المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(36) - (1183) - باب ما يقال إذا فرغ من الطعام - شرح سنن ابن ماجه للهرري = مرشد ذوي الحجا والحاجة إلى سنن ابن ماجه - جـ ١٩

[محمد الأمين الهرري]

فهرس الكتاب

- ‌كتابُ الصَّيْد

- ‌(1) - (1148) - بَابُ قَتْلِ الْكِلَابِ إِلَّا كَلْبَ صَيْدٍ أَوْ زَرْعٍ

- ‌(2) - (1149) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ اقْتِنَاءِ الْكَلْبِ إِلَّا كلْبَ صَيْدٍ أَوْ حَرْثٍ أَوْ مَاشِيَةٍ

- ‌(3) - (1150) - بَابُ صَيْدِ الْكَلْبِ

- ‌فائدة مذيلة

- ‌(4) - (1151) - بَابُ صَيْدِ كَلْبِ الْمَجُوسِ وَالْكَلْبِ الْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ

- ‌(5) - (1152) - بَابُ صَيْدِ الْقَوْسِ

- ‌(6) - (1153) - بَابُ الصَّيْدِ يَغِيبُ لَيْلَةً

- ‌(7) - (1154) - بَابُ صَيْدِ الْمِعْرَاضِ

- ‌(8) - (1155) - بَابُ مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ وَهِيَ حَيَّةٌ

- ‌(9) - (1156) - بَابُ صَيْدِ الْحِيتَانِ وَالْجَرَادِ

- ‌(10) - (1157) - بَابُ مَا يُنْهَى عَنْ قَتْلِهِ

- ‌(11) - (1158) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْخَذْفِ

- ‌(12) - (1159) - بَابُ قَتْلِ الْوَزَغِ

- ‌(13) - (1160) - بَابُ أَكْلِ كُلِّ ذِي نَابٍ مِنَ السِّبَاعِ

- ‌تنبيه

- ‌فائدة

- ‌(14) - (1161) - بَابُ الذِّئْبِ وَالثَّعْلَبِ

- ‌(15) - (1162) - بَابُ الضَّبُعِ

- ‌(16) - (1163) - بَابُ الضَّبِّ

- ‌(17) - (1164) - بَابُ الْأَرْنَبِ

- ‌(18) - (1165) - بَابُ الطَّافِي مِنْ صَيْدِ الْبَحْرِ

- ‌(19) - (1166) - بَابُ الْغُرَابِ

- ‌(20) - (1167) - بَابُ الْهِرَّةِ

- ‌كتاب الأَطعِمة

- ‌(21) - (1168) - بَابُ إِطْعَامِ الطَّعَامِ

- ‌(22) - (1169) - بَابُ طَعَامِ الْوَاحِدِ يَكْفِي الِاثْنَيْنِ

- ‌(23) - (1170) - بَابٌ: الْمُؤْمِنُ يَأْكُلُ فِي مِعىً وَاحِدٍ، وَالْكَافِرُ يَأْكُلُ فِي سَبْعَةِ أَمْعَاءٍ

- ‌فائدة

- ‌تتمة

- ‌(24) - (1171) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُعَابَ الطَّعَامُ

- ‌(25) - (1172) - بَابُ الْوُضُوءِ عِنْدَ الطَّعَامِ

- ‌(26) - (1173) - بَابُ الْأَكْلِ مُتَّكِئًا

- ‌(27) - (1174) - بَابُ التَّسْمِيَةِ عِنْدَ الطَّعَامِ

- ‌(28) - (1175) - بَابُ الْأَكْلِ بِالْيَمِينِ

- ‌(29) - (1176) - بَاب لَعْقِ الْأَصَابِعِ

- ‌(30) - (1177) - بَابُ تَنْقِيَةِ الصَّحْفَةِ

- ‌(31) - (1178) - بَابُ الْأَكْلِ مِمَّا يَلِيكَ

- ‌(32) - (1179) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ مِنْ ذُرْوَةِ الثَّرِيدِ

- ‌(33) - (1180) - بَابُ اللُّقْمَةِ إِذَا سَقَطَتْ

- ‌(34) - (1181) - بَابُ فَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطعَامِ

- ‌(35) - (1182) - بَابُ مَسْحِ الْيَدِ بَعْدَ الطعَامِ

- ‌(36) - (1183) - بَابُ مَا يُقَالُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الطَّعَامِ

- ‌(37) - (1184) - بَابُ الِاجْتِمَاعِ عَلَى الطَّعَامِ

- ‌(38) - (1185) - بَابُ النَّفْخِ فِي الطَّعَامِ

- ‌(39) - (1186) - بَابٌ: إِذَا أَتَاهُ خَادِمُهُ بِطَعَامِهِ .. فَلْيُنَاوِلْهُ مِنْهُ

- ‌(40) - (1187) - بَابُ الْأَكْلِ عَلَى الْخِوَانِ وَالسُّفْرَةِ

- ‌(41) - (1188) - بَابُ النَّهْيِ أَنْ يُقَامَ عَنِ الطَّعَامِ حَتَّى يُرْفَعَ، وَأَنْ يَكُفَّ يَدَهُ حَتَّى يَفْرُغَ الْقَوْمُ

- ‌(42) - (1189) - بَابُ مَنْ بَاتَ وَفِي يَدِهِ رِيحُ غَمَرٍ

- ‌(43) - (1190) - بَابُ عَرْضِ الطَّعَامِ

- ‌(44) - (1191) - بَابُ الْأَكلِ فِي الْمَسْجِدِ

- ‌(45) - (1192) - بَابُ الْأَكْلِ قَائِمًا

- ‌فائدة

- ‌(46) - (1193) - بَابُ الدُّبَّاءِ

- ‌(47) - (1194) - بَابُ اللَّحْمِ

- ‌(48) - (1195) - بَابُ أَطَايِبِ اللَّحْمِ

- ‌(49) - (1196) - بَابُ الشِّوَاءِ

- ‌(50) - (1197) - بَابُ الْقَدِيدِ

- ‌(51) - (1198) - بَابُ الْكَبِدِ وَالطِّحَالِ

- ‌(52) - (1199) - بَابُ الْمِلْحِ

- ‌(53) - (1200) - بَابُ الائْتِدَامِ بِالْخَلِّ

- ‌(54) - (1201) - بَابُ الزَّيْتِ

- ‌(55) - (1202) - بَابُ اللَّبَنِ

- ‌(56) - (1203) - بَابُ الْحَلْوَاءِ

- ‌(57) - (1204) - بَابُ الْقِثَّاءِ وَالرُّطَبِ يُجْمَعَانِ

- ‌(58) - (1205) - بَابُ التَّمْرِ

- ‌(59) - (1206) - بَابُ إِذَا أُتِيَ بِأَوَّلِ الثَّمَرَةِ

- ‌(60) - (1207) - بَابُ أَكلِ الْبَلَحِ بِالتَّمْرِ

- ‌(61) - (1208) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ قِرَانِ التَّمْرِ

- ‌(62) - (1209) - بَابُ تَفْتِيشِ التَّمْرِ

- ‌(63) - (1210) - بَابُ التَّمْرِ بِالزُّبْدِ

- ‌(64) - (1211) - بَابُ الْحُوَّارَى

- ‌(65) - (1212) - بَابُ الرُّقَاقِ

- ‌(66) - (1213) - بَابُ الْفَالُوذَجِ

- ‌(67) - (1214) - بَابُ الْخُبْزِ المُلَبَّقِ بِالسَّمْنِ

- ‌فائدة

- ‌(68) - (1215) - بَابُ خُبْزِ الْبُرِّ

- ‌(69) - (1216) - بَابُ خُبْزِ الشَّعِيرِ

- ‌(70) - (1217) - بَابُ الاقْتِصَادِ فِي الْأَكلِ وَكَرَاهَةُ الشِّبَعِ

- ‌(71) - (1218) - بَابٌ: مِنَ الْإِسْرَافِ أَنْ تَأْكُلَ كُلَّ مَا اشْتَهَيْتَ

- ‌(72) - (1219) - بَابُ النَّهْيِ عَنْ إِلْقَاءِ الطَّعَامِ

- ‌(73) - (1220) - بَابُ التَّعَوُّذِ مِنَ الْجُوعِ

- ‌(74) - (1221) - بَابُ تَرْكِ الْعَشَاءِ

- ‌(75) - (1222) - بَابُ الضِّيَافَةِ

- ‌(76) - (1223) - بَابٌ: إِذَا رَأَى الضَّيْفُ مُنْكَرًا .. رَجَعَ

- ‌(77) - (1224) - بَابُ الْجَمْعِ بَيْنَ السَّمْنِ وَاللَّحْمِ

- ‌(78) - (1225) - بَابٌ: مَنْ طَبَخَ .. فَلْيُكْثِرْ مَاءَهُ

- ‌(79) - (1226) - بَابُ أَكْلِ الثُّومِ وَالْبَصَلِ وَالْكُرَّاثِ

- ‌(80) - (1227) - بَابُ أَكْلِ الْجُبْنِ وَالسَّمْنِ

- ‌تنبيه

- ‌(81) - (1228) - بَابُ أَكْلِ الثِّمَارِ

- ‌(82) - (1229) - بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْأَكْلِ مُنْبَطِحًا

الفصل: ‌(36) - (1183) - باب ما يقال إذا فرغ من الطعام

(36) - (1183) - بَابُ مَا يُقَالُ إِذَا فَرَغَ مِنَ الطَّعَامِ

(82)

- 3227 - (1) حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ حَجَّاجٍ، عَنْ رِيَاحِ بْنِ عَبِيدَةَ، عَنْ مَوْلىً لِأَبِي سَعِيدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَكَلَ طَعَامًا

===

(36)

- (1183) - (باب ما يقال إذا فرغ من الطعام)

(82)

- 3227 - (1)(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة) العبسي الكوفي، ثقة، من العاشرة، مات سنة خمس وثلاثين ومئتين (235 هـ). يروي عنه:(خ م د س ق).

(حدثنا أبو خالد الأحمر) سليمان بن حيان الأزدي الكوفي، صدوق يخطئ، من الثامنة، مات سنة تسعين ومئة (190 هـ) أو قبلها. يروي عنه:(ع).

(عن حجاج) بن أرطاة بن ثور بن هبيرة - مصغرًا - النخعي الكوفي القاضي أحد الفقهاء، صدوق كثير الخطأ والتدليس، من السابعة، مات سنة خمس وأربعين ومئة (145 هـ). يروي عنه:(م عم).

(عن رياح) بكسر أوله ثم تحتانية (ابن عبيدة) - بفتح أوله - السلمي الكوفي، ثقة، من الرابعة. يروي عنه:(د ت س ق).

(عن مولىً لأبي سعيد) الخدري، مجهول لا يعرف.

(عن أبي سعيد) الخدري الأنصاري رضي الله تعالى عنه.

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الضعف جدًّا؛ لأن حجاج بن أرطاة، ضعيف ومدلس، وقد عنعن، وشيخ رباح مولى أبي سعيد، مجهول لا يعرف.

(قال) أبو سعيد: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أكل طعامًا) وفرغ

ص: 253

قَالَ: "الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَطْعَمَنَا وَسَقَانَا وَجَعَلَنَا مُسْلِمِينَ".

===

منه .. (قال) عقبه: (الحمد لله الذي أطعمنا) هذا الطعام اللذيذ، قدم الإطعام على ما بعده؛ لزيادة الاهتمام به على مقتضى الحال؛ لأن الطعام أهم من الشراب، ولما كان الطعام لا يخلو عن شرب في أثنائه أو بعده .. ذكر السقيا، فقال:(وسقانا) الشراب تبعًا للإطعام، وضم إليه قوله:"وجعلنا مسلمين" للجمع بين الحمد على النعمة الدنيوية والأخروية. انتهى "سندي".

(وجعلنا مسلمين) أي: موحدين منقادين لجمع أمُورِ الدين.

وفائدة الحمد بعد الطعام أداء شكر المنعم وطلب زيادة النعمة؛ لقوله تعالى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} (1).

وفيه استحباب تجديد حمد الله عند تجدد النعمة؛ من حصول ما كان الإنسان يتوقع حصوله، أو اندفاع ما كان يخاف وقوعه.

ثم لما كان الباعث هنا هو الطعام .. ذكره أولًا؛ لزيادة الاهتمام به، وكان السقي من تتمته؛ لكونه مقارنًا له في التحقيق غالبًا، ثم استطرد من ذكر النعمة الظاهرة إلى ذكر النعم الباطنة، فذكر ما هو أشرفها وختم به؛ لأن المدار على حسن الخاتمة، مع ما فيه من الإشارة إلى كمال الانقياد في الأكل والشرب وغيرهما قدرًا ووصفًا ووقتًا، احتياجًا واستغناءً، بحسب ما قدره وقضاه، كذا قال القاري في "المرقاة". انتهى من "العون".

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: أبو داوود في كتاب الأطعمة، باب ما يقول الرجل إذا طعم، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا فرغ من الطعام، والنسائي في كتاب "عمل اليوم والليلة"، باب ما يقول إذا شرب اللبن،

(1) سورة إبراهيم: (7).

ص: 254

(83)

- 3228 - (2) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا ثَوْرُ بْنُ يَزِيدَ،

===

وأحمد في "مسنده"، وذكره البخاري في "تاريخه الكبير"، وذكر فيه اختلاف الرواة؛ هل روى أبو خالد الأحمر عن مولى لأبي سعيد، أو عن ابنٍ لأبي سعيد.

قال الحافظ في "تهذيب التهذيب" في ترجمة رياح بن عبيدة: روى عن أبي سعيد الخدري، وقيل: عن مولىً لأبي سعيد، وقيل: عن ابن لأبي سعيد، وقيل: عن عبد الرحمن بن أبي سعيد، ولم أقف على ترجمة ابن أبي سعيد ولا على ترجمة مولىً لأبي سعيد. انتهى.

فهذا الحديث لكثرة متابعته وكثرة شواهده .. كحديث أبي أمامة المذكور بعده وغيره.

ودرجته: أنه صحيح المتن بغيره، ضعيف السند؛ لما مر، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.

* * *

ثم استشهد المؤلف لحديث أبي سعيد الخدري بحديث أبي أمامة الباهلي رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(83)

- 3228 - (2)(حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم) بن عمرو العثماني مولاهم الدمشقي، ثقة حافظ متقن، من العاشرة، مات سنة خمس وأربعين ومئتين (245 هـ). يروي عنه:(خ د س ق).

(حدثنا الوليد بن مسلم) القرشي مولاهم الدمشقي، ثقة، من الثامنة، لكنه كثير التدليس والتسوية، مات آخر سنة أربع أو أول سنة خمس وتسعين ومئة (195 هـ). يروي عنه:(ع).

(حدثنا ثور بن يزيد) - بزيادة ياء تحتانية - في أول اسم أبيه أبو خالد

ص: 255

عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ إِذَا رُفِعَ طَعَامُهُ أَوْ مَا بَيْنَ يَدَيْهِ

===

الحمصي، ثقة ثبت إلا أنه يرى القدر، من السابعة، مات سنة خمسين ومئة (150 هـ)، وقيل: ثلاث أو خمس وخمسين ومئتين. يروي عنه: (ع).

(عن خالد بن معدان) - بفتح الميم وسكون العين - الكلاعي - بفتح الكاف - الحمصي أبي عبد الله، ثقة عابد يرسل كثيرًا، من الثالثة، مات سنة ثلاث ومئة (103 هـ)، وقيل بعد ذلك. يروي عنه:(ع).

(عن أبي أمامة) صدي - مصغرًا - ابن عجلان (الباهلي) الصحابي المشهور رضي الله تعالى عنه، سكن الشام، ومات بها سنة ست وثمانين (86 هـ). يروي عنه:(ع).

وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا رفع) بالبناء للمجهول (طعامه) نائب فاعل (أو) قال الراوي أو من دونه: إذا رفع (ما بين يديه) من الطعام بعد فراغه من الأكل، وفي رواية أبي داوود:(إذا رفعت المائدة)، وكذا في رواية الترمذي:(إذا رفعت المائدة من بين يديه)، وقد يقال على هذه الرواية: قد ثبت في الحديث الصحيح برواية أنس رضي الله تعالى عنه أنه صلى الله عليه وسلم لم يأكل على خوان قط، والمائدة: هي خوان عليه طعام.

فأجاب بعضهم: بأن أنسًا ما رأى ذلك، ورآه غيره، والمثبت يقدم على النافي.

قال في "الفتح": وقد تطلق المائدة ويراد بها نفس الطعام، وقد نقل عن البخاري أنه قال: إذا أكل الطعام على شيء ثم رفع .. قيل: رفعت المائدة. انتهى.

ص: 256

قَالَ: "الْحَمْدُ لِلّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا غَيْرَ مَكْفِيٍّ

===

قلت: والتحقيق في ذلك: أن المائدة هي ما يبسط للطعام؛ لأنها من ماد يميد إذا تحرك أو أطعم، سواء كان من ثوب أو جلد أو حصير أو خشب أو غير ذلك، فالمائدة عام، لها أنواع؛ منها: السفرة، ومنها: الخوان، وغيره.

فالخوان - بضم الخاء المعجمة - يكون من خشب، وتكون تحته قوائم من كل جانب، والأكل عليه من دأب المترفين؛ لئلا يفتقروا إلى التطأطؤ والانحناء، فالذي نفي بحديث أنس هو الخوان، والذي أثبت هو نحو السفرة وغيره. انتهى من "العون".

(قال: الحمد لله حمدًا كثيرًا) مفعول مطلق للحمد؛ إما باعتبار ذاته، أو باعتبار تضمنه معنى الفعل، أو منصوب بفعل مقدر (طيبًا) أي: خالصًا من الرياء والسمعة (مباركًا) - بفتح الراء - هو وما قبله صفات لحمدًا.

والضمير في قوله: (فيه) راجع إلى الحمد؛ أي: حمدًا ذا بركة دائمًا لا ينقطع؛ لأن نعمه تعالى لا تنقطع عنا، فينبغي أن يكون حمدنا غير منقطع أيضًا ولو نيةً واعتقادًا (غير مكفي) بنصب غير ورفعه، ومكفي - بفتح الميم وسكون الكاف وتشديد التحتية - من كفأت؛ أي: غير مردود ولا مقلوب.

والضمير في (به) راجع إلى الطعام الدال عليه السياق، أو هو من الكفاية، فيكون من المعتل؛ يعني: أنه تعالى هو المطعم لعباده والكافي لهم؛ فالضمير راجع إلى الله تعالى.

وقال العيني: هو من الكفاية، وهو اسم مفعول، أصله مكفوي على وزن مفعول، فلما اجتمعت الواو والياء .. قلبت الواو ياء، وأدغمت في الياء، ثم أبدلت ضمة الفاء كسرةً؛ لأجل الياء.

ص: 257

وَلَا مُوَدَّعٍ وَلَا مُسْتَغْنىً عَنْهُ رَبَّنَا".

===

والمعنى: هذا الذي أكلناه ليس فيه كفاية عما بعده بحيث ينقطع، بل نعمك مستمرة لنا طول أعمارنا غير منقطعة.

وقيل: الضمير راجع إلى الحمد؛ أي: إن الحمد غير مكفي، كذا في "القسطلاني على البخاري".

(ولا مودع) - بفتح الدال المشددة - اسم مفعول من التوديع حال من الحمد؛ أي: غير متروك، أو من الطعام، أي: غير منقطع بحيث لا يكون آخر طعامنا، أو من الله تعالى؛ أي: غير متروك الطلب منه والرغبة إليه.

ويحتمل كسرها على أنه حال من القائل؛ أي: غير تارك، ويجوز رفع غير على أنه خبر لمبتدأ محذوف؛ أي: هو غير مودع (ولا مستغنىً عنه) - بفتح النون وبالتنوين - أي: غير مطروح ولا معرض عنه، بل محتاج إليه.

قوله: (ربنا) روي بالرفع والنصب والجر؛ فالرفع على تقدير: هو ربنا، أو أنت ربنا اسمع حمدنا ودعاءنا، أو على أنه مبتدأ وخبره غير بالرفع مقدم عليه.

والنصب على أنه منادىً حذف منه حرف النداء، أو على المدح، أو على الاختصاص، أو إضمار أعني.

والجر على أنه بدل من (الله) في قوله: (الحمد لله)، وقيل: على أنه بدل من الضمير في (عنه). انتهى من "تحفة الأحوذي".

قال الحافظ: قوله: (غير مكفي) - بفتح الميم وسكون الكاف وكسر الفاء وتشديد التحتانية - قال ابن بطال: يحتمل أن يكون من كفأت الإناء، فالمعنى: غير مردود عليه إنعامه، ويحتمل أن يكون من الكفاية؛ أي: أن الله غير مكفي رزق عباده؛ لأنه لا يكفيهم أحد غيره.

ص: 258

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

===

وقال ابن التين: أي: غير محتاج إلى أحدٍ، لكنه هو الذي يطعم عباده ويكفيهم، وهذا قول الخطابي.

وقال القزاز: معناه: أنه غير مكتف بنفسي عن كفايته، وقال الداوودي: معناه: لم أكتف من فضل الله ونعمته.

قال ابن التين: وقول الخطابي أولى، لأن مفعولًا بمعنى مفتعل فيه بعد وخروج عن الظاهر، وهذا كله على أن الضمير لله، ويحتمل أن يكون الضمير للحمد.

وقال إبراهيم الحربي: الضمير للطعام، ومكفي بمعنى مقلوب؛ من الإكفاء؛ وهو القلب، غير أنه لا يكفى الإناء للاستغناء عنه. انتهى، انتهى من "التحفة".

قال السندي: قوله: "غير مكفي" يحتمل أن يكون بمعنى الكفاية؛ أي: غير مأتي به كما هو حقه؛ لقصور القدرة البشرية عن ذلك.

ويحتمل أن يكون من كفأت مهموز بمعنى قلبت؛ والمعنى: غير مردود على وجه قائله، بل هو مقبول في حضرة القدس.

(ولا مودع) أي: غير متروك، بل الاشتغال به يكون دائمًا من غير انقطاع؛ كما أن نعمه تعالى لا تنقطع عنا طرفة عين.

(ولا مستغنىً عنه) بل هو ما يحتاج إليه الإنسان في كل حال؛ ليثبت ويدوم ما به النعم ويستجلب المزيد منها. انتهى منه.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب الأطعمة، باب ما يقول إذا فرغ من طعامه، وأبو داوود في كتاب الأطعمة، باب ما يقول الرجل إذا طعم، والترمذي في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا فرغ من الطعام، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه النسائي أيضًا.

ص: 259

(84)

- 3229 - (3) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ أَبِي مَرْحُومٍ عَبْدِ الرَّحِيم، عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذِ بْنِ أَنَسٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ أَبِيه،

===

فدرجة هذا الحديث: أنه صحيح؛ لصحة سنده وللمشاركة فيه، وغرضه: الاستشهاد به.

* * *

ثم استشهد المؤلف ثانيًا لحديث أبي سعيد بحديث معاذ بن أنس الجهني رضي الله تعالى عنهما، فقال:

(84)

- 3229 - (3)(حدثنا حرملة بن يحيى) بن حرملة بن عمران التجيبي أبو حفص المصري، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م س ق).

(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم المصري، ثقة، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).

(أخبرني سعيد بن أبي أيوب) واسمه مقلاص الخزاعي مولاهم أبو يحيى المصري، ثقة ثبت، من السابعة، مات سنة إحدى وستين ومئة (161 هـ)، وقيل غير ذلك، وكان مولده سنة مئة (100 هـ). يروي عنه:(ع).

(عن أبي مرحوم عبد الرحيم) بن ميمون المدني نزيل مصر، صدوق زاهد، من السادسة، مات سنة ثلاث وأربعين ومئة (143 هـ). يروي عنه:(عم).

(عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني) لا باس به إلا في روايات زبان بن فائد - بالفاء - المصري الحمراوي الضعيف الحديث عنه، فهو ضعيف فيها، من الرابعة. يروي عنه:(د ت ق).

(عن أبيه) معاذ بن أنس الجهني الأنصاري الصحابي المشهور، نزل مصر،

ص: 260

عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: "مَنْ أَكَلَ طَعَامًا فَقَال: الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي أَطْعَمَنِي هَذَا وَرَزَقَنِيهِ مِنْ غَيْرِ حَوْلٍ مِنِّي وَلَا قُوَّةٍ .. غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ".

===

وبقي إلى خلافة عبد الملك رضي الله تعالى عنه. يروي عنه: (د ت ق).

وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الحسن؛ لأن فيه سهل بن معاذ، وهو لا بأس به.

(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أكل طعامًا، فقال) إذا فرغ من أكله: (الحمد لله الذي أطعمني هذا) الطعام (ورزقنيه) أي: رزقني هذا الطعام (من غير حول) وحيلة (مني ولا قوة) وقدرة وحركة مني .. (غفر له ما تقدم من ذنبه) الصغائر؛ لأن الكبائر لا تغفر إلا بالتوبة، أو بمحض فضل الله تعالى.

وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: الترمذي في كتاب الدعوات، باب ما يقول إذا فرغ من الطعام، وأحمد في "مسنده".

ودرجته: أنه حسن؛ لكون سنده حسنًا، وغرضه: الاستشهاد به.

وجملة ما ذكره المؤلف في هذا الباب: ثلاثة أحاديث:

الأول للاستدلال، والأخيران للاستشهاد.

والله سبحانه وتعالى أعلم

ص: 261