الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفقراء1.
2-
أن التمويه ليس بشيء، لأنه لا يخلص منه شيء من المعدن المموه به، ولهذا فلا يحرم استعمال المموه به2.
واستدل أصحاب المذهب الثاني على حرمة استعمال المموه بالذهب أو الفضة بما يلي:
1-
بما روي عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من شرب في إناء ذهب أو فضة أو من إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم"3.
فقد بين هذا الحديث الشريف الوعيد الشديد لمن يشرب في إناء فيه شيء من الذهب أو الفضة، والذي يتمثل في تجرعه نار جهنم، وهذا الوعيد لا يكون إلا على فعل أمر حرمه الشارع، فدل هذا على حرمة استعمال المموه بالذهب أو الفضة، لأن فيه شيئاً من هذين المعدنين.
2-
أن العلة التي من أجلها حرم المتخذ من الذهب أو الفضة وهو الخيلاء وكسر قلوب الفقراء توجد في المموه بأي من هذين المعدنين فحرم استعماله4.
والراجح في هذا:
هو ما ذهب إليه أصحاب المذهب الأول، خاصة ما تقرر عند الشافعية من تحفظ في الاستعمال للمموه بالذهب أو الفضة في وجوه الاستعمال المختلفة، على نحو ما ذهب الحنفية في إطلاق الاستعمال إذا كان ذلك التمويه قليلاً لا يجتمع منه شيء إذا حك أو عرض على النار، ولأن هذا التمويه لا يعد سرفاً، ولا يترتب عليه ما يترتب على ما اتخذ بكامله من الذهب والفضة، والله تعالى أعلم.
1 نهاية المحتاج 1/104.
2 بدائع الصنائع 5/133.
3 أخرجه البيهقي في السنن الكبرى صفحة 29.
4 راجع كشاف القناع 1/64.
المطلب السادس: حكم بيع المموه بالذهب أو الفضة
لم أجد فيما اطلعت عليه من كتب الفقه المختلفة النص الصريح على حكم بيع
المموه بالذهب أو الفضة1، وعلى هذا فإن حكم البيع يخرج على حكم الاستعمال والاتخاذ باعتبار أن العلاقة وطيدة بين البيع والاستعمال، فمن ناحية يعتبر البيع وسيلة للاستعمال، كما أن البيع في ذات الوقت يترتب حكمه على حكم هذا الاستعمال.
مذهب الحنفية: إباحة بيع المموه بالذهب أو الفضة، بناء على قولهم بأنه لا بأس من استعماله واتخاذه، واستناداً على أن طبيعة التمويه تكون يسيرة بالنسبة لأصل الشيء، ولهذا فلا أثر لها على الأصل حيث كان هو المتبوع والعبرة به بيعاً وتعاملاً واستعمالاً واتخاذاً.
مذهب المالكية: حرمة بيع المموه بالذهب أو الفضة، تأسياً على حرمة اتخاذه واستعماله، وهذا بحسب أصل المذهب المالكي، وإن كان ابن عبد السلام من المالكية يرى إباحة بيعه بناء على قوله بإباحة استعماله واتخاذه باعتبار أن التمويه لا أثر له لقلته.
مذهب الشافعية: في الأصح إباحة بيع المموه بالذهب أو الفضة، ومقابل الأصح أن بيع المموه بالذهب أو الفضة حرام بناء على حرمة استعماله عندهم.
مذهب الحنابلة: اختلف فقهاء الحنابلة بشأن بيع المموه بالذهب أو الفضة، بناء على الخلاف الحاصل بينهم بشأن استعمال واتخاذ ذلك المموه. فصحيح مذهبهم حرمة بيعه مطلقاً قليلاً كان أم كثيراً.
الموازنة: بمراجعة ما سبق تخريجاً واستخلاصاً يتضح أن آراء العلماء بشأن بيع المموه بالذهب والفضة تنحصر في مذهبين:
المذهب الأول: يرى حل وإباحة بيع المموه بالذهب والفضة، باعتبار أن التمويه بطبيعته يسير ولا أثر له، وهذا ما ذهب إليه الحنفية، وابن عبد السلام من المالكية، وقول للشافعية في الأصح عندهم، وقول للحنابلة.
1 من هذه الكتب: بدائع الصنائع للكاساني، والهداية للمرغيناني، ومواهب الجليل للحطاب، ومغني المحتاج للشربيني، والإنصاف للمرداوي، والمغني لابن قدامة وغير ذلك.