الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الأول: بيع المصحف
الحنفية: لم أجد نصاً صريحاً للحنفية يبين حكم بيع المصحف، إلا أنني أرى أنهم يجوزون بيعه.
لما جاء في بدائع الصنائع: "ولهذا لو بيع المصحف دخل المتصل به في البيع
…
"1 لأن قوله "لو بيع المصحف دخل المتصل به في البيع" يفيد أن البيع جائز لأن دخول المتصل به يفيد جواز البيع، لأن البيع إذا لم يكن جائزاً لما دخل المتصل به لفساد البيع وبطلانه.
المالكية: قالوا بجواز بيع المصحف وأنه لا بأس به، لأن ذلك تم في عهد الصحابة في المدينة ولم ينكروه. فقد جاء في مواهب الجليل: "
…
تجوز إجارة المصحف لجواز بيعه، وأجاز بيعه كثير من التابعين
…
"2. وجاء في المدونة: "
…
لا بأس به، وكان الناس يبيعون المصاحف بالمدينة والصحابة موجودون ولا ينكرون عليهم ذلك"3.
الشافعية: يكره بيع المصحف عند الشافعية إلا لحاجة. فقد جاء في نهاية المحتاج: "
…
ويكره بيع المصحف بلا حاجة لا شراؤه
…
"4.
الحنابلة: اختلفت الرواية في مذهب الحنابلة في بيع المصحف، فالرواية الصحيحة في المذهب أنه لا يجوز بيع المصحف، فقد نقل عن الإمام أحمد أنه قال لا يعلم في بيع المصحف رخصة. والرواية الثانية في المذهب أنه يجوز بيع المصحف مع الكراهة، وقيل هناك رواية ثالثة تجوز بيع المصحف دون كراهة. فقد جاء في الإنصاف:"قوله: "وفي جواز بيع المصحف روايتان" إحداهما: لا يجوز ولا يصح. وهو المذهب، وقال الإمام
1 الكاساني 1/34.
2 الحطاب 5/423.
3 رواية سحنون بن سعيد التنوخي 11/408.
4 الرملي 3/389.
أحمد: لا أعلم في بيعه رخصة،
…
الرواية الثانية: يجوز بيعه ويكره،
…
وعنه رواية ثالثة: يجوز من غير كراهة
…
"1.
الموازنة: بمراجعة ما قاله الفقهاء في بيع المصحف نخلص إلى ثلاثة مذاهب:
المذهب الأول: القائل بجواز بيعه، وهو ما ذهب إليه المالكية والحنفية والرواية الثالثة عند الحنابلة.
المذهب الثاني: القائل بعدم جواز بيعه مطلقاً، وهو صحيح مذهب الحنابلة.
المذهب الثالث: يكره بيعه عند الشافعية، والرواية الثانية عند الحنابلة.
الأدلة: استدل أصحاب المذهب الأول:
بأن الذي يباع هو الورق والمداد والتجليد إن كان مجلداً، والحلية إن كان مُحَلاً، وأما العلم فلا يباع، ولأنه ليس جسماً، ولأن المصحف طاهر منتفع به فهو كسائر الأموال يجوز بيعه فيدخل تحت قوله تعالى:{وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} 2.
واستدل أصحاب المذهب الثاني:
1-
بأنه كان عمر رضي الله عنه يمر بأصحاب المصاحف ويقول: "بئس التجارة"3.
2 -
عن ابن عمر رضي الله عنه أنه شدد في بيعه وقال: "وددت أن الأيدي تقطع في بيع المصاحف"4.
3-
لأنه يشتمل على كلام الله فيجب صيانته عن البيع والابتذال.
استدل أصحاب المذهب الثالث:
1 -
بما روي عن بعض الصحابة كأبي موسى الأشعري: أنه كان أصحاب
1 المرداوي 4/266 – 267.
2 سورة البقرة: الآية 275.
3 رواه الجعد في مسنده 1/328، وعبد الرزاق 8/114، والبيهقي في السنن 6/16 وابن أبي داود في المصاحف صفحة 159.
4 رواه سعيد بن منصور في سننه 2/385 ومن طريقه البيهقي في سننه 6/16 وابن أبي داود في المصاحف صفحة 180 وابن أبي شيبة في المصنف 6/62 برقم 255.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون بيع المصاحف1.
2 -
عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كره شراء المصحف وبيعه2.
والذي يترجح لدي: هو قول من قال بجواز بيع المصحف، لأن هذا يساعد على انتشاره وتداوله، وهذا نفع مفيد للمسلمين، والبيع يكون نظير تكلفه طبع المصحف من ورق وحبر وطباعة وتجليد ولا يخفى على أحد غلاء تكاليف الطباعة، وهذه الأشياء هي التي تباع لا المصحف نفسه فهو كلام الله تعالى ولا يقدر بمال وبثمن، والله تعالى أعلم.
1 رواه ابن أبي شيبة في المصنف 7/4.
2 رواه الشافعي في الأم 7/176، وعبد الرزاق في مصنفه 8/110، والبيهقي في السنن 6/16.