الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سفيان: إن تحكم فيّ .. يحكم فيك ملك قادر عادل يفرق بين الحق والباطل في حكمه، فقال الربيع: ألهذا الجاهل أن يستقبلك بمثل هذا؟ ! ائذن لي بضرب عنقه، فقال له المهدي: اسكت ويلك؛ وهل يريد هذا وأمثاله إلا أن نقتلهم فنشقى بسعادتهم-أو لسعادتهم-اكتبوا عهده على قضاء الكوفة، على ألاّ يعترض عليه في حكم، فكتب عهده ودفعه إليه، فأخذه وخرج، ورمى به في دجلة وهرب، فطلب في كل بلد، فلم يوجد، فتولى شريك بن عبد الله قضاء الكوفة، فقيل في ذلك:[من الطويل]
تحرز سفيان وفر بدينه
…
وأمسى شريك مرصدا للدراهم
توفي سفيان بالبصرة متواريا من السلطان سنة إحدى-أو اثنتين-وستين ومائة، وولد سنة خمس-أو ست أو سبع-وتسعين.
ورآه جماعة من الشيوخ العارفين في المنام بعد موته، فسأله عن حاله، فقال:[من الطويل]
نظرت إلى ربي عيانا فقال لي
…
هنيئا رضائي عنك يا ابن سعيد
لقد كنت قواما إذا أظلم الدجى
…
بعبرة مشتاق وقلب عميد
فدونك فاختر أي قصر تريده
…
وزرني فإني عنك غير بعيد
780 - [زائدة بن قدامة]
(1)
زائدة بن قدامة الثقفي البكري أبو الصلت الكوفي.
سمع الأعمش، وهشام بن عروة، وسليمان التيمي، وخلقا سواهم.
وروى عنه حسين الجعفي، وسفيان بن عيينة، وأبو داود الطيالسي وغيرهم.
مات بالروم عام غزا الحسن بن قحطبة الصائفة سنة ستين-أو إحدى وستين-ومائة.
781 - [سيبويه]
(2)
عمرو بن عثمان بن قنبر المعروف بسيبويه، ويكنى: أبا بشر إمام النحو.
(1)«طبقات ابن سعد» (8/ 499)، و «سير أعلام النبلاء» (7/ 375)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 191)، و «الوافي بالوفيات» (14/ 169)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 620).
(2)
«معجم الأدباء» (6/ 82)، و «وفيات الأعيان» (3/ 463)، و «تاريخ بغداد» (12/ 190)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 351)، و «تاريخ الإسلام» (11/ 154)، و «مرآة الجنان» (1/ 348)، و «بغية الوعاة» (2/ 229).
يقال: إن سبب اشتغاله بالنحو أنه قرأ على شيخه في الحديث حديث: «ما من أصحابي أحد إلا ولو شئت أخذت عليه ليس أبا الدرداء» فقرأه سيبويه: ليس أبو الدرداء؛ ظنا منه أنها ليس الرافعة للاسم، فصاح عليه شيخه حماد: لحنت، ليس أبا الدرداء، فأنف من ذلك، وقال: لأطلبن علما لا يلحنني معه أحد، فخرج إلى البادية، وأخذ ذلك من أفواه العرب، وأخذ النحو عن عيسى بن عمر، ويونس بن حبيب، والخليل بن أحمد، وأخذ اللغة عن أبي الخطاب الأخفش وغيره.
وصنف كتابه المشهور، وقدمنا في ترجمة شيخه عيسى بن عمر أن سيبويه أخذ كتابه من أحد كتابي شيخيه (1).
قال المبرد: لم يقرأ أحد «كتاب سيبويه» عليه، وإنما قرئ بعده على أبي الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش، قيل: كان الأخفش أسن من سيبويه.
ووقع بينه وبين الكسائي اختلاف بحضرة يحيى بن خالد في قول العرب: كنت أظن أن العقرب أشد لسعة من الزنبور فإذا هو هي، أو فإذا هو إياها، قال سيبويه بالأول، وقال الكسائي بالثاني، فقال البرمكي: أنتما إمامان، ولا يمكن ترجيح قول أحدكما ورد الآخر، فقال سيبويه: اطلب العرب واستنطقهم، فمن نطقوا بمقتضى قوله .. كان الصواب معه، فقال: أنصفت، فيقال: إنه جعل للعرب أن ينطقوا بما قاله الكسائي؛ لكونه مؤدب أولاد الرشيد، فقالوا: لا يمكننا النطق بغير الصواب، فاتفقوا على أن يسألوا على أن فلانا قال كذا، وفلانا قال كذا، فتقول العرب: الصواب مع الكسائي، ففعلت ذلك العرب، فصاح سيبويه: استنطقوهم بذلك، وانفض المجلس، فتعب من ذلك، ويقال: إنه كان سبب موته.
فتوفي سنة إحدى وستين ومائة-قال: ابن دريد: بشيراز، وقال ابن قانع: بالبصرة- وعمره ثمان وثلاثون سنة (2).
وقيل له في مرضه الذي مات فيه: ما تشتهي؟ فقال: أشتهي أن أشتهي، قال الشيخ اليافعي:(كأنه أشار إلى أن المرض حال بينه وبين الشهوات)(3).
(1) انظر (2/ 168).
(2)
في تاريخ وفاته أقوال، رجح الذهبي في «سير أعلام النبلاء» (8/ 352) أنه توفي سنة (180 هـ).
(3)
«مرآة الجنان» (1/ 348).