الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
84 - باب السَّدْل في الصلاة
650 -
عن أبي هريرة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن السَّدْلِ في الصلاة، وأن يُغَطِّيَ الرجل فاه.
(قلت: إسناده حسن، وكذا قال الحافظ العراقي، وهو على شرط البخاري، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" (رقم 478)).
إسناده: حدثنا محمد بن العلاء وإبراهيم بن موسى عن ابن المبارك عن الحسن بن ذكوان عن سليمان الأحول عن عطاء -قال إبراهيم- عن أبي هريرة.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال البخاري؛ وفي الحسن بن ذكوان -وهو أبو سلمة البصري- كلام لا ينزل حديثه عن الرتبة التي ذكرنا؛ وقد توبع على الشطر الأول منه كما يأتي.
والحديث أخرجه الحاكم (2/ 253)، والبيهقي (2/ 242) من طرق أخرى عن عبد الله بن المبارك
…
به.
وأخرج ابن ماجة (1/ 306) -الشطر الثاني منه- من طريق محمد بن راشد عن الحسن بن ذكوان
…
به. وقال الحافظ العراقي في "تخريج الإحياء"(1/ 140) -بعد أن عزاه إليه وإلى المصنف-:
"سنده حسن".
وأخرجه ابن حبان في "صحيحه" -بتمامه- (478)، وقال الحاكم:
"حديث صحيح على شرط الشيخين"! ووافقه الذهبي!
وإنما حكما بهذا لأنه وقع في إسناد الحاكم: الحسين -مصغرًا- بن ذكوان!
بدل: الحسن بن ذكوان!
ووقع في "تلخيص الذهبي":
حسين المعلم!
والحسين هذا ثقة من رجال الشيخين؛ ولكن ذكره في إسناد هذا الحديث خطأ من الحاكم.
وقد رواه البيهقي من طريقه على الصواب.
وقد تبع الحاكم على خطئه هذا -وزاد عليه- الحافظ الزيلعي؛ حيث قال في "نصب الراية":
"وسند أبي داود؛ فيه الحسن بن ذكوان العلم؛ ضعفه ابن معين وأبو حاتم. وقال النسائي: ليس بالقوي. لكن أخرج له البخاري في "الصحيح"، وذكره ابن حبان في "الثقات"، وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به"!
فقد وصف الزيلعي الحسن -مكبرًا- بـ (المعلم)! وهذا خطأ بيِّن؛ فقد علمت مما سلف أن (المعلم) إنما هو لقب الحسين -المصغر-. فإما أن يكون سقطت (الياء) من قلم الناسخ أو المؤلف، فصار: الحسن. وإما أن يكونا الأصل هكذا مكبرًا، ويكون لقب (المعلم) سَبْقَ قلمٍ من أحدهما.
ويؤيد هذا: أن الأقوال التي نقلها عن الأئمة إنما قالوها في الحسن -المكبر لا المصغر-! والله أعلم.
وقد ذكرنا آنفًا أن الحسن بن ذكوان قد توبع على بعضه؛ وهو:
651 -
قال أبو داود: "ورواه عِسْلٌ عن عطاء عن أبي هريرة:
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن السدل في الصلاة".
(قلت: هذه طريق أخرى عن عطاء. وقد وصله الترمذي وغيره إلى (عِسْل)، فهذا القدر من الحديث صحيح، وقوّاه البيهقي. وأخرجه ابن حبان في "صحيحه"(479)).
قلت: وصله الترمذي (2/ 217)، والدارمي (1/ 320)، والبيهقي (2/ 242)، وأحمد (2/ 295 و 341 و 345 و 348) من طرق عن عِسْلِ بن سفيان
…
به.
وقال الترمذي:
"لا نعرفه من حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا إلا من حديث عسل بن سفيان"!
كذا قال! ورواية الحسن بن ذكوان المتقدمة تردُّ عليه. وعسل هذا ضعيف.
وقد تابعه أيضًا عامر الأحول؛ لكن في الطريق إليه ضعف:
أخرجه الطبراني في "الأوسط" عن أبي بَحْرٍ البَكْراوي -واسمه عبد الرحمن ابن عثمان-: ثنا سعيد بن أبي عروبة عن عامر الأحول عن عطاء عن أبي هريرة
…
مرفوعًا فذكره. قال الزيلعي:
"ورجاله كلهم ثقات؛ إلا البكراوي؛ فإنه ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما، وكان يحيى بن سعيد حسن الرأي فيه، وروى عنه. قال ابن عدي: وهو ممن يكتب حديثه".
قلت: وقد رواه غيره عن عامر عن عطاء
…
مرسلًا: أخرجه البيهقي من طريق هشيم: أَبَنا عامر الأحول قال:
سألت عطاءً عن السدل فكرهه. فقلت: أعن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال: نعم.
وهذا مرسل صحيح الإسناد. وقال البيهقي:
"وهذا الإسناد وإن كان منقطعًا؛ ففيه قوّة للموصولين قبله". ثم قال:
"وقد روي من أوجه أخر عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
"، ثم ساقها من حديث ابن مسعود وأبي جحيفة، ومن حديث أبي عطية الوادعي مرسلًا؛ وفيها ضعف، وإذا ضمت إلى ما سبق؛ ارتقى الحديث إلى درجة الصحيح.
652 -
عن ابن جريج قال:
أكثر ما رأيت عطاءً يصلي سادلًا.
(قلت: إسناده صحيح إلى عطاء، وقد صح الحديث عنه مرفوعًا على خلاف فعله، والعمدة على ما روى، لا على فعله أو ما رأى، وقد قال الببهقي: "وكأنه نسي الحديث، أو حمله على أن ذلك إنما لا يجوز للخيلاء، وكان لا يفعله خيلاءَ").
إسناده: حدثنا محمد بن عيسى بن الطَّبَّاع: ثنا حَجَّاج عن ابن جريج.
قال أبو داود: "وهذا يضعف ذلك الحديث"!
قلت: كلا؛ بل الحديث صحيح، ولا يضعفه أنَّه صح عن أحد رواته -وهو عطاء- مخالفته فعلًا؛ لما تقرر في الأصول: أن العبرة برواية الراوي لا برأيه أو فعله المخالف لها، لا سيما وقد صح عن عطاء نفسه الإفتاء بما يوافق الحديث، وهو ما تقدم قريبًا أنه سئل عن السُّدْل؟ فكرهه. ولما قيل له: أعن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.