الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(1) حِرْصُهُم عَلَى طَلَبِ العِلْمَ الشَّريفِ
العلم صناعة القلب وشغله فما لم تتفرغ لصناعته وشغله لم تنلها، وله وجهة واحدة، فإذا وُجَّهَتْ إلى اللذات والشهوات انصرفت عن العلم، ومن لم يُغَلِّبْ لذةَ إدراكِه العلمَ وشهوته على لذة جسمه وشهوة نفسه؛ لم ينل درجة العلم أبدًا، فإذا صارت شهوته في العلم، ولذته في إدراكه؛ رجي له أن يكون من جملة أهله، ولذلك كان علماؤنا -رحمهم الله تعالى- يحرصون على العلم وجمعه حرصًا ليس له نظير، وهاك أمثلة من ذاك:
* عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: (كنتُ أنا وجارٌ لي من الأنصار -هو أوسُ بن خَوَليِّ الأنصاري- في بني أمية بن زيد -أي: ناحية بني أمية-، وهي من عوالي المدينة، وكنا نتناوَبُ النزول على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ينزل يومًا وأنزل يومًا، فإذا نزلتُ جئتُه بخبر ذلك اليوم من الوحي وغيره، وإذا نزل فعل مثل ذلك).
* وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لما قُبِض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت لرجل من الأنصار: "هلم فلنسألْ أصحابَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنهم اليوم كثير"، فقال:"واعجبًا لك يا ابن عباس! أترى الناس يفتقرون إليك وفي الناس من أصحَاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مَن فيهم؟ "، قال: "فتركت ذاك، وأقبلتُ أسأل أصحابَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وإن كان يبلغني الحديث عن الرجل فآتي بابه وهو قائل، فأتوسد ردائي على بابه، يسفي الريح عليَّ من التراب، فيخرج فيراني فيقول: يا ابن عم
رسول صلى الله عليه وسلم ما جاء بك؟ هلا أرسلتَ إليَّ فآتيك؟ "، فأقول: "لا؛ أنا أحق أن آتيك"، فأسأله عن الحديث، فعاش هذا الرجل الأنصاري حتى رآني وقد اجتمع الناس حولي يسألونني، فيقول: "هذا الفتى كان أعقل مني".
ولما فُتحت البلاد آثر ابن عباس من أجل العلم ظمأ الهواجر في دروب المدينة ومسالكها على الظلال الوارفة في بساتين الشام، وسواد العراق، وشطآن النيل ودجلة والفرات، قال رضي الله عنه:"لما فُتحت المدائن أقبل الناس على الدنيا، وأقبلتُ على عمر رضي الله عنه".
لكل بني الدنيا مراد ومقصَدُ
…
وإن مرادي صحةَ وفراغُ
لأبلغ في علم الشريعة مبلغًا
…
يكون به في للجِنان بلاغ
وفي مثل هذا فلينافس أولو النهى
…
وحسبي من الدنيا الغَرور بلاغُ
فما الفوز إلا في نعيم مُويَّدٍ
…
به العينُ رَغْدٌ والشراب يُساغ
واسمعه رضي الله عنه يخبر عن دأبه في طلب العلم:
"كنت آتي باب أبيِّ بن كعب، وهو نائم، فأقيل على بابه، ولو علم بمكاني، لأحب أن يوقَظ لي لمكاني من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكني أكره أن أملَّه".
وقال رضي الله عنه: (كنت ألزم الأكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار، فأسألهم عن مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما نزل من القرآن في ذلك، وكنت لا آتي أحدًا إلا سُرَّ بإتياني لقربي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجعلت أسأل أبيَّ بن كعب يومًا، وكان من الراسخين في العلم، عما نزل بالقرآن في المدينة؟ فقال:"نزل بها سبعٌ وعشرون سورة وسائرها بمكة".
قال الشافعي رحمه الله:
(حفظت "القرآن"، وأنا ابن سبع سنين، وحفظت "الموطأ" وأنا ابن عشر سنين).
وقال رحمه الله:
(فلما ختمت القرآن، دخلت المسجد، فكنت أجالس العلماء، وكنت أسمع الحديث أو المسألة فأحفظها، ولم يكن عند أمي ما تُعطيني أشتري به قراطيس! فكنت إذا رأيت عظمًا يلوح، آخذه فأكتب فيه، فإذا امتلأ طرحتُه في جَرَّةٍ كانت لنا قديمًا).
وقال أيضًا رحمه الله: (لم يِكن لي مال، وكنت أطلب العلم في الحداثة -أي: في مستهل عمره، وكانت سنه أقل من ثلاث عشرة سنة- وكنت أذهب إلى الديوان أستوهِبُ الظهور -أي: ظهورَ الأوراق المكتوبِ عليها- فأكتب فيها).
قال ابن أبي حاتم: سمعت المزني يقول: قيل للشافعي: "كيف شهوتك للعلم؟ "، قال:"أسمع بالحرف -أي: بالكلمة- مما لم أسمعه، فتود أعضائي أن لها أسماعًا تتنعم به ما تنعمت به الأذنان"،
فقيل له: "كيف حرصك عليه؟ "، قال:"حرص الجموع المنوع في بلوغ لذته للمال"، فقيل له:"فكيف طلبك له؟ "، قال:"طلب المرأة المضلة ولدها ليس لها غيره".
وهذا "محمد بن سلام" شيخ البخاري، كان في حال الطلب جالسًا في مجلس الإملاء، والشيخ يحدِّث ويملي، فانكسر قلمُه، فأمر أن يُنادَى:"قلم بدينار" فتطايرت إليه الأقلام.
* وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله:
"أول من كتبت عنه الحديث أبو يوسف" وبقي يتلقى الحديث ببغداد من سنة (179 هـ) إلى سنة (186 هـ)، ولزم عالمًا كبيرًا من علماء الحديث والآثار ببغداد أربع سنوات، وهو هشيم بن بشير بن أبي حازم الواسطي (183 هـ)، وسمع عبد الرحمن بن مهدي، وأبا بكر بن عياش، وكان في طلبه للعلم مثال الجد والحرص والنشاط، فقد حكى عن نفسه:"كنت ربما أردت البكور في الحديث، فتأخذ أمي بثيابي، حتى يؤذن الناس، أو حتى يصبحوا"، وقال: "لو كان عندي خمسون درهمًا لخرجت إلى جرير بن عبد الحميد).
* وقال سفيان الثوري -رحمه الله تعالى-:
(لما أردت أن أطلب العلم قلت: "يا رب إنه لا بد لي من معيشة"، ورأيتَ العلم يدرس، فقلت أفرغ نفسي لطلبه، قال: وسألت ربي الكفاية).
وعزم على طلب العلم حتى كفلت له والدته الإنفاق عليه، فقالت:"يا بني، اطلب العلم وأنا أكفيك بمغزلي"، فأخذ يتلقى العلم عن شيوخه المتعددين، وكن كل من يحمل علمًا أو خبرًا.
وكان كثير الاهتمام في طلب العلم، ذكر أبو نعيم: أنه كان إذا لقي شيخا سأله: "هل سمعت من العلم شيئا؟ "، فإن قال:"لا"؛ قال: "لا جزاك الله عن الإسلام خيرًا".
ومن مظاهر اهتمامه بالعلم، أنه كان يقول:"ينبغي للرجل أن يُكْرِهَ ولده على طلب الحديث، فإنه مسئول عنه".
ولم يكن اهتمام سفيان بالعلم مقْصورًا على طلبه، بل كان يعمل به، ويحرص على إشاعته بين الناس والدعوة إليه.
وروى أبو نعيم أنه كان يقول: "ليس عمل بعد الفرائض أفضل من طلب العلم"، وكان يقول:"لا نزال نتعلم العلم ما وجدنا من يعلمنا".
وقال ثعلبة: "ما فقدت إبراهيم الحربى من مجلس لغة ولا نحو خمسين سنة".
* وذكر الحافظ الذهبي في ترجمة أبي حاتم الرازى -محمد بن إدريس المتوفى سنة 277 هـ-، أن أبا حاتم قال:
(قال في أبو زُرْعة -يعني الرازي-: "ما رأيت أحرصَ على طلب الحديث منك"، فقلت له:"إن عبد الرحمن ابني لحريص"، فقال:"من أشبه أباه فما ظلم"، قال الرَّمَّام -وهو أحمد بن علي، أحد رجال إسناد الخبر-: فسألت عبد الرحمن عن اتفاق كثرة السماع له، وسؤالاته لأبيه، فقال:"ربما كان يأكلُ وأقرأ عليه، ويمشي وأقرأ عليه، ويَدْخُل الخلاء وأقرأ عليه، ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ علية".
فكانت ثمرة تلك المحافظة النادرة على الزمن، والحرص على طلب العلم، نِتَاجا علميًّا كبيرًا، منه كتاب "الجرح والتعديل" في تسعة مجلدات، وهو من الكتب النفيسة الحافلة الرائدة في هذا العلم، وكتاب "التفسير" في عدة مجلدات، وكتاب "المسند" في ألف جزء).
* وقال الذهبي رحمه الله: قال على بن أحمد الخوارزمي قال:
ابنُ أبي حاتم-: (كنا بمصر سبعة أشهر لم نأكل فيها مَرَقةً، نهارَنا نَدُورُ على الشيوخ، وبالليِل نَنَسخُ ونقابل، فأتينا يومًا أنا ورفيقٌ لي: شيخًا فقالوا: "هو عليل"، فرأيت سمكةً أعجبتنا فاشتريناها، فلما صرنا إلى البيت حضر وقتُ مجلس بعض الشيوخ فمضينا، فلم تزل السمكة ثلاثة أيام، وكادت أن تُنتِن، فأكلناها نيِئةً لم نتفرغ نشويها، ثم قال: "لا يُستطاع العلم براحة الجسَد! ").
لولا ثلاث قد شُغِفْتُ بحبها
…
ما عبت في حوض المنية موردي
وهي الرواية للحديث وكَتْبُه
…
والفقهُ فيه وذاك حب المهتدي
* وهذا هو الإمام سُلَيم بن أيوب الرازي، أحد كبار أئمة المذهب الشافعي -المتوفي سنة 447 هـ-، يحاسب نفسه على الأنفاس أن تضيع دون إفادة أو استفادة، فقد قال أبو الفرج غيث بن على التنوخي الصوري:
"وحُدِّثت عنه أنه كان يحاسب نفسه على الأنفاس، لا يدع وقتًا يمضي عليه بغير فائدة، إما ينسخ، أو يدرِّس، أو يقرأ، وينسخ شيئًا كثيرًا، ولقد حدثني عنه شيخنا أبو الفرج الِإسفرايني -وهو أحد تلامذته-، أنه نزل يومًا إلى داره ورجع، فقال: "قد قرأت جزءًا في طريقي".
قال: وحدثني المؤمَّل بن الحسن: "أنه رأى سُلَيْمًا خَفِيَ (1) عليه القلم، فإلى أن قَطَّهُ (2) جعل يحرك شفتيه، فعلم أنه يقرأ بإزاء إصلاحه
(1) أبي: رقَّ، ولم يعد صالحًا للكتابة.
(2)
قطَّ الشيء: قطعه عرضًا، ومنه: قط القلم.
القلم، لئلا يمضي عليه زمانٌ وهو فارغ"، أو كما قال.
ووصف ابن ناصر الحافط أبا الطاهر السلفي، فقال:"كأنه شعلة نارٍ في التحصيل".
وكان الخليل بن أحمد الفراهيدي رحمه الله يقول: "أثقل الساعات عليَّ: ساعة آكل فيها".
وكان عثمان الباقلاويُّ دائم الذكر لله تعالى، فقَال:"إني وقت الإفطار أُحِسُّ بروحي كأنها تخرج! لأجل اشتغالي بالأكل. عن الذكر".
قال عمَّار بن رجاء: سمعت عُبَيدَ بن يعيشَ يقول: "أقمت ثلاثين سنة ما أكلت بيدي بالليل، كانت أختي تُلَقِّمُني وأنا أكتب الحديث".
وكان داود الطائي يَسْتَفُّ الفَتيتَ، ويقول:"بين سَفِّ الفتيت وأكل الخبز قراءةُ خمسين آية".
ويخرج من نفس المشكاة قول الإمام الجليل ابن عقيل رحمه الله: "وأنا أقَصِّرُ بغاية جهدي أوقاتَ أكلي، حتى أختار سَفَّ الكعك وتحسِّيَه بالماء على الخبز، لأجل ما بنيهما من تفاوت المضغ، توفرًا على مطالعة، أو تسطير فائدة لم أدركها".
بل إن أحدهم ليحزن، ويصيبه المرض إذا فاته شيء من، العلم، فقد ذكروا لشعبة حديثًا لم يسمعه، فجعل يقول:"واحزناه! "، وكان يقول:"إني لأذكر الحديث فيفوتني، فأمرض".
وقيل للشعبي: "من أين لك هذا العلم كله"، قال:"بنفي الاعتماد، والسير في البلاد، وصبر كصبر الحمار، وبكور كبكور الغراب".
وكان من حرصهم على العلم ومجالسه أنك تجدهم يَعْدون فِي
الطرقات، كأنهم مجانين، ولذلك يقول شعبة -رحمه الله تعالى-:"ما رأيت أحدًا قط يعدو إلا قلتُ: مجنون، أو صاحب حديث"(1).
* وعن عبد الرحمن بن تيمية قال عن أبيه: "كان الجدُّ إذا دخل الخلاء يقول لي: "اقرأ في هذا الكتاب، وارفع صوتك حتى أسمع".
وكان العلامة الكبير أبو المعالي محمود شكري الآلوسى البغدادي الحفيد، يمتاز بالجد الشديد والحرص على الوقت، فكان لا يثنيه عن دروسه حَمَارَّةُ القيظ، ولا يؤخِّره عنها قَرْصُ برد الشتاء، وكثيرًا ما تعرض تلاميذه - بسبب تأخرهم عن موعد الدرس - إلى النقد والتعنيف، قال عنه تلميذه العلامة الشيخ بهجة الأثري: (أذكر أنني انقطعت عن حضور درسه في يوم مزعج، شديد الريح، غزير المطر، كثير الوحل، ظنًّا مني أنه لا يحضر إلى المدرسة، فلما شَخَصتُ في اليوم الثاني إلى الدرس، صار ينشد بلهجة غضبان:
*ولا خيرَ فيمن عاقَهُ الحَرُّ والبردُ*
* وقال العلامة القرآني "محمد الأمين الشنقيطي" رحمه الله تعالي-:
"قدمتُ على بعض المشايخ لأدرس عليه، ولم يكن يعرفُني من قبلُ،
(1) قال الحافظ أبو إسماعيل الهَرَوى الأنصارى رحمه الله: "المحدث يجب أن
يكون سريعَ المشي، سريعَ الكتابة، سريعَ القراءة"، ويمكن أن يزاد: "سريع
الأكل"، قال سُحنون: "لا يصلح العلم لمن يأكل حتى يشبع".
وقال الحافظ السيوطي رحمه الله:
حدثنا شيخنا الكِناني
…
عن أبِهِ صاحبِ الخِطابَهْ
أسرِعْ أخا العلم في ثلاث
…
الأكلِ، والمشي، والكتابهْ
فسأل عني مَن أكون في ملإ من تلامذته؟ فقلت مرتجلًا:
هذا فَتًى مِنْ بَني جَاكَانَ قَدْ نَزَلا
…
بهِ الصِّبَا عَنْ لِسانِ العُرْب قَدْ عَدَلا
رَمَتْ بهِ هِمَّةٌ عَلْيَاءُ نَحْوَكُمُ
…
إذ شَامَ بَرْقَ عُلومٍ نُورُهُ اشتعَلا
فجَاءَ يَرْجُو رُكامًا مِن سَحَائِبهِ
…
تَكْسُر لِسانَ الفَتَى أزْهَارُهُ حُلَلا
إذ ضَاقَ ذَرْعًا بِجَهْلِ النَّحْوِ ثُمَّ أبي
…
ألَاّ يُمَيِّزَ شَكْلَ العَيْن مِنْ "فَعَلا"
وَقَد أتَى اليَوْمَ صَبًّا مولَعًا كَلِفًا
…
بـ "الحمْدُ للهِ لا أبْغِي لهُ بَدَلا"
يريد دراسة "لامية الأفعال".
وقد مضى رحمه الله في طلب العلم قُدُمًا، وقد ألزمه بعض مشايخه بالقِران؛ أي: أن يَقْرِنَ بين كل فنَّيْن؛ حرصًا على سرعة تحصيله، وتفرُّسًا له في القدرة على ذلك، فانصرف بهمة عالية في درس وتحصيل.
وقد صوَّر شدَّة انشغاله بطلب العلم في شبابه بقوله رحمه الله في "رحلة الحج" ما نصه: "ومما قلتُ في شأن طلب العلم، وقد كنت في أخريات زمني في الاشتغال بطلب العلم دائم الاشتغال به عن التزويج، لأنه ربما عاق عنه، وكان إذ ذاك بعض البنات ممن يصلح لمثلي، يرغب في زواجي ويطمع فيه، فلما طال اشتغالي بطلب العلم عن ذلك المنوال؛ أَيِسَتْ مني، فتزوجَتْ ببعض الأغنياء، فقال لي بعض الأصدقاء: "إن لم تتزوج الآن مَن تصلح لك؛ تزوجتَ عنكَ ذواتُ الحسب والجمال، ولم تجد مَن يصلح لمثلك، يريد أن يُعْجِلَني عن طلب العلم، فقلت في ذلك هذه الأبيات:
دَعَانِي النَّاصِحُونَ إلىِ النَّكاحِ
…
ِغَدَاةَ تَزَوَّجَت بِيْضُ المِلاحِ
فَقَالوا لي تَزَوَّجْ ذاتَ دَلٍّ
…
خلُوب اللَّحْظِ جائِلةَ الوشاحِ
ضحُوكًا عَنْ مُؤشرةٍ رِقاقِ
…
تَمجُّ الرَّاحَ بالماء القراحِ
كأنَّ لِحاظَها رَشَقَاتُ نَبْلٍ
…
تُذيقُ القَلْبَ آلامَ الجِراحِ
ولا عَجَبٌ إِذا كَانَتْ لِحاظٌ
…
لِبَيْضاءِ المَحاجِرِ كالرِّماحِ
فَكَمْ قَتَلَتْ كَمِيًّا ذا دِلاصٍ
…
ضَعِيفاتُ الجُفونِ بِلا سِلاحِ
فَقُلْتُ لهُم دَعُوني إِنَّ قَلْبِي
…
منَ الغِّي الصُّراح اليوم صاحِ
ولي شُغْلٌ بأبكارٍ عَذارى
…
كَأنَّ وُجوهَها غُرَرُ الصَّباحِ
أراها في المَهارِق لابِساتٍ
…
بَراقِعَ مِن مَعانيها الصِّحاحِ
أبيْتُ مُفَكِّرا فيها فَتَضْحَى
…
لِفَهْمِ الفِدْمِ خافِضَةَ الجَنَاحِ
أبحْتُ حَريمَها جَبْرًا عليها
…
ومَا كَانَ الحَريمُ بِمستباحِ
***