الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأخرج الشطر الأول منه: البخاري (2/ 106)، والبيهقي (3/ 60)، وأحمد (3/ 55) من طريق آخر عن أبي سعيد.
48 - باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظُّلَم
570 -
عن بُرَيْدة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"بشِّرِ المشَّائين في الظُّلَمِ إلى المساجد بالنور التامِّ يوم القيامة".
(قلت: حديث صحيح، وصححه النووي).
إسناده: حدثنا يحيى بن معبن: نا أبو عبيدة الحداد: نا إسماعيل أبو سليمان الكَحَّال عن عبد الله بن أوس عن بريدة.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله ثقات غير إسماعيل أبي سليمان الكحال -وهو ابن سليمان-؛ قال أبو حاتم:
"صالح الحديث".
واختلف فيه قول ابن حبان؛ فقد ذكره في "الثقات"، وقال:"يخطيء".
وذكره في "الضعفاء" وقال:
"ينفرد عن المشاهير بمناكير". ولخص ذلك الحافظ في "التقريب"، فقال:
"صدوق يخطيء".
فمثل هذا قد يكون حديثه حسنًا؛ لا سيما إذا كان له شواهد؛ كهذا الحديث على ما يأتي.
ولكن شيخه عبد الله بن أوس؛ لم يرو عنه غيره -كما في "الميزان"- ولذلك
قال ابن القطان:
"مجهول الحال، ولا نعرف له رواية إلا بهذا الحديث من هذا الوجه".
وأما ابن حبان؛ فأورده في "الثقات" على قاعدته!
ولا أدري كيف وافقه الذهبي في هذه الترجمة؛ حيث قال -عقب قول القطان: "مجهول"-:
"قلت: صدوق"!
وهذا ما لا تساعد القواعد الحديثية على الأخذ به؛ ما دام لا يعرف إلا في هذا الحديث! ولذلك قال الحافظ فيه:
"لين الحديث".
ومن ذلك تعلم أن قول المنذري في "الترغيب"(1/ 129):
"ورجال إسناده ثقات"! ليس بصواب.
وصنيعه في "مختصر السنن"(رقم 529) أقرب إلى الصواب؛ حيث قال:
"وأخرجه الترمذي، وقال: هذا حديث غريب. وقال الدارقطني: تفرد به إسماعيل بن سليمان الضبي البصري الكحال عن عبد الله بن أوس".
فقد نقل عن الترمذي تضعيفه للحديث ثم أقره؛ لكننا -على الرغم من ذلك كله- نرى أن الحديث حسن أو صحيح لغيره؛ نظرًا لكثرة شواهده.
والحديث أخرجه الترمذي أيضًا (1/ 435) من طريق يحيى بن كثير أبي غسان العنبري عن إسماعيل الكحال
…
به، وقال ما نقله المنذري آنفًا عنه؛ إلا أنه زاد -كما في بعض النسخ الصحيحة-:
"
…
من هذا الوجه".
وفي هذا إشارة إلى أنه قد يصح من وجه آخر أو لوجوه أخر؛ وهذا ما ذهبنا إليه آنفًا. ولعله لذلك أورده النووي رحمه الله في "رياض الصالحين"(ص 404) -الذي قال في مقدمته (ص 3) -:
"وألتزمُ فيه أن لا أذكر إلا حديثًا صحيحًا".
فالحديث عنده صحيح؛ وهذا هو الحق إن شاء الله تعالى.
وقد أخرجه البيهقي أيضًا (3/ 63 - 64) من طريق أخرى عن الكحال.
وعزاه الحافظ في "تخريج أحاديث الكشاف"(ص 6 / رقم 34) للبزار أيضًا من طريق إسماعيل، ثم قال:
"وله شاهد من رواية ثابت عن أنس وسهل بن سعد رضي الله عنه: أخرجه ابن ماجة والحاكم. وأخرجه ابن حبان عن أبي الدرداء رضي الله عنه. والطبراني من رواية ابن عباس، وابن عمر، وزيد بن حارثة، وأبي موسى، وأبي أمامة رضي الله عنهم بأسانيد ضعيفة. وحديث زيد: في "الكامل" لابن عدي. وحديث أبي موسى: عند البزار. ورواه الطبراني في "الأوسط" من حديث عائشة في ترجمة (أحمد بن محمد بن صدقة) وقال: تفرد به قتادة بن الفضل عن الحسن بن علي البيروتي. ورواه الطيالسي وأبو يعلى من حديث أبي سعيد، وإسناده ضعيف أيضًا. ورواه عمر بن شاهين في "الترغيب" -له- من حديث حارثة بن وهب الخُزَاعي".
قلت: حديث أنس؛ علَّته أن فيه -عند ابن ماجة (1/ 262)، والحاكم (1/ 212)، والبيهقي أيضًا (3/ 63) - سليمان بن داود -وهو ابن مسلم الصائغ-، وقد نسب عند غير ابن ماجة إلى جده؛ قال العقيلي:
"لا يتابع على حديثه"؛ يعني: هذا. وقال الحاكم:
"رواية مجهولة عن ثابت".
وحديث سهل بن سعد: رواه البيهقي من طريق الحاكم، وقال:
"صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي! وغمزه المنذري، فقال:"كذا قال"!
وبيانه أنه من رواية إبراهيم بن محمد الحلبي البصري: ثنا يحيى بن الحارث الشيرازي؛ وليسا من رجال الشيخين! والأول منهما؛ روى عنه ابن ماجة وجمع، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال:
"يخطيء" وفي "التقريب":
"صدوق يخطيء".
والآخر لا يعرف توثيقه إلا في رواية الحاكم لهذا الحديث؛ ففيها: أن إبراهيم هذا قال: أبَنا يحيى بن الحارث الشيرازي -وكان ثقة، وكان عبد الله بن داود يثتي عليه-.
فهو في عداد المجهولين. وفي "التقريب" أنه:
"مقبول"؛ يعني: إذا توبع؛ وإلا فهو لين الحديث.
ومن هذا يتبين أن قول البوصيري في "الزوائد":
"إسناده حسن"! غير حسن؛ إلا أن يقصد أنه حسن لغيره؛ فهو حق.
وأما حديث أبي الدرداء: فرواه الطبراني أيضًا في "الكبير" بإسناد؛ قال المنذري:
"حسن"! وقال الهيثمي في "المجمع"(2/ 30):
"ورجاله ثقات"!
قلت: ويخطر في البال أن فيهم من تفرد بتوثيقه ابن حبان، كمثل من سبق؛ وإلا لما صرح الحافظ بتضعيف إسناده وهو يستحق التحسين، وهو عندنا أقعد في الحديث وأعلم به ممن حسنه ووثقه.
وحديث ابن عباس؛ فيه -كما قال الهيثمي-:
"العباس بن عامر الضَّبِّيُّ؛ ولم أجد من ترجمه، وبقية رجاله موثقون".
وحديث ابن عمر؛ فيه داود بن الزبرقان، وهو ضعيف.
وحديث زيد بن حارثة؛ فيه ابن لهيعة؛ وما ضعفه إلا من قبل حفظه، فيحتج به في الشواهد.
وحديث أبي موسى؛ فيه محمد بن عبد الله بن عمير بن عبيد، وهو منكر الحديث.
وحديث أبي أمامة؛ فيه رجل مجهول، وآخر لم يُسَمَّ.
وحديث عائشة؛ فيه رجل لا يعرف.
وحديث أبي سعيد الخدري؛ فيه عبد الحكم بن عبد الله، وهو ضعيف.
وهو عند الطيالسي في "مسنده"(رقم 2212).
وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة؛ قال المنذري -وتبعه الهيثمي-:
"رواه الطبراني في "الأوسط" بإسناد حسن".
وبالجملة فالحديث يرتقي إلى درجة الصحة بهذه الشواهد الكثيرة، التي بلغت اثني عشر شاهدًا، وفيها ما هو حسن عند بعضهم، وفيها ما هو محتج به في