الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وابن معاذ: هو عبيد الله بن معاذ بن معاذ العنبري.
والحديث سبق تخريجه والكلام عليه قبل؛ وإنما ساقه المصنف من طريق أخرى عن شعبة بهذه الزيادة التي فيه؛ وهي أن الصلاة هي صلاة الصبح، وفي منى؛ وهي ثابتة عند الحاكم وغيره.
وفيها دلالة على أن الإعادة مع الجماعة مشروعة؛ ولو بعد الصبح وكذا العصر؛ وهو الحق وإليه ذهب الشافعية وغيرهم.
56 - باب إذا صلى ثم أدرك جماعة؛ يعيد
592 -
عن سليمان -يعني: مولى ميمونة- قال:
أتيت ابن عمر على البلاط وهم يصلُّون، فقلت: ألا تصلي معهم؟ !
قال: قد صليت؛ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:
"لا تصلُّوا صلاة في يوم مرتين"!
(قلت: إسناده حسن صحيح، وصححه ابن السكن. وأخرجه ابن خزيمة وابن حبان (2389) في "صحيحيهما". وقال النووي: "إسناده حسن").
إسناده: حدثنا أبو كامل: ثنا يزيد بن زُرَيْعٍ: ثنا حسين عن عمرو بن شعيب عن سليمان -يعني: مولى ميمونة-.
قلت: وهذا إسناد حسن، رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين؛ غير عمرو بن شعيب، وهو ثقة، وفيه كلام لا ينزل حديثه عن درجة الحسن، كما تقدم، وقد صحح حديثه هذا من يأتي ذكره.
والحديث أخرجه النسائي (1/ 138)، والدارقطني (ص 159 - 160)،
والبيهقي (303)، وكذا الطحاوي (1/ 187)، وأحمد (رقم 4689 و 4994) وأبو نعيم في "الحلية"(8/ 385 و 9/ 231) من طرق أخرى عن حسين المعلِّم
…
به.
وقال الدارقطني:
"تفرد به حسين العلم عن عمرو بن شعيب".
قلت: حسين ثقة احتج به الشيخان في "صحيحيهما".
وعمرو قد عرفت حاله. وقال أبو الطيب في تعليقه على "الدارقطني":
"ورواه ابن حبان في "صحيحه"، وقال: عمرو بن شعيب في نفسه ثقة، يحتج بخبره إذا روى عن غير أبيه".
ورواه ابن خزيمة في "صحيحه". قال النووي في "الخلاصة":
"إسناده صحيح".
ونقل المناوي عن ابن السكن أنه صححه.
ولعمرو بن شعيب فيه إسناد آخر بزيادة فيه: أخرجه الطحاوي من طريق عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن خالد بن أيمن المَعَافِرِيِّ قال:
كان أهل العوالي يصلون في منازلهم ويصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيدوا الصلاة في يوم مرتين. قال عمرو: قد ذكرت ذلك لسعيد بن المسيب؟ فقال: صدق.
قلت: وهذا إسناد مرسل حسن بمتابعة سعيد بن المسيب.
وأما خالد بن أيمن المعافري؛ فقال الحافظ ابن حجر:
"تابعي أرسل، وذكره ابن حبان في "الثقات"؛ كما في "كشف الأستار".
واعلم أن هذا الحديث عام، مخصوص بالحديث المتقدم في الباب السابق وما في معناه؛ فإنه يدل على جواز -بل استحباب- إعادة الصلاة مع الجماعة بنية النفل. وإلى هذا ذهب ابن عمر نفسه؛ فقد روى الطحاوي عن عثمان بن سعيد ابن أبي رافع قال:
أرسلني مُحَرَّرُ بن أبي هريرة إلى ابن عمر أسأله: إذا صلى الرجل الظهر في بيته، ثم جاء إلى المسجد والناس يصلون، فصلى معهم؛ أيتهما صلاته؟ فقال ابن عمر: صلاته الأولى.
فلو كان يرى أن الصلاة الأخرى منهيٌّ عنها مطلقًا؛ لنهاه ولما أقره عليها، ولما كان لبيانه له أن الصلاة المفروضة من الصلاتين هي الأولى!
وأصرح من ذلك ما أخرجه مالك (1/ 153) عن نافع:
أن رجلًا سأل عبد الله بن عمر، فقال: إني أصلي في بيتي، ثم أدرك الصلاة مع الإمام؛ أفأصلي معه؟ فقال له عبد الله بن عمر: نعم. فقال الرجل: أيتهما أجعل صلاتي؟ فقال ابن عمر: أوَ ذلك إليك؟ ! إنما ذلك إلى الله، يجعل أيتهما شاء! وحينئذ فتَرْكُ ابن عمر إعادة الصلاة في حديث الباب؛ إنما هو ليدل على أن الإعادة ليست حتمًا؛ وإنما هي على الاختيار أو الاستحباب، كما قال البيهقي رحمه الله (2/ 303).
هذا؛ وفي رواية مالك: أن ابن عمر توقف في تعيين الفريضة من الصلاتين؛ بينما جزم في رواية الطحاوي بأنها الأولى.
وهذا هو الحق؛ لموافقته للحديث المتقدم؛ والظاهر أنه كان لم يبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فلما بلغه جزم به. والله أعلم.