المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(21) - (1168) - باب إطعام الطعام - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الصَّيْد

- ‌(1) - (1148) - بَابُ قَتْلِ الْكِلَابِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ

- ‌(2) - (1149) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ إِلَّا كلْبَ صَيْدٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ

- ‌(3) - (1150) - بَابُ صَيْدِ الْكَلْبِ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(4) - (1151) - بَابُ صَيْدِ كَلْبِ الْمَجُوسِ وَالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ

- ‌(5) - (1152) - بَابُ صَيْدِ الْقَوْسِ

- ‌(6) - (1153) - بَابُ الصَّيْدِ يَغِيبُ لَيْلَةً

- ‌(7) - (1154) - بَابُ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ

- ‌(8) - (1155) - بَابُ مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ

- ‌(9) - (1156) - بَابُ صَيْدِ الْحِيتَانِ وَالْجَرَادِ

- ‌(10) - (1157) - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْ قَتْلِهِ

- ‌(11) - (1158) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ

- ‌(12) - (1159) - بَابُ قَتْلِ الْوَزَغِ

- ‌(13) - (1160) - بَابُ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ

- ‌تنبيه

- ‌فائدة

- ‌(14) - (1161) - بَابُ الذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ

- ‌(15) - (1162) - بَابُ الضَّبُعِ

- ‌(16) - (1163) - بَابُ الضَّبِّ

- ‌(17) - (1164) - بَابُ الْأَرْنَبِ

- ‌(18) - (1165) - بَابُ الطَّافِي مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ

- ‌(19) - (1166) - بَابُ الْغُرَابِ

- ‌(20) - (1167) - بَابُ الْهِرَّةِ

- ‌كتاب الأَطعِمة

- ‌(21) - (1168) - بَابُ إِطْعَامِ الطَّعَامِ

- ‌(22) - (1169) - بَابُ طَعَامِ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ

- ‌(23) - (1170) - بَابٌ: الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعىً وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ

- ‌فائدة

- ‌تتمة

- ‌(24) - (1171) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُعَابَ الطَّعَامُ

- ‌(25) - (1172) - بَابُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الطَّعَامِ

- ‌(26) - (1173) - بَابُ الْأَكْلِ مُتَّكِئًا

- ‌(27) - (1174) - بَابُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الطَّعَامِ

- ‌(28) - (1175) - بَابُ الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌(29) - (1176) - بَاب لَعْقِ الْأَصَابِعِ

- ‌(30) - (1177) - بَابُ تَنْقِيَةِ الصَّحْفَةِ

- ‌(31) - (1178) - بَابُ الْأَكْلِ مِمَّا يَلِيكَ

- ‌(32) - (1179) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ مِنْ ذُرْوَةِ الثَّرِيدِ

- ‌(33) - (1180) - بَابُ اللُّقْمَةِ إِذَا سَقَطَتْ

- ‌(34) - (1181) - بَابُ فَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطعَامِ

- ‌(35) - (1182) - بَابُ مَسْحِ الْيَدِ بَعْدَ الطعَامِ

- ‌(36) - (1183) - بَابُ مَا يُقَالُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الطَّعَامِ

- ‌(37) - (1184) - بَابُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ

- ‌(38) - (1185) - بَابُ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ

- ‌(39) - (1186) - بَابٌ: إِذَا أَتَاهُ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ .. فَلْيُنَاوِلْهُ مِنْهُ

- ‌(40) - (1187) - بَابُ الْأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ

- ‌(41) - (1188) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَامَ عَنِ الطَّعَامِ حَتَّى يُرْفَعَ، وَأَنْ يَكُفَّ يَدَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ

- ‌(42) - (1189) - بَابُ مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ

- ‌(43) - (1190) - بَابُ عَرْضِ الطَّعَامِ

- ‌(44) - (1191) - بَابُ الْأَكلِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(45) - (1192) - بَابُ الْأَكْلِ قَائِمًا

- ‌فائدة

- ‌(46) - (1193) - بَابُ الدُّبَّاءِ

- ‌(47) - (1194) - بَابُ اللَّحْمِ

- ‌(48) - (1195) - بَابُ أَطَايِبِ اللَّحْمِ

- ‌(49) - (1196) - بَابُ الشِّوَاءِ

- ‌(50) - (1197) - بَابُ الْقَدِيدِ

- ‌(51) - (1198) - بَابُ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ

- ‌(52) - (1199) - بَابُ الْمِلْحِ

- ‌(53) - (1200) - بَابُ الائْتِدَامِ بِالْخَلِّ

- ‌(54) - (1201) - بَابُ الزَّيْتِ

- ‌(55) - (1202) - بَابُ اللَّبَنِ

- ‌(56) - (1203) - بَابُ الْحَلْوَاءِ

- ‌(57) - (1204) - بَابُ الْقِثَّاءِ وَالرُّطَبِ يُجْمَعَانِ

- ‌(58) - (1205) - بَابُ التَّمْرِ

- ‌(59) - (1206) - بَابُ إِذَا أُتِيَ بِأَوَّلِ الثَّمَرَةِ

- ‌(60) - (1207) - بَابُ أَكلِ الْبَلَحِ بِالتَّمْرِ

- ‌(61) - (1208) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ قِرَانِ التَّمْرِ

- ‌(62) - (1209) - بَابُ تَفْتِيشِ التَّمْرِ

- ‌(63) - (1210) - بَابُ التَّمْرِ بِالزُّبْدِ

- ‌(64) - (1211) - بَابُ الْحُوَّارَى

- ‌(65) - (1212) - بَابُ الرُّقَاقِ

- ‌(66) - (1213) - بَابُ الْفَالُوذَجِ

- ‌(67) - (1214) - بَابُ الْخُبْزِ المُلَبَّقِ بِالسَّمْنِ

- ‌فائدة

- ‌(68) - (1215) - بَابُ خُبْزِ الْبُرِّ

- ‌(69) - (1216) - بَابُ خُبْزِ الشَّعِيرِ

- ‌(70) - (1217) - بَابُ الاقْتِصَادِ فِي الْأَكلِ وَكَرَاهَةُ الشِّبَعِ

- ‌(71) - (1218) - بَابٌ: مِنَ الْإِسْرَافِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ

- ‌(72) - (1219) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِلْقَاءِ الطَّعَامِ

- ‌(73) - (1220) - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْجُوعِ

- ‌(74) - (1221) - بَابُ تَرْكِ الْعَشَاءِ

- ‌(75) - (1222) - بَابُ الضِّيَافَةِ

- ‌(76) - (1223) - بَابٌ: إِذَا رَأَى الضَّيْفُ مُنْكَرًا .. رَجَعَ

- ‌(77) - (1224) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ السَّمْنِ وَاللَّحْمِ

- ‌(78) - (1225) - بَابٌ: مَنْ طَبَخَ .. فَلْيُكْثِرْ مَاءَهُ

- ‌(79) - (1226) - بَابُ أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ

- ‌(80) - (1227) - بَابُ أَكْلِ الْجُبْنِ وَالسَّمْنِ

- ‌تنبيه

- ‌(81) - (1228) - بَابُ أَكْلِ الثِّمَارِ

- ‌(82) - (1229) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ مُنْبَطِحًا

الفصل: ‌(21) - (1168) - باب إطعام الطعام

(28)

- كتَابُ الْأَطْعِمَةِ

(21) - (1168) - بَابُ إِطْعَامِ الطَّعَامِ

(51)

- 3196 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَوْفٍ،

===

(28)

- (كتاب الأطعمة)

والأطعمة: جمع طعام؛ كرحى وأرحية، قال في "القاموس": الطعام: البُرُّ وما يُؤكل، وجمع الجمع: أطعمات، وقال ابن فارس في "الجُمل": يطلق على كل ما يطعم حتى الماء؛ قال تعالى: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} (1)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم في زمزم:"إنها طعام طعم، وشفاء سقم".

والطعم - بالفتح -: ما يؤديه الذوق، يقال: طعمه مر أو حلو، والطعام أيضًا - بالضم -: الطعام، وطعم - بالكسر - أي: أكل وذاق، يطعم - بالفتح - طعمًا، فهو طاعم، كغنم يغنم فهو غانم.

* * *

(21)

- (1168) - (باب إطعام الطعام) للمحاويج

* * *

(51)

- 3196 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو أسامة) حماد بن أسامة الهاشمي مولاهم، ثقة، من التاسعة، مات سنة إحدى ومئتين (201 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عوف) بن أبي جميلة العبدي الهجري أبي سهل البصري، واسم

(1) سورة البقرة: (249).

ص: 159

عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ سَلَامٍ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمَدِينَةَ .. انْجَفَلَ النَّاسُ قِبَلَهُ، وَقِيلَ: قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ثَلَاثًا، فَجِئْتُ فِي النَّاسِ لِأَنْظُرَ؛ فَلَمَّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ .. عَرَفْتُ أَنَّ وَجْهَهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ،

===

أبي جميلة: سَنْدُوَيه، ويقال: بل سَنْدُوَيهِ اسمُ أمه، واسمُ أَبيه: رُزَيْنَةُ - بتقديم الراء على الزاي مصغرًا - ثقة رمي بالقدر وبالتشيع، من السادسة، مات سنة ست أو سبع وأربعين ومئة (147 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن زرارة) بضم أوله (ابن أوفى) العامري الحرشي - بفتحتين ثم بمعجمة - أبي حاجب البصري قاضيها، ثقة عابد، من الثالثة، مات فجأة في الصلاة سنة ثلاث وتسعين (93 هـ). يروي عنه:(ع).

(قال: حدثني عبد الله بن سلام) الإسرائيلي رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) عبد الله بن سلام: (لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة) مهاجرًا إليها .. (انجفل) أي: ذهب (الناس) إليه مسرعين (قبله) أي: جهته، وفي "الصحاح": انجفل القوم؛ أي: انقلبوا كلهم إليه.

(و) قد (قيل) أي: وقد قال بعضهم لبعض: (قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة (قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة (قد قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكررين (ثلاثًا) من المرات.

قال عبد الله بن سلام: (فجئت) أنا إليه (في الناس) أي: مع الناس (لأنظر) إليه (فلما) نظرت إليه .. (تبينت) أي: تيقنت صفة (وجهه) الشريف وهيئته وتواضعه، و (عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب) لما لاح عليه

ص: 160

فَكَانَ أَوَّلَ شَىْءٍ سَمِعْتُهُ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ؛ أَفْشُوا السَّلَامَ،

===

من أنوار النبوة (فكان أول شيء سمعته) منه، حالة كونه يـ (تكلم به) أي: بذلك الشيء و (أول شيء) بالرفع اسم كان، وخبرها المصدر المنسبك من قوله (أن قال) أي: فكان أول شيء سمعته من كلامه قوله صلى الله عليه وسلم، والأولى نصب (أول) على أنه خبر مقدم لكان؛ لما عرف عندهم.

(يا أيها الناس أفشوا السلام) فيما بينكم، فالهمزة فيه همزة قطع؛ أي: أكثروا وأشيعوا وأظهروا السلام فيما بينكم أيها المؤمنون خاصةً.

قال السندي: والمراد: نشر السلام بين الناس على من عرفت، وعلى من لا تعرف؛ ليحيوا سنته صلى الله عليه وسلم.

قال النووي: أقله: أن يرفع صوته؛ بحيث يسمع المسلم عليه؛ فإن لم يسمعه .. لم يكن آتيًا بالسنة.

قال السيوطي: وهذا الحديث موافق لقوله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ. . .} فإفشاء السلام إشارة إلى قوله: {وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} (1).

وإطعام الطعام إشارة إلى قوله: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا. . .} الآية (2).

وصلاة الليل إشارة إلى قوله: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} (3).

وقوله: تدخلون الجنة إشارة إلى قوله: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا} (4).

(1) سورة الفرقان: (63).

(2)

سورة الفرقان: (67).

(3)

سورة الفرقان: (64).

(4)

سورة الفرقان: (75).

ص: 161

وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَصِلُوا الْأَرْحَامَ، وَصَلُّوا بِاللَّيْلِ وَالنَّاسُ نِيَامٌ .. تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ".

===

(وأطعموا الطعام) للمحاويج (وصلوا الأرحام) أي: صلوا ذوي الأرحام منكم بالهدايا والعطايا والزيارة (وصلوا) صلاة النوافل (بالليل) أي: في جوف الليل (والناس) أي: والحال أن الناس (نيام) أي: نائمون أو غافلون عن الصلاة، إن فعلتم ذلك المذكور لكم .. (تدخلوا الجنة بسلام) في الآخرة، أي: مع سلام من أهوال يوم القيامة، أو يسلم عليكم الملائكة.

قال النووي: وفي الحديث حث على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف، والسلام أول أسباب التآلف، ومفتاح استجلاب المودة، وبإفشائه يحصل ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس، ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين.

وقد ذكر البخاري في "صحيحه" رحمه الله تعالى عن عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنهما أنه قال: ثلاث من جمعهن .. فقد جمع الإيمان:

1 -

الإنصاف من نفسك.

2 -

وبَذْلُكَ السلامَ للعالَم.

3 -

والإنفاق من الإقتار.

وروى غير البخاري هذا الكلام مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

وهذه الثلاثة المذكورة من (السلام على العالم)، (والسلام على من عرفت ومن لم تعرف)، (وإفشاء السلام) كلها بمعنىً واحد.

وفيها لطيفة أخرى؛ وهي أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين التي هي الحالقة، وأن سلامه لله؛ لا يتبع فيه هواه، ولا يخص

ص: 162

(52)

- 3197 - (2) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْأَزْدِيُّ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ،

===

أصحابه وأحبابه وقومه، خلاف ما أنذر به صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان، من كون السلام للمعرفة والقومية، فيقطع سبب التواصل الذي هو الإسلام، والله أعلم. انتهى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: مسلم؛ أخرجه في كتاب الإيمان، والترمذي أخرجه في كتاب الاستئذان، باب ما جاء في إفشاء السلام، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأحمد في "المسند"، وقد سبق للمؤلف ذكره في كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في قيام الليل.

ودرجته: أنه صحيح، لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث عبد الله بن سلام بحديث عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(52)

- 3197 - (2)(حدثنا محمد بن يحيى) بن عبد الكريم أبي حاتم بن نافع (الأزدي) البصري نزيل بغداد، ثقة، من كبار الحادية عشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ت ق).

(حدثنا حجاج بن محمد) المصيصي الأعور أبو محمد، ترمذي الأصل، نزيل بغداد ثم المصيصة، ثقة ثبت، لكنه اختلط في آخر عمره، ثم قدم بغداد قبل موته، من التاسعة، مات ببغداد سنة ست ومئتين (206 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن) عبد الملك (ابن جريج) الأموي المكي، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة خمسين ومئة، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

ص: 163

قَالَ: سُلَيْمَانُ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا عَنْ نَافِعٍ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أَفْشُوا السَّلَامَ،

===

(قال) ابن جريج: (سليمان بن موسى) الأموي مولاهم الدمشقي الأشدق، صدوق فقيه في حديثه بعض لين، وخولط قبل موته بقليل، من الخامسة، مات سنة تسع عشرة ومئة (119 هـ). يروي عنه:(م عم)، وابن جريج. ويروي عن: نافع وواثلة بن الأسقع، وأبي أمامة، وطاووس، والزهري، وغيرهم.

وقال الدارقطني في "العلل": من الثقات، أثنى عليه عطاء والزهري، وقال ابن سعد: كان ثقة، أثنى عليه ابن جريج، وقد ثبت سماعه منه، وذكر العقيلي عن ابن المديني: كان من كبار أصحاب مكحول، وكان خولط قبل موته بيسير، وذكره ابن المديني في الطبقة الثالثة من أصحاب نافع.

وقوله: (سليمان بن موسى) مبتدأ، خبره جملة قوله:(حدثنا عن نافع) والجملة الاسمية في محل النصب مقول قال؛ أي: حدثنا عن نافع أبي عبد الله مولى ابن عمر، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة سبع عشرة ومئة، أو بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(أن عبد الله بن عمر) رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله كلهم ثقات.

أي: قال نافع: إن ابن عمر (كان يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أفشوا السلام) أي: أكثروا السلام على من عرفتم وعلى من لا تعرفونه من المسلمين.

قال القرطبي: إفشاء السلام: إظهاره وإشاعته وإقراؤه على المعروف وعلى غير المعروف؛ لأن السلام مجلبة للمحبة، ومبعدة للبغض، ومثمرة للمحبة والمؤانسة.

ص: 164

وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ، وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمُ اللهُ عز وجل".

===

(وأطعموا الطعام) - بفتح الهمزة - من الإطعام؛ لأنه من أطعم الرباعي؛ أي: أطعموا الطعام للمحاويج؛ والطعام: اسم للمطعوم المقتات؛ وهو عند الفقهاء: ما يعد طعامًا لا دواء، وعند الأطباء: ما ينمي الأبدان.

وفي الكلام حذف المفعول الثاني؛ وهو الأول في الحقيقة والرتبة؛ لأنه فاعل في المعنى، أي: المحتاج، أو السائل، أو نحوه، حذف، للعلم به، أو ينزل الفعل بالنسبة إليه منزلة القاصر عنه؛ ليفيد العموم في المحتاج وغيره؛ دفعًا للتحكم في تقدير مفعول دون آخر؛ والمراد: إيجاد حقيقة الإطعام.

وعن البيهقي: يحتمل إطعام المحاويج، أو الضيافة، أو هما جميعًا، وللضيافة في التحابب والتآلف أثر عظيم. انتهى من "السنوسي".

(وكونوا) أيها المؤمنون (إخوانًا) أي: موصوفين بأخوة الدين "بالتراحم، والتوادد، وترك التحاسد والتباغض (كما أمركم الله عز وجل بذلك في كتابه العزيز؛ حيث قال:{وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا. . .} الآيات إلى قوله: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (1).

وفي قوله: "كما أمركم الله عز وجل" أن المطلوب الأخوة في الطاعة لا في المعصية. انتهى "سندي".

وهذا الحديث انفرد به ابن ماجه، ولكن له شاهد في "الصحيحين" من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص المذكور بعده عند المؤلف.

فدرجته: أنه صحيح بما قبله من حديث ابن سلام، وبما بعده من حديث ابن عمرو بن العاص، وغرضه: الاستشهاد به لما قبله.

(1) سورة الحجرات: (9 - 13).

ص: 165

(53)

-3198 - (3) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، أَخْبَرَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبيبٍ، عَنْ أَبِي الْخَيْر، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ؛ أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ؟ قَالَ:

===

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث عبد الله بن سلام بحديث عبد الله بن عمرو رضي الله تعالى عنهم، فقال:

(53)

- 3198 - (3)(حدثنا محمد بن رمح) بن المهاجر التجيبي المصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وأربعين ومئتين (242 هـ). يروي عنه:(م ق).

(أخبرنا الليث بن سعد) الفهمي المصري، عالمها ثقة فقيه، من السابعة، مات سنة خمس وسبعين ومئة (175 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن يزيد بن أبي حبيب) سويد المصري، ثقة فقيه، من الخامسة، مات سنة ثمان وعشرين ومئة (128 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي الخير) مرثد بن عبد الله اليزني المصري، ثقة فقيه، من الثالثة، مات سنة تسعين (90 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.

(أن رجلًا) من المسلمين لم أر من ذكر اسمه (سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال) الرجل في سؤاله: (يا رسول الله؛ أي الإسلام) أي: أي خصال الإسلام وأموره وأحواله (خير؟ ) أي: أنفع لصاحبه في الدنيا والآخرة؛ أي: أي خصلة من خصال الخير أكثر منفعةً لصاحبها في الدنيا والآخرة؟

فـ (قال) رسول الله صلى الله عليه وسلم في جواب سؤاله: هي؛ أي: تلك

ص: 166

"تُطْعِمُ الطَّعَامَ، وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ".

===

الخصلة التي هي أنفع لصاحبها (تطعم الطعام) للمحاويج - بضم التاء - من أطعم الرباعي، فهو خبر لمبتدأ محذوف مع إضمار أن المصدرية؛ أي: هي أن تطعم الطعام للمحتاج؛ نظير قولهم: (تسمع بالمعيدي خير من أن تراه) فحذفت أن المصدرية التي تخلص الفعل للاستقبال؛ ليأتي الفعل بصورة المحتمل للحال؛ إظهارًا للرغبة في حصوله، والتعجيل به للمحتاج إليه، وبصورة المضارع؛ لتصور حالته العظيمة التي أثنى الله بها على مطعمه بقوله:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ} (1)، وللرغبة في تجدد إعطائه واستمراره، وصرح بمفعوله الذي هو الطعام؛ احتراسًا من توهم التجوز بتطعم عن حديث حسنٍ أو علم نافع أو غير ذلك.

و"تطعم" من الخطاب العام، وليس المقصود السائل فقط؛ أي: أن تطعم يا من يصح منه الإطعام، ولأن ما روي حكمًا على الواحد .. فهو حكم على الجماعة، و"الطعام" اسم للمقتات؛ كما مر البسط فيه في الحديث السابق نقلًا عن السنوسي.

(وتقرأ السلام) معطوف على (تطعم) والتقدير؛ أي: وتلك الخصال النافعة في الإسلام: إطعام الطعام للمحاويج وغيرهم، وقراءتك السلام؛ أي: التحية الإسلامية (على مَنْ عرفْتَـ) ـهُ (و) على (من لم تعرفـ) ـه إذا كانوا مسلمين؛ أي: وأن تسلم على كل من لقيته، عرفته أم لم تعرفه، ولا تخص به من تعرفه؛ كما يفعله كثير من المعاصرين المتعصبين، ثم إن هذا العموم مخصوص بالمسلمين فلا يسلم ابتداءً على كافر؛ لأنه ليس من أهل التكرمة.

قال القاضي عياض: بذل السلام لكل أحد دليل على أنه مبتغىً به وجه الله

(1) سورة الإنسان: (8).

ص: 167

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

تعالى، ولما كان التآلف والتوادد به نظام شمل الإسلام، وهو أحد أركان الشريعة .. حض صلى الله عليه وسلم على السبب الجالب لذلك؛ من الإطعام وإفشاء السلام والتهادي؛ كما نهى عن ضد ذلك؛ من التقاطع والتدابر والتجسس والنميمة وذي الوجهين. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الاستئذان، باب السلام للمعرفة، وفي كتاب الإيمان، باب إفشاء السلام من الإيمان، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل، وأبو داوود في كتاب الأدب، باب أي الإسلام خير، والنسائي في كتاب الإيمان، باب أي الإسلام خير.

فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه بسوقه: الاستشهاد به.

* * *

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول منها للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 168