الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: حكم بيع الصور بأنواعها
لم أجد فيما اطلعت عليه من كتب المذاهب الأربعة نصاً على حكم بيع الصور بأنواعها المختلفة، وإنما وجدت في بعض كتب الشافعية والحنابلة نصوصاً تمنع بيع الأصنام ومن هذه النصوص:
ما جاء في مغني المحتاج: ".... أن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام وقيس بها ما في معناها"1.
فهذا نص على حرمة بيع الأصنام ومعها ما ذكر، ونص على أن ما في معناها يقاس ويخرج حكمه عليها.
وجاء في كشاف القناع: "
…
ولا يصح بيع دم وخنزير وصنم"2.
والمقرر أن الأصنام تدخل في الصور المجسمة، وعليه استخرجت من هذه النصوص حرمة بيع الصور بجميع أنواعها.
هذا فضلاً عن أن صحة البيع وصحة التصرفات الأخرى الناقلة للملكية مبني على جواز اتخاذ واقتناء واستعمال تلك الأعيان أو عدم جواز ذلك ومنعه، وقد بينا في المبحث السابق آراء الفقهاء في اتخاذ الصور:
أ- بالنسبة للصور المجسمة:
المذهب الأول: يرى حرمة الصور المجسمة، وعليه يمكن أن نخرج حرمة بيعها تبعاً وإعمالاً لما تقرر من حرمة اتخاذها، وإلى هذا ذهب كل من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة.
المذهب الثاني: يرى جواز صناعة الصور المجسمة واتخاذها، هذا عند بعض
1 الشربيني 3/393.
2 البهوتي 4/1386.
الشافعية، وبناء عليه يجوز بيعها تبعاً لما تقرر لديهم من جواز الاتخاذ والصنعة.
والراجح: ما ذهب إليه أصحاب المذهب الأول المنتهي إلى حرمة بيع الصور المجسمة.
ب- بالنسبة للصور غير الممتهنة:
المذهب الأول: رأى كراهية اتخاذ وصناعة الصور غير الممتهنة، وإلى هذا ذهب الحنفية والمالكية وبناءً عليه فإن بيع هذه الصور يكون مكروهاً.
المذهب الثاني: يرى حرمة اتخاذ وصناعة الصور غير الممتهنة، وإلى هذا ذهب الشافعية والحنابلة وبناءً عليه فإن بيع هذه الصور يكون محرماً.
والراجح: هو حرمة بيع مثل هذه الصور على نحو ما ذهب الشافعية والحنابلة. والله تعالى أعلم.
ج – بالنسبة للصور الممتهنة: فإنه لا مناص من سحب ما تقرر لدينا بشأن اتخاذ وصنع الصور للأشجار ونحوها، المشتبه على ما هو ممتهن بالدوس ونحوه مثل المتخذ على وسادة أو مخدة أو سجادة أو بساط أو حصير ونحو ذلك مما يتحقق معه وجه امتهان المصنوع وعدم تقديسه أو تعظيمه بصونه عن الامتهان، ولما كان المقرر أنه لا بأس من اتخاذ مثل هذه الصور على ذلك النحو، فإن الحكم هنا بشأن بيعها وتداولها وإجراء جميع التصرفات عليها مخرج على ذلك الحكم، وبالتالي فلا بأس من بيعها طالما أننا قد تفادينا تقديسها أو تعظيمها بالامتهان.
د- بالنسبة لصور غير ذي الروح:
المذهب الأول: يرى جواز اتخاذ الصور لغير ذي الروح وإلى هذا ذهب كل من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة فهو مذهب عامة الفقهاء، وعليه يخرج جواز بيع الصور المصورة عليها غير ذي الروح وفقا لما ذهب إليه الجمهور.
المذهب الثاني: يرى حرمة الصور لغير ذي الروح وهذا عند بعض العلماء خلافا للجمهور، وعليه يخرج حرمة بيع صور غير ذي الروح عندهم.
المذهب الثالث: يرى جواز الصور لغير ذي الروح من الشجر غير المثمر دون الشجر المثمر، وهذا ما قال به مجاهد صاحب ابن عباس، وعليه نخرج جواز بيع صور الشجر غير المثمر دون صور الشجر المثمر عنده.
والراجح: هو القول بجواز بيع صور غير ذي الروح من الشجر ونحوه مطلقاً، وهو ما قال به جمهور الفقهاء بناءً على ما ترجح هناك من قولهم بجواز ذلك النوع من التصوير. والله تعالى أعلم.
هـ- بالنسبة للصور الفوتوغرافية:
المذهب الأول: يرى جواز صناعة واتخاذ الصور الفوتوغرافية سداً لحاجة الناس إليها، وهذا ما قال به جمهور أهل العلم المعاصرين، وعليه نخرج جواز بيعها عندهم.
المذهب الثاني: يرى حرمة صناعة واتخاذ الصور الفوتوغرافية، وهذا ما ذهب إليه بعض المعاصرين.
والراجح: ما قال به أصحاب المذهب الأول من جمهور أهل العلم المعاصرين رفعاً للحرج عن الناس، وتحقيقاً لمصالحهم، وذلك بمراعاة عدم اشتمال موضوع الصورة على محرم كتقديس صاحبه تقديساً دينياً أو تعظيمه تعظيماً دنيوياً خاصة ما إذا كان المعظم من أهل الكفر والفساق1.
1 الحلال والحرام للدكتور/يوسف القرضاوي صفحة 113.