الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أو يسبقاه على ما كان من مهل
…
فمثل ما قدّما من صالح سبقا
فعجب من حضر لجمعه بين المدحين، وإرضائه المنصور، وخلاصه من المهدي، قال الربيع: فقال لي المنصور: لا يخرج التميمي إلا بثلاثين ألف درهم، فلم يخرج إلا بها.
وتوفي الربيع سنة سبعين ومائة.
824 - [يزيد بن حاتم الأزدي]
(1)
يزيد بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة الأزدي.
لما قتلت الخوارج عامل المنصور على إفريقية، وهو عمر بن حفص في سنة ثلاث-أو أربع-وخمسين؛ أي: ومائة، وأهمه شأنهم .. زار بيت المقدس، وجهز منه يزيد المذكور في خمسين ألف مقاتل إلى إفريقية لحرب الخوارج، فقتلهم وشتتهم، ولم يزل عليها واليا خمس عشرة سنة وثلاثة أشهر إلى أن توفي أول دولة الرشيد سنة سبعين ومائة.
وكان جوادا سريا ممدحا، قصده جماعة من الشعراء، فأعطاهم عطايا سنية، وهو الذي قصده ربيعة بن ثابت الأسدي الرقي، فأحسن جائزته وأجزل صلته، وكان ربيعة المذكور قد مدح يزيد بن أسيد-بضم الهمزة-الأسدي فقصر في حقه، فقال ربيعة يمدح يزيد بن حاتم ويهجو يزيد السلمي بقصيدته التي من جملتها:[من الطويل]
لشتان ما بين اليزيدين في الندى
…
يزيد سليم والأغرّ ابن حاتم
فهمّ الفتى الأزدي إتلاف ماله
…
وهمّ الفتى القيسي جمع الدراهم
فلا يحسب التمتام أني هجوته
…
ولكنني فضلت أهل المكارم
هو البحر إن كلفت نفسك خوضه
…
تهالكت في أمواجه المتلاطم
قيل: وفد التميمي الشاعر على يزيد بن حاتم بإفريقية فأنشده: [من الطويل]
إليك قصرنا النصف من صلواتنا
…
مسيرة شهر ثم شهر نواصله
فلا نحن نخشى أن يخيب رجاؤنا
…
لديك ولكن أهنأ البرّ عاجله
فأمر يزيد بوضع العطاء في جنده، وكان معه خمسون ألف مرتزق، وقال: من أحب أن
(1)«تاريخ دمشق» (65/ 138)، و «وفيات الأعيان» (6/ 321)، و «سير أعلام النبلاء» (8/ 233)، و «تاريخ الإسلام» (10/ 518)، و «مرآة الجنان» (1/ 361).
يسرني .. فليضع لزائري غدا من عطائه درهمين، فاجتمع له مائة ألف درهم، وضم يزيد إلى ذلك مائة ألف أخرى، ودفعها إليه.
قال ابن خلكان: (ثم وجدت البيتين المذكورين لمروان بن أبي حفصة، مدح بهما المهدي، والله أعلم لأيهما البيتان)(1).
وقال في يزيد بعض الشعراء: [من الكامل]
وإذا تباع كريمة أو تشترى
…
فسواك بائعها وأنت المشتري
وإذا تخيل من سحابك لامع
…
صدقت مخيلته لدى المستمطر
وإذا الفوارس عددت أبطالها
…
عدوك في أبطالهم بالخنصر
يعني: أولهم.
وقال فيه آخر: [من مجزوء الكامل]
يا واحد العرب الذي
…
أضحى وليس له نظير
لو كان مثلك آخر
…
ما كان في الدنيا فقير
فقال يزيد لخازنه: كم في بيت مالي؟ قال: فيه من العين والورق عشرون ألف درهم ودينار، فقال: ادفعها إليه، ثم قال: يا أخي؛ المعذرة إلى الله ثم إليك، والله؛ لو كان في ملكي غيرها .. لما ادخرتها عنك.
وقال يزيد لجلسائه: استبقوا إلى ثلاثة أبيات، فقال صفوان بن صفوان: أفيك؟ قال:
فيمن شئت، فكأنها كانت في كمه، فقال:[من البسيط]
لم أدر ما الجود إلا ما سمعت به
…
حتى لقيت يزيدا عصمة الناس
لقيت أجود من يمشي على قدم
…
مفضلا برداء الجود والباس
لو نيل بالجود مجد كنت صاحبه
…
وكنت أولى به من آل عباس
ثم كف، وقال: أتمم، فقال: لا يصلح، فقال: لا يسمع هذا منك أحد.
وأخباره في الجود كثيرة، ولما مات يزيد بإفريقية .. كان أخوه روح-بضم الراء-ابن حاتم واليا بالسند، فقال أهل إفريقية: ما أبعد ما يكون بين قبر هذين الأخوين، فلما بلغ
(1)«وفيات الأعيان» (6/ 325).