الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(34) - (1181) - بَابُ فَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى الطعَامِ
(79)
- 3224 - (1) حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ،
===
(34)
- (1181) - (باب فضل الثريد على الطعام)
والثريد - بفتح المثلثة وكسر الراء - معروف؛ وهو أن يثرد الخبز بمرق اللحم، وقد يكون معه اللحم، ومن أمثالهم:(الثريد أحد اللحمين)، وربما كان أنفع وأقوى من نفس اللحم النضيج إذا ثرد بمرقته.
(79)
- 3224 - (1)(حدثنا محمد بن بشار) بن عثمان العبدي البصري، ثقة، من العاشرة، مات سنة اثنتين وخمسين ومئتين (252 هـ). يروي عنه:(ع).
(حدثنا محمد بن جعفر) الهذلي البصري ربيب شعبة، ثقة، من التاسعة، مات سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومئة. يروي عنه:(ع).
(حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد العتكي البصري، ثقة إمام حجة، من السابعة، مات سنة ستين ومئة (160 هـ). يروي عنه:(ع).
(عن عمرو بن مرة) بن عبد الله بن طارق الجملي - بفتح الجيم والميم - المرادي - بضم الميم - أبي عبد الله الكوفي الأعمى، ثقة عابد كان لا يدلس، ورمي بالإرجاء، من الخامسة، مات سنة ثماني عشرة ومئة (118 هـ) وقيل: قبلها. يروي عنه: (ع).
(عن مرة) بن شراحيل (الهمداني) - بسكون الميم - أبي إسماعيل الكوفي، وهو الذي يقال له: مرة الطيب، ثقة عابد، من الثانية، مات سنة ست وسبعين (76 هـ) وقيل: بعد ذلك. يروي عنه: (ع).
عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"كَمَلَ مِنَ الرِّجَالِ كَثِيرٌ، وَلَمْ يَكْمُلْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ، وَإِنَّ فَضْلَ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ".
===
(عن أبي موسى) عبد الله بن قيس (الأشعري) رضي الله تعالى عنه.
وهذا السند من سداسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات أثبات.
(عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: كمل) - بتثليث الميم - قال في "القاموس": كمل كنصر وكرم وعلم كمالًا وكمولًا. انتهى.
أي: صار كاملًا، أو بلغ مبلغ الكمال (من الرجال كثير) أي: كثيرون من أفراد هذا الجنس حتى صاروا رسلًا وأنبياء وخلفاء وعلماء وأولياء (ولم يكمل) أي: لم يبلغ درجة الكمال (من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون) اللعين، أي: زوجته، ليس المراد به الحصر في المذكور، بل المراد: بيان القلة وما ذكره .. فهو مذكور على سبيل التمثيل؛ فلا اعتراض بفاطمة وخديجة الكبرى؛ والمعنى: ولم يكمل من النساء إلا قليل منهن، ولما كان ذلك القليل محصورًا فيهما باعتبار الأمم السابقة نص عليهما، بخلاف الكمل من الرجال؛ فإنه يبعد تعدادهم واستقصاؤهم بطريق الانحصار، سواء أريد بالكمل الأنبياء أو الأولياء.
(وإن فضل عائشة على) سائر (النساء) أي: نساء هذه الأمة ببعض الوجوه؛ كحسن الخلق وفصاحة اللسان ورزانة الرأي، لا في كل الوجوه، فخرجت فاطمة وخديجة (كفضل الثريد على سائر الطعام) أي: باقيه؛ أي: (كفضل الثريد) في بعض الوجوه (على سائر الطعام) فإنه أفضل طعام العرب؛ لأنه مع اللحم جامع بين اللذة والقوة وسهولة التناول وقلة المؤنة في المضغ، ولهذا ذكر فضل عائشة بكلام مستقل، ولم يعطف عائشة على السابقتين. انتهى "سندي".
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قوله: "ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران" قال الحافظ في "الفتح": استدل بهذا الحصر على أنهما نبيتان؛ لأن أكمل الإنسان الأنبياء ثم الأولياء والصديقون والشهداء، فلو كانتا غير نبيتين .. للزم ألا يكون في النساء ولية ولا صديقة ولا شهيدة، والواقع أن هذه الصفات في كثير منهن موجودة، فكأنه قال: ولم ينبأ من النساء إلا فلانة وفلانة، ولو قال: لم تثبت صفة الصديقية أو الولاية أو الشهادة إلا لفلانة وفلانة .. لم يصح، لوجود ذلك في غيرهن إلا أن يكون المراد في الحديث: كمال غير الأنبياء، فلا يتم الدليل على ذلك لأجل ذلك. انتهى.
وقال الكرماني: لا يلزم من لفظ الكمال ثبوت نبوتهما؛ لأنه يطلق على تمام الشيء وتناهيه في بابه، فالمراد ببلوغهما إليه في جميع الفضائل التي للنساء، قال: وقد نقل الإجماع على عدم نبوة النساء، كذا قال.
وقد نقل عن الأشعري: من النساء من نبئ؛ وهن ست: حواء وسارة وأم موسى وهاجر وآسية ومريم، والضابط عنده: أن من جاءه الملك عن الله بحكم من أمر أو نهي أو بإعلام مما سيأتي .. فهو نبي، وقد ثبت مجيء الملك لهؤلاء بأمور شتى من ذلك من عند الله عز وجل، ووقع التصريح بالإيحاء لبعضهم في القرآن.
وذكر ابن حزم في "الملل والنحل" أن هذه المسألة لم يحدث التنازع فيها إلا في عصره بقرطبة، وحكى عنهم أقوالًا ثالثها: الوقف.
قال: وحجة المانعين قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا} (1)،
(1) سورة يوسف: (109).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
قال: وهذا لا حجة فيه؛ فإن أَحدًا لم يَدَّعِ فيهن الرسالةَ، وإنما الكلامُ في النبوة فقط، قال: وأصرح ما ورد في ذلك قصة مريم، وفي قصة أم موسى ما يدل على ثبوت ذلك لها من مبادرتها بإلقاء ولدها في البحر بمجرد الوحي إليها بذلك.
قال: وقد قال الله تعالى بعد أن ذكر مريم والأنبياء بعدها: {أُولَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ} (1)، فدخلت في عمومه، والله تعالى أعلم.
قال القرطبي: والصحيح أن مريم نبِية؛ لأن الله تعالى أوحى إليها بواسطة الملك، وأما آسية .. فلم يرد ما يدل على نبوتها، كذا في "الفتح". انتهى من "التحفة".
قوله: "وفضل عائشة على النساء" أي: على جنسهن من نساء الدنيا جميعهن، أو على نساء الجنة، أو على نساء زمانها، أو على نساء هذه الأمة "كفضل الثريد على سائر الطعام" قال الحافظ: ليس فيه تصريح بأفضلية عائشة رضي الله تعالى عنها على غيرها؛ لأن فضل الثريد على غيره من الطعام، إنما هو لما فيه من تيسير المؤنة وسهولة الإساغة، وكان أجل أطعمتهم يومئذ، وكل هذه الخصال لا تستلزم ثبوت الأفضلية له من كل جهة؛ فقد يكون مفضولًا بالنسبة لغيره من جهات أخرى، وسيأتي بقية الكلام في هذا في فضل عائشة من أبواب المناقب. انتهى منه.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل عائشة، وفي كتاب الأطعمة، باب الثريد وفي مواضع أخر، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل خديجة أم المؤمنين،
(1) سورة مريم: (58).
(80)
- 3225 - (2) حَدَّثَنَا حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، أَنْبَأَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
===
والترمذي في كتاب الأطعمة، باب ما جاء في فضل الثريد، وقال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في كتاب عشرة النساء، باب حب الرجل بعض نسائه أكثر من بعض، وابن حبان في "الإحسان"، وابن أبي شيبة في "مصنفه".
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة، لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستدلال به على الترجمة.
* * *
ثم استشهد المؤلف لحديث أبي موسى الأشعري بحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنهما، فقال:
(80)
- 3225 - (2)(حدثنا حرملة بن يحيى) بن حرملة بن عمران أبو حفص التجيبي المصري صاحب الشافعي، صدوق، من الحادية عشرة، مات سنة ثلاث أو أربع وأربعين ومئتين (244 هـ). يروي عنه:(م س ق).
(حدثنا عبد الله بن وهب) بن مسلم القرشي مولاهم المصري الفقيه، ثقة حافظ عابد، من التاسعة، مات سنة سبع وتسعين ومئة (197 هـ). يروي عنه:(ع).
(أنبأنا مسلم بن خالد) المخزومي مولاهم المكي المعروف بالزنجي، صدوق فقيه كثير الأوهام، من الثامنة، مات سنة تسع وسبعين ومئة (179 هـ)، أو بعدها. يروي عنه:(د ق).
(عن عبد الله بن عبد الرحمن) بن معمر بن حزم الأنصاري أبي طوالة - بضم الطاء - المدني قاضي المدينة لعمر بن عبد العزيز، ثقة، من الخامسة،
أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "فَضْلُ عَائِشَةَ عَلَى النِّسَاءِ كَفَضْلِ الثَّرِيدِ عَلَى سَائِرِ الطَّعَامِ".
===
مات سنة أربع وثلاثين ومئة (134 هـ)، ويقال بعد ذلك. يروي عنه:(ع).
(أنه سمع أنس بن مالك) رضي الله تعالى عنه (يقول).
وهذا السند من خماسياته، وحكمه: الصحة؛ لأن رجاله ثقات.
أي: سمعت أنسًا حالة كونه يقول: (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل عائشة) بنت أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنهما (على النساء) أي: على نساء زمنها، وأشار ابن حبان - كما أفاده في "الفتح" - إلى أن أفضليتها التي يدل عليها هذا الحديث غير مقيدة بنساء النبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يدخل فيها مثل فاطمة وخديجة؛ جمعًا بينه وبين حديث الحاكم:"أفضل نساء أهل الجنة خديجة وفاطمة". انتهى "قسطلاني".
(كفضل الثريد) المتخذ من الخبز واللحم (على سائر الطعام) وقد استدل بهذا الحديث على فضل عائشة على خديجة، وليس ذلك بلازم؛ لأنه يحتمل أن يكون المراد من النساء في هذا الحديث: نساء زمنها، وخديجة قبلها.
وقال السبكي الكبير: الذي ندين الله به أن فاطمة أفضل ثم خديجة ثم عائشة، والخلاف في ذلك شهير، ولكن الحق أحق أن يتبع، وهو ما قلنا.
وقال ابن تيمية: جهات الفضل بين خديجة وعائشة متقاربة، وكأنه رأى التوقف، وقال ابن القيم: إن أريد بالتفضيل كثرة الثواب عند الله تعالى .. فذلك أمر لا يطلع عليه؛ فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح، وإن أريد كثرة العلم .. فعائشة لا محالة، وإن أريد شرف الأصل .. ففاطمة لا محالة، وهي فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها، وإن أريد شرف السيادة ..
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
فقد ثبت النص لفاطمة وحدها، وقد أخرج الطحاوي والحاكم بسند جيد عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حق زينب ابنته لما أوذيت عند خروجها من مكة:"هي أفضل بناتي أصيبت في". انتهى "فتح الباري "(7/ 109).
ولم يتعرض النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فضلًا لأحد من نساء زمانه إلا لعائشة خاصة؛ فإنه فضلها على سائر النساء، ويستثنى منهن الأربع المذكورة في الأحاديث المذكورة في "الصحيحين" وغيرهما؛ وهي مريم بنت عمران، وخديجة، وفاطمة وآسية بنت مزاحم؛ فإنهن أفضل من عائشة؛ بدليل تلك الأحاديث المذكورة في باب خديجة، وبهذا يصح الجمع بين الأحاديث، ويدفع التعارض.
قوله: (كفضل الثريد على سائر الطعام) قال النووي: قال العلماء: معناه: أن الثريد من كل طعام أفضل من المرق؛ فثريد اللحم أفضل من مرقه بلا ثريد، وثريد ما لا لحم فيه أفضل من مرقه.
والمراد بالفضيلة هنا: نفعه والشبع منه وسهولة مساغه والالتذاذ به وتيسر تناوله وتمكن الأنسان من أخذ كفايته منه بسرعة، وغير ذلك، فهو أفضل من المرق كله ومن سائر الأطعمة، وفضل عائشة على النساء زائد؛ كزيادة فضل الثريد على غيره من الأطعمة.
وشارك المؤلف في رواية هذا الحديث: البخاري في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل عائشة رضي الله عنها، وفي كتاب الأطعمة، باب الثريد، وباب ذكر الطعام، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب فضل عائشة رضي الله تعالى عنها، والترمذي في كتاب المناقب، باب فضل عائشة رضي الله عنها، وقال
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
===
الترمذي: عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أبو طوالة الأنصاري المدني، ثقة، والنسائي والحاكم والدارمي وأحمد، وغيرهم.
فهذا الحديث في أعلى درجات الصحة؛ لأنه من المتفق عليه، وغرضه: الاستشهاد به لحديث أبي موسى.
* * *
ولم يذكر المؤلف في هذا الباب إلا حديثين:
الأول للاستدلال، والثاني للاستشهاد.
والله سبحانه وتعالى أعلم