الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشواهد كما سبقت الإشارة إليه. والله تعالى أعلم.
49 - باب ما جاء في الهَدْي في المشي إلى الصلاة
571 -
عن أبي ثُمَامةَ الحَنَّاط:
أن كعب بن عُجْرَةَ أدركه وهو يريد المسجد، أدرك أحدهما صاحبه، قال: فوجدني وأنا مُشَبِّكٌ بيديَّ؛ فنهاني عن ذلك وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه، ثم خرج عامدًا إلى المسجد؛ فلا يشبكنَّ يديه؛ فإنه في صلاة".
(قلت: حديث صحيح، وقال المنذري: "إسناده جيد"، وصححه ابن خزيمة وابن حبان (2034)).
إسناده: محمد بن سليمان الأنباري أن عبد الملك بن عمرو حدثهم عن داود ابن قيس: ثني سعد بن إسحاق: ثني أبو ثمامة الحناط.
قلت: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم ثقات؛ غير أبي ثمامة الحناط؛ ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال الدارقطني:
"لا يعرف، يترك". ووافقه الذهبي، فقال في "الميزان":
"لا يعرف، وخبره هذا منكر". وقال الحافظ في "التقريب": "مجهول الحال".
ومن هنا تعلم أن قول المنذري في "الترغيب"(1/ 123):
"رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد"! غير جيد؛ لجهالة أبي ثمامة هذا.
والحديث أخرجه الدارمي (1/ 326 - 327)، والبيهقي (3/ 230)، وأحمد (4/ 241) من طرق عن داود بن قيس
…
به.
وفي الحديث علة أخرى، وهي الاضطراب؛ فقد أخرجه البيهقي من طريق الضحاك بن عثمان عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي ثمامة
…
به نحوه.
ثم قال:
"ورواه أيضًا عيسى بن يونس عن سعد بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي ثمامة، فعاد الحديث إلى المقبري عن أبي ثمامة".
وقد اختلف فيه على سعيد المقبري على أوجه أخرى؛ فقد أخرجه الترمذي (2/ 228) من طريق الليث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن رجل عن كعب ابن عجرة.
وأخرجه أحمد (4/ 242) عن ابن جريج: أخبرني محمد بن عجلان عن سعيد القبري عن بعض بني كعب بن عجرة عن كعب.
وقال ابن أبي ذئب: عن سعيد المقبري عن رجل من بني سالم عن أبيه عن جده عن كعب.
أخرجه أحمد (4/ 242)، والطيالسي (رقم 1063)؛ إلا أنه ليس فيه: عن جده.
وهكذا رواه البيهقي من طريقه.
وأخرجه الدارمي، وابن ماجة (1/ 306)، وأحمد (2/ 242 و 243 - 244) من طرق عن ابن عجلان عن المقبري عن كعب بن عجرة؛ فأسقط الواسطة من بينهما.
وثمة اختلاف آخر عليه، فقال يحيى بن سعيد عن ابن عجلان: ثنا سعيد عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة: "إذا توضأت
…
" الحديث نحوه.
وقال شريك: عن محمد بن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكره نحوه.
أخرجهما الحاكم (1/ 206 - 207) وعلَّق الترمذي حديث شريك، وقال:"إنه غير محفوظ".
وأخرجه الدارمي (1/ 327) من طريق إسماعيل بن أمية عن المقبري عن أبي هريرة
…
به.
وإسناده صحيح.
وأخرجه في "المستدرك" من طريقين قالا: ثنا عبد الوارث: ثنا إسماعيل بن أمية
…
به. وقال:
"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي! وتعقبه المنذري بقوله:
"وفيما قاله نظر".
ولعل وجهه هذا الاختلاف على سعيد المقبري، وهو اختلاف شديد، يحار الباحث في استخراج الصواب منه. ولذلك ضعَّفَ الحديثَ بعضُهم، كما ذكره الحافظ في "الفتح"(1/ 448).
لكني وجدت للحديث طريقًا عن كعب، هي في منجاة من هذا الاضطراب؛
وهو ما أخرجه البيهقي (3/ 230 - 231) من طريق الحسن بن علي: ثنا عمرو بن قُسَيْطٍ: ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسة عن الحكم عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن كعب بن عجرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له:
"يا كعب! إذا توضأت فأحسنت الوضوء، ثم خرجت إلى المسجد؛ فلا تشبكن بين أصابعك؛ فإنك في صلاة". وقال:
"هذا إسناد صحيح؛ إن كان الحسن بن علي الرَّقّيُّ هذا حفظه، ولم أجد له بعد متابعًا"!
قلت: وقد توبع عليه؛ فقد قال ابن التركماني عقبه:
"قلت: أخرجه ابن حبان في "صحيحه"؛ فقال: ثنا أبو عروبة: ثنا محمد ابن معدان الحَرَّاني: ثنا سليمان بن عبيد الله عن عبيد الله بن عمرو
…
فذكره بسنده".
قلت: وهذا الإسناد رجاله كلهم ثقات؛ غير سليمان بن عبيد الله -وهو أبو أيوب الرقي-؛ قال أبو حاتم:
"صدوق، ما رأيت إلا خيرًا".
وذكره ابن حبان في "الثقات". وقال النسائي:
"ليس بالقوي". وقال ابن معين:
"ليس بشيء".
وذكره العقيلي في "الضعفاء". وقال الحافظ:
"صدوق ليس بالقوي".
قلت: لكن يقويه متابعة عمرو بن قسيط له عند البيهقي، وهو صدوق، كما قال الحافظ.
فالحديث -بهذا الإسناد، مع المتابعة- صحيح إن شاء الله تعالى. وقد قال الحافظ:
"وصححه ابن خزيمة وابن حبان".
وله شاهد من حديث أبي سعيد: في "المسند"(3/ 42 - 43)، حسنه المنذري!
وفيه نظر بينته في "التعليق الرغيب".
572 -
عن سعيد بن المسيَّب قال:
حضر رجلًا من الأنصار الموتُ، فقال: إني مُحَدِّثُكم حديثًا ما أحدِّثكموه إلا احتسابًا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى الصلاة؛ لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حَطَّ الله عز وجل عنه سيئة، فليُقَرِّبْ أحدكم أو ليُبَعِّدْ، فإن أتى المسجد فصلى في جماعة؛ غُفِرَ له، فإن أتى المسجد وقد صلَّوا بعضًا وبقي بعض؛ صلى ما أدرك وأتم ما بقي؛ كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلَّوا، فأتم الصلاة؛ كان كذلك".
(قلت: حديث صحيح).
إسناده: حدثنا محمد بن معاذ بن عَبَّاد العنبري: أنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن معبد بن هُرمُز عن سعيد بن المسيب.
قلت: وهذا إسناد ضعيف؛ لجهالة معبد هذا؛ قال الذهبي:
"لا يعرف. ذكره ابن حبان في "ثقاته"، وتفرد عنه يعلى بن عطاء". وقال ابن القطان:
"لا يعرف حاله". وفي "التقريب":
"مجهول".
وبقية رجال الإسناد ثقات رجال مسلم.
والحديث أخرجه البيهقي (3/ 69) من طريق المصنف.
وأخرجه ابن نصر في "الصلاة"(1/ 162/ 106)، والطحاوي في "مشكل الآثار" (3/ 107) من طريقين آخرين قالا: ثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء.
لكن الحديث صحيح لغيره؛ فقد ورد معناه مفرقًا في أحاديث:
الأول: عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: "من تطهر في بيته، ثم مشى إلى بيت من بيوت الله، ليقضي فريضة من فرائض الله؛ كانت خطوتاه؛ إحداهما تحظ خطيئته، والأخرى ترفع درجة".
أخرجه مسلم (2/ 131)، وأبو عوانة (1/ 390)، والبيهقي (3/ 62).
ورواه النسائي (1/ 115)، والحاكم (1/ 217)، وأحمد (2/ 319 و 431 و 478) من طريق أخرى مختصرًا؛ بلفظ:
"مِنْ حينِ يخرج أحدكم من منزله إلى مسجده؛ فرِجْلٌ تكتب حسنة، وأخرى تمحو سيئة". وقال الحاكم:
"صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، وهو كما قالا.