الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
ودرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به أيضًا.
فائدة
ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم في هذه الأحاديث وغيرها: "المؤمن يأكل في معىً واحد
…
" إلى آخره: أن المؤمن الذي يعلم أن مقصود الشرع من الأكل: ما يسد الجوع، ويمسك الرمق، ويقوى به على عبادة الله تعالى، ويخاف من الحساب على الزائد على ذلك .. يقل أكله ضرورةً، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: "ما ملأ ابن آدم وعاءً شرًّا من بَطنه، حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه؛ فإن كان ولا بد .. فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه" رواه أحمد والترمذي وابن حبان في "الإحسان".
وعلى هذا؛ فقد يكون أكل المؤمن المذكور إذا نسب إلى أكل الكافر سبعًا، فيصير كأن له سبعة أمعاء يأكل فيها، والمؤمن له معىً واحد، وهذا أحد تأويلات الحديث، وهو أحسنها عندي. انتهى من "المفهم".
تتمة
واختلف العلماء في تأويل معنى هذا الحديث على ستة أقوال:
الأول منها: أنه ليس المراد من الحديث: حقيقة الأمعاء، ولا خصوص الأكل، وإنما المراد: التقلل من الدنيا والاستكثار منها، وكأنه عبر عن تناول الدنيا بالأكل، وعن أسباب ذلك بالأمعاء.
والثاني: المعنى: أن المؤمن يأكل الحلال، والكافر يأكل الحرام، والحلال أقل من الحرام في الوجود، نقله ابن التين.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والثالث: المراد منه: كثرة أكل الكافر، وقلة أكل المؤمن، وإنما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل بعينه، ولم يرد بيان أصل كلي؛ فـ (اللام) في الكافر والمؤمن للعهد الذهني.
والرابع: أن الحديث خرج مخرج الغالب، وليست حقيقة العد مرادةً منه، وتخصيص السبعة؛ للمبالغة في التكثير؛ والمعنى: أن من شأن المؤمن التقلل عن الأكل؛ لاشتغاله بأسباب العبادة، ولخشيته أيضًا من حساب ما زاد على ذلك والكافر، بخلاف ذلك؛ فإنه لا يقف مع مقصود الشرع، بل هو تابع لنفسه مسترسل فيها، غير خائف من تبعات الحرام، فصار أكل المؤمن إذا نسب إلى أكل الكافر .. كأنه بقدر السبع منه، ولا يلزم من هذا اطراده في حق كل مؤمن وكافر؛ فقد يكون في المؤمنين من يأكل كثيرًا؛ إما بحسب العادة، أو لعارض يعرض له؛ من مرض باطن، أو لغير ذلك.
ويكون في الكافر من يأكل قليلًا؛ إما لمراعاة عادة الصحة على رأي الأطباء، وإما للرياضة على رأي الرهبان، وإما لعارض؛ كضعف المعدة.
قال الطيبي: ومحصل القول في هذه الأحاديث: أن من شأن المؤمن الحرص على الزهادة، والاقتناع بالبلغة، بخلاف الكافر؛ فإذا وجد مؤمن أو كافر على غير هذا الوصف .. لا يقدح في الحديث.
والخامس: أن المراد: إثبات البركة في طعام المؤمن، ونفيها من طعام الكافر؛ وذلك لأن المؤمن يسمي الله عند أكله؛ فلا يشركه الشيطان، والكافر لا يسمي؛ فيشركه الشيطان، فلا يكفيه القليل، أو لأن المؤمن يقل حرصه على الطعام، فيبارك له فيه وفي مأكله، فيشبع من القليل، والكافر طامح البصر إلى المأكل؛ كالأنعام، فلا يشبعه القليل.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
والسادس: ما نقلناه عن القرطبي آنفًا؛ من أن شهوات الطعام سبع: شهوة الطبع، وشهوة النفس
…
إلى آخره، والسابع: شهوة الجوع؛ وهي التي يأكل بها المؤمن، وأما الكافر فيأكل بالجميع.
وبمثله ذكر ابن العربي أن الأمعاء السبعة كناية عن الحواس الخمس بالمؤمن، فالمؤمن يأكل للحاجة فقط، بخلاف الكافر. انتهى من "فتح الباري"(9/ 538 - 540).
* * *
وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:
الأول منها للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم