الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثقة، ولكنه تغير بآخره، حتى كُبِّلَ بالحديد، كما قال ابن حبان!
وإسماعيل: هو ابن أبي خالد.
والحديث أخرجه ابن ماجة (1/ 272) من طريق ابن نُمَيْرٍ: ثنا إسماعيل بن أبي خالد
…
به.
وأخرجه مسلم (2/ 39)، وأبو عوانة (2/ 159)، والبيهقي (2/ 388)، وأحمد (4/ 306 - 307) من طريق الوليد بن سَرِيعُ عن عمرو بن حريث
…
بمعناه.
وأحمد (4/ 307) من طريق الحَجَّاج المُحَاربي عن أبي الأسود عن عمرو بن حريث
…
به مثل لفظ الكتاب.
وهذا سند جيد في المتابعات.
134 - باب من ترك القراءة في صلاته بـ (فاتحة الكتاب)
777 -
عن أبي سعيد قال:
أُمِرْنا أن نقرأ بـ: (فاتحة الكتاب) وما تَيَسَّرَ.
(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم، وصححه ابن حبان (1787)، والحافظ ابن حجر).
إسناده: حدثنا أبو الوليد الطيالسي: ثنا همام عن قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد.
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم. وقال الحافظ ابن حجر في "التلخيص"(1/ 222 - مصر):
"إسناده صحيح".
والحديث أخرجه أحمد (3/ 45) قال: ثنا بهز وعفان قالا: ثنا همام
…
به؛ إلا أنه قال:
أمرنا نبينا صلى الله عليه وسلم
…
وتابعه أبو سفيان السعدي عن أبي نضرة
…
به مرفوعًا؛ بلفظ:
"لا صلاة لمن لم يقرأ في كل ركعة بـ: {الحمد لله} وسورة؛ في فريضة أو غيرها".
أخرجه ابن ماجة (839).
والسعدي هذا ضعيف، واسمه: طَرِيفُ بن شهاب.
778 -
عن أبي هريرة قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اخرج فنادِ في المدينة: أنه لا صلاة إلا بقرآن؛ ولو بـ (فاتحة الكتاب)، فما زاد".
(وفي رواية قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنادي:
"لا صلاة إلا بقراءة (فاتحة الكتاب)، فما زاد").
(قلت: حديث صحيح باللفظ الثاني، وصححه الحاكم والذهبي. وأخرج مسلم وأبو عوانة في "صحيحيهما" معناه عن عبادة بن الصامت. ويأتي في الكتاب بعد حديث).
إسناده: حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي: أخبرنا عيسى عن جعفر بن
ميمون البصري ثنا أبو عثمان النهدي قال: حدثني أبو هريرة
…
به.
ثم قال أبو داود: حدثنا ابن بشار: ثنا يحيى: ثنا جعفر عن أبي عثمان عن أبي هريرة قال
…
فذكره بالرواية الثانية.
قلت: وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير جعفر بن ميمون البصري؛ قال أحمد:
"ليس بقوي في الحديث". وقال ابن معين:
"ليس بذاك". وقال في موضع آخر:
"صالح الحديث". وقال مرة:
"ليس بثقة". وقال أبو حاتم:
"صالح". وقال النسائي:
"ليس بالقوي". وقال الدارقطني:
"يعتبر به". وقال ابن عدي:
"لم أر أحاديثه منكرة، وأرجو أنه لا بأس به، ويكتب حديثه في الضعفاء".
وقال البخاري:
"ليس بشيء".
قلت: ويتلخَّص من هذه الكلمات: أن الرجل في نفسه صدوق، لكنه ضعيف الحفظ. ولذلك قال الحافظ:
"صدوق يخطيء".
فمثله يستشهد به.
والحديث أخرجه البخاري في "جزء القراءة"(ص 4)، والدارقطني (ص 121 - 122)، والحاكم (1/ 239) من طريق يحيى بن سعيد القطان
…
به. وقال الحاكم:
"حديث صحيح لا غبار عليه؛ فإن جعفر بن ميمون العبدي من ثقات البصريين، ويحيى بن سعيد لا يحدث إلا عن الثقات"!
كذا قال، ووافقه الذهبي! والحق:
أن الحديث صحيح يشاهده الذي قبله.
وله شاهد آخر عن عبادة بن الصامت
…
مرفوعًا:
"لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن فصاعدًا".
أخرجه مسلم (2/ 9)، وأبو عوانة (2/ 124)، والنسائي (1/ 145)، والبيهقي (2/ 374).
وأخرجه ابن حبان (453) من طريق أخرى عن عيسى بن يونس عن جعفر ابن ميمون
…
باللفظ الثاني؛ فهو المحفوظ.
779 -
عن أبي السائب مولى هشام بن زُهْرة قال: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"من صلى صلاةً لم يقرأ فيها بأم القرآن؛ فهي خِداجٌ، فهي خِداجٌ فهي خِداجٌ، غير تمام".
قال: فقلت: يا أبا هريرة! إني أكون أحيانًا وراء الإمام؟ !
قال: فغمز ذراعي، وقال: اقرأ بها يا فارسي! في نفسك؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"قال الله تعالى: قَسَمْتُ الصلاةَ بيني وبين عبدي نصفين؛ فنصفها لي، ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل". قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"اقرأوا؛ يقول العبد: (الحمد لله رب العالمين)، يقول الله: حَمِدني عبدي. يقول: (الرحمن الرحيم)، يقول الله عز وجل: أثنى عليَّ عبدي. يقول العبد: (مالك يوم الدين)، يقول الله عز وجل: مَجَّدني عبدي. يقول العبد (إياك نعبد وإياك نستعين)، يقول الله: وهذه بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل. يقول العبد:(اهدنا الصراط المستقيم. صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، يقول الله: فهؤلاء لعبدي، ولعبدي ما سأل! .
(إسناده صحيح على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وابن حبان (1781)، وأبو عوانة في "صحاحهم". وقال الترمذي:"حديث حسن").
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زُهْرة يقول
…
قلت: وهذا إسناد صحيح؛ على شرط مسلم، وقد أخرجه كما يأتي.
والحديث عند مالك في "الموطأ"(1/ 106 - 107)
…
بهذا الإسناد.
وأخرجه عنه: مسلم (2/ 9 - 10)، وأبو عوانة (2/ 126)، والبخاري في "خلق أفعال العباد"(ص 74)، والنسائي (1/ 144 - 145)، وأحمد (2/ 460) كلهم عن
مالك
…
به.
وأخرج مسلم وأبو عوانة، والبخاري في "جزء القراءة"(ص 19) من طرق أخرى عن العلاء
…
به.
وكذلك أخرجه الترمذي (4/ 66) -وقال: "حديث حسن"-، وأحمد (2/ 241 و 250 و 285)، وابن ماجة (838).
780 -
عن عبادة بن الصامت يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"لا صلاة لمن لم يقرأ بـ (فاتحة الكتاب) فصاعدًا".
قال سفيان: لمن يصلي وحده.
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين. وقد أخرجاه وكذا أبو عوانة في "صحاحهم". وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وليس عنده ولا البخاري: "فصاعدًا").
إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد وابن السرح قالا: ثنا سفيان عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت.
قلت: وهذا إسناد صحيح، وهو على شرط الشيخين من طريق قتيبة، وعلى شرط مسلم من طريق ابن السرح -واسمه أحمد بن عمرو بن عبد الله بن عمرو بن السرح-.
وقد أخرجاه -كما يأتي- من طرق عن سفيان -وهو ابن عيينة- دون قوله: "فصاعدًا".
وأراه هو المحفوظ؛ فقد أخرجه سائر الأئمة في كتبهم عن بضعة عشر حافظًا
كلهم عن سفيان؛ بدون هذه الزيادة. حتى لقد ألقي في نفسي أنها خطأ من بعض النساخ لهذا الكتاب؛ لولا أني رأيتها في "مختصر السنن" للمنذري.
وإليك أسماءَ الرواة الذين وقفت على روايتهم للحديث بدون الزيادة، مع ذكر مصادرها:
1 -
الإمام أحمد في "مسنده"(5/ 314): ثنا سفيان بن عيينة.
2 -
الحميدي في "مسنده"(1/ 191 / 386): ثنا سفيان
…
به.
ومن طريقه: أبو عوانة (2/ 124).
3 -
علي بن المديني: حدثنا سفيان
…
به: أخرجه البخاري عنه (2/ 125).
4 -
الحجاج بن مِنْهال: ثنا سفيان
…
به: أخرجه البخاري في "جزء القراءة"(4).
5 -
أبو بكر بن أبي شيبة.
6 -
عمرو بن الناقد.
7 -
إسحاق بن إبراهيم.
ثلاثتهم عن سفيان
…
به: أخرجه عنهم جميعًا: مسلم (2/ 8 - 9).
8 -
محمد بن منصور عنه: أخرجه النسائي (1/ 145) عنه.
9 -
محمد بن يحيى بن أبي عمر المكي العدني.
10 -
علي بن حجر.
أخرجه الترمذي (2/ 25).
11 -
هشام بن عمار.
12 -
سهل بن أبي سهل
13 -
إسحاق بن إسماعيل.
أخرجه ابن ماجة (1/ 276) عنهم قالوا: ثنا سفيان
…
به.
14 -
سَوَّار بن عبد الله العنبري.
15 -
عبد الجبار بن العلاء.
16 -
محمد بن عمرو بن سليمان.
17 -
زياد بن أيوب.
18 -
الحسن بن محمد الزعفراني.
أخرجه الدارقطني (122) عن ابن صاعد عنهم جميعًا: ثنا سفيان.
وأخرجه البيهقي (2/ 38) عن الزعفراني وحده.
قلت: فكل هؤلاء -وفيهم كبار الأئمة والحفاظ- لم يقولوا عن سفيان: "فصاعدًا"! فذلك يدل دلالة قاطعة على أن هذه الزيادة غير محفوظة عنه؛ فلا أدري ممن الوهم؟ أَمِنْ بعض رواة كتاب "السنن"؟ ! أم من المؤلف؟ ! أم من شيخيه: قتيبة بن سعيد وابن السرح؟ ! والاحتمال الأول هو الأقرب، ثم
…
وثم
…
نعم؛ قد روى هذه الزيادة: معمر عن الزهري، وهي معروفة به:
أخرجه مسلم وأبو عوانة والنسائي، والبيهقي (2/ 374)، وأحمد (4/ 322) من طرق عن عبد الرزاق عنه. وقد أشار البخاري إلى أنها شاذة، فقال في "جزء القراءة" (ص 4):
"وعامة الثقات لم تتابع معمرًا في قوله: "فصاعدًا"؛ مع أنه قد أثبت فاتحة الكتاب. وقوله: "فصاعدًا " غير معروف".
قلت: ومن هؤلاء الثقات الذين أشار إليهم البخاري: صالح بن كَيْسَان: عنده في "الجزء"(3)، وكذا مسلم، وأبي عوانة، وأحمد (4/ 421).
ويزيد بن يونس: عندهم جميعًا -ما عدا أحمد-، وعند البيهقي أيضًا (2/ 61)، وكذا الدارمي (1/ 283). وذهل الحافظ رحمه الله تعالى في "الفتح"؛ فلم يَعْزُ هذه الزيادة لمسلم؛ خلافًا لصنيعه في "التلخيص"، وقال:
"قال ابن حبان: تفرد بها معمر عن الزهري".
قلت: لكن يشهد لها حديث أبي سعيد المتقدم (777)، وكذا حديث أبي هريرة بعده.
781 -
عن أبي هريرة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من صلاة جهر فيها بالقراءة، فقال:
"هل قرأ معي أحد منكم آنفًا؟ ".
فقال رجل: نعم يا رسول الله! قال:
"إني أقول: ما لي أنازعَ القرآن؟ ! ".
قال: فانتهى الناس عن القراءة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما جهر به النبي صلى الله عليه وسلم بالقراءة من الصلوات؛ حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
(قلت: إسناده صحيح، وقال الترمذي: "حديث حسن").
إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن ابن شهاب عن ابن أُكَيْمَةَ الليْثِيِّ عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات رجال الشيخين؛ غير ابن أكيمة -واسمه عمارة، وقيل: عمار، وقيل غير ذلك- وهو ثقة، ولو لم يرو عنه غير الزهري؛ فقد قال أبو حاتم:
"صحيح الحديث، حديثه مقبول"(1). وقال يحيى بن سعيد:
(1) كذا في كتاب ابنه (3/ 362). وفي "التهذيب": "صالح الحديث مقبول".
"ثقة". وقال ابن معين:
"كفاك قول الزهري: سمعت ابن أكيمة يحدث سعيد بن المسيب"؛ يعني: الرواية الثانية في الكتاب.
قلت: فتوثيق هؤلاء الأئمة لابن أكيمة مقدم على تجهيل من جهله؛ لأن من وثقه معه من العلم ما ليس عند من جَهَّله. ولذلك جزم الحافظ في "التقريب" بأنه: "ثقة".
فلا التفات بعد ذلك إلى إعلال من أعل الحديث بالجهالة، كما فعل البيهقي، وهو معارض بتصحيح وتحسين غيره كما يأتي!
والحديث في "موطأ مالك"(1/ 108)
…
بهذا السند واللفظ.
وقد أخرجه من طريقه: البخاري في "جزء القراءة"(ص 24 و 56 - 57)، والنسائي (1/ 146)، والترمذي (2/ 118 - 119)، والطحاوي (1/ 127 - 128)، وابن حبان (454)، والبيهقي (2/ 157)، وأحمد (2/ 301 - 302) كلهم عن مالك
…
به. وقال الترمذي:
"حديث حسن". وقال المصنف عقبه:
"روى حديث ابن أكيمة هذا: معمر، ويونس، وأسامة بن زيد: عن الزهري
…
على معنى مالك".
قلت: حديث معمر؛ وصله أحمد (2/ 284): ثنا عبد الرزاق: ثنا معمر عن الزهري
…
به.
ووصله ابن ماجة (1/ 276) من طريق عبد الأعلى: ثنا معمر
…
به، إلا أنه قال:
فسكتوا -بعد- فيما جهر فيه الإمام.
وحديث يونس؛ وصله البخاري في "جزئه": ثنا عبد الله بن محمد قال: ثنا الليث قال: ثني يونس عن ابن شهاب
…
به؛ وزاد -بعد قوله: فيما جهر به النبي صلى الله عليه وسلم:
وقرأوا في أنفسهم سرًّا فيما لا يجهر فيه الإمام.
وأما حديث أسامة بن زيد؛ فلم أقف الآن على من وصله!
وبالجملة؛ فقد اتفق الإمام مالك ومعمر ويونس وأسامة على سياق الحديث بهذا التمام؛ على اختلاف فيه على معمر، يأتي بيانه في الكلام على الرواية الآتية في الكتاب.
وخالفهم آخرون؛ فلم يذكروا قوله في آخره:
قال: فانتهى الناس عن القراءة
…
وبعضهم جعلها من قول الزهري.
وبعضهم من قول معمر.
وفي رواية عنه قال: (*)
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة -نظن أنها الصبح-
…
بمعناه إلى قوله: "ما لي أُنازَع القرآن".
قال مسدد في حديثه: قال معمر: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر به رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
وقال ابن السرح في حديثه: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة:
(*) كذا في أصل الشيخ رحمه الله دون رقم، ولعله تعمد ذلك. (الناشر).
فانتهى الناس
…
وقال عبد الله بن محمد الزهري -من بينهم-: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها! فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس.
(إسناده صحيح؛ وقوله: فانتهى الناس
…
هو موصول أيضًا من قول أبي هريرة. وقول من قال: قال معمر، أو: قال الزهري
…
إنما يعني: بإسناده المتصل لهذا الحديث إلى أبي هريرة. وإنما خص الراوي -وهو سفيان بن عيينة- معمرًا أو الزهري بالذكر؛ لأنه لم يسمعه منه الزهري مباشرة كما سمع أصل الحديث؛ وإنما سمعه من معمر، وهذا عن الزهري حفظ عنه الأصل والزيادة، ولم يحفظها عنه سفيان، فرواها عن معمر؛ يعني بسند الأصل. وتوضيح ذلك فيما يأتي).
إسناده: حدثنا مسدد وأحمد بن محمد المَرْوَزِيُّ ومحمد بن أحمد بن أُبيّ بن خلف وعبد الله بن محمد الزهري وابن السَّرْح قالوا: ثنا سفيان عن الزهري: سمعت ابن أكيمة يحدِّث سعيد بن المسيب قال: سمعت أبا هريرة يقول
…
قلت: وهذا إسناد صحيح كالذي قبله؛ لكنهم اختلفوا في قوله في آخره: فانتهى الناس
…
هل هو من قول أبي هريرة؛ أم ممن دونه؟ وبعضهم لم يذكره أصلًا، مثل سفيان؛ فإنه لم يسمعها، كما صرحت بذلك رواية عبد الله الزهري.
ويشهد لها رواية أحمد قال (2/ 240): ثنا سفيان عن الزهري
…
فذكره إلى قوله: "ما لي أنازع القرآن؟ ! ". قال معمر: عن الزهري:
فانتهى الناس عن القراءة فيما يجهر به رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال سفيان: خفيت علي هذه الكلمة.
وأخرجه البيهقي من طريق علي بن المديني: ثنا سفيان: ثنا الزهري -حفظته
من فيه- قال: سمعت ابن أكيمة
…
فذكره إلى القول المذكور. قال علي بن المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئًا لم أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا. وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس عن القراءة فيما جهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال علي: قال لي سفيان يومًا: فنظرت في شيء عندي؛ فإذا هو: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بلا شك.
وأخرجه ابن ماجة والحازمي في "الاعتبار"(ص 72 - 73) من طرق أخرى عن سفيان
…
به إلى قوله: "ما لي أنازع القرآن"؛ دون قوله: قال معمر
…
إلخ. وقال المصنف عقب الحديث:
"قال أبو داود: ورواه عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهري، وانتهى حديثه إلى قوله: "ما لي أنازع القرآن". ورواه الأوزاعي عن الزهري قال فيه: قال الزهري: فاتَّعَظَ المسلمون بذلك، فلم يكونوا يقرأون فيما يجهر به صلى الله عليه وسلم. قال أبو داود: سمعت محمد بن يحيى بن فارس قال: قوله: فانتهى الناس
…
من كلام الزهري"!
وفيه أمور تحتاج إلى بيان أهمها آخرها فأقول:
أولًا: رواية عبد الرحمن بن إسحاق؛ وصلها الإمام أحمد (2/ 487): ثنا إسماعيل قال: أنا عبد الرحمن بن إسحاق
…
به.
وتابعه ابن جريج: أخبرني ابن شهاب
…
به.
أخرجه أحمد (2/ 285): ثنا محمد بن بكر: أنا ابن جريج.
ثانيًا: رواية الأوزاعي؛ أخرجها الطحاوي (1/ 128)، وابن حبان (455)، والبيهقي (2/ 158) من طريقين عنه: حدثني الزهري عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول
…
فذكره!
هكذا قال الأوزاعي: عن سعيد بن المسيب
…
خلافًا لجميع الرواة عن
الزهري كما رأيت. ولذلك قال البيهقي عقبه:
"الصواب ما رواه ابن عينية عن الزهري قال: سمعت ابن أُكَيْمَةَ يحدث سعيد بن المسيب. وكذلك قال يونس بن يزيد الأيلي".
قلت: وفي رواية لابن حبان (456) من طرق الوليد -وهو ابن مسلم- عن الأوزاعي عمن سمع أبا هريرة.
فهذا مما يؤكد أن الأوزاعي لم يحفظ الحديث جيدًا، فمرة قال: عن سعيد، ومرة قال: عمن سمع؛ لم يُسَمِّه.
ثالثًا: قول ابن قارس: " (فانتهى الناس) من كلام الزهري"!
قلت: وكذلك قال البخاري في "جزء القراءة"(24)؛ قال:
"وقد بينه لي الحسن بن صَبَّاح قال: ثنا مُبَشِّرٌ عن الأوزاعي: قال الزهري: فاتعظ المسلمون بذلك
…
"!
وعلى ذلك جرى جماعة من العلماء، سمَّاهم الحافظ في "التلخيص" (1/ 231). والعجب من البيهقي؛ حيث قال -عقب رواية الأوزاعي السابقة-:
"حفظ الأوزاعي كون هذا الكلام من قول الزهري؛ ففصله عن الحديث؛ إلا أنه لم يحفظ إسناده. والصواب ما رواه ابن عيينة
…
" إلخ كلامه المتقدم!
فكيف يحتج برواية من ثَبَتَ أنه أخطأ في بعضها: على أنه حفظ البعض الآخر؟ ! لا سيما وهو مخالف في هذا البعض لمن هو أحفظ منه في الزهري وأكثر عددًا؟ ! ألا وهو الإمام مالك ومن معه، كما سبق بيانه في الرواية الأولى عند المصنف رحمه الله تعالى؛ فإن كل أولئك جعلوا هذه الكلمة الأخيرة من أصل الحديث، من قول أبي هريرة؛ لا من قول الزهري ولا من قول معمر! بل إن رواية سفيان عند المصنف من طريق ابن السرح عنه عن معمر صريحة في ذلك، قال
معمر: عن الزهري: قال أبو هريرة: فانتهى الناس
…
ولا ينافي هذا التصريحَ قولُ مسدد في حديثه المتقدم عند المصنف: قال معمر: فانتهى
…
؛ لأن هذا القول إنما هو من سفيان؛ بدليل صريح رواية عبد الله ابن محمد الزهري؛ فإنه قال: قال سفيان: وتكلم الزهري بكلمة لم أسمعها، فقال معمر: إنه قال: فانتهى الناس
…
فقوله: فقال؛ إنما هو من قول سفيان. وقول معمر: إنه قال؛ يعني: الزهري؛ كما هو واضح، بل هو صريح في رواية أحمد المتقدمة عن سفيان؛ فإن فيها قول سفيان: قال معمر عن الزهري: فانتهى الناس
…
قال سفيان: خفيت عليّ هذه الكلمة.
ومثلها رواية البيهقي عن ابن المديني: قال سفيان: ثم قال الزهري شيئًا لم أحفظه، انتهى حفظي إلى هذا، وقال معمر عن الزهري: فانتهى الناس
…
ويتلخص من مجموع الروايات عن سفيان في هذا الحديث: أنه كان مع معمر في المجلس الذي حدث الزهري بهذا الحديث، وأنه لم يسمع منه قوله في آخره فانتهى الناس
…
فلم يحفظه عنه، ولكنه استفاده من معمر في هذا المجلس أو في غيره، فكان سفيان إذا روى الحديث بين هذه الحقيقة، ويعزو هذه الزيادة إلى معمر.
واختلف الرواة عنه في التعبير عنها: فمنهم من يقول عنه: قال معمر: فانتهى الناس. ومنهم من يقول: قال معمر: قال الزهري. ومنهم من يقول: قال معمر عن الزهري: قال أبو هريرة.
وهذا اختلاف شكلي، والمؤدي واحد؛ فإنهم يعنون جميعًا أن سفيان قال: قال معمر في هذا الحديث الذي رواه عن الزهري عن ابن أكيمة عن أبي هريرة تلك الزيادة التي لم أسمعها من الزهري.
فمن عزاها إلى قول معمر؛ فهو صادق، ويعني: بإسناده عن الزهري. ومن