الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عُلُوّ هِمَّةِ فَارسِ الإسلَامِ السُّرمَارِي
الذي قال في وصفه الإمام الذهبي رحمه الله:
(الإمام، الزاهد، العابد، المجاهد، فارس الإسلام، أبو إسحاق). (وكان أحد الثقات، وبشجاعته يضرب المثل)(أخبار هذا الغازي تَسُرُّ قلب المسلم)، (قال إبراهيم بن عفان البَزَّاز: كنت عند أبي عبد الله البخاري، فجرى ذكر أبي إسحاق السُّرْماري، فقال:"ما نعلم في الإسلام مثله"، فخرجتُ، فإذا أحيد رئيسُ المُطَّوِّعة، فأخبرتُه، فغضبَ ودخل على البخاري، وسأله، فقال:"ما كذا قلتُ: بل: ما بلغنا أنه كان في الإسلام ولا في الجاهلية مثلُه".
وعن أحمد بن إسحاق قال: "ينبغي لقائد الغزاة أن يكون فيه عشرُ خصال: أن يكون في قلب الأسد: لا يَجْبُنُ، وفي كِبَر النَّمِرِ: لا يتواضع، وفي شجاعة الدب: يقتل بجوارحه كلِّها، وفي حَمْلة الخنزير: لا يُوَلِّي دُبُرَه، وفي غارة الذئب: إذا أيِس من وجهٍ أغار من وجه، وفي حمل السلاح كالنَّمْلة: تحمل أكثر من وزنها، وفي الثبات كالصخر، وفي الصبر كالحمار، وفي الوَقاحة كالكلب: لو دخل صيدُه النارَ لدخل خلفه، وفي التماس الفرصة كالدَّيك".
قال إبراهيم بن شماس: كنت أكاتب أحمد بن إسحق السُّرْماري،
فكتب إليَّ: إذا أردت الخروج إلى بلاد الغُزَيَّة في شراء الأسرى، فاكتب إليَّ، فكتبتُ إليه، فقدم سمرقند، فخرجنا، فلما علم جَيْغَوَيْه، استقبلنا في عِدَّة من جيوشه، فأقمنا عنده، فعرض يومًا جيشه، فَمَرَّ رجل، فعظَّمه، وخلع عليه، فسألني عن السُّرماري، فقلت:"هذا رجل مبارز، يُعَدُّ بألف فارس"، قال:"أنا أبارزه"، فسكت، فقال جيغويه:"ما يقول هذا؟ " قلت: "يقول كذا وكذا"، قال:"لعله سكران لا يشعر، ولكن غدًا نركب"، فلما كان الغد ركبوا، فركب السُّرماري معه عمود في كُمِّه، فقام بإزاء المُبارِز، فقصده، فهرب أحمدُ حتى باعده من الجيش، ثم كَرَّ، وضربه بالعمود فقتله، وتبع إبراهيم بن شِماس، لأنه كان سبقه، فَلَحِقه، وعلم جيغويه، فجهَّز في طلبه خمسين فارسًا نقاوةً، فأدركوه، فثبت تحت تَلٍّ مختفيًا، حتى مَرُّوا كلّهم، واحدًا بعد واحد، وجعل يضرب بعموده من ورائهم، إلى أن قتل تسعةً وأربعين، وأمسك واحدًا، قطع أنفه وأذنيه، وأطلقه ليخبِر، ثم بعد عامين تُوفي أحمد، وذهب ابنُ شِماس في الفداء، فقال له جَيغويه:"من ذاك الذي قتل فرساننا؟ " قال: "ذاك أحمد السرماري"، قال:"فلم لم تحمله معك؟ " قلت: "توفي"، فصَكَّ في وجهي، وقال:"لو أعلمتني أنه هو لكنت أعطيته خمس مائة برذون -ضرب من الدواب-، وعشرة آلاف شاة".
وعن عبيد الله بن واصل قال: سمعت أحمد السرماري يقول، وأخرج سيفَه، فقال:"أعلم يقينًا أني قتلت به ألفَ تركي، وإن عشت قتلتُ به ألفًا أخرى، ولولا خوفي أن يكون بدعةً لأمرت أن يُدْفَنَ معي".
وعن محمود بن سهل الكاتب قال: (كانوا في بعض الحروب يحاصرون مكانًا، ورئيس العدو قاعد على صُفَّة -ظلة، والبهو الواسع العالي السقف- فرمى السرماري سهمًا، فغرزه في الصفة، فأومأ الرئيس لينزِعَه، فرماه بسهم آخرَ، خاطَ يَده، فتطاول الكافر لينزِعه من يده، فرماه بسهم ثالث في نحره، فانهزم العدو، وكان الفتح)(1).
وعن عمران بن محمد المطوعي، قال: سمعت أبي يقول: (كان عمود السرماري ثمانية عشر مَنًّا (2)، فلما شاخ جعله اثني عشر مَنًّا، وكان يقاتل بالعمود) (3).
…
(1)"سير أعلام النبلاء"(3/ 37 - 40).
(2)
المن: رطلان.
(3)
"مشارع الأشواق"(2/ 1008).