الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(9) عُلُوّ هِمَّتهم فِي مُذَاكَرَةٍ العِلْمِ وَمُدَارَسَتهِ
قال إبراهيم النخعي: "من سَرَّه أن يحفظ الحديث، فليحدث به، ولو أن يُحَدِّث به من لا يشتهيه، فإنه إذا فعل ذلك كان كالكتاب في صدره".
وعن ابن شهاب أنه: (كان يسمع العلم من عروة وغيره، فيأتي إلى جارية له -وهي نائمة- فيوقظها، فيقول: "اسمعي حدثني فلان كذا وفلان كذا"، فتقول: "ما لي وما لهذا الحديث؟ "، فيقول: "قد علمت أنك لا تنتفعين به، ولكن سمعته الآن فأردت أن أستذكره").
قال زياد بن سعد: (ذهبنا مع الزهري إلى أرضه بالشعب، قال: وكان الزهري يجمع الأعاريب فيحدثهم، يريد الحفظ).
وكان بعضهم يذاكر العلم مع نفسه فتراه يجلس وحده، ويرفع بالعلم صوته، حتى يحفظه، يقول جعفر بن المراغي:(دخلت مقبرة بتُسْتَر، فسمعت صائحًا يصيح: والأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، والأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة"، ساعة طويلة، فكنت أطلب الصوت، إلى أن رأيت ابن زهير، وهو يدرس مع نفسه من حفظه حديث الأعمش).
وقال عبد الرزاق: (كان سفيان الثوري عندنا ليلة، قال: وسمعت قرأ القرآن من الليل وهو نائم، ثم قام يصلي، فقضى جزءه من الصلاة، ثم قعد فجعل يقول: "الأعمش، والأعمش، والأعمش، ومنصور،
ومنصور، ومنصور، والمغيرة، والمغيرة، والمغيرة"، قال: فقلت له: "يا أبا عبد الله ما هذا؟ "، قال: "هذا جزئي من الصلاة، وهذا جزئي من الحديث").
وحكى القطب اليونيني عن الإمام النووي -رحمه الله تعالى-: (أنه كان لا يضيع له وقت في ليل ولا نهار إلا في وظيفة من الاشتغال بالعلم، حتى إنه في ذهابه في الطريق وإيابه يشتغل في تكرار محفوظة، أو مطالعة، وإنه بقي على التحصيل -على هذا الوجه- ست سنين).
ولقد كان النووي -أول طلبه أيضًا- يقرأ كل يوم اثني عشر درسًا
على المشايخ شرحًا وتصحيحًا: درسين في "الوسيط"، وثالثًا
في "المهذب"، ودرسًا في "الجمع بين الصحيحين"، وخامسًا في
"صحيح مسلم"، ودرسًا في "اللمع " لابن جني في النحو، ودرسًا
في "إصلاح المنطق" لابن السكيت في اللغة، ودرسًا في التصريف، ودرسًا في أصول الفقه، تارة في "اللمع" لأبي إسحاق، وتارة في "المنتخب" للفخر الرازي، ودرسًا في أسماء الرجال، ودرسًا في أصول الدين -أي: التوحيد- قال النووي: "وكنت أعلق جميع ما يتعلق بها من شرح مشكل، وإيضاح عبارة، وضبط لغة، وبارك الله لي في وقتي واشتغالي، وأعانني عليه).
…
وطالع الشيخ عبد الله بن محمد بن أبي بكر الحنبلي: "المغني" للموفق ابن قدامة ثلاًثا وعشرين مرة، حتى كاد يستحضره.