الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكم من عاشق أتلف في معشوقه ماله وعرضه ونفسه، وأتلف دينه ودنياه. والعشق يترك الملِك مملوكًا، والسلطان عبدًا، ترى الداخل فيه يتمنى منه الخلاص، ولات حين مناص، وكم أكبت فتنة العشق رؤوسًا على مناخرها في الجحيم، وأسلمتهم إلى مقاساة العذاب الأليم، وجرعتهم بين أطباق النار كؤوس الحميم" (1).
*
ومنها: الانحراف في فهم العقيدة
، لاسيما مسألة القضاء والقدر، وعدم تحقيق التوكل على الله سبحانه وتعالى، وبدعة الإرجاء.
*
ومنها: الفناء في ملاحظة حقوق الأهل والأولاد
، واستغراق الجهد في التوسع في تحقيق مطالبهم نظرًا إلى قوله صلى الله عليه وسلم:"وإن لأهلك عليك حقًّا"، مع الغفلة عن قوله صلى الله عليه وسلم:"وإن لربك عليك حقًّا"، وقوله:"فأعط كل ذي حق حقه"(2)، وقد عَدَّ القرآن الكريم الأهل والأولاد أعداءً للمؤمن إذا حالوا بينه وبين طاعة الله عز وجل، روى ابن جرير عن عطاء بن يسار في قوله تعالى:{يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادم عدوًّا لكم فاحذروهم} قال: (نزلت في عوف بن مالك الأشجعي، كان ذا أهل وولد، وكان إذا أراد الغزو بكوا إليه، ورققوه، فقالوا:"إلى مَن تدعُنا؟ "، فيرق، ويقيم، فنزلت:{يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوَّا لكم فاحذروهم} .
*
ومنها: المناهج التربوية والتعليمية الهدَّامة التى تثبط الهمم
، وتخنق المواهب، وتكبت الطاقات، وتخرب العقول، وتنشئ الخنوع،
(1) انظر: "روضة المحبين" ص (182 - 190).
(2)
أصل الحديث رواه البخاري، والترمذى، والبيهقي.
وتزرع في الأجيال ازدراء النفس، وتعمق فيها احتقار الذات، والشعور بالدونية، كقول بعض الصوفية:"الفقر هو الذي يأكله القمل، ولا يكون له ظفر يحك به نفسه"، وقولِ ثانٍ:"الصوفي: من يرى دمه هدرًا، وملكه مباحًا"، وقولِ ثالث: إنه ما سُرَّ في إسلامه إلا ثلاث مرات: "كنت في سفينة، فلم أجد أحقر مني فيها، وكنت مريضًا في المسجد، فجرَّني المؤذن إلى خارجه، وكان عليَّ فرو فنظرت فيه، فلم أميز بين شعره، وبين القمل من كثرته"!
ومن ذلك: منهج بعض الصوفية في الإعراض عن علوم القرآن والسنة، وترهيب مريديهم من طلب العلم الشرعي حتى سقط من كُمِّ أحدهم يومًا قلم كان يخفيه، خشية أن يُفتضح بينهم بطلب العلم، فقال له شيخه:"استر عورتك"،
وروى ابن الجوزي عن جعفر الخالدي قال: (لو تركني الصوفية لجئتكم بأسانيد الدنيا، لقد مضيت إلى عباس وأنا أحدث، فكتبت عنه مجلسًا واحدًا، وخوجت من عنده، فلقيني بعض من كنت أصحبه من الصوفية، فقال:"إيش هذا معك"؟ فأريته إياه، فقال:"ويحك تدع علم الخِرَق، وتأخذ علم الورق، ثم مزَّق الأوراق، فدخل كلامه في قلبي، فلم أعد إلى عباس".
وأخطر منها وأضر المناهج التربوية والتعليمية التي ارتضت العالمانية دينًا، فراحت تسمم آبار المعرفة التي يستقي منها شباب المسلمين، لتخرج أجيالًا مقطوعة الصلة بالله، تبتغى العزة في التمسح على أعتاب الغرب، وتأنف من الانتساب إلى الإسلام.