المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(18) - (1165) - باب الطافي من صيد البحر - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الصَّيْد

- ‌(1) - (1148) - بَابُ قَتْلِ الْكِلَابِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ

- ‌(2) - (1149) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ إِلَّا كلْبَ صَيْدٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ

- ‌(3) - (1150) - بَابُ صَيْدِ الْكَلْبِ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(4) - (1151) - بَابُ صَيْدِ كَلْبِ الْمَجُوسِ وَالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ

- ‌(5) - (1152) - بَابُ صَيْدِ الْقَوْسِ

- ‌(6) - (1153) - بَابُ الصَّيْدِ يَغِيبُ لَيْلَةً

- ‌(7) - (1154) - بَابُ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ

- ‌(8) - (1155) - بَابُ مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ

- ‌(9) - (1156) - بَابُ صَيْدِ الْحِيتَانِ وَالْجَرَادِ

- ‌(10) - (1157) - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْ قَتْلِهِ

- ‌(11) - (1158) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ

- ‌(12) - (1159) - بَابُ قَتْلِ الْوَزَغِ

- ‌(13) - (1160) - بَابُ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ

- ‌تنبيه

- ‌فائدة

- ‌(14) - (1161) - بَابُ الذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ

- ‌(15) - (1162) - بَابُ الضَّبُعِ

- ‌(16) - (1163) - بَابُ الضَّبِّ

- ‌(17) - (1164) - بَابُ الْأَرْنَبِ

- ‌(18) - (1165) - بَابُ الطَّافِي مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ

- ‌(19) - (1166) - بَابُ الْغُرَابِ

- ‌(20) - (1167) - بَابُ الْهِرَّةِ

- ‌كتاب الأَطعِمة

- ‌(21) - (1168) - بَابُ إِطْعَامِ الطَّعَامِ

- ‌(22) - (1169) - بَابُ طَعَامِ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ

- ‌(23) - (1170) - بَابٌ: الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعىً وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ

- ‌فائدة

- ‌تتمة

- ‌(24) - (1171) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُعَابَ الطَّعَامُ

- ‌(25) - (1172) - بَابُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الطَّعَامِ

- ‌(26) - (1173) - بَابُ الْأَكْلِ مُتَّكِئًا

- ‌(27) - (1174) - بَابُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الطَّعَامِ

- ‌(28) - (1175) - بَابُ الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌(29) - (1176) - بَاب لَعْقِ الْأَصَابِعِ

- ‌(30) - (1177) - بَابُ تَنْقِيَةِ الصَّحْفَةِ

- ‌(31) - (1178) - بَابُ الْأَكْلِ مِمَّا يَلِيكَ

- ‌(32) - (1179) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ مِنْ ذُرْوَةِ الثَّرِيدِ

- ‌(33) - (1180) - بَابُ اللُّقْمَةِ إِذَا سَقَطَتْ

- ‌(34) - (1181) - بَابُ فَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطعَامِ

- ‌(35) - (1182) - بَابُ مَسْحِ الْيَدِ بَعْدَ الطعَامِ

- ‌(36) - (1183) - بَابُ مَا يُقَالُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الطَّعَامِ

- ‌(37) - (1184) - بَابُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ

- ‌(38) - (1185) - بَابُ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ

- ‌(39) - (1186) - بَابٌ: إِذَا أَتَاهُ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ .. فَلْيُنَاوِلْهُ مِنْهُ

- ‌(40) - (1187) - بَابُ الْأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ

- ‌(41) - (1188) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَامَ عَنِ الطَّعَامِ حَتَّى يُرْفَعَ، وَأَنْ يَكُفَّ يَدَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ

- ‌(42) - (1189) - بَابُ مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ

- ‌(43) - (1190) - بَابُ عَرْضِ الطَّعَامِ

- ‌(44) - (1191) - بَابُ الْأَكلِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(45) - (1192) - بَابُ الْأَكْلِ قَائِمًا

- ‌فائدة

- ‌(46) - (1193) - بَابُ الدُّبَّاءِ

- ‌(47) - (1194) - بَابُ اللَّحْمِ

- ‌(48) - (1195) - بَابُ أَطَايِبِ اللَّحْمِ

- ‌(49) - (1196) - بَابُ الشِّوَاءِ

- ‌(50) - (1197) - بَابُ الْقَدِيدِ

- ‌(51) - (1198) - بَابُ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ

- ‌(52) - (1199) - بَابُ الْمِلْحِ

- ‌(53) - (1200) - بَابُ الائْتِدَامِ بِالْخَلِّ

- ‌(54) - (1201) - بَابُ الزَّيْتِ

- ‌(55) - (1202) - بَابُ اللَّبَنِ

- ‌(56) - (1203) - بَابُ الْحَلْوَاءِ

- ‌(57) - (1204) - بَابُ الْقِثَّاءِ وَالرُّطَبِ يُجْمَعَانِ

- ‌(58) - (1205) - بَابُ التَّمْرِ

- ‌(59) - (1206) - بَابُ إِذَا أُتِيَ بِأَوَّلِ الثَّمَرَةِ

- ‌(60) - (1207) - بَابُ أَكلِ الْبَلَحِ بِالتَّمْرِ

- ‌(61) - (1208) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ قِرَانِ التَّمْرِ

- ‌(62) - (1209) - بَابُ تَفْتِيشِ التَّمْرِ

- ‌(63) - (1210) - بَابُ التَّمْرِ بِالزُّبْدِ

- ‌(64) - (1211) - بَابُ الْحُوَّارَى

- ‌(65) - (1212) - بَابُ الرُّقَاقِ

- ‌(66) - (1213) - بَابُ الْفَالُوذَجِ

- ‌(67) - (1214) - بَابُ الْخُبْزِ المُلَبَّقِ بِالسَّمْنِ

- ‌فائدة

- ‌(68) - (1215) - بَابُ خُبْزِ الْبُرِّ

- ‌(69) - (1216) - بَابُ خُبْزِ الشَّعِيرِ

- ‌(70) - (1217) - بَابُ الاقْتِصَادِ فِي الْأَكلِ وَكَرَاهَةُ الشِّبَعِ

- ‌(71) - (1218) - بَابٌ: مِنَ الْإِسْرَافِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ

- ‌(72) - (1219) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِلْقَاءِ الطَّعَامِ

- ‌(73) - (1220) - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْجُوعِ

- ‌(74) - (1221) - بَابُ تَرْكِ الْعَشَاءِ

- ‌(75) - (1222) - بَابُ الضِّيَافَةِ

- ‌(76) - (1223) - بَابٌ: إِذَا رَأَى الضَّيْفُ مُنْكَرًا .. رَجَعَ

- ‌(77) - (1224) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ السَّمْنِ وَاللَّحْمِ

- ‌(78) - (1225) - بَابٌ: مَنْ طَبَخَ .. فَلْيُكْثِرْ مَاءَهُ

- ‌(79) - (1226) - بَابُ أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ

- ‌(80) - (1227) - بَابُ أَكْلِ الْجُبْنِ وَالسَّمْنِ

- ‌تنبيه

- ‌(81) - (1228) - بَابُ أَكْلِ الثِّمَارِ

- ‌(82) - (1229) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ مُنْبَطِحًا

الفصل: ‌(18) - (1165) - باب الطافي من صيد البحر

(18) - (1165) - بَابُ الطَّافِي مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ

(46)

- 3191 - (1) حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنِي صَفْوَانُ بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ سَلَمَةَ مِنْ آلِ ابْنِ الْأَزْرَق، أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ أَبِي بُرْدَةَ

===

(18)

- (1165) - (باب الطافي من صيد البحر)

والطافي: هو ما مات في البحر بلا سبب، ثم علا وارتفع على ظهر البحر، فمقتضاه أنه حلال. انتهى "سندي".

(46)

- 3191 - (1)(حدثنا هشام بن عمار) بن نصير السلمي الدمشقي، صدوق مقرئ خطيب، من كبار العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ عم).

(حدثنا مالك بن أنس) الأمام في الفروع، ثقة حجة، من السابعة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثني صفوان بن سليم) - مصغرًا - المدني أبو عبد الله الزهري مولاهم، ثقة مفتٍ عابد رمي بالقدر، من الرابعة، مات سنة اثنتين وثلاثين ومئة (132 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن سعيد بن سلمة) المخزومي (من آل ابن الأزرق) وثقه النسائي، من السادسة. يروي عنه:(عم)، قال في "المغني": ابن الأزرق: بهمزة مفتوحة وسكون زاي فراء فقاف، ولم نر من ذكر اسم ابن الأزرق.

(أن المغيرة بن أبي بردة) الكناني، ويقال: ابن عبد الله بن أبي بردة، ويقال: عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة، وقلبه بعضهم. روى عن أبي هريرة

ص: 139

وَهُوَ مِنْ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:

===

حديث: "البحر هو الطهور ماؤه، والحل ميتته"، ويروي عنه: سعيد بن سلمة الكناني، قال الآجري عن أبي بردة: معروف، وقال النسائي: ثقة، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقد ولي إمرة الغزو بالمغرب، من الثالثة، مات بعد المئة. يروي عنه:(عم).

(وهو) أي: المغيرة رجل (من بني عبد الدار حدثه) أي: حدث لسعيد بن سلمة.

(أنه) أي: أن المغيرة (سمع أبا هريرة) رضي الله تعالى عنه (يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات، وقد مر هذا الحديث بأتم منه في كتاب الطهارة برقم (382).

وسبب هذا الحديث - كما في "أبي داوود" -: (أن أبا هريرة قال: سأل رجل) هو عبد الله المدلجي (رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله؛ إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء؛ فإن توضأنا به .. عطشنا) - بكسر الطاء - من باب فرح؛ أي: لقلة الماء وفقده، والبحر الذي ركبناه مالح ومر وريحه منتن، فلا يمكن شربه (أفنتوضأ بماء البحر) وندخر ماءنا للشرب لضرورة العطش؟

فإن قيل: كيف شكُّوا في جواز الوضوء بماء البحر؟

قلنا: كما قال أبو بكر بن العربي: إنما توقفوا عن ماء البحر لأحد وجهين:

إما لأنه لا يشرب، وإما لأنه طبق جهنم، وما كان طبق سخط لا يكون طريق طهارة ورحمة. انتهى من "العون" بتصرف واختصار.

ص: 140

"الْبَحْرُ الطَّهُورُ مَاؤُهُ الْحِلُّ مَيْتَتُهُ"،

===

أي: سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (البحر) هو (الطهور ماؤه) أي: المطهر ماؤه عن الحدث والخبث (الحل ميتته) أي: الحلال ميتته، أي: ما مات فيه من حيوانه.

قوله: "هو الطهور ماؤه" هو؛ أي: البحر، ويحتمل في إعرابه أربعة أوجه:

الأول: أن يكون (هو) مبتدأ أول، و (الطهور) مبتد أثان، خبره (ماؤه)، والجملة من المبتدأ الثاني وخبره خبر للمبتدأ الأول.

الثاني: أن يكون (هو) مبتدأ، خبره (الطهور) و (ماؤه) بدل اشتمال.

الثالث: أن يكون (هو) ضمير الشأن، و (الطهور ماؤه) مبتدأ وخبر.

الرابع: أن يكون (هو) مبتدأ، و (الطهور) خبره، و (ماؤه) فاعله، قاله ابن دقيق العيد.

(الطهور ماؤه) - بفتح الطاء - هو إما مصدر، أو اسم لما يتطهر به، أو الطاهر المطهر؛ كما في "القاموس" وها هنا بمعنى: المطهر، لأنهم سألوه عن تطهير مائه، لا عن طهارته.

وضمير (ماؤه) يقتضي أنه أريد بالضمير في قوله: (هو الطهور) البحر؛ إذ لو أريد به الماء .. لما احتيج إلى قوله: (ماؤه) إذ يصير في معنى: الماء طهور ماؤه، وفي بعض لفظ الدارمي:(فإنه الطاهر ماؤه).

قوله: (الحِل) هو مصدر حَلَّ الشيءُ ضد حَرُم، ولفظ الدارمي والدارقطني:(الحلال).

(ميتته) - بفتح الميم - هو ما مات فيه من حيوان البحر، ولا تَكْسِرها؛ لأنه

ص: 141

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

يكون حينئذ اسم هيئة، وليس هو مرادًا هنا و (الحل) معطوف على (الطهور ماؤه) وتجري فيه الأوجه الأربعة الجارية في الجملة السابقة من الإعراب، وهذا الحديث فيه مسائل:

الأولى: أن ماء البحر طاهر ومطهر.

الثانية: أن جميع حيوانات البحر حلال؛ وهو كل ما لا يعيش إلا في البحر، وبه قال مالك والشافعي وأحمد، قالوا: ميتات البحر حلال.

وما خلا السمك منها حرام عند أبي حنيفة، وقال: المراد بالميتة: السمك؛ كما في حديث: "أحل لنا ميتتان: السمك والجراد" ويأتي تحقيقه في موضعه، إن شاء الله تعالى.

الثالثة: أن المفتي إذا سئل عن شيء، وعلم أن للسائل حاجة إلى ذكر ما يتصل بمسألته .. استحب تعليمه إياه؛ لأن الزيادة في الجواب بقوله:"الحل ميتته" لتتميم الفائدة؛ وهي زيادة تنفع لأهل الصيد، وكأن السائل منهم، وهذا من محاسن الفتوى.

قال الحافظ ابن الملقن: إنه حديث عظيم، أصل من أصول الطهارة، مشتمل على أحكام كثيرة، وقواعد مهمة.

قال الماوردي في "الحاوي": قال الحميدي: قال الشافعي: نصف علم الطهارة.

قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجه، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وقال الترمذي: سألت محمد بن إسماعيل البخاري عن هذا الحديث، فقال: هو حديث صحيح.

قال البيهقي: وإنما لم يخرجه البخاري ومسلم بن الحجاج في الصحيح؛

ص: 142

قَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ: بَلَغَنِي عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ الْجَوَادِ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا نِصْفُ الْعِلْمِ؛ لِأَنَّ الدُّنْيَا بَرٌّ وَبَحْرٌ؛ فَقَدْ أَفْتَاكَ فِي الْبَحْرِ وَبَقِيَ الْبَرُّ.

(47)

- 3192 - (2) حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ،

===

لأجل اختلاف وقع في اسم سعيد بن سلمة والمغيرة بن أبي بردة. انتهى، انتهى من "العون".

(قال أبو عبد الله) محمد بن يزيد بن ماجه، وهذا الكلام من كلام أبي الحسن القطان، تلميذ المؤلف:(بلغني عن أبي عبيدة الجواد) لم أر ترجمته الآن (أنه) أي: أن أبا عبيدة (قال: هذا) الحديث (نصف العلم) أي: مشتمل على نصف علم ما في الدنيا؛ (لأن الدنيا) إما (بر و) إما (بحر؛ فقد أفتاك) وأجابك النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث أيها المسلم عما (في البحر، وبقي) الجواب عما في (البر).

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الطهارة، باب الوضوء بماء البحر، والترمذي في كتاب الطهارة، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب المياه، باب الوضوء بماء البحر، ومالك في "الموطأ"، والدارمي في "مسنده"، وأحمد في "المسند".

وانفرد به ابن ماجه في هذا الباب، فدرجته: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي هريرة بالجزء الأول من حديث جابر، وأما الجزء الأخير منه .. فهو ضعيف للاستئناس؛ كما سنبينه، فقال:

(47)

- 3192 - (2)(حدثنا أحمد بن عبدة) بن موسى الضبي

ص: 143

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ الطَّائِفِيُّ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أُمَيَّةَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْر، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا أَلْقَى الْبَحْرُ أَوْ جَزَرَ عَنْهُ .. فَكُلُوهُ،

===

أبو عبد الله البصري، ثقة رمي بالنصب، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(م عم).

(حدثنا يحيى بن سليم الطائفي) نزيل مكة، صدوق سيئ الحفظ، من التاسعة، مات سنة ثلاث وتسعين ومئة (193 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(ع).

(حدثنا إسماعيل بن أمية) بن عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية الأموي المكي فقيهها، ثقة ثبت، من السادسة، مات سنة أربع وأربعين ومئة (144 هـ)، وقيل قبلها. يروي عنه:(ع).

(عن أبي الزبير) المكي محمد بن مسلم بن تدرس الأسدي مولاهم، صدوق، من الرابعة، مات سنة ست وعشرين ومئة (126 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله تعالى عنهما.

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(قال) جابر: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ألقى البحر) أي: كل ما قذفه البحر ورماه إلى الساحل بعد أن مات في البحر (أو) كل ميت (جزر) - بجيم ثم زاي - أي: انكشف ورجع (عنه) البحر إلى مقره بعد أن رماه في الساحل؛ والجزر: رجوع الماء خلفه، وهو ضد المد والبسط، ومنه الجزيرة؛ لأن الماء انكشف عنها.

والمعنى: وكل ما انكشف عنه الماء من حيوان البحر .. (فكلوه) لأنه حلال.

ص: 144

وَمَا مَاتَ فِيهِ وَطَفَا .. فَلَا تَأْكُلُوهُ".

===

وفي هذا الجزء الأول، فالحديث صحيح؛ لصحة سنده فيكون شاهدًا لحديث أبي هريرة.

ثم ذكر الجزء الثاني بقوله: (وما مات) أي: وكل حيوان مات (فيه) أي: في موج البحر، سواء كان موته بسبب أو بغير سبب (وطفا) أي: علا وارتفع فوق الماء بعد أن مات فيه .. (فلا تأكلوه) لأنه حرام، استدل بهذا من قال وذهب إلى كراهة السمك الطافي.

فالحديث ضعيف في هذا الجزء الثاني وإن كان سنده صحيحًا، ويحمل على أنه من زيادة الراوي؛ لأنه يعارضه حديث جابر الذي سنذكره قريبًا، ولمخالفته لما عليه جمهور أهل العلم من الصحابة وغيرهم؛ وهو إباحة السمك الطافي.

قال الخطابي: قد ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه أباح الطافي من السمك؛ ثبت ذلك عن أبي بكر الصديق وأبي أيوب الأنصاري، وإليه ذهب ابن أبي رباح ومكحول وإبراهيم النخعي، وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور، وروي عن جابر وابن عباس أنهما كرها الطافي من السمك، وإليه ذهب جابر بن زيد وطاووس، وبه قال أصحاب الرأي. انتهى.

قلت: يدل على إباحة السمك الطافي حديث جابر بن عبد الله، قال: غزونا جيش الخبط وأميرنا أبو عبيدة، فجعنا جوعًا شديدًا، فألقى البحر حوتًا ميتًا لم نر مثله، يقال له: العنبر، فأكلنا منه نصف شهر

الحديث، وفي آخره: فلما قدمنا المدينة .. ذكرنا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال:"كلوا رزقًا أخرجه الله تعالى لكم، أطعمونا إن كان معكم"، فأتاه بعضهم بشيء فأكله، أخرجه البخاري ومسلم.

ص: 145

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فهذا الحديث يدل على إباحة ميتة البحر، سواء في ذلك ما مات بنفسه أو بالاصطياد، وقد تبين من آخر هذا الحديث أن جهة كونها حلالًا ليست بسبب الاضطرار، بل كونها من صيد البحر؛ لأنه صلى الله عليه وسلم أكل منها، ولم يكن مضطرًّا، وأما حديث الباب .. فموقوف على الأصح.

قال الحافظ: وإذا لم يصح إلا موقوفًا .. فقد عارضه قول أبي بكر وغيره، والقياس يقتضي حله، أي: حل السمك الطافي، لأنه سمك؛ لو مات في البر .. لأكل بغير تذكية، ولو نضب عنه الماء، أو قتلته سمكة أخرى فمات .. لأكل، فكذلك إذا مات وهو في البحر. انتهى.

قلت: قول أبي بكر الذي أشار إليه الحافظ رواه البخاري معلقًا بلفظة: قال أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه: (الطافي حلال).

ووصل أبو بكر بن أبي شيبة والطحاوي والدارقطني من رواية عبد الملك بن أبي بشير عن عكرمة عن ابن عباس قال: (أشهد على أبي بكر أنه قال: السمكة الطافية حلال). انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأطعمة، باب في أكل الطافي من السمك، قال أبو داوود: روى هذا الحديث سفيان الثوري، وأيوب، وحماد عن أبي الزبير أوقفوه على جابر، وقد أسند هذا الحديث أيضًا؛ أي: كما أسنده إسماعيل بن أمية؛ أي: أسند من وجه ضعيف عن ابن أبي ذئب عن أبي الزبير عن جابر، والأولى أن يقال - كما يعلم مما ذكرنا أولًا -: إن درجة هذا الحديث صحيح الصدر؛ لموافقته للأحاديث الصحيحة، ضعيف العجز؛ لمعارضته حديث جابر الذي ذكرناه أولًا، ولقول أبي بكر الصديق وغيره.

ص: 146

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

فدرجته: أنه صحيح في جزئه الأول، ضعيف في جزئه الثاني، وغرضه: الاستشهاد بصدره لحديث أبي هريرة، والاستئناس بعجزه للترجمة، فهو صحيح الصدر، ضعيف العجز كما قالوا.

* * *

ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:

الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد بصدره، والاستئناس بعجزه.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 147