المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌البَابُ الُأوَل المقدمَاتُ

- ‌ما هي الهَمَة

- ‌الهمةُ مولودةٌ مع الآدمي

- ‌لابُدَّ للسالِكِ مِن همةٍ تُسيَّرهُ، وتُرقَِّيهِ، وعلم يُبصِّرُه، وَيهدِيهَ

- ‌أقسَامُ الناس من حيث القوتان العلمية والعملية

- ‌الهمَّة مَحَلهَا القلب

- ‌همة المؤمن أبلغ من عمله

- ‌قوَّةٌ المؤًمِن في قَلُبهِ

- ‌حياة القلب بالعلم والهمة

- ‌لماذا يستبدلون الذي هو أدني بالذى هو خيرٌ

- ‌تَفَاوتُ الِهمَّم ِحَتَّى بَين الحيواَنَاتَ

- ‌تَفَاضُل الناس ِبتفاوفت هِمَمهم

- ‌الباب الثاني خصائصُ كبِير الِهمة

- ‌يَا عَالي الهمَّة بِقَدر ِمَا تتعَنَّى، تنالُ مَا تتمنى

- ‌كبير الهمة لا ينقض عزمه

- ‌عَلَامَ يندَم ُكبَيرُ الهِمَّةَ

- ‌يا كبير الهمة: لا يضرك التفرد فإن طرق العلاء قليلة الإيناس

- ‌أحَوالُ خَسِيس الِهمَّةَ

- ‌أصدق الأسماء حارِث، وَهَمَّام

- ‌عُلوِيَّةُ الرَّوحَ وَسُفِليَّةُ البدَنِ

- ‌عَالِي الِهمَةِ لَا يَقنعَ بِالدوَنِ ولَا يُرضيه إلَا معالي الأمُورِ

- ‌نَدْرَةُ كبيري الِهمَّة فَى الناسِ

- ‌عَالي الهمة لَا يَرضَي بِمَا دُونَ الجنَّةَ

- ‌الدُّنيَا جيفَةٌ، وَالأَسدُ لَاَ يقعُ على الجيَفِ

- ‌لِمَاذَا لَا يوصَفُ الكافِرُ بعلو الِهمَةَ

- ‌استِخفَافُ السَّلَف الصاِلح بِأَعَراض الدنيَا

- ‌عالي الهمة عصامي، لَا عِظَامي

- ‌عَالي الهمةِ شِريف النفسِ يَعُرِف قَدْرَ نَفسِهِ

- ‌خَسيسُ الهِمَّة دَنيءُ النَّفْسِ

- ‌فرُوق تمسُّ الحَاجَة إِلَى بَيَانِهَا

- ‌الفَرْق بَينَ شَرفِ النَّفْسِ وَالتيه

- ‌الفَرق بَين صِيانَةِ النفسِ وَالتكبُّر

- ‌الفَرْقُ بَيْنَ "التَّواضُعِ" وَالمَهَانَةِ

- ‌الفَرْقُ بَينَ المنَافَسَةَ والحَسَدِ

- ‌الفَرُقُ بَينَ حُبِّ الرِّياسَةِ، وَحُبِّ الِإمَامَةِ فِي الدِّينِ

- ‌البابُ الثَّالِثالحَثُّ عَلَى عُلُوِّ الِهمَّةِ في القُرآنِ وَالسُّنَّةِ

- ‌الصَّحَابَة رضي الله عنهم أَعْلَى الأُمَمِ هِمَّةً

- ‌الباب الرابع مجَالَاتُ عُلُوِّ الهِمَّةِ

- ‌الفَصْلُ الأَوَل عُلُوُّ هِمَّةِ السَّلَفِ الصَّالِح فِي طَلَبِ العِلْمِ

- ‌(1) حِرْصُهُم عَلَى طَلَبِ العِلْمَ الشَّريفِ

- ‌(2) عُلُوّ هِمَّتِهِم فِي قِرَاءَةِ كُتبِ الحَدِيثِ فِي أَيَّامٍ قَلِيلَةٍ

- ‌(3) عُلُوُّ هِمَّتِهِم فِي الرِّحْلَةِ لطِلَب العِلْمِ

- ‌(4) مُعانَقَتهم الفَقْر فِي سَبيل ِالطَّلبِ

- ‌(5) مُعَانَاتهم الجُوع وَالمرَض والشَّدَائِدِ وَالمخاطَرة بِالنفسِ في طَلَبِ العلم

- ‌(6) مُعَانَاتهم والسَّهَر فى طَلَبِ العِلمِ

- ‌(7) حِرصهم على مَجَالِسِ العُلَمَاءِ

- ‌(8) مُبَادَرتهم الأَزمَان حِرصًا عَلى العِلمِ

- ‌(9) عُلُوّ هِمَّتهم فِي مُذَاكَرَةٍ العِلْمِ وَمُدَارَسَتهِ

- ‌(10) عُلوّ هِمِّتِهِم فِي حِفْظِ العلْمِ الشَّريفِ

- ‌(11) شِدَّة محبتهِم للِكتبِ

- ‌(12) عُلُوّ همَّتِهِم فَي نَشْرِ العِلْمِ وَتَعلِيمه

- ‌(13) عُلُوّ هِمَّتِهِم في التَّصنِيفِ

- ‌(14) هِمَمٌ لَمْ تَعْرِف الشيبَ

- ‌(15) عُلُوّ هِمَّتِهِمْ في طَلَبِ العِلْم ِوَتَعْلِيمه حتَّى آخرِ رَمَقٍ

- ‌الفَصلُ الثَّانَىعُلُوّ هِمَّةِ السَّلَفِ فِي العِبَادَةِ والاستقَامَةَ

- ‌الفَصْلُ الثَّالِثعُلُوّ الهِمَّةَ فِي البَحثِ عَنِ الحَقِّ

- ‌(1) سلَمَانُ الفَارِسيّ .. أنموذج ِمِثَالي لِلبَاحث عَن الحَقيقَةَ

- ‌(2) عُلُوّ هِمَّةَ أبيِ ذرٍّ رضي الله عنه فِي البَحْثِ عَن الحَقِّ

- ‌(3) عُلُوّ هِمَّةَ الشَّيْخ أَبِي مُحَمَّد التّرجُمَان الميُورْقي(756 - 832 هـ) "القسيس انسلم تورميدا" سابقًا أكبر علماء النصارى في القرن الثامن الهجري

- ‌(4) عُلُوّ هِمَّة الأَخِ "رحمة بورنومو" في بَحْثِهِ عَنِ الدّينِ الحَقِّ

- ‌الفصل الرابععُلُوّ الهِمَّة فِي الدَّعوَةِ إِلَى اللهِ تَعَالَى كبيرُ الهِمَّة يَحْمِل هَمَّ الأُمَّةِ

- ‌حَرَكة الدَّاعِيةِ

- ‌الحَرَكة قِيَامَة وَبَعثٌ لِلرُّوحِ

- ‌نمَاذِج مِن حَرَكةِ السَّلَفِ فِي الدَّعَوةِ إلَى اللهِ تَعَالى وَحِرْصِهِم عَلَى هِدَايَةِ الخَلْقِ

- ‌وَمِنْ نمَاذِج حِرْصِهِمْ عَلَى تَعْلِيم النَّاسِ العِلْمَ الشَّرِيف:

- ‌مُخاطرتهمْ بأَنفُسِهِمْ في نُصْرَةِ الدِّينِ

- ‌البَرَكة .. في السَّعْي وَالحَركةِ

- ‌الفَاسِقُ ضَالَّة الداعيَةِ

- ‌وَللآخِرينَ حَرَكة في نُصرَةِ البَاطَلِ

- ‌هَلُمَّ فَلنَستَحي مِنَ الله

- ‌الفَصل الخامس

- ‌عُلُوّ الهِمَّة في الجِهَادِ في سَبيلِ اللهِ تَعَالَى

- ‌عُلُوّ هِمَّةِ فَارسِ الإسلَامِ السُّرمَارِي

- ‌عُلُوّ هِمَّة "اللؤلؤ العَادِلي

- ‌الباب الخامس

- ‌الفَصْل الأولحَال الأمَّةِ عندَ سقوطِ الِهمَّةِ

- ‌الفصَل الثانيأسَبابُ انحطَاطِ الهِمَمِ

- ‌ منها: الوهن

- ‌ ومنها: الفتور

- ‌ ومنها: إهدار الوقت الثمين

- ‌ ومنها: العجز والكسل

- ‌ ومنها الغفلة

- ‌ ومنها: التسويف والتمني:

- ‌ ومنها: ملاحظة سافل الهمة من طلاب الدنيا

- ‌ ومنها: العشق

- ‌ ومنها: الانحراف في فهم العقيدة

- ‌ ومنها: الفناء في ملاحظة حقوق الأهل والأولاد

- ‌ ومنها: المناهج التربوية والتعليمية الهدَّامة التى تثبط الهمم

- ‌ ومنها: توالي الضربات، وازدياد اضطهاد العاملين للإسلام

- ‌الفَصْل الثالِثمِن أسبَابِ الارتقاءِ بالهِمَّةِ

- ‌ العلم والبصيرة

- ‌ ومنها: إرادة الآخرة، وجعل الهموم همًّا واحدًا:

- ‌ ومنها: كثرة ذكر الموت:

- ‌ ومنها: الدعاء؛ لأنه سنة الأنبياء

- ‌ ومنها: الاجتهاد في "حصر" الذهن

- ‌ ومنها: التحول عن البيئة المثبطة:

- ‌ صحبة أولي الهمم العالية

- ‌ ومنها: نصيحة المخلصين:

- ‌ المبادرة والمداومة والمثابرة في كل الظروف

- ‌الفَصْل الرابعأطفَالنَا…وَعلُوّ الهِمَّةِ

- ‌الأطفال هم المستقبل:

- ‌ذُو الهِمَّة العَالِية لَا يخْفَى مِنْ زمَانِ الصِّبَا

- ‌سِيمَاهُم في كَلَامِهِم كَمَا هِيَ في وجُوهِهِمُ

- ‌كِبارُ الهِمَّةَ النَّاِبغُونَ .. مُختَصَرُ الطَّرِيقِ إِلَى المَجْدِ

- ‌التَّشجِيِعُ وَأَثَره في النّهُوضِ بِالِهمَّةِ

- ‌اغْتَنِم شَبَابكَ قَبلَ هَرَمِكَ

- ‌الفَصْل الخامِسْأثر عُلُوّ الِهمَّةِ في إصْلَاحَ الفَرْدِ والأُمَّةِ

- ‌من منكم "يوسف" هذه الأحلام

الفصل: ‌ ومنها: الاجتهاد في "حصر" الذهن

"أحسِن، أحسن عملك، فقد دنا أجلك"، فقال لي ولده عبد الرحمن:"إنه كان إذا قصَّر في العمل، أخرج الرقعة، فنظر فيها، ورجع إلى جِدَّه") (1).

ما زال يلهج بالرحيل وذِكره

حتى أناخ ببابه الجمَّالُ

فأصابه مستيقظًا متشمرا

ذا أُهْبةٍ لم تُلْهِهِ الآمال

*‌

‌ ومنها: الدعاء؛ لأنه سنة الأنبياء

، وجالب كل خير، وقد قال صلى الله عليه وسلم:"أعجز الناس من عجز عن الدعاء" الحديث (2)، وقال صلى الله عليه وسلم:"إذا تمنَّى أحدكم، فليُكثر، فإنما يسأل ربه"(3)، ولما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابن عباس ما دل على ذكائه دعا له:"اللهم فقهه في الدين" وعلِّمه التأويل" (4)، وكان من دعائه صلى الله عليه وسلم عقب الصلاة: "اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك" (5).

إذا لم يكن من الله عون للفتى

فأول ما يجني عليه: اجتهاده

*‌

‌ ومنها: الاجتهاد في "حصر" الذهن

(6)، وتركيز الفكر في معالي

(1)"ترتيب المدارك"(2/ 516).

(2)

رواه الطبراني في "الأوسط"، والبيهقى في "الشعب"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(رقم 1055).

(3)

رواه ابن حبان وصححه، والطبراني في "الأوسط"، وقال الهيثمي:"ورجاله رجال الصحيح" اهـ من "المجمع"(10/ 150).

(4)

رواه البخاري.

(5)

رواه أبو دواد، والنسائي، وصححه النووي.

(6)

قال: "وليم مولتون مارستن" -المتخصص في علم النفس-:

"والعقل الإنساني يصبح أداة مدهشة الكفاءة إذا ركزَ تركيزًا قويًّا حادًّا"،=

ص: 347

الأمور، ولنا في أئمة السلف والخلف أحسن الأسوة في ذلك، قال الحسن:"نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل".

كان الخليل بن أحمد يخرج من منزله، فلا يشعر إلا وهو في الصحراء، ولم يُرِدْها من شغله بالفكر.

وكان يدخل الداخل إلى أبي تمام الشاعر، وهو يعمل الشعر، فلا يشعر به. وكانت لابن سَحْنون سُرِّيَّة، فطلب منها ذات يوم أن تُعِدَّ له طعامًا، وشُغِل بالتأليف والرد على المخالفين، وأحضرت الطعام، وبعد طول انتظار أخذت تطعمه -تلقمه- حتى أتى عليه، وتمادى في عمله حتى الفجر، ثم سألها أن تحضر الطعام فأخبرته بأنه أتى عليه دون أن يشعر.

وذكر السبكي في "طبقات الشافعية" عن أبيه الإمام تقي الدين أنه:

=ونقل عن وليم جيمس وهو أبو علم النفس الحديث أنه قال:- "إن الفرق بين العباقرة وغيرهم من الناس العاديين ليس مرجعه إلى صفة أو موهبة فطرية للعقل، بل إلى الموضوعات والغايات التى يوجهون إليها هممهم وإلى درجة التركيز التي يسعهم أن يبلغوها".

ثم يقول: "وليم مولتون": "وهذه القدرة تكتسب بالمرانة، والمرانة تتطلب الصبر فإن الانتقال من الشرود إلى حصر الذهن حصرًا بيِّنًا محكمًا هو ثمرة الجهد الملح، فإن استطعت أن ترد عقلك مرة بعد أخرى وخمسين مرة، ومئة مرة إلى الموضوع الذي اعتزمت معالجته فإن الخواطر التي تتنازعك لا تلبث أن تخلي مكانها للموضوع الذي آثرته بالاختيار ثم تلقى نفسك آخر الأمر قادرًا على حصر ذهنك بإرادتك فيما تختار" اهـ. نقلًا من "روح الصلاة في الإسلام" للشيخ عفيف طبارة ص (32).

ص: 348

(كان من الاشتغال على جانب عظيم بحيث يستغرق غالب ليله وجميع نهاره، كان يخرج من البيت صلاة الصبح فيشتغل على المشايخ إلى أن يعود قريب الظهر، فيجد أهل البيت قد عملوا له فرُّوجًا فيأكله، ويعود إلى الاشتغال إلي المغرب، فيأكل شيئًا حُلْوًا لطيفًا، ثم يشتغل بالليل، وهكذا لا يعرف غير ذلك، حتى ذكر لي أن والده قال لأمِّه: "هذا الشاب ما يطلب قطُّ درهمًا ولا شيئًا، فلعله يرى شيئًا يريد أن يأكله، فضعي في منديله درهمًا أو درهمين"، فوضعت نصف درهم، قالت الجدة: فاستمر نحو جمعتين وهو يعود والمنديل معه، والنصف فيه، إلى أن رمى به إليَّ، وقال: "أيش أعمل بهذا؟ خذوه عني" (1).

وكان الإمام ابن مالك النحوي -صاحب "الألفية" وغيرها- كثير المطالعة، سريع المراجعة، لا يكتب شيئًا من محفوظه حتى يراجعه في محله، ولا يُرى إلا وهو يصلي أو يتلو أو يصنف أو يقرأ.

حُكَي: (أنه توجه يومًا مع أصحابه للفُرجة بدمشق، فلما بلغوا الموضع الذي أرادوه، غفلوا عنه بسويعة، فطلبوه فلم يجدوه، ثم فحصوا عنه فوجدوه منكبًّا على أوراقه).

قلبٌ يطل على أفكاره، ويَدٌ تُمضي الأمورَ، ونفسٌ لهوُها التعب والشيخ أحمد بن علي نجم الدين بن الرفعة:"كان كثير الصدقة، مُكِبًّا على الاشتغال، حتى عرض له وجع المفاصل، بحيث كان الثوب إذا لمس جسمه آلمه، مع ذلك معه كتاب ينظر إليه، وربما انكبَّ على وجهه وهو يُطالع"، وهو الذي قال فيه شيخ الإسلام ابن تيمية بعد مناظرة بينهما:"رأيت شيخًا تتقاطر فروع الشافعية من لحيته"، وقال

(1)"طبقات الشافعية"(10/ 144).

ص: 349