الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(28) - (1175) - بَابُ الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ
(66)
- 3211 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا الْهِقْلُ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
===
(28)
- (1175) - (باب الأكل باليمين)
(66)
- 3211 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق خطيب مقرئ، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).
(حدثنا الهقل) بكسر الهاء وسكون القاف ثم لام (ابن زياد) السكسكي - بمهملتين مفتوحتين بينهما كاف ساكنة - الدمشقي نزيل بيروت، قيل: هقل لقبه، واسمه محمد أو عبد الله وكان كاتب الأوزاعي، ثقة، من التاسعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(م عم).
(حدثنا هشام بن حسان) الأزدي القردوسي - بضمتين بينهما راء ساكنة - أبو عبد الله البصري، ثقة من أثبت الناس في ابن سيرين، من السادسة، مات سنة سبع أو ثمان وأربعين ومئة (148 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن يحيى بن أبي كثير) صالح بن المتوكل الطائي اليمامي، ثقة ثبت، من الخامسة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة، وقيل قبل ذلك. يروي عنه:(ع).
(عن أبي سلمة) عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة أربع وتسعين أو أربع ومئة. يروي عنه:(ع).
(عن أبي هريرة) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لِيَأْكُلْ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ وَلْيَشْرَبْ بِيَمِينِه، وَلْيَأْخُذْ بِيَمِينِهِ وَلْيُعْطِ بِيَمِينِهِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِشِمَالِهِ وَيَشْرَبُ بِشِمَالِه، وَيُعْطِي بِشِمَالِهِ وَيَأْخُذُ بِشِمَالِهِ".
===
(أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليأكل أحدكم بيمينه، وليشرب بيمينه، وليأخذ) ما يعطى له (بيمينه، وليعط) ما يعطي لغيره (بيمينه؛ فإن الشيطان يأكل بشماله، ويشرب بشماله، ويعطي بشماله، ويأخذ بشماله) فخالفوه في جميع أفعاله؛ لأنه عدو لكم، فينبغي للمسلم أن يخالف فعله، والحديث على حقيقته؛ إذ لا بُعْدَ في أكل الشيطان وشربه، وأن يكون له يدان، وقيل: المراد: أولياؤه من الإنس. انتهى "سندي".
قوله صلى الله عليه وسلم: "ليأكل أحدكم بيمينه" قال الشوكاني: فيه النهي عن الأكل والشرب بالشمال، والنهي حقيقة في التحريم؛ كما تقرر في الأصول، ولا يكون لمجرد الكراهة فقط إلا مجازًا مع قيام صارف.
قال النووي: وهذا إذا لم يكن عذر؛ فإن كان له عذر يمنع من الأكل والشرب باليمين؛ من مرض أو جراحة أو غير ذلك .. فلا كراهة في الشمال.
وقال: وفيه استحباب الأكل والشرب باليمين، وكراهتهما بالشمال.
قلت: بل في هذا الحديث وجوب الأكل والشرب باليمين؛ كما قاله الشوكاني، ويدل على الوجوب قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أكل أحدكم .. فليأكل بيمينه، وإذا شرب .. فليشرب بيمينه
…
" الحديث، وقوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن أبي سلمة: "كل بيمينك" فإن الأصل في الأمر الوجوب.
قال الحافظ: قال شيخنا الحافظ العراقي في "شرح الترمذي": حمله أكثر الشافعية على الندب، وبه جزم الغزالي ثم النووي، ولكن نص الشافعي في "الرسالة" وفي موضع آخر من "الأم" على الوجوب، قال: ويدل على وجوب
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الأكل باليمين ورود الوعيد في الأكل بالشمال؛ ففي "صحيح مسلم" من حديث سلمة بن الأكوع أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يأكل بشماله، فقال:"كل بيمينك"، قال: لا أستطيع، قال:"لا استطعت"، فما رفعها إلى فيه بعد.
وأخرج الطبراني من حديث سبيعة الأسلمية من حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى سبيعة الأسلمية تأكل بشمالها، فقال:"أخذها داء غزة"، فقال: إن بها قرحةً؛ قال: "وإن"، فمرت بغزة، فأصابها طاعون فماتت، وأخرجه محمد بن الربيع الجيزي في "مسند الصحابة الذين نزلوا مصر"، وسنده حسن.
وثبت النهي عن الأكل بالشمال، وأنه من عمل الشيطان من حديث ابن عمر ومن حديث جابر عند مسلم، وعند أحمد بسند حسن عن عائشة رفعته: "من أكل بشماله .. أكل معه الشيطان
…
" الحديث. انتهى.
قوله: (فإن الشيطان يأكل بشماله) قال التوربشتي: المعنى: أنه يحمل أولياءه من الإنس على ذلك الصنيع؛ ليضاد به عباد الله الصالحين، ثم إن من حق نعمة الله تعالى والقيام بشكرها أن تكرم ولا يستهان بها، ومن حق الكرامة أن تتناول باليمين، ويميز بها بين ما كان من النعمة، وبين ما كان من الأذى.
قال الطيبي: وتحريره أن يقال: لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشرب بها؛ فإنكم إن فعلتم ذلك .. كنتم أولياء الشيطان؛ فإن الشيطان يحمل أولياءه من الإنس على ذلك.
قال الحافظ: وفيه عدول عن الظاهر، والأولى حمل الخبر على ظاهره، وأن الشيطان يأكل حقيقةً؛ لأن العقل لا يحيل ذلك، وقد ثبت الخبر به، فلا يحتاج إلى تأويله.
(67)
- 3212 - (2) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ كَيْسَانَ سَمِعَهُ مِنْ عُمَرَ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ
===
وقال القرطبي: ظاهره: أن من فعل ذلك تشبه بالشيطان، وأبعد وتعسف من أعاد الضمير في (شماله) إلى الأكل. انتهى، انتهى من "تحفة الأحوذي".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في التسمية على الطعام.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بحديث عمر بن أبي سلمة رضي الله تعالى عنهم، فقال:
(67)
- 3212 - (2)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن الصباح) الجرجرائي.
(قالا: حدثنا سفيان بن عيينة، عن الوليد بن كثير) المخزومي أبي محمد المدني ثم الكوفي، صدوق عارف بالمغازي، من السادسة، مات سنة إحدى وخمسين ومئة (151 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن وهب بن كيسان) القرشي مولاهم أبي نعيم المدني المعلم، ثقة، من كبار الرابعة، مات سنة سبع وعشرين ومئة (127 هـ). يروي عنه:(ع).
(سمعه من عمر بن أبي سلمة) المخزومي رضي الله تعالى عنهما ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
قَالَ: كُنْتُ غُلَامًا فِي حِجْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَكَانَتْ يَدِي تَطِيشُ فِي الصَّحْفَةِ فَقَالَ لِي: "يَا غُلَامُ؛ سَمِّ اللهَ وَكُلْ بِيَمِينِكَ وَكُلْ مِمَّا يَلِيكَ".
===
(قال) عمر بن أبي سلمة: (كنت) أنا (غلامًا) أي: ولدًا صغيرًا مربّىً (في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وتربيته (وكانت يدي) عند الأكل مع الناس (تطيش) وتضطرب وتتحرك وتنتقل (في الصحفة) من محل إلى آخر عند أخذ الطعام من الصحفة، ولا تثبت في مكان واحد، والصحفة: دون القصعة؛ وهي تسع ما يشبع خمسة أنفار، وهي دون القصعة، وهي - أي: القصعة - تسع ما يشبع عشرة؛ كذا قال الكسائي فيما حكاه الجوهري وغيره عنه، وقيل: الصحفة كالقصعة، وجمعها صحاف. انتهى من "السندي".
(فقال لي) رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا غلام؛ سم الله) أي: اذكر اسم الله عند بداية أكلك (وكل بيمينك) أي: بيدك اليمنى لا باليسرى (وكل مما يليك) أي: من طعام الجانب الذي يليك من الصحفة، لا من طعام الجانب الذي يلي غيرك، وهذا من آداب الأكل مع الناس.
قال النووي: وفي هذا الحديث بيان ثلاث سنن من سنن الأكل؛ وهي:
التسمية، والأكل باليمين، والأكل مما يليه.
قال القرطبي: وفي الحديث تعليم الصبيان ما يحتاجون إليه من أمور الدين وآدابه، وهذه الأوامر كلها على الندب؛ لأنها من المحاسن المكملة، والمكارم المستحسنة، والأصل فيما كان من هذا الباب .. الترغيب والندب.
وقوله: "وكل مما يليك" سنة متفق عليها، وخلافها مكروه شديد الاستقباح، لكن إذا كان الطعام نوعًا واحدًا؛ وسبب ذلك الاستقباح أن كل آكل كالحائز لما يليه من الطعام، فأخذ الغير له تعد عليه، مع ما في ذلك من تقزز النفوس ما خاضت فيه الأيدي والأصابع، ولما فيه من إظهار الحرص على
(68)
- 3213 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرٍ،
===
الطعام والنهم، ثم هو سوء أدب من غير فائدة إذا كان الطعام نوعًا واحدًا.
وأما إذا اختلف أنواع الطعام .. فقد أباح ذلك العلماء؛ إذ ليس فيه شيء من تلك الأمور المستقبحة، والله أعلم. انتهى من "المفهم".
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأطعمة، باب التسمية على الطعام والأكل باليمين، ومسلم في كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما، وأبو داوود في الأطعمة، والترمذي في الأطعمة وأحمد في "المسند"، وابن أبي شيبة في "مصنفه".
وهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي هريرة.
* * *
ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي هريرة بحديث جابر رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(68)
- 3213 - (3)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).
(أنبأنا الليث بن سعد) بن عبد الرحمن الفهمي المصري، ثقة، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن أبي الزبير) المكي الأسدي مولاهم، صدوق، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن جابر) بن عبد الله الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.
عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "لَا تَأْكُلُوا بِالشِّمَالِ؛ فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَأْكُلُ بِالشِّمَالِ".
===
وهذا السند من رباعياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تأكلوا) أيها المسلمون (بالشمال؛ فإن الشيطان يأكل بالشمال).
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم في كتاب الأشربة، باب آداب الطعام والشراب وأحكامها.
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به، والله أعلم.
قوله: "لا تأكلوا بالشمال
…
" إلى آخره، قال الكلاباذي: الشيطان جسم يجوز أن يكون له يمين، لكن لا يأكل بيمينه؛ لأنه معكوس مقلوب الخلقة، فنهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يفعلوا كفعله.
ويجوز أن يقال: شمال الإنسان مشؤوم؛ بدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم عينه للاستنجاء، وأن الكافر يعطى به كتابه يوم القيامة، فيكون يد الشيطان كلتاهما شمالًا؛ لأنه نفسه مشؤوم، فكره النبي صلى الله عليه وسلم للمؤمن أن يأكل بشماله؛ لئلا يذهب بركة الطعام، ويجوز أن يقال: النهي عن الأكل بالشمال؛ لأن فيه استهانة بنعمة الله تعالى؛ لأن الشيء إذا حُقِّرَ .. يُتناول بالشمال عادةً. انتهى من "المبارق".
قال النووي: في هذا الحديث وفيما بعده استحباب الأكل والشرب باليمين وكراهتهما بالشمال.
وقد زاد نافع: الأخذ والإعطاء، وهذا إذا لم يكن عذر؛ فإن كان عذر يمنع الأكل والشرب باليمين؛ من مرض أو جراحة أو غير ذلك؛ ككونه أقطع اليمين
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
أو أشلها .. فلا كراهة في الشمال، وفيه أنه ينبغي اجتناب الأفعال التي تشبه أفعال الشياطين، وأن للشيطان يدين. انتهى منه.
قوله: "فإن الشيطان يأكل بشماله" أي: بشمال نفسه، فيكون النهي للتشبه به، ويحتمل أن الهاء عائدة على شمال الآكل. انتهى "سندي".
قال التوربشتي: المعنى: أنه يحمل أوليائه من الإنس على ذلك الصنيع؛ ليضاد به عباد الله الصالحين، ثم إن من حق نعمة الله والقيام بشكرها أن تكرم ولا يستهان بها، ومن حق كرامتها أن تتناول باليمين، ويميز بين ما كان من النعمة وبين ما كان من الأذى. انتهى "مرقاة" كما مر.
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم