الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ودخل أبو العيناء يوما على الوزير أبي الصقر، فقال: ما الذي أخرك عنا يا أبا العيناء؟ فقال: سرق حماري، قال: وكيف سرق؟ قال: لم أكن مع اللص فأخبرك، قال: فهلا أتيتنا على غيره، قال: قعد بي عن الشراء قلة يساري، وكرهت ذلة المكاري، ومنة العواري.
ومر بباب من يبغضه وهو مريض فقال لغلامه: كيف حاله؟ فقال: كما تحب، فقال:
ما لي لا أسمع الصراخ عليه؟
وخاصمه علوي، فقال له العلوي: أتخاصمني وأنت تقول: اللهم؛ صل على محمد وعلى آل محمد؟ ! فقال: لكني أقول: الطيبين الطاهرين، ولست منهم.
ووقف عليه رجل من العامة فقال: من هذا؟ فقال: رجل من بني آدم، فقال: مرحبا بك أطال الله بقاءك، ما كنت أظن هذا النسل إلا قد انقطع.
وذكر له أن المتوكل قال: لولا أنه ضرير .. لنادمناه، فقال: إن أعفاني من رؤية الأهلة وقراءة نقش الفصوص .. فأنا أصلح للمنادمة.
وقال له المتوكل يوما: ما تقول في دارنا هذه؟ فقال: الناس بنوا الدور في الدنيا، وأنت بنيت الدنيا في دارك، فاستحسن كلامه.
وقال له ابن مكرم يوما يعرض به: كم عدة المكذبين بالبصرة؟ فقال: مثل عدد البغاءين ببغداد.
توفي سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
1337 - [ابن الرومي]
(1)
أبو الحسن علي بن العباس المعروف بابن الرومي الشاعر المشهور، صاحب النظم العجيب، والتوليد الغريب، يغوص على المعاني النادرة ويستخرجها من مكامنها، ويبرزها بأحسن صورة، ولا يترك المعنى حتى يستوفيه إلى آخره ولا يبقي فيه بقية، وهو مولى عبيد الله بن عيسى بن أبي جعفر المنصور العباسي، وله القصائد المطولة، والمقاطيع البديعة، من ذلك قوله:[من البسيط]
كم ضنّ بالمال أقوام وعندهم
…
وفر وأعطى العطايا وهو يدان
(1)«معجم الشعراء» للمرزباني (ص 145)، و «المنتظم» (7/ 292)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 495)، و «وفيات الأعيان» (3/ 358)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 225)، و «مرآة الجنان» (2/ 198).
وله: [من الكامل]
آراؤكم ووجوهكم وسيوفكم
…
في الحادثات إذا دجون نجوم
منها معالم للهدى ومصابح
…
تجلو الدجى والأخريات رجوم
وله: [من الطويل]
لما تؤذن الدنيا به من صروفها
…
يكون بكاء الطفل ساعة يولد
وإلا فما يبكيه منها وإنها
…
لأوسع مما كان فيه وأرغد
ومن معانيه البديعة: [من الكامل]
وإذا امرء مدح امرءا لنواله
…
وأطال فيه فقد أراد هجاه
لو لم يقدّر فيه بعد المستقى
…
عند الورود لما أطال رشاه
وقال في ذم الخضاب: [من الطويل]
إذا دام للمرء السواد وأخلقت
…
شبيبته ظن السواد خضابا
فكيف يظنّ الشيخ أن خضابه
…
يظنّ سوادا أو يخال شبابا
قال بعض علماء الأدب: ما سبقه إلى هذا المعنى أحد.
وله في بغداد وقد غاب عنها: [من الكامل]
بلد صحبت به الشبيبة والصبا
…
ولبست ثوب العيش وهو جديد
فإذا تمثل في الضمير رأيته
…
وعليه أغصان الشباب تميد
توفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين، يقال: إن وزير المعتضد القاسم بن عبيد الله كان يخاف من هجوه، فدس عليه ابن فراس، فأطعمه خشكنانه مسمومة وهو في مجلسه، فلما أحس بالسم .. قام، فقال له الوزير: إلى أين تذهب؟ قال: إلى الموضع الذي بعثتني إليه، فقال له: سلم لي على والدي، فقال: ما طريقي على النار، فخرج من مجلس الوزير، وأقام أياما، ثم مات، وكان الطبيب يتردد إليه ويعالجه بالأدوية النافعة في السم، فزعم أنه غلط عليه في بعض العقاقير.
قال محمد بن إبراهيم المعروف بنفطويه: رأيت ابن الرومي يجود بنفسه فقلت:
ما حالك؟ فأنشد: [من الكامل]
غلط الطبيب علي غلطة مورد
…
عجزت موارده عن الإصدار