الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخاتمة
بعد أن وفقني الله تعالى لإتمام هذا البحث رأيت أن أعمل خاتمة تشتمل على ملخص لما ورد فيه؛ وقد تناولت في هذه الرسالة الموضوع في مقدمة وتمهيد وبابين.
أما المقدمة: فقد اشتملت على أهمية الموضوع، وسبب اختياره، ومنهج البحث، وخطته.
أما الفصل التمهيدي: فتناولت فيه تعريف البيع لغة، واصطلاحاً، وانتهيت إلى ترجيح أن البيع عند علماء اللغة هو المبادلة وأنه ضد الشراء، ورجحت كون البيع في الاصطلاح عقد يتضمن مقابلة مال بمال بشرط خاص، لاستفادة ملك عين أو منفعة مؤيده، وبينت حكمة مشروعية البيع، وهي تحقيق المنافع بين العباد بالتوسعة عليهم، وأن أثر البيع هو ثبوت ملك في المبيع للمشتري، وثبوت ملك الثمن للبائع، ورجحت ما ذهب إليه الجمهور من أن أركان البيع هي: الصيغة، والعاقدان، والمعقود عليه "المبيع والثمن"، وقد اشترط الفقهاء شروطاً في المعقود عليه، وهي كونه مالاً مملوكاً للعاقد، مقدوراً على تسليمه، موجوداً حين العقد، معلوماً لكل من العاقدين.
وأوضحت أن الأعيان المحرمة تتنوع بحسب ما يعتريها من وصف، فهي قد تكون محرمة لنجاستها، وقد تكون محرمة لاتصال النجاسة بها، وقد تكون محرمة لغلبة المفسدة في بيعها؛ كما أنها قد تكون محرمة لكرامتها وقدسيتها.
والباب الأول: في النجاسات
واشتمل على تمهيد وستة فصول
وقد بينت في التمهيد: اختلاف الفقهاء في حرمة بيع النجاسات وأسبابه.
أما الفصل الأول: ففي بيع الميتة – وفيه ثلاثة مباحث تناولت في
المبحث الأول: حكم بيع الميتة، وأوضحت أن الإجماع منعقد على منع بيع الميتة، لنجاستها، ولتحريم ثمنها، ولعدم ماليتها، وعدم إمكان الانتفاع بها.
وفي المبحث الثاني: تناولت حكم بيع أجزاء الميتة كأثر من الآثار المهمة لحكم بيع
الميتة ذاتها، ومن هذه الأجزاء العظم، والجلد، والشعر، والوبر، والصوف؛ وبينت أن الراجح بشأن بيع عظم الميتة هو الجواز، وهذا ما ذهب إليه الحنفية بناءً على ما ترجح من قولهم بطهارة عظام الميتة وأنه لا مانع من اعتبار عظم الميتة، محلاً للتصرفات المالية، ومنها البيع، والاتجار فيه، تحقيقاً لمنافع العباد، ومراعاة لمصالحهم باستثناء عظم الخنْزير الذي شمله الحكم الأصلي وهو منع البيع، وأما بالنسبة لعظم الفيل فقد رجحت منع بيعه كذلك، لأنه أقرب ما يكون في نجاسته للخنْزير، وأن المعنى القائم عليه استثناء الخنْزير موجود ومتحقق في الفيل.
وبالنسبة لبيع جلد الميتة: فقد توصلت إلى ترجيح القول الذي يرى طهارة جلد الميتة بالدباغ، ما عدا جلد الكلب والخنْزير فإن الدبغ لا يؤثر في إزالة نجاستهما لنجاسة عينهما، وعليه رجحت القول بصحة وجواز بيع جلد الميتة بعد دبغه سوى ما استثنى من الكلب والخنْزير.
أما بالنسبة لشعر الميتة: فقد رجحت القول بجواز بيع شعر الميتة وصوفها وريشها ونحو ذلك، بناء على القول بطهارة هذه الأشياء، باستثناء شعر الخنْزير فلا يجوز بيعه لنجاسة عينه، وأن القول بجواز بيع شعر الميتة وصوفها وريشها ونحو ذلك يتلائم مع مقاصد الشريعة الإسلامية من تحقيق مصالح العباد، لأن هذه الأشياء غالباً ما تدخل في الصناعات المتعددة والتي يتحقق منها النفع العظيم للعباد والذي يعد هدفاً أسمى من تشريع الأحكام للعباد.
والفصل الثاني: في بيع الدم
وتناولت في المبحث الأول منه: تعريف الدم المسفوح، وحكم الدم عند الفقهاء، وأن حكم الدم المسفوح هو تحريم تناوله كثيراً كان أو قليلاً، وأن هذا محل اتفاق لدى الفقهاء بسبب ما يحمله هذا الدم من الرطوبات النجسة، وأن اللحم لا يطيب إلَاّ بخروجه، وأن هذا الحكم شامل لكل من مأكول اللحم وغيره وذلك لنجاسة الدم المسفوح.
وفي المبحث الثاني: تناولت حكم بيع الدم المسفوح، وبينت أن الاتفاق بين جميع
الفقهاء على حرمة بيع الدم المسفوح، وذلك لنجاسته، وعدم إمكان الانتفاع به، وذلك تأسيساً على أن ما حرمه الله علينا لا يجوز بيعه ولا يجوز الانتفاع به بأي وجه من الوجوه.
وتناولت في المبحث الثالث: خلاصة ما قاله الفقهاء بشأن بيع الدم، وبينت حكم بعض الدماء التي لا يمكن الاحتراز منها كالدم المتبقى على العروق وما بين العظام وما اختلط باللحم، ورجحت ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أنه لا بأس من تناوله مع اللحم بسبب عدم إمكان التحرز منه، ثم أوضحت حكم الكبد والطحال من حيث التناول والبيع، وتوصلت إلى أن حكمها هو إباحة الاستعمال وجواز البيع، وبينت حكم بيع دم السمك، وأوضحت أنه على الجواز بناء على إمكان تناوله وأنه لا يمكن التحرز عنه
وفي الفصل الثالث: تناولت حكم الشرع بالنسبة لبيع فضلات الإنسان والحيوان.
وفي المبحث الأول: أوضحت حكم المني، وحكم بيعه، ورجحت القول بطهارة المني بناءً على أنه يعد أصل خلق الإنسان، وأنه لو كان نجساً لكان ذلك مخالفة لمبدأ تكريم الآدمي، وللزم نجاسة جسد الإنسان لأن ما تكون من نجس فهو نجس، ومع أنه طاهر إلَاّ أنه يمتنع بيعه وتداوله سداً لباب اختلاط الأنساب.
وفي المبحث الثاني: تناولت حكم أرواث الحيوانات، وحكم بيعها، وقد رجحت ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من القول بنجاسة أرواث البهائم وما في حكمها، وأنه يحل التداوي بأبوال الحيوانات إذا لم يوجد طاهر يقوم مقامها في التداوي به، ووصفها للمريض طبيب مسلم، عدل، ثقة، حاذق بمهنة الطب، وخلصت إلى عدم جواز بيع العذرة بناءً على نجاستها، وأنه لا توجد ضرورة للانتفاع بها عند عامة الناس، وأنها إذا كانت مخلوطة بغيرها من نحو تراب وغيره فالحكم للغالب من هذا المخلوط. أما بالنسبة للسرقين فقد توصلت إلى صحة بيعها رغم نجاستها، وذلك لماليتها، وإمكان الانتفاع بها في إخصاب الأرض وتحسين التربة.
وفي الفصل الرابع: أوضحت حكم بيع الكلب والخنْزير.
وتناولت في المبحث الأول: حكم الكلب وحكم بيعه، ورجحت القول بنجاسة الكلب، وأنه مثل الخنْزير نجاسته عينية، أما بالنسبة لبيعه فقد توصلت إلى عدم جواز بيع الكلب لما رءاه جمهور الفقهاء سوى الحنفية، وذلك لنجاسة عين الكلب باستثناء كلب الصيد والحراسة وغيرهما من الكلاب المدربة فإنه يجوز بيعهما، لما في ذلك من مصالح للعباد.
وتناولت في المبحث الثاني: حكم الخنْزير، وحكم بيعه، وبيع شعره، وأوضحت أن الراجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من القول بنجاسة عين الخنْزير، وأنه رجس، وذلك لأن هذا الحكم متفق مع طبيعة الأمور لأن النفس البشرية تعاف الخنْزير وتستقذره، وأن الراجح تبعاً لهذا ما أجمع عليه أهل العلم وعامة الفقهاء من القول بمنع بيع الخنْزير، بصرف النظر عن التعبير عن ذلك المنع، وبالنسبة لشعر الخنْزير فقد ترجح أيضاً القول بمنع بيعه، لنجاسته، أو لعدم ماليته، وإهانته، وأنه لا ضرورة في استعماله وذلك لوجود البدائل الكثيرة وهي أفضل وأمتن منه.
وتناولت في الفصل الخامس: حكم الخمر، وبيعها، فتعرضت لتعريفها في تمهيد، وأوضحت أن إطلاق اسم الخمر عند جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إطلاق أوسع مما عليه الحال عند الحنفية الذين قصروا مسمى الخمر على المعتصر من العنب النيئ الذي غلا واشتد وقذف بالزبد فقط بخلاف غيره من سائر الأنبذة.
وفي المبحث الأول: تناولت حكمة تحريم الخمر، وأنها أم الخبائث بسبب إفسادها للعقول، ولصدها عن ذكر الله سبحانه، وعن الصلاة، فضلاً عن إيقاعها للعداوة بين الناس، وأنها رجس من عمل الشيطان، وأنها أداة لتلاعب الشيطان بالناس من أجل هذا حرمت الشريعة الإسلامية الخمر من أجل إسعاد البشرية وحمايتها من شرورها وأذاها.
وفي المبحث الثاني: أوضحت حكم الخمر من حيث نجاستها أو اعتبارها طاهرة، وعرضت لآراء الفقهاء في هذا الشأن، ورجحت ما ذهب إليه الجمهور من القول بنجاسة الخمر لقوة ما استدلوا به.
وفي المبحث الثالث: تناولت حكم التداوي بالخمر، وحكم بيعها، وانتهيت إلى رجحان القول بتحريم التداوي بالخمر، للنص على هذا، ولأنها رجس وأن الناس مأمورون باجتنابها، وهذا هو الأصل في المسألة. غير أنه إذا حصل اليقين أو غلبة الظن بأنه لا يمكن إنقاذ الحياة إلَاّ بهذا الدواء المحرم، مع التيقن بأن هذا الدواء الحرام يعد منقذاً للحياة عادة، فإنه لا مانع من التداوي به على هذا النحو بهذه الضوابط، أما بالنسبة لبيع الخمر فالراجح القول بحرمة بيع الخمر وجميع التصرفات الأخرى بشأنها، وأن هذا يسري بطبيعة الحال على جميع الأشربة المحرمة الأخرى كالنبيذ، ونقيع الزبيب، ونحو ذلك.
أما الفصل السادس: فقد تناولت فيه حكم بيع المتنجسات، والانتفاع بها، وأوضحت أن الراجح هو القول بجواز بيع الأدهان المتنجسة والانتفاع بها بناء على ما فيها من بعض المنافع التي تقوم بالمال، بشرط أن يعلم البائع المشتري بتنجيسه حتى يكون على بينة منه.
أما الباب الثاني: والمخصص لحكم الشرع في بيع ما نهى الشارع عن الانتفاع به، وقد اشتمل على ستة فصول تناولت فيها حكم بيع أواني الذهب والفضة، وبيع الأصنام والصور، وبيع آلات اللهو، وبيع المخدرات والمفترات، وبيع الإنسان الحر وأجزائه، وبيع الأشياء المحرمة لقدسيتها.
ففي الفصل الأول: تناولت بيع أواني الذهب والفضة.
وفي المبحث الأول: أوضحت حكم بيع أواني الذهب والفضة، ورجحت ما ذهب إليه جمهور الفقهاء القائلون بحرمة استعمال الرجال والنساء ما اتخذ من الذهب والفضة في غير التحلي والتزين، وذلك لقوة ما استدلوا به، ولما في استعمالها من السرف والفخر والخيلاء وكسر قلوب الفقراء، ورجحت القول بعدم صحة بيع أواني الذهب والفضة مطلقاً على نحو ما ذهب إليه الجمهور، وذلك تأسيساً على ما ترجح من القول بحرمة الاتخاذ والاستعمال لهذه في الأكل والشرب ونحو ذلك.
وفي المبحث الثاني: تناولت حكم المضبب بالذهب والفضة، وأوضحت أن
الراجح هو القول بتحريم استعمال الأواني والآلات وغيرها المضببة بالذهب مطلقاً، سواء كانت كبيرة أم صغيرة، وهذا ما ذهب إليه المالكية والشافعية وجمهور الحنابلة، لأنه لا حاجة إلى اتخاذ هذه الضبة من الذهب إذ يمكن اتخاذها من معدن آخر فتندفع الحاجة به، وعليه فقد رجحت منع بيع المضبب بالذهب، لقوة ما تمسك به أنصار هذا القول، ولأنه يؤدي إلى كسر قلوب الفقراء بتداول هذه الأواني على هيئة تضبيبها بالذهب، أما المضبب بالفضة فقد رجحت إباحة استعماله إذا كانت الضبة صغيرة، ودعت الحاجة إليها، ولا سرف فيها ولا خيلاء، ولأن الحكم يكون للأصل وهو المتبوع دون التابع وهو الضبة، أما بالنسبة لاستعمال المموه بالذهب أو الفضة فقد رجحت حل هذا الاستعمال استناداً لقول جمهور الفقهاء، وترتيباً على هذا رجحت القول بجواز بيع المموه بالذهب أو الفضة باعتبار أن قدر التمويه يسير ولا أثر له، كما أن المتفق عليه لدى عامة الفقهاء هو القول بتحريم تحلي الرجال بالذهب، وأنه إذا كان الذهب يصاغ ليلبسه الرجال خاصة فإنه يحرم لبسه، ويحرم بيعه، كالخواتم الذهبية الخاصة بالرجال المعروفة عند الصاغة، وأن هذا الحكم يشمل الساعة المصنوعة من الذهب، أما الخاتم والساعة المموهان بقليل الذهب فلا بأس من استعمالهما وبيعهما تبعاً لهذا، أما بالنسبة لاتخاذ السن والشريط الذي يربطها، والأنملة، والأذن، ونحو ذلك من الذهب فالراجح الجواز، طالما أن الضرورة أو الحاجة ماسة لهذا الاتخاذ، وأشار به طبيب مسلم عدل ثقة حاذق، ولم يترتب على اتخاذها حدوث الضرر بالمريض، وأن جواز استعمال واتخاذ هذه الأجزاء من الذهب والفضة يترتب عليه نفع، فإنه لا مانع من تداولها بالبيع إعمالاً للضرورة، ودفعاً للضرر عن العباد.
وفي الفصل الثاني: تناولت بيع الأصنام والصور
وبينت في المبحث الأول: الحكم الشرعي للصور بأنواعها، فبينت حكم الصور المجسمة، وهي التي تعرف بالتماثيل، والتي تعتبر من مظاهر الترف والتنعم يزين بها أرباب الترف بيوتهم وقصورهم، ورجحت تحريم الصور المجسمة لذي الروح كالإنسان والحيوان، لأنها تشتمل على المضاهاة لخلق الله سبحانه، وخلصت إلى منع
بيعها وشرائها، أما بالنسبة لتصوير غير ذي الروح كالشجر والنبات والشمس ونحوها فقد رجحت القول بجواز هذا النوع من التصوير وما يترتب عليه من جواز بيع هذه الصور، أما بالنسبة للصور الفوتوغرافية فالراجح هو القول بإباحتها وجواز هذا التصوير، للحاجة الماسة إليه في الوقت الحاضر، ولتحقيقه لمصالح العامة، وعليه خلصت إلى القول بإباحة بيع مثل هذه الصور وبيع الآلات المستخدمة لهذا الغرض، رفعاً للحرج عن الناس، وتحقيقاً لمصالحهم بمراعاة عدم اشتمال موضوع الصورة على محرم، كتقديس صاحبه تقديساً دينياً، أو تعظيمه تعظيماً دنيوياً، خاصة إذا كان المعظم من أهل الكفر والفسوق، كما رجحت القول بجواز بيع لعب الأطفال وهي المصنوعة من العهن والرقاع والخرق.
وفي الفصل الثالث: تناولت بيع آلات اللهو، وذكرت أن الآت اللهو تتنوع إلى نوعين، نوع يستعمل في الغناء، مثل المعازف، والمزامير، والنايات، ونحوها، ونوع لا يستعمل في الغناء وإنما يتخذ في اللهو والقمار، مثل النرد، والشطرنج.
وفي المبحث الأول: أوضحت حكم الشرع في الغناء المجرد عن الآلة وانتهيت إلى ترجيح القول بتحريم الاستماع للغناء لأنه من لهو الحديث، أما الغناء المصحوب بالآلة فإن الاستماع إليه محرم تبعاً لهذا، وقد وجدت الحنفية يعتبرون الاستماع لصوت الملاهي معصية، وأن الجلوس والحضور في مجالسها فسق، حتى إنهم قالوا: بأنه يجب على الإنسان أن لا يحضر مجلس الغناء، وإن حضر عليه الخروج، وإن دعى لا تجب عليه الإجابة، وقد رجحت منع بيع آلات اللهو كالمعازف ونحوها لأنها تشغل القلب، وتلهي الإنسان وتصده عن ذكر الله سبحانه، غير أن هذه الآلات إن تغيرت حالتها ولم تستعمل فيما حرمت من أجله، بأن كانت أجزاء ً فقط لا يمكن استعمالها في المحرم، وهي ما تعرف بالرضاض فلا بأس ببيعها، أي بيع جواهرها وأصولها فضة كانت أو حديداً أو خشباً ويستفاد بثمنها فيما يباح، وبالنسبة لبيع الأشرطة المسجل عليها الغناء المجرد من الآلة وبدون صورة، وكذا المسلسلات التي تعالج مسائل دينية أو اجتماعية أو تاريخية وتدعو إلى الفضيلة فإن الراجح بشأنها هو جواز بيعها، بخلاف الأشرطة
المسجل عليها الغناء المصحوب بالآلة، وكذا الأفلام السينمائية المحتوية على الصوت والصورة، فإن الراجح بشأنها منع بيعها سداً لباب الرذيلة والصد عن ذكر الله.
وفي المبحث الثاني: أوضحت حكم النرد، وحكم بيعه، وانتهيت إلى أن الراجح ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من أن اللعب بالنرد محرم شرعاً، لأنه يؤدي إلى التخاصم والتباغض والتشاحن والفتن، بدون غاية أو هدف أو نتيجة مرجوه منه سوى الشر والعواقب الوخيمة التي نهانا عنها الإسلام، فضلاً عن أنه مبني على التخمين، وفيه تضييع للوقت والعمر بدون فائدة تعود على المسلم لا في دينه ولا في دنياه، وبالنسبة لبيعه فقد ترجح تبعاً لهذا منع بيع النرد دفعاً لشيوع الرذيلة والفساد وانشغال الناس عن ذكر الله.
وفي المبحث الثالث: تناولت حكم الشطرنج، وحكم بيعه، وذكرت أن الاتفاق حاصل بين الفقهاء على تحريم الشطرنج إن كان اللعب به على وجه التقامر، وأن الراجح هو القول بحرمته كذلك وإن كان على غير قمار، لأنه يفضي إلى محرم كتأخير الصلاة والتلفظ بكلام فاحش أو إثارة عداوة أو بغضاء أو دوام عليه. أما بالنسبة لبيعه فالراجح هو منع بيع الشطرنج، لأن هذا هو الأحوط والأسلم في الدين، وهذا الحكم يسري كذلك بشأن ما سوى النرد والشطرنج من الألعاب الملهية المنتشرة في زماننا كورق اللعب المعروف بالكوتشينة ونحوها.
وتناولت في الفصل الرابع: بيع المخدرات والمفترات، ومهدت لهذا بتعريف المخدر والمفتر في اللغة وفي عرف الشرع.
وانتهيت في المبحث الأول: إلى أن التخدير قائم على عدم تحقق الشدة المطربة أو الباعثة على السرور والبهجة والانتشاء وهو يختلف عن الخمر، فكان التعريف المحقق لهذه المعاني: أن التخدير هو تغشية العقل من غير شدة مطربة، وذكرت أن المخدرات تتنوع بحسب اعتبارات مختلفة، وأن كل هذه الأنواع في النهاية تتفق في الوصف وهي كونها مخدراً وبالتالي تتفق في حكمها الشرعي، ثم تعرضت لآراء الفقهاء بالنسبة لتعريف المفتر وبينت أن عباراتهم قد اختلفت في هذا غير أن المعنى فيها متقارب، وقد
انتهيت إلى أن المفتر هو كل ما يورث الفتور والخدر في الأطراف، سواء كان ذلك بسبب تناول الحشيش أو الأفيون وغيرهما.
هذا: ومن الجدير بالتنبيه عليه في هذه الخلاصة هو أن المخدرات والمفترات يتفرع حكمهما من حيث التناول والبيع وخلافه على حكم الخمر، فالمخدرات ترتبط بالخمر بكون كل منهما محرماً، وبعلة هذا التحريم وهي الإسكار، وما يترتب على تعاطيهما من ضرر بإذهاب العقل وإفساده، وترتبط كذلك بالخمر في كونها نجسة على قول من قال بنجاستها من العلماء.
وفي المبحث الثاني: تناولت حكم بيع المخدرات، ورجحت منع بيعها لقوة أدلة هذا القول، وسداً لذريعة تداولها بين الناس لما فيها من أضرار وفتن لا تقل عن الخمر، وأوضحت أن تحريم المخدرات ومنع بيعها كان بالتخريج على حكم الخمر المحرمة شرعاً عند من لم ينص صراحة على تحريمها باعتبارها من الأمور المستحدثة، فالفقهاء قد خرجوا حكم بيع المخدرات على حكم بيع الخمر المحرمة أو للنص على تحريم المخدرات كما هو الحال عند الشافعية.
وفي المبحث الثالث: تناولت حكم المفترات، وانتهيت إلى القول بحرمة بيعها بناء على ما استقر لدى الفقهاء من أن ما حرم تناوله حرم بيعه، وامتنع تبعاً لذلك أن يكون محلاً للتعاقد، ولهذا حرمت جميع المفترات تخريجاً وقياساً على حرمة تناول وبيع المسكرات من خمر ومخدرات ونحوها، وذلك لتحقق ذات العلة المقرر من أجلها تحريم الخمر بأصل النص على ذلك، ثم بينت حكم الدخان كأثر للأحكام السابقة، ورجحت القول بحرمة بيع الدخان، وحرمة زراعته، وصناعته، لأنه يسبب الضرر للإنسان في صحته وماله، ولأنه من الخبائث، ولأن المدخن يؤذي غيره، فضلاً عن أن الطب الحديث قد أثبت أن الدخان سبب في الأضرار بصحة الإنسان.
أما الفصل الخامس: فقد تعرضت فيه لحكم الشرع في بيع الإنسان الحر، وحكم بيع أجزائه، ومهدت ببيان ما تقرر من تكريم الإنسان وصونه عن الابتذال والإهانة ونحو ذلك
وفي المبحث الأول: أوضحت حكم بيع الإنسان الحر، وان هذا محرم على الإطلاق، فالاتفاق قائم على حرمة جسد الإنسان الحي وحمايته، وكذا الميت على السواء.
وفي المبحث الثاني: تعرضت لمسألة لها علاقة وثيقة بالمساس بجسد الإنسان، وهي حكم نقل وبيع بعض أجزاء الإنسان الحر، وتكلمت عن حكم نقل أعضاء الإنسان وترجح لدي جواز نقل الأعضاء من الحي والميت، غير أن هذا مشروط بشروط مهمة تجب مراعاتها والتأكد من توافرها، ثم بينت حكم بيع أجزاء الإنسان فتناولت حكم بيع الدم، وأوضحت أن الأصل المقرر شرعاً هو منع بيع الدم للنهي عنه الوارد مع الميتة والخمر، فلا يجوز بيع دم الإنسان بإعتبار أنه جزء من الإنسان، وأنه محرم بتحريم أصله وهو ذات الإنسان، وخروجاً على هذا الأصل فإنه لا مانع من التبرع بالدم في حالة الضرورة ولإسعاف مريض وإنقاذ المصابين في الحرب طالما كان ذلك بدون مقابل، ثم انتقلت لبيان حكم بيع اللبن وأوضحت أن إجماع أهل العلم على أن لبن الآدميات باعتباره جزءاً منفصلاً عن جسم الآدمي فإنه يمكن الإنتفاع به في الشرع، وأنه رغم هذا فقد اختلف الفقهاء بشأن تعلق العقود خاصة البيع بلبن الآدميات، وسبب هذا الاختلاف أنهم لم يتفقوا على تحديد طبيعة لبن الآدمي، واختلفوا حول جواز الانتفاع به وهل هو جواز مطلق، أم أنه مقرر في حالة الضرورة فقط، رغم اتفاقهم على جواز الانتفاع بلبن الآدميات عن طريق إجارة الظئر، وهي وسيلة عقدية تعني أن المرأة تستطيع أن تلزم نفسها بإرضاع طفل لا تلتزم شرعاً بإرضاعه وذلك في نظير حصولها على أجر، وخلصت إلى عدم جواز بيع لبن الآدميات باعتبار أن الآدمي مكرم وليس محلاً للإهانة والإبتذال بالبيع، وأن الآدمي الحر ليس محلاً للبيع فكذا أجزاؤه ومنها اللبن؛ وبالنسبة لبيع شعر الآدمي الحر والانتفاع به فقد استبان لنا أن عامة الفقهاء لم يتعرضوا صراحة لهذه المسألة مكتفين ببيان حكم الشرع في مدى طهارته والانتفاع به من عدمه، وقد خرجت حكم البيع على هذا كما أنه قد استقر الرأي على عدم جواز بيع شعر الآدمي الحر تحقيقاً لمبدأ صيانة جسده وعدم ابتذاله
وإهانته.
أما الفصل السادس والأخير من الباب الثاني: تناولت فيه حكم الشرع في بيع الأشياء المحرمة لقدسيتها.
وفي المبحث الأول: أوضحت حكم بيع المصحف ورجحت جواز ذلك تحقيقاً للنفع العظيم بين المسلمين، لأن المبيع ليس هو كلام الله وإنما هو نظير طبعه من حبر وورق وتجليد.
وفي المبحث الثاني: بينت حكم بيع المصحف للكافر، ورجحت عدم جواز ذلك البيع صوناً وحفظاً للمصحف من المهانة والابتذال.
أما المبحث الثالث: فقد أوضحت فيه حكم بيع أراضي مكة، وقد رجحت جواز ذلك البيع.
وبعد: فهذه خلاصة موجزة لمحتوى الرسالة، عرَّجت فيها على جميع ما تناولته، عرضاً ومناقشةً وترجيحاً في حالة الخلاف والله سبحانه وتعالى أعلم.
وأسال الله أن يكون هذا العمل في سجل حسناتي يوم العرض، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.
الخلاصة
البيع مبادلة مال بمال وأركانه هي البائع والمشتري والمبيع والثمن والصيغة "الإيجاب والقبول" ويشترط لصحة البيع أن يكون المبيع مالاً وأن يكون معلوماً للعاقدين موجوداً وقت العقد، والأعيان المحرمة هي الأعيان التي يمتنع بيعها إما لكونها نجسة العين أو متنجسة أو لأن في بيعها مظنة المفسدة أو لكرامتها وقدسيتها.
فالأعيان المحرم بيعها لنجاسة عينها هي الميتة والدم والخنزير والكلب والخمر وفضلات الآدمي وأرواث الحيوانات.
الميتة هي ما مات حتف أنفه أو لم يذكي ذكاة شرعية اجمع الفقهاء على حرمة بيعها، ويجوز بيع جلد الميتة بعد دبغه وكذا عظمها وشعرها، وصوفها ووبرها.
أما الدم المسفوح وهو المراق الجاري بعد موجب خروجه فمجمع على عدم بيعه أما الدم العالق بالعروق والمختلط باللحم بعد التذكية فالراجح أنه لا باس من تناوله مع اللحم لعدم إمكان التحرز منه.
أما الخنزير فنجس العين لا يجوز بيعه ولا بيع كافة أجزاؤه من عظم وجلد وشعر.
أما الكلب فقد اختلف الفقهاء بشأن بيعه والراجح ما ذهب إليه الجمهور من منع بيعه باستثناء كلب الحراسة والصيد والكلاب المدربة ونحوها.
أما الخمر فهي كل ما خامر العقل بالإسكار سواء أكان قليلاً أم كثيراً وسواء أكان من العنب أو من غيره فيحرم بيعها.
أما بالنسبة لفضلات الإنسان وأرواث الحيوانات، فالعذرة يحرم بيعها خالصة وجوز البعض بيعها مخلوطة بالتراب ونحوه بشرط أن يكون ما خلط بها هو الغالب.
أما السرقين فالراجح جواز بيعه للانتفاع به في خصوبة الأرض.
أما الأعيان المحرم بيعها لاتصال النجاسة بها وهي ما تسمى بالمتنجسات كالأدهان المتنجسة ونحوها فقد اختلف الفقهاء بشأن بيعها فالراجح جواز بيعها لما فيها من المنافع كالاستصباح بها.
أما الأعيان المحرم بيعها لغلبة المفسدة فيها مثل أواني الذهب والفضة والأصنام والصور وآلات اللهو والمخدرات والمفترات، فيحرم بيعها ويحرم كذلك بيع الخاتم والساعة المعدين من الذهب للرجال، أما ما ضبب بالفضة فالراجح إباحة بيعه وكذا المموه بالذهب والفضة والخاتم والساعة المخلوطين بالذهب وإن لم يكن المخلوط غالباً.
أما بالنسبة للتصوير المجسم وهو ما يعرف بالأصنام والتماثيل وإذا كان لذات روح كالإنسان فقد رجحت تحريمه وتحريم بيعه، أما التصوير المسطح وتصوير غير ذي الروح والصور الفوتوغرافية فيصح ويصح بيعه سداً لحاجة الناس.
أما بالنسبة لآلات اللهو التي يتلهى بها كالمعازف والمزامير والنايات أو التي تتخذ في القمار مثل النرد والشطرنج فيحرم بيعها.
أما المخدرات وهي ما غير العقل والحواس دون أن يصحب ذلك نشوة أو سرور والمفترات وهي كل ما يورث الفتور والخدر في الأطراف فيحرم بيعها كذلك.
أما الأعيان المحرمة لكرامتها وقدسيتها كالإنسان وأجزائه والمصحف وأرض مكة المكرمة، فالإنسان مكرم والإسلام حريص على صيانته من الإهانة والابتذال فيحرم بيعه وبيع جميع أجزاؤه.
أما المصحف فلا يجوز بيعه لكافر، أما أرض مكة المكرمة ورباعها فيجوز بيعها.