الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"يحتمل أن تكون رواية أبي أويس من (المزيد في متصل الأسانيد)، أو يكون التصريح في رواية عطاف وهمًا؛ فهذا وجه النظر في إسناده. وأما من صححه؛ فاعتمد رواية الدراوردي، وجعل رواية عطاف شاهدة لاتصالها".
قلت: والراجح عندي أن رواية عطاف هي الصواب؛ لمتابعة الدراوردي له، وموافقته له بالتصريح بالسماع: عند الحاكم كما تقدم.
وإسماعيل بن أبي أويس وأبوه -واسمه: عبد الله بن عبد الله- وإن كانا من رجال "الصحيح"؛ فقد تكلم فيهما بعض الأئمة؛ لضعف في حفظهما؛ فلا تطمئن النفس لما تفردا به؛ لا سيما إذا كان من رواية الابن عن أبيه، كما هنا. والله أعلم.
والحديث أخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2291) في "صحيحيهما"، كما في "الفتح"، و "التهذيب".
80 - باب إذا كان الثوب ضيِّقًا يتَّزِرُ به
644 -
عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال:
أتينا جابرًا -يعني: ابن عبد الله- قال:
سِرْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فقام يصلي، وكانت عليَّ بُرْدَةٌ ذهبت أُخالف بين طرفيها، فلم تبلغ لي، وكانت لها ذَبَاذِبُ، فَنَكَسْتُها، ثم خالفت بين طرفيها، ثم تواقصت عليها لا تَسْقُطُ، ثم جئت حتى قمت عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ بيدي، فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فجاء ابن صخر حتى قام عن يساره، فأخذنا بيديه جميعًا حتى أقامنا خلفه. قال: وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمُقني وأنا لا أشعُرُ، ثم فطِنْتُ به، فأشار إلي
أن أتَّزِرَ بها. فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"يا جابر! " قلت: لبيك يا رسول الله! قال:
"إذا كان واسعًا؛ فخالف بين طرفيه، وإذا كان ضيقًا؛ فاشدده على حَقْوِكَ".
(قلت: إسناده صحيح. وأخرجه مسلم في "صحيحه"، وأخرجه البخاري نحوه مختصرًا).
إسناده: حدثنا هشام بن عمار وسليمان بن عبد الرحمن ويحيى بن الفضل السجِسْتَاني قالوا: ثنا حاتم -يعني: ابن إسماعيل-: ثنا يعقوب بن مجاهد أبو حَزْرَةَ عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت.
قلت: وهذا إسناد صحيح، رجاله رجاله "الصحيح"؛ غير سليمان بن عبد الرحمن ويحيى بن الفضل السجستاني، وهما ثقتان، وروايتهما متابعة كما ترى.
والحديث أخرجه مسلم (8/ 231 - 236)، والبيهقي (2/ 239) من طريقين آخرين عن حاتم بن إسماعيل.
وأخرجه البخاري (1/ 375)، والبيهقي من طريق سعيد بن الحارث عن جابر
…
به نحوه مختصرًا.
وله طريق ثالثة في "المسند"(3/ 335)؛ وفيه من اختلط آخر عمره.
645 -
عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -أو قال: قال عمر-:
"إذا كان لأحدكم ثوبان؛ فليصلِّ فيهما؛ فإن لم يكن إلا ثوب واحد؛
فليتَّزِرْ به، ولا يشتمل اشتمال اليهود".
(قلت: إسناده صحيح على شرط الشيخين، وقال النووي: "إسناده صحيح". والتردد في رفعه إنما هو من نافع؛ لكنه رجح رفعه في بعض الروايات الصحيحة عنه. وصححه ابن خزيمة).
إسناده: حدثنا سليمان بن حرب: ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال: قال عمر
…
قلت: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين. وقال النووي في "المجموع"(3/ 173)، وابن تيمية في "الاقتضاء" (ص 42):
"إسناده صحيح".
وقد تردد نافع في رفعه، لكنه رجح رفعه في بعض الروايات الثابتة عنه، كما سنبينه.
والحديث أخرجه البيهقي (2/ 236) من طريق أخرى عن سليمان بن حرب
…
به.
ثم أخرجه من طريق أبي الربيع: ثنا حماد بن زيد
…
به، وزاد بعد قوله: أو قال: قال عمر:
"وأكثر ظني أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"ليصل أحدكم في ثوبين؛ فإن لم يجد
…
" الحديث". ثم قال:
"ورواه الليث بن سعد عن نافع هكذا بالشك".
وأخرجه هو، وابن خزيمة (766) من طريق سعيد -وهو ابن أبي عروبة- عن أيوب
…
به، إلا أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
بدون شك في رفعه.
وكذلك أخرجه الطحاوي (1/ 221) من طريق حفص بن ميسرة عن موسى ابن عقبة عن نافع
…
به.
وأخرجه البيهقي من طريق أنس بن عياض عن موسى بن عقبة
…
به؛ إلا أنه قال: ولا يرى نافع إلا أنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
…
فذكره؛ بلفظ:
"إذا صلى أحدكم؛ فليلبس ثوبين؛ فإن الله أحق من تُزُيِّنَ له"، ثم قال: قال
…
وأخرجه الطحاوي، وأحمد (2/ 148) من طريق ابن جريج قال: أخبرني نافع:
أن ابن عمر كساه وهو غلام، فدخل المسجد فوجده يصلي متوشِّحًا. فقال: أليس لك ثوبان؟ قال: بلى. قال: أرأيت لو استعنت بك وراء الدار أكنت لابسَهُما؟ قال: نعم. قال: فالله أحق أن تَزَيَّنَ له أم الناس؟ قال نافع: بل الله. فأخبره عن رسول الله -أو عن عمر.
قال نافع: قد استيقنت أنه عن أحدهما، وما أراه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
فذكر الحديث نحوه.
وأخرج أحمد (رقم 96) من طريق ابن إسحاق قال: حدثني نافع قال: كان عبد الله بن عمر يقول:
إذا لم يكن للرجل إلا ثوب واحد؛ فليأتزر به ثم ليصلِّ؛ فإني سمعت عمر بن الخطاب يقول ذلك، ويقول:
لا تلتحفوا بالثوب إذا كان وحده كما تفعل اليهود.
قال نافع: ولو قلت لك: إنه أسند ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لرجوت أن لا
أكون كذبت.
وأخرجه الطحاوي، وابن حبان (348)، وابن عدي (7/ 38)، والبيهقي من طريق شعبة عن تَوْبَةَ العنبري عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا صلى أحدكم؛ فليتَّزِرْ وليَرْتَدِ".
وكل هذه الأسانيد إلى نافع صحيحة. ويظهر أنه كان يتردَّد الجزم برفعه؛ لكنه قد صرح في رواية ابن جريج وما في معناها أنه كان يغلب على ظنه رفعه؛ وغلبة الظن في مثل هذا الأمر كافية في الاحتجاج به. والله أعلم.
(تنبيه): وقع هذا الحديث والذي يليه -في بعض نسخ الكتاب- تحت باب آخر يتلو الباب الآتي، وهو (باب من قال: يتزر به إذا كان ضيقًا)! وعليها جرى المنذري في "مختصره"!
ومن الغريب أن القائمين على طبع المختصر قد وضعوا بجانب هذا الباب رقم [1: 242]؛ يشيرون بذلك إلى أن الباب يوجد في الجزء والصفحة المشار إليهما من شرح "عون المعبود"! مع أنه ليس فيه إلا الباب الذي تراه هنا في الكتاب، وهو وإن كان بمعنى الباب الآخر؛ فإن إشارتهم تلك تفيد أن البابين كليهما في الشرح المذكور! وليس كذلك؛ فَلْيُعْلَمْ.
646 -
عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال:
نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي في لحاف لا يَتَوَشَّحَ به، والآخر: أن يصلِّيَ في سراويل وليس عليه رداءٌ.
(قلت: إسناده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي).
إسناده: حدثنا محمد بن يحيى الذُّهلي: ثنا سعيد بن محمد: ثنا أبو تُمَيْلَةَ
يحيى بن واضح: ثنا أبو المُنِيب عبيد الله العَتَكِيُّ عن عبد الله بن بريدة عن أبيه.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله ثقات رجال البخاري؛ غير أبي المنيب عبيد الله -وهو ابن عبد الله العَتَكي-؛ وفيه مقال لا ينزل حديثه عن رتبة الحسن إذا لم يخالف؛ وقد وثقه ابن معين والنسائي والحاكم وغيرهم. وقال الآجُرِّي عن المصنف:
"ليس به بأس".
وأنكر أبو حاتم على البخاري ذكره أبا المنيب في "الضعفاء"، وقال:
"هو صالح الحديث". وقال الحافظ:
"صدوق يخطيء". وقال المنذري في "مختصره"(رقم 608):
"في إسناده أبو تميلة يحيى بن واضح الأنصاري المروزي، وأبو المنيب عبيد الله ابن عبد الله العَتَكي المروزي؛ وفيهما مقال"!
قلت: أما أبو المنيب؛ فقد عرفت أن المقال الذي فيه لا يضر.
وأما أبو تميلة؛ فهو ثقة حجة من رجال الشيخين، وقد وثقه ابن معين وجماعة، ولم يتكلَّمْ فيه أحد بحُجَّة. والذهبي لما أورده في "الميزان"؛ قال:
"ولولا أن ابن الجوزي أورده في "الضعفاء"؛ لما أوردته".
على أنه لم يتفرد به؛ بل تابعه علي بن الحسن بن شقيق -كما ذكر الذهبي في "الميزان"-، وزيد بن الحباب: عند الطحاوي، كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (1/ 250)، وعنه البيهقي (2/ 236) من طريق أخرى عن سعيد بن محمد الجَرْمِيِّ
…
به.