحدى

ص: 27

عَنْ سُفْيَانَ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنِ اقْتَنَى كَلْبًا لَا يُغْنِي عَنْهُ زَرْعًا وَلَا ضرْعًا .. نَقَصَ مِنْ عَمَلِهِ كُلَّ يَوْمٍ قِيرَاطٌ"، قِيلَ لَهُ: أَنْتَ سَمِعْتَ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: إِي وَرَبِّ هَذَا الْمَسْجِدِ.

===

وتسعين (91 هـ)، وقيل قبل ذلك، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة. يروي عنه:(ع).

(عن سفيان بن أبي زهير) الأزدي من أزد شنوءة - بفتح المعجمة وضم النون وبعد الواو همزة الصحابي الفاضل رضي الله تعالى عنه، واسم أبي زهير: القَرِدُ بفتح القاف وكسر الراء يُعدُّ في أهل المدينة. يروي عنه: (خ م س ق).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) سفيان: (سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من اقتنى) واتخذ (كلبًا لا يغني عنه) أي: لا ينفعه، والضميرلِ (مَن) موصولة كانت أو شرطية، و (عن) زائدة في المفعول، وقوله:(زرعًا) تمييز؛ أي: لا ينفعه من جهة حفظ زرعه (ولا ضرعًا) أي: ولا ينفعه من جهة حراسة ذات ضرعه ولبنه؛ يعني: مواشيه، والجملة الفعلية صفة لكلبًا.

(نقص من) أجر (عمله) الصالح (كل يوم قيراط) واحد، قال السائب:(قيل له) أي: لسفيان، والقائل له هو نفس السائب؛ كما تدل عليه رواية مسلم، ولفظه:(قال) السائب: قلت لسفيان: (آنت) بمد الهمزة؛ لاجتماع همزتين، وفي سنن ابن ماجه:(أنت) أي: هل أنت (سمعت هذا) الحديث (من النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال) سفيان: (إي) أَيْ: نَعَم، سمعتُه مِن رسول الله صلى الله عليه وسلم (ورب هذا المسجد) الحرام؛ أي: أقسمت لك برب هذا المسجد الحرام؛ أراد بالمسجد: المسجد الحرام، وفي كتاب بدء

ص: 28

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

الخلق من "صحيح البخاري": قال: (إي ورب هذه القبلة)، والذي يكون قبلةً هو المسجد الحرام.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الحرث والمزارعة، باب اقتناء الكلب للحرث، ومسلم في كتاب المساقاة، باب الأمر بقتل الكلاب وبيان نسخه، والنسائي في كتاب الصيد، باب الرخصة في إمساك الكلب والماشية، ومالك والدارمي.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 29