الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث خلاصة القول بشأن بيع الميتة
استبان لنا مما سبق من حديث عن بيع الميتة، أو بيع أجزائها ما يأتي:
1-
حرمة بيع الميتة، وأن هذا محل اتفاق بين الفقهاء، وذلك تأسيساً على نجاسة عينها، وقد ترتب على هذا حرمة ثمنها والانتفاع بها، حيث إن الميتة تأباها النفوس السليمة وتستقذرها، فضلاً عما أثبته الطب الحديث من أن الميتة تعتبر موضعاً لاحتواء الميكروبات والمواد الضارة فهي مضرة بالصحة لاحتباس الدم فيها، وتزاحم الميكروبات عليها.
وقد ثبتت حرمة الميتة بالنص الصريح حيث قال سبحانه: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} 1 وقد ذكر الإجماع على تحريمها معظم العلماء كالماوردي2، والمقدسي3، والبهوتي4 وغيرهم5.
1 سورة المائدة: الآية 3.
2 هو علي بن محمد بن حبيب أبو الحسن الماوردي، الفقيه الشافعي، ولد عام 364?، من مصنفاته الحاوي، وأدب الدنيا والدين والأحكام السلطانية. توفي رحمه الله عام 450?. راجع: طبقات الفقهاء للشيرازي 131، سير أعلام النبلاء لمحمد بن أحمد الذهبي 18/64.
3 هو شيخ الإسلام موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي، الجماعيلي ثم الدمشقي الصالحي، ولد عام 541? بجماعيل، من مصنفاته المغني والكافي والمقنع. توفي رحمه الله عام 620?. راجع: البداية والنهاية لابن كثير 13/99-101، سير أعلام النبلاء لمحمد بن أحمد الذهبي 22/165-173.
4 هو الشيخ منصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن بن أحمد بن علي بن إدريس البهوتي، المصري، شيخ الحنابلة بمصر، من مصنفاته شرح الإقناع وشرح على منتهى الإرادات وحاشية على الإقناع توفي رحمه الله عام 1051? بمصر. راجع: النعت الأكمل لكمال الدين محمد الغزي صفحة 210، عنوان المجد في تاريخ نجد للشيخ عثمان بن بشر 2/323.
5 راجع: الحاوي الكبير 5/83، والكافي لابن قدامه 2/7، والروض المربع 2/240.
2-
أنه قد خرج عن هذا الأصل جواز اتخاذ بعض أجزائها استثناء من الحكم العام فيها وهو الحرمة، وذلك تحقيقاً لمنافع العباد، ورفعاً للحرج عنهم، أو لما لحق بها في إزالة النجاسة كالدبغ مثلاً، أو كان ذلك لضرورة1، أو للنص على الجواز ويتضح هذا بما يأتي:
أ- أن بيع شعر الميتة وصوفها ووبرها ونحوه جائز عند الجمهور، لطهارته خلافاً للشافعية الذين يرون عدم جواز البيع بسبب نجاسة هذه الأشياء.
ب- أن بيع جلد الميتة بعد دبغه جائز عند الجمهور من الحنفية والشافعية والحنابلة وابن وهب في سماعه عن ابن القاسم، خلافاً لما روى عن الإمام مالك في رواية عن ابن القاسم، وقال الحنفية بإمكان بيعه قبل الدبغ أيضاً لأن النجاسة غير مانعة من صحة البيع عندهم.
1 ذكر العلماء أن قاعدة "الضرورات تبيح المحظورات: تندرج تحت قاعدة المشقة تجلب التيسير، ومعنى أن الضرورات تبيح المحظورات، أن الممنوع شرعا يباح عند الضرورة وهذه القاعدة تتعلق بالرخص الشرعية وهي من القواعد الأصولية الفقهية ودليلها قوله تعالى:{وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} سورة الأنعام: الآية 119.
حيث أباح أكل الميتة للمضطر بقدر دفع الهلاك عند المجاعة، وأكل لحم الخنْزير، وإساغة اللقمة بالخمر عند الغصة، أو عند الإكراه التام بقتل أو قطع عضو، لأن الاضطرار كما يتحقق بالمجاعة يتحقق بالإكراه التام لا الناقص فهذه الأشياء تباح عند الاضطرار لقوله تعالى:{إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} أي دعتكم شدة المجاعة لأكلها والاستثناء من التحريم إباحة ومثل المجاعة يتحقق الاضطرار بالإكراه التام. راجع: الأشباه والنظائر للسيوطي 1/157، وشرح القواعد الفقهية للشيخ أحمد محمد الزرقا صفحة 163 – 164.