المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌119 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء - صحيح سنن أبي داود ط غراس - جـ ٣

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌31 - باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت

- ‌32 - باب الأذان فوق المنارة

- ‌33 - باب المؤذن يستدير في أذانه

- ‌34 - باب في الدعاء بين الأذان والإقامة

- ‌35 - باب ما يقول إذا سمع المؤذن

- ‌36 - باب ما جاء في الدعاء عند الأذان

- ‌37 - باب ما يقول عند أذان المغرب

- ‌38 - باب أَخذ الأجر على التأذين

- ‌39 - باب في الأذان قبل دخول الوقت

- ‌40 - باب الأذان للأعمى

- ‌41 - باب الخروج من المسجد بعد الأذان

- ‌42 - باب في المؤذن ينتظر الإمام

- ‌43 - باب في التثويب

- ‌44 - باب في الصلاة تقام ولم يأت الإمام؛ ينتظرونه قعودًا

- ‌45 - باب التشديد في ترك الجماعة

- ‌46 - باب في فضل صلاة الجماعة

- ‌47 - باب ما جاء في فضل المشي إلى الصلاة

- ‌48 - باب ما جاء في المشي إلى الصلاة في الظُّلَم

- ‌49 - باب ما جاء في الهَدْي في المشي إلى الصلاة

- ‌50 - باب من خرج يريد الصلاة فسُبق بها

- ‌51 - باب ما جاء في خروج النساء إلى المسجد

- ‌52 - باب التشديد في ذلك

- ‌53 - باب السعي إلى الصلاة

- ‌54 - باب في الجمع في المسجد مرتين

- ‌55 - باب فيمن صلى في منزله ثم أدرك الجماعة؛ يصلي معهم

- ‌56 - باب إذا صلى ثم أدرك جماعة؛ يعيد

- ‌57 - باب جُمَّاع الإمامة وفضلها

- ‌58 - باب في كراهية التدافع على الإمامة

- ‌59 - باب من أحق بالإمامة

- ‌60 - باب إمامة النساء

- ‌61 - باب الرجل يؤم القوم وهم له كارهون

- ‌62 - باب إمامة البر والفاجر

- ‌63 - باب إمامة الأعمى

- ‌64 - باب إمامة الزائر

- ‌65 - باب الإمام يقوم مكانًا أرفع من مكان القوم

- ‌66 - باب إمامة من صلى بقوم وقد صلى تلك الصلاة

- ‌67 - باب الإمام يصلي من قعود

- ‌68 - باب الرجلين يَؤُمُّ أحدُهما صاحبَه؛ كيف يقومان

- ‌69 - باب إذا كانوا ثلاثة؛ كيف يقومون

- ‌70 - باب الإمام ينحرف بعد التسليم

- ‌71 - باب الإمام يتطوَّع في مكانه

- ‌72 - من باب الإمام يُحْدِثُ بعدما يرفع رأسه من آخر الركعة

- ‌73 - باب ما يُؤْمَرُ به المأمومُ من اتباع الإمام

- ‌74 - باب التشديد فيمن يرفع قبل الإمام أو يضع قبله

- ‌75 - باب فيمن ينصرف قبل الإمام

- ‌76 - باب جُمَّاعِ أثواب ما يُصَلَّى فيه

- ‌77 - باب الرجل يعقد الثوب في قفاه ثم يصلِّي

- ‌78 - باب الرجل يصلِّي في ثوب بعضه على غيره

- ‌79 - باب الرجل يصلِّي في قميص واحد

- ‌80 - باب إذا كان الثوب ضيِّقًا يتَّزِرُ به

- ‌81 - من باب الإسبال في الصلاة

- ‌82 - باب في كم تصلي المرأة

- ‌83 - باب المرأة تصلي بغير خمار

- ‌84 - باب السَّدْل في الصلاة

- ‌85 - باب الصلاة في شُعر النساء

- ‌86 - باب الرجل يصلِّي عاقصًا شَعْرَهُ

- ‌87 - باب الصلاة في النَّعْلِ

- ‌88 - باب المصلِّي إذا خلع نَعْلَيْهِ؛ أين يضعها

- ‌89 - باب الصلاة على الخُمُرِ

- ‌90 - باب الصلاة على الحصير

- ‌91 - باب الرجل يسجد على ثوبه

- ‌92 - باب تسوية الصفوف

- ‌93 - باب الصفوف بين السواري

- ‌94 - باب من يَسْتَحِبُّ أن يَلِيَ الإمامَ في الصفِّ وكراهية التأخُّر

- ‌95 - باب مقام الصبيان من الصف

- ‌96 - بابُ صفِّ النساء، والتأخُّرِ عن الصَّفِّ الأول

- ‌97 - باب مقام الإمام من الصف

- ‌98 - باب الرجل يصلِّي وحده خَلْفَ الصف

- ‌99 - باب الرجل يركع دون الصف

- ‌100 - باب ما يستر المصلِّي

- ‌101 - باب الخَطِّ إذا لم يجد العصا

- ‌102 - باب الصلاة إلى الراحلة

- ‌103 - باب إذا صلى إلى سارية أو نحوها؛ أين يجعلها منه

- ‌104 - باب الصلاة إلى المتحدثين والنيام

- ‌105 - باب الدُّنُوِّ من السُّتْرة

- ‌106 - باب ما يُؤْمر المصلِّي أن يَدْرأ عن المَمَرِّ بين يديه

- ‌107 - باب ما ينهى عنه من المرور بين يدي المصلي

- ‌108 - باب ما يقطع الصلاة

- ‌109 - باب سُتْرَةُ الإمامِ سترةُ مَنْ خلفه

- ‌110 - باب من قال: المرأة لا تقطع الصلاة

- ‌111 - باب من قال: الحمار لا يقطع الصلاة

- ‌112 - باب من قال: الكلب لا يقطع الصلاة

- ‌113 - باب من قال: لا يقطع الصلاة شيء

- ‌114 - باب رفع اليدين في الصلاة

- ‌115 - باب افتتاح الصلاة

- ‌116 - باب [مَنْ ذَكَرَ أنه يرفع يديه إذا قام من الثنتين] (1)

- ‌117 - باب من لم يذكر الرفع عند الركوع

- ‌118 - باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة

- ‌119 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

- ‌120 - باب من رأى الاستفتاح بـ: "سبحانك اللهم وبحمدك

- ‌121 - من باب السَّكْتة عند الافتتاح

- ‌122 - باب من لم يَرَ الجهر بـ (بسم الله الرحمن الرحيم)

- ‌123 - باب من جهر بها

- ‌124 - باب تخفيف الصلاة للأمر يَحْدُثُ

- ‌125 - باب في تخفيف الصلاة

- ‌126 - باب ما جاء في نقصان الصلاة

- ‌127 - باب القراءة في الظهر

- ‌128 - باب تخفيف الأُخْرَيَيْنِ

- ‌129 - باب قدر القراءة في صلاة الظهر والعصر

- ‌130 - باب قدر القراءة في المغرب

- ‌131 - باب من رأى التخفيف فيها

- ‌132 - باب الرجل يُعِيدُ سورة واحدة في الركعتين

- ‌133 - باب القراءة في الفجر

- ‌134 - باب من ترك القراءة في صلاته بـ (فاتحة الكتاب)

- ‌135 - باب من رأى القراءة إذا لم يجهر

- ‌136 - باب ما يجزئ الأُمِّيَّ والأعجمي من القراءة

- ‌137 - باب تمام التكبير

- ‌138 - باب كيف يضع ركبتيه قبل يديه

- ‌139 - باب النهوض في الفَرْدِ

- ‌140 - باب الإقعاء بين السجدتين

- ‌141 - باب ما يقول إذا رفع رأسه من الركوع

- ‌142 - باب الدعاء بين السجدتين

- ‌143 - باب رفع النساء إذا كنَّ مع الرجال رؤوسهن من السجدة

- ‌144 - باب طول القيام من الركوع وبين السجدتين

الفصل: ‌119 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

ومن طريق أخرى عن وائل بن حجر.

وأما الحديث الآخر: فهو عن قَبِيصَةَ بن هُلْبٍ عن أبيه قال:

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه وعن يساره، ورأيته -قال- يضع هذه على صدره -وصف يحيى اليمنى على اليسرى فوق المفصل-.

أخرجه أحمد (5/ 226)، وإسناده محتمل للتحسين؛ وحسنه الترمذي، وقد تكلمنا عليه في الكتاب المفرد في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"، وذكرنا هناك أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في محل وضع اليدين إلا هذا (الصدر). وأما الوضع تحت السرة فلا يصح. وانظر الكتاب الآخر.

‌119 - باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء

738 -

عن علي بن أبي طالب قال:

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة؛ كبر ثم قال: "وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا وما أنا من المشركين. إن صلاتي ونُسُكي ومَحْيَايَ ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين. اللهم! أنت الملك لا إله إلا أنت، أنت ربي، وأنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، لا يغفر الذنوبَ إلا أنت، واهدِني لأحسن الأخلاق، لا يهدني لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيِّئَها، لا يصرف سيِّئَها إلا أنت، لبَّيْك وسعديك! والخيرُ كلُّه في يديك، والشر ليس إليك، وأنا بك وإليك، تباركت وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك".

ص: 345

وإذا ركع قال:

"اللهم! لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومُخِّي وعظامي وعصبي".

وإذا رفع قال:

"سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد، مِلْءَ السماوات والأرض، ومِلْءَ ما بينهما، ومِلْء ما شئت من شيء بَعْدُ".

وإذا سجد قال: "اللهم! لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوَّره فأحسن صورته، وشقَّ سمعه وبصره، وتبارك الله أحسن الخالقين".

وإذا سلّم من الصلاة قال:

"اللهم! اغفر لي ما قدَّمت وما أخَّرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت، وما أنت أعلم به مني؛ أنت المقدِّم والمؤخِّر، لا إله إلا أنت".

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح").

إسناده: حدثنا عبيد الله بن معاذ: نا أَبِي: نا عبد العزيز بن أبي سَلَمَةَ عن عَمِّه الماجِشُون بن أبي سَلَمَةَ عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

ص: 346

والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(2/ 100 - 101) من طريق المصنف.

وأخرجه الطيالسي (رقم 152): حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة

به.

وأخرجه مسلم (2/ 185 - 186)، وأبو عوانة أيضًا، والترمذي (2/ 250 - 251 - طبع بولاق)، والدارقطني (ص 111)، والبيهقي (2/ 32)، وأحمد (رقم 729 و 803) من طرق أخرى عن عبد العزيز

به. وقال الترمذي:

"حديث حسن صحيح".

وأخرجه النسائي (1/ 142 و 161 و 169) مفرقًا، دون الذكر بعد الركوع وبعد السلام.

وروى الدارمي (1/ 282 و 301) منه دعاء الاستفتاح والذكر بعد الركوع.

والخرائطي في "مكارم الأخلاق"(ص 6) دعاء الاستفتاح إلى قوله: "لا يصرف سيئها إلا أنت".

ورواه الطحاوي (1/ 117) إلى قوله: "وأنا أول المسلمين".

739 -

عن علي بن أبي طالب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة؛ كبر ورفع يديه حذو منكبيه، ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته، وإذا أراد أن يركع، ويصنعه إذا رفع من الركوع، ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد، وإذا قام من السجدتين؛ رفع يديه كذلك وكبر ودعا

نحو حديث عبد العزيز (يعني: الذي قبله) في الدعاء يزيد وينقص الشيء، ولم يذكر:"والخير كله في يديك، والشر ليس إليك"؛ وزاد فيه: ويقول عند انصرافه من الصلاة:

ص: 347

"اللهم اغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي لا إله إلا أنت".

(قلت: إسناده حسن صحيح، وهو تمام الحديث المتقدم (رقم 729)؛ وقد ذكرنا هناك من صححه من الأئمة).

إسناده: حدثنا الحسن بن علي: نا سليمان بن داود الهاشمي: نا عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب.

قلت: وهذا إسناد حسن، وقد تقدم بهذا الحديث مختصرًا (رقم 729) مع الكلام عليه وتخريجه؛ فلا داعي للإعادة.

والحديث أخرجه الترمذي (2/ 251)

بهذا السند عن هذا الشيخ، وقال:"حسن صحيح".

وأخرجه أبو عوانة (2/ 102)، والدارقطني (112)، والبيهقي (2/ 32 - 33) من طريق ابن جريج قال: أخبرني موسى بن عقبة

به مثل حديث عبد العزيز الذي قبله؛ إلا أنه قال في أوله:

وكان إذا ابتدأ الصلاة المكتوبة قال

الحديث؛ وليس فيه رفع اليدين.

وأخرج الشافعي في "الأم"(1/ 91 - 92) دعاء الاستفتاح، وزاد -بعد قوله:"وبذلك أمرت"-: وقال أكثرهم:

"وأنا أول المسلمين".

قال ابن أبي رافع: وشككت أن يكون أحدهم قال: "وأنا من المسلمين".

ص: 348

وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

وفي هذه الرواية -كرواية الكتاب- التصريح بأنه عليه الصلاة والسلام كان يقول ذلك في الفريضة. قال الشوكاني:

"وأما مسلم؛ فقيده بصلاة الليل، وزاد لفظ: من جوف الليل".

وذكر نحوه الحافظ في "بلوغ المرام"(1/ 231)، وفي "الفتح"(2/ 183)!

وهذا وهم منهما؛ فليس هذا القيد في هذا الحديث عند مسلم ولا عند غيره.

والزيادة المذكورة إنما هي عند مسلم (2/ 184) من حديث ابن عباس الآتي قريبًا في الكتاب (رقم 745)؛ وهو في "مسلم" قبيل هذا الحديث؛ فلعل نظر الحافظ انتقل إليه حين كلامه على هذا فوهم؛ وتبعه عليه الشوكاني! والله أعلم.

740 -

عن شعيب بن أبي حمزة قال:

قال لي ابن المنكدر وابن أبي فروة وغيرهما من فقهاء أهل المدينة: فإذا قلت أنت ذاك؛ فقل: "وأنا من المسلمين"؛ يعني قوله: "وأنا أول المسلمين".

(قلت: إسناده صحيح، ولكنا لا نرى جواز هذا التبديل؛ لأنه وهم منشؤه توهُّمُ أن معنى: "وأنا أول المسلمين": أني أول شخص أتصفّ بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه! وليس كذلك؛ بل معناه: بيان المسارعة في الامتثال لما أمر به، ونظيره: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}).

إسناده: حدثنا عمرو بن عثمان: نا شُرَيْحُ بن يزيد: حدثني شعيب بن أبي حمزة.

ص: 349

قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله كلهم ثقات.

والحديث أخرجه الدارقطني (ص 112) من طريق يزيد بن عبد ربه: ثنا شريح ابن يزيد

بإسناده عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله:

أن رسول الله كان إذا استفتح الصلاة قال:

"إن صلاتي ونسكي ومَحْيَاي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أمرت، وأنا أول المسلمين. اللهم! اهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وقِنِي سيِّئ الأخلاق والأعمال، لا يقي سيئها إلا أنت".

قال شعيب: قال لي محمد بن المنكدر

إلخ.

وأخرج النسائي (1/ 142)

بإسناد المصنف: المرفوع منه فقط.

قلت: وهذا التبديل الذي ذهب إليه محمد بن المنكدر وغيره من فقهاء المدينة؛ قد تبعهم عليه الإمام الشافعي، فقال في "الأم" (1/ 92) -بعد أن ساق الحديث من رواية علي وأبي هريرة-:

"وبهذا كله أقول وآمر، وأحبُّ أن يأتي به كما يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يغادر منه شيئًا، ويجعل مكان: "وأنا أول المسلمين": "وأنا من المسلمين"

"! قال الشوكاني في "النيل" (2/ 162):

"قال في "الانتصار": إن غير النبي إنما يقول: "وأنا من المسلمين"! وهو وهم منشؤه تَوَهُّمُ أن معنى: "وأنا أول المسلمين": أني أول شخص أتصف بذلك بعد أن كان الناس بمعزل عنه! وليس كذلك؛ بل معناه: بيان المسارعة والامتثال لما أمر به، ونظيره: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ}، وقال موسى: {وأنا أول المؤمنين} ".

ص: 350

وليُعْلَمْ أن قوله في الحديث: "وأنا أول المسلمين": هو الراجح ثبوته عندنا، وأما رواية:"وأنا من المسلمين"؛ فهي مرجوحة؛ لما بيناه في كتابنا "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم".

ويؤيد ذلك قول ابن أبي رافع المتقدم -ومدار الحديث عليه-: وشككت أن يكون أحدهم قال: "وأنا من المسلمين". فهذا يدل على وهم من قال عنه: "وأنا من المسلمين"، أو أنه تأول، كما فعل محمد بن المنكدر وغيره؛ فتأمل!

741 -

عن أنس بن مالك:

أن رجلًا جاء إلى الصلاة، وقد حَفَزَهُ النَّفَس فقال: الله أكبر، الحمد لله كثيرًا طيبًا مباركًا فيه. فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته؛ قال:

"أيُّكُم المتكلِّمُ بالكلمات؛ فإنه لم يقل بأسًا؟ ".

فقال الرجل: أنا يا رسول الله! جئت وقد حَفَزَني النَّفَسُ، فقلتها. فقال:

"لقد رأيت اثنيْ عشر ملكًا يبتدرونها؛ أيهم يرفعها؟ ! - وزاد حميد فيه -وإذا جاء أحدكم؛ فليَمْشِ نَحْوَ ما كان يمشي؛ فليصل ما أدرك، وليَقْضِ ما سَبَقَه".

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه في "صحيحه" دون الزيادة، وأخرجه أبو عوانة في "صحيحه" بتمامه).

إسناده: حدثنا موسى بن إسماعيل: نا حماد عن قتادة وثابت وحميد عن أنس.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وحماد: هو ابن سلمة.

ص: 351

والحديث أخرجه أبو عوانة في "صحيحه"(2/ 99) من طريق المصنف.

وأخرجه هو، وأحمد (3/ 99) من طريق عفان قال: ثنا حماد بن سلمة

به.

ومن هذا الوجه: أخرجه مسلم (2/ 99) بدون الزيادة.

وكذلك أخرجه النسائي (1/ 143) من طريق حجاج قال: حدثنا حماد

به.

وأخرجه أحمد (106) من طريق ابن أبي عدي وسهل بن يوسف -المعنى- عن حميد وحده

بتمامه.

وإسناده صحيح على شرط الشيخين، وهو ثلاثي.

ثم روى (3/ 229) -منه الزيادة فقط- من طريق سليمان بن حيان: ثنا حميد

به، بلفظ:

"فما أدركه صلى، وما سبقه أتم"؛ وقد علقه المصنف بنحو هذا فيما تقدم؛ فانظر رقم (584 و 585).

وأخرجه الطيالسي (رقم 2001): حدثنا همام عن قتادة عن أنس

به نحوه دون الزيادة.

742 -

عن عاصم بن حُمَيْد قال:

سُئِلَتْ عائشة: بأي شيء كان يفتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم قيام الليل؟ فقالت:

لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك؛ كان إذا قام؛ كبَّر عشرًا، وحمِدَ اللهَ عشرًا، وسبَّح عشرًا، وهلَّل عشرًا، واستغفر عشرًا، وقال:

ص: 352

"اللهم! اغفر لي واهدني، وارزقني وعافني"؛ ويتعوذ من ضيق المُقَام يوم القيامة.

(قلت: إسناده حسن صحيح).

إسناده: حدثنا محمد بن رافع: نا زيد بن الحُبَاب: أخبرني معاوية بن صالح: أخبرني أزهر بن سعيد الحَرَازِيُّ عن عاصم بن حميد.

قال أبو داود: "رواه خالد بن مَعْدان عن ربيعة الجُرَشِيِّ عن عائشة

نحوه".

قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات، غير أزهر بن سعيد الحرازي -وهو أزهر ابن عبد الله الحرازي في قول البخاري، ووافقه عليه جماعة-؛ وقد وثقه العجلي، وروى عنه جماعة. وقال الحافظ في "التقريب":

"صدوق".

والحديث أخرجه النسائي (1/ 240)، وابن ماجة (1/ 409 - 410) من طرق أخرى عن زيد بن الحباب

به.

ويشهد له ويقوِّيه: الطريق الأخرى التي علَّقها المصنف، وقد وصلها الإمام أحمد في "المسند" (6/ 143): ثنا يزيد قال: أنا الأصبغ عن ثور بن يزيد عن خالد ابن معدان قال: حدثني ربيعة الجُرَشي قال:

سألت عائشة فقلت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام من الليل؟ وبِمَ كان يستفتح؟ قالت: كان يكبر عشرًا

الحديث نحوه.

وأخرجه ابن نصر في "قيام الليل"(ص 44): ثنا محمد بن يحيى: ثنا يزيد ابن هارون

به.

وهذا إسناد صحيح. وله طريق ثالث، يأتي في "الأدب".

ص: 353

743 -

عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال:

سألت عائشة: بأي شيء كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يفتتح صلاته إذا قام من الليل؟ قالت:

كان إذا قام من الليل يفتتح صلاته:

"اللهم! ربَّ جبريل وميكائيل وإسرافيل! فاطرَ السماوات والأرض! عالمَ الغيب والشهادة! أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون: اهدني لما اختُلِفَ فيه من الحق بإذنك؛ إنك أنت تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم".

(قلت: إسناده حسن، وهو على شرط مسلم. وقد أخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما". وحسنه الترمذي).

إسناده: حدثنا ابن المثنى: نا عمر بن يونس: نا عكرمة: حدثني يحيى بن أبي كثير: حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف.

قلت: وهذا إسناد حسن إن شاء الله تعالى؛ وهو على شرط مسلم؛ وقد أخرجه كما يأتي؛ وفي عكرمة -وهو: ابن عمار- كلام من قبل حفظه.

والحديث أخرجه البيهقي (3/ 5) من طريق المصنف.

وبإسناده: أخرجه مسلم في "صحيحه"(2/ 185) عن هذا الشيخ -وهو محمد بن المثنى- وغيره.

وأخرجه النسائي (1/ 241 - 242)، والترمذي (2/ 250 - طبع بولاق) -وقال:"حديث حسن"-، وابن ماجة (1/ 410)، والبيهقي أيضًا من طرق أخرى عن

ص: 354

عمر بن يونس

به.

وأخرجه أبو عوانة (2/ 304 - 305 و 305) من طريقين آخرين عن عكرمة

به.

وله عنه طريق رابع، وهو:

743 / م- وفي رواية

بإسناده ومعناه؛ قال:

كان إذا قام بالليل؛ كبَّر ويقول

(قلت: إسناده حسن، وفيه التصريح أن هذا الدعاء كان بعد التكبير).

إسناده: حدثنا محمد بن رافع: أنا أبو نوح قُراد: نا عكرمة

بإسناده بلا إخبار، ومعناه قال.

قلت: وهذا إسناد حسن أيضًا؛ وأبو نوح: اسمه عبد الرحمن بن غزوان، وقراد: لقبه، وهو ثقة، وقد زاد في الحديث لفظة: كبر؛ وهي منه مقبولة، وهي زيادة مفيدة؛ حيث عينت موضع قول هذا الدعاء، بينما هو غير واضح في الرواية الأولى، ولذلك عقَّبها المصنف رحمه الله بهذه الرواية.

والحديث أخرجه أحمد (6/ 156): ثنا قراد أبو نوح: أنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف

به.

744 -

عن مالك قال:

لا بأس بالدعاء في الصلاة: في أوله وأوسطه وفي آخره؛ في الفريضة وغيرها.

(قلت: إسناده عنه صحيح).

ص: 355

إسناده: حدثنا القعنبي قال: قال مالك.

قلت: وهذا إسناد صحيح إلى مالك رحمه الله. قال في "عون المعبود":

"هذا نص صريح من الإمام مالك رحمه الله على أنه لا بأس عنده بقراءة دعاء الاستفتاح بين التكبير والقراءة، لكن المشهور عنه خلافه".

قلت: وهو الذي نص عليه في "المدونة"(1/ 62) أنه لا يقول: "سبحانك اللهم وبحمدك

إلخ"؛ قال:

"وكان لا يعرف"!

وهذا لا حجة فيه؛ فإن من عرف حجة على من لم يعرف وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم اثنا عشر نوعًا من أدعية الاستفتاح، أوردتها في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"(ص 52 - 57)؛ وقد تم طبعه قريبًا، وأورد المصنف قسمًا منها في هذا الباب.

744 / م-عن رِفَاعة بن رافع الزُّرَقي قال:

كنا يومًا نصلِّي وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركوع قال: "سمع الله لمن حمده"؛ قال رجل وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم ربَّنا! ولك الحمدُ حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه. فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

"من المتكلم بها آنفًا؟ ".

فقال الرجل: أنا يا رسول الله! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

"لقد رأيت بضعة وثلاثين مَلَكًا يبتدرونها؛ أيُّهم يكتبها أوَّلُ؟ ! ".

ص: 356

(قلت: إسناده صحيح على شرط البخاري. وقد أخرجه في "صحيحه". وقال الحاكم: "حديث صحيح"، ووافقه الذهبي).

إسناده: حدثنا القعنبي عن مالك عن نُعَيْمِ بن عبد الله المُجْمِر عن علي بن يحيى الزُّرَقِيِّ عن أبيه عن رفاعة بن رافع الزُّرَقي.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري؛ وقد أخرجه كما يأتي.

والحديث أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 214).

ومن طريقه: أخرجه البخاري (2/ 227 - 228)، والنسائي (1/ 162)، والحاكم (1/ 225)، والبيهقي (2/ 95)، وأحمد (4/ 340) كلهم عن مالك

به. وهو عند البخاري من طريق القعنبي عبد الله بن مسلمة شيخ المصنف فيه.

ومن طريقه: أخرجه البيهقي في إحدى روايتيه. ثم قال الحاكم:

"حديث صحيح، ولم يخرِّجاه"! ووافقه الذهبي!

وقد وهما في الاستدراك على البخاري؛ فقد أخرجه!

وللحديث طريق أخرى عن رفاعة بن رافع، ويأتي في الكتاب بعد حديث.

وله شواهد، خرجتها في كتابنا المفرد في "صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم"؛ وعسى أن يُيَسَّرَ لنا طبعه مع تخريجه؛ بعد أن طبع دون تخريج.

745 -

عن ابن عباس:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول:

"اللهم! لك الحمد؛ أنت نور السماوات والأرض، ولك الحمد؛ أنت قَيّام السماوات والأرض، ولك الحمد؛ أنت رب السماوات والأرض ومن

ص: 357

فيهن، أنت الحق، وقولك حق، ووعدك الحق، ولقاؤك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة حق، اللهم! لك أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وإليك أنبت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت، فاغفر لي ما قدمت وأخرت، وأسررت وأعلنت، أنت إلهي؛ لا إله إلا أنت".

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة في "صحيحيهما"، وقال الترمذي: "حديث حسن صحيح". وأخرجه البخاري نحوه).

إسناده: حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم.

والحديث أخرجه مالك في "الموطأ"(1/ 217).

ومن طريقه: أخرجه مسلم (2/ 184)، وأبو عوانة (2/ 300 - 301)، والترمذي (2/ 249 - طبع بولاق) -وقال:"حديث حسن صحيح"-، وأحمد (2710 و 2813) كلهم عن مالك

به.

وأخرجه الطبراني في "معجمه الكبير" من طريق جنادة بن سَلْم عن عبيد الله ابن عمر عن أبي الزُّبَيْرَ

به، بلفظ:

كان يقول -بعد التكبير، وبعد أن يقول:"وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا مسلمًا"-:

"اللهم! لك الحمد

" الحديث.

وجُنادة هذا؛ قال الحافظ:

ص: 358

"صدوق له أغلاط".

وبقية رجال إسناده رجال مسلم؛ غير شيخ الطبراني عبد الرحمن بن سَلْمٍ الرازي؛ فإني لم أقف له على ترجمة!

وذكر: "وجهت وجهي

" في هذا الحديث غريب، ولعله من أغلاط جُنادة!

وأما قوله بعد التكبير؛ فقد توبع عليه، كما تراه في الرواية الثانية في الكتاب.

وقد تابع أبا الزبير: سليمانُ بن أبي مسلم الأحول:

أخرجه البخاري في "صحيحه"(3/ 2 - 4 و 11/ 99 و 13/ 366 - 367 و 399)، وفي "أفعال العباد"(ص 96)، ومسلم وأبو عوانة، والنسائي (1/ 240)، والدارمي (1/ 348)، وابن ماجة (1/ 408 - 409)، وأحمد (رقم 3368)، والطبراني في "معجمه الكبير" كلهم أخرجوه من طريق سليمان الأحول عن طاوس

به.

وأخرجه البيهقي أيضًا (3/ 4 - 5).

وتابعه قيس بن سعد المكي بزيادة فيه؛ وهو:

746 -

وفي رواية عنه:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في التَّهَجُّدِ يقول -بعدما يقول: "الله أكبر"-

فذكر معناه.

(قلت: إسناده صحيح على شرط مسلم. وأخرجه هو وأبو عوانة وابن خزيمة في "صحاحهم").

ص: 359

إسناده: حدثنا أبو كامل: نا خالد -يعني: ابن الحارث-: نا عمران بن مسلم أن قيس بن سعد حدثه قال: نا طاوس عن ابن عباس.

قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط مسلم؛ وأبو كامل: هو الجَحْدرِيُّ فُضَيْل ابن حسين.

والحديث أخرجه مسلم (2/ 184 - 185)، وأبو عوانة (2/ 301)، وابن نصر في "قيام الليل" (ص 44) من طريق مَهْدِيِّ بن ميمون: حدثنا عمران القصير

به بتمامه؛ إلا أن مسلمًا لم يسق لفظه؛ وإنما أحال به على الرواية الأولى.

والحديث أخرجه ابن خزيمة أيضًا في "صحيحه"، كما في "الفتح".

وأخرجه الطبراني أيضًا في "الكبير".

747 -

عن معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه قال:

صلَّيْتُ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعطس رفاعة -لم يقل قتيبة: رفاعة-، فقلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى. فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ انصرف فقال:

"من المتكلم في الصلاة؟ "

ثم ذكر نحو حديث مالك وأتم منه.

(قلت: يعني: حديث رفاعة (رقم 744 / م)، وهذا إسناده حسن، وقال الترمذي:"حديث حسن").

إسناده: حدثنا قتيبة بن سعيد [وسعيد] بن عبد الجبار

نحوه -قال قتيبة-: نا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع.

ص: 360