الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
السنة الرابعة والثلاثون بعد المائتين
فيها: نهى المتوكل عن الكلام في القرآن، وأطلق من كان في الحبوس لأجله، وأحضر جماعة من المحدثين إلى العسكر، وأجارهم وأمرهم بالجلوس وإملاء الحديث، قيل:
وسبب ذلك: أن ابن أبي دؤاد أحضر جماعة من الفقهاء والمحدثين إلى بين يدي المتوكل، وسألهم عن القرآن أمخلوق هو؟ وألزم القول بذلك، وكان في المسئولين شيخ مسن، فقال لابن أبي دؤاد: هذا الذي تزعمه وتدعو الناس إليه، هل علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة أم جهلوه وعلمته أنت وأصحابك؟ فقال ابن أبي دؤاد: بل علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقال له الشيخ: فهل ألزموا الناس القول بذلك كما ألزمتهم؟ فلم يسع ابن أبي دؤاد أن يقول: نعم ألزموا الناس ذلك؛ إذ فيه مكابرة للعيان، فقال له الشيخ: أفلا يسعك ما يسعهم؟ فقام المتوكل من المجلس وهو يقول:
والله؛ يسعني ما وسعهم، بلى والله؛ يسعني ما يسعهم، ثم نهى الناس عن الخوض في ذلك كما تقدم، فجزاه الله عن الإسلام وأهله خيرا (1).
وفيها: توفي الإمام الحافظ أبو خيثمة زهير بن حرب، والحافظ أبو الربيع سليمان بن داود الزهراني، والحافظ أبو الحسن علي بن بحر القطان، وحافظ الأندلس يحيى بن يحيى الليثي الإمام المالكي المعتمد عليه في رواية «الموطأ» عن الإمام مالك، والشاذكوني، والنفيلي، وابن المديني، وابن نمير، ومحمد بن أبي بكر المقدمي، والمعافى الرّسعني.
***
السنة الخامسة والثلاثون بعد المائتين
فيها: اعتقل إيتاخ ببغداد، وذلك: أنه حج في السنة التي قبلها، ورجع من الحج في هذه السنة، فأمر بدخول بغداد ليلقاه بنو هاشم والأكابر، وإنما قصد أن يعتقل بها؛ لأنه لو وصل سر من رأى .. لم يمكن منه؛ لكثرة أصحابه، فتلقاه صاحب شرطة بغداد إسحاق بن إبراهيم ببغداد، وأنزله دار خزيمة بن خازم، وتلطف في تفريق أصحابه، ثم قبض عليه وعلى ولديه منصور والمظفر، فأما إيتاخ .. فأطعم ومنع الماء حتى مات عطشا، وأما ابناه .. فبقيا في الحبس حتى ولي المنتصر فأطلقهما (2).
(1)«تاريخ بغداد» (3/ 147)، و «الأنساب» (3/ 465)، و «المنتظم» (6/ 433).
(2)
«تاريخ الطبري» (9/ 168)، و «المنتظم» (6/ 435)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 122).
وفيها: قبض المتوكل على كاتبيه سليمان بن وهب، وقدامة بن زياد النصراني (1).
وفيها: أمر المتوكل بأخذ أهل الذمة بلبس العسلي والزنانير، وركوب السروج بركب الخشب، وأمر بتغيير زي نسائهم في أزرهن العسلية؛ ليعرفن بذلك، وكذلك مماليكهم، فإن دخلوا الحمام .. كان معهم جلاجل (2)؛ ليعرفوا، وأمر بهدم بيعهم المحدثة، وبأخذ العشر من منازلهم، فإن كان الموضع واسعا .. صير مسجدا، وإن لم يصلح أن يكون مسجدا .. صيّر فضاء، وأمر أن يجعل على أبواب دورهم صور شياطين من خشب مسمورة؛ تفريقا بين منازلهم ومنازل المسلمين، ونهى أن يستعان بهم في الدواوين وأعمال السلطان التي تجري فيها أحكامهم على المسلمين، ونهى أن يتعلم أولادهم في كتاتيب المسلمين، وأن يعلمهم مسلم، وأمر بتسوية قبورهم مع الأرض؛ لئلا تشبه قبور المسلمين، وكتب بذلك إلى الآفاق (3).
وفيها: عقد المتوكل لبنيه الثلاثة بالعهد، ولقبهم، وولاهم الأعمال.
فلقب محمدا: المنتصر، وعقد له لواءين: أحدهما أسود للعهد، والآخر أبيض للولاية، وولاه الموصل والجزيرة وقنسرين والعواصم والثغور ومصر والمغرب، والحرمين واليمن، واليمامة والبحرين، والسند والبصرة، وواسط والسواد، والأهواز والكوفة حربا وخراجا.
ولقب أبا عبد الله: المعتز، وعقد له أيضا لواءين، وولاه فارس وخراسان وسجستان والري وطبرستان.
ولقب إبراهيم: المؤيد، وعقد له لواءين، وولاه الطّرر وبيوت الأموال والمعادن ودور الضرب وخراج الشام وضياعها (4).
وفيها: توفي إسحاق بن إبراهيم بن ماهان التميمي الموصلي النديم، وإسحاق بن إبراهيم بن مصعب، وكان يتولى شرطة العراق من قبل طاهر بن الحسين، ثم من قبل أولاده من بعده، وله ثمان وخمسون سنة وشهور، ووليها ابنه محمد من بعده.
(1)«الكامل في التاريخ» (6/ 122)، و «البداية والنهاية» (10/ 760).
(2)
الجلجل-جمعه جلاجل-: الجرس الصغير.
(3)
«تاريخ الطبري» (9/ 171)، و «المنتظم» (6/ 436)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 126)، و «شذرات الذهب» (3/ 161).
(4)
«تاريخ الطبري» (9/ 175)، و «المنتظم» (6/ 437)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 124).