الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1339 - [علي ابن أبي الشوارب]
(1)
أبو الحسن علي بن محمد بن أبي الشوارب الأموي البصري قاضي القضاة.
كان رئيسا معظما دينا خيرا، روى عن أبي الوليد الطيالسي.
وتوفي سنة ثلاث وثمانين ومائتين.
1340 - [المستملي]
(2)
أبو عمرو أحمد بن المبارك المستملي الحافظ، محدث نيسابور، ومفيدها.
سمع قتيبة، وطبقته، وكان مع سعة روايته راهب عصره، مجاب الدعوة.
توفي سنة أربع وثمانين ومائتين.
1341 - [البحتري]
(3)
الوليد بن عبيد الطائي أبو عبادة البحتري-بضم الموحدة والمثناة من فوق بينهما حاء مهملة ساكنة، وكسر الراء، منسوب إلى بحتر أحد أجداده-الشاعر المشهور.
أخذ عن أبي تمام.
ولد بمنبج ونشأ بها.
قال صالح بن الأصبغ التنوخي المنبجي: رأيت البحتري ههنا عندنا قبل أن نخرج إلى العراق، اجتاز بنا في الجامع من هذا الباب يمدح أصحاب البصل والباذنجان، وينشد الشعر في ذهابه ومجيئه، ثم كان منه ما كان.
ثم خرج إلى العراق ومدح جماعة من الخلفاء، وكثيرا من الأكابر والرؤساء، وأول من
(1)«تاريخ الطبري» (10/ 49)، و «المنتظم» (7/ 292)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 229)، و «العبر» (2/ 77)، و «مرآة الجنان» (2/ 201)، و «شذرات الذهب» (3/ 346).
(2)
«المنتظم» (7/ 302)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 86)، و «العبر» (2/ 79)، و «مرآة الجنان» (2/ 202)، و «شذرات الذهب» (3/ 348).
(3)
«المنتظم» (7/ 314)، و «معجم الأدباء» (7/ 184)، و «الكامل في التاريخ» (6/ 495)، و «تاريخ الإسلام» (21/ 322)، و «العبر» (2/ 79)، و «مرآة الجنان» (2/ 202)، و «شذرات الذهب» (3/ 348).
مدح من الخلفاء المتوكل، مدحه بقصيدة يذكر فيها خروجه لصلاة عيد الفطر، وهي من أحسن قصيده:[من الكامل]
بالبر صمت وأنت أفضل صائم
…
وبسنة الله الرضية تفطر
فانعم بيوم الفطر عيدا إنه
…
يوم أعز من الزمان مشهر
أظهرت عز الملك فيه بجحفل
…
لجب يحاط الدين فيه وينصر
خلنا الجبال تسير فيه وقد غدت
…
عدد يسيرها العديد الأكثر
والخيل تصهل والفوارس تدعي
…
والبيض تلمع والأسنة تزهر
والأرض خاشعة تميد بثقلها
…
والجو معتكر الجوانب أغبر
والشمس طالعة توقّد في الضحى
…
طورا ويطفئها العجاج الأكدر
حتى طلعت بضوء وجهك فانجلى
…
ذاك الدجى وانجاب ذاك العثير
وافتنّ فيك الناظرون فإصبع
…
يومى إليك بها وعين تنظر
يجدون رؤيتك التي فازوا بها
…
من أنعم الله التي لا تكفر
ذكروا بطلعتك النبي فهللوا
…
لما طلعت من الصفوف وكبروا
حتى انتهيت إلى المصلى لابسا
…
نور الهدى يبدو عليك ويظهر
ومشيت مشية خاشع متواضع
…
لله لا يزهو ولا يتكبر
فلو أنّ مشتاقا تكلّف غير ما
…
في وسعه لمشى إليك المنبر
أيدت من فصل الخطاب بحكمة
…
تنبي عن الحق المبين وتخبر
ووقفت في برد النبي مذكرا
…
بالله تنذر تارة وتبشر
قال بعض الفضلاء: وهذا الشعر هو السحر الحلال على الحقيقة، والسهل الممتنع، فلله دره ما أسلس قياده، وأعذب ألفاظه، وأحسن سبكه، وألطف مقاصده، جميعه نخب، ليس فيه من الحشو شيء!
وقال ميمون بن هارون: رأيت أبا جعفر أحمد بن يحيى البلاذري المؤرخ، فسألته عن حاله فقال: كنت من جلساء المستعين، فقصده الشعراء فقال: لست أقبل إلا ممن قال مثل قول البحتري في المتوكل: [من الكامل]
فلو أنّ مشتاقا تكلّف غير ما
…
في وسعه لمشى إليك المنبر
قال: فرجعت إلى بيتي، وأتيته وقلت: قد قلت فيك أحسن مما قاله البحتري، فقال:
هاته، فأنشدته:[من الطويل]
ولو أن برد المصطفى إذ لبسته
…
يظن لظن البرد أنك صاحبه
وقال وقد أعطفته ولبسته
…
نعم هذه أعطافه ومناكبه
فقال: ارجع إلى منزلك، وافعل ما آمرك به، فرجعت، فبعث إلي بسبعة آلاف دينار وقال: ادخر هذه للحوادث من بعدي، ولك علي الجراية والكفاية ما دمت حيا.
قال الشيخ اليافعي: (ولا يخفى ما في بيتيه المذكورين من الخروج إلى حيز الكفر من تشبيهه بالنبي صلى الله عليه وسلم (1).
وللمتنبي في معنى قول البحتري في المنبر: [من الكامل]
لو تعقل الشجر التي قابلتها
…
مدّت محيّية إليك الأغصنا
وسبقهما أبو تمام بقوله: [من الخفيف]
لو سعت بقعة لإعظام نعمى
…
لسعى نحوها المكان الجديب
ومن مستظرفات البحتري ما يحكى أنه كان بحلب شخص يقال له: أحمد بن طاهر الهاشمي، خلّف له أبوه مقدار مائة ألف دينار، فأنفقها على الشعراء والوزراء، وفي سبيل الله، فقصده البحتري من العراق، فلما وصل إلى حلب .. قيل له: إنه قد قعد في بيته لديون ركبته، فاغتم البحتري لذلك غما شديدا، وبعث المدحة إليه مع بعض مواليه، فلما وقف عليها .. بكى وقال لغلامه: بع داري، فقال له: تبيع دارك وتبقى على رءوس الناس؟ ! فقال: لا بد من بيعها، فباعها بثلاث مائة دينار، وأنفذها إلى البحتري، وكتب إليه معها هذه الأبيات:[من الخفيف]
لو يكون الحباء حسب الذي أن
…
ت لدينا به محل وأهل
لحثوت اللجين والدرّ واليا
…
قوت حثوا وكان ذاك يقلّ
والأديب الأريب يسمح بالعذ
…
ر إذا قصّر الصديق المقلّ
(1)«مرآة الجنان» (2/ 205).
فلما وصلت الرقعة للبحتري .. رد الدنانير، وكتب إليه:[من الخفيف]
بأبي أنت أنت للبر أهل
…
والمساعي بعد وسعيك قبل
والنوال القليل يكثر إن شا
…
ء مرجّيك والكثير يقلّ
غير أني رددت برّك إذ كا
…
ن ربا منك والرّبا لا يحلّ
فإذا ما جزيت شعرا بشعري
…
قضي الحقّ والدنانير فضل
فلما عادت الدنانير إليه .. حلّ الصرة، وضم إليها خمسين أخرى، وحلف أنه يردها إليه، فلما وصلت إلى البحتري .. أنشأ يقول:[من الطويل]
شكرتك إن الشكر للعبد نعمة
…
ومن يشكر المعروف فالله زائده
لكلّ زمان واحد يقتدى به
…
وهذا زمان أنت لا شكّ واحده
يقال: إن الشيخ محي الدين النووي أرسل بهذين البيتين إلى الإمام تقي الدين بن دقيق العيد رحمهما الله تعالى لما بلغه أنه قيل لابن دقيق العيد: لم لا تصنف في الفقه؟ فقال: قد صنف الشيخ محي الدين النووي ما فيه كفاية.
ويحكى أن الإمام الغزالي قيل له: لم لا تصنف في التفسير؟ فقال: يكفي ما صنف فيه شيخنا الإمام أبو الحسن الواحدي رحمهما الله.
ويحكى أن البحتري اجتاز بالموصل أو برأس عين، فمرض، وكان الطبيب يختلف إليه ويداويه، فوصف له يوما مزورة (1)، ولم يكن عنده من يخدمه سوى غلامه، فقال للغلام:
اصنع هذه المزورة، وكان بعض الرؤساء حاضرا عنده وقد جاء يعوده، فقال ذلك الرئيس:
هذا الغلام ما يحسن طبيخها، وعندي طباخ من نعته وصفته، وبالغ في حسن صفته، فترك الغلام عملها اعتمادا على قوله، وقعد البحتري ينتظر، واشتغل الرئيس عنها، ونسي أمرها، فلما أبطأت عليه، وفات وقت وصولها إليه .. كتب إلى الرئيس:[من البسيط]
وجدت وعدك زورا في مزورة
…
حلفت مجتهدا إحكام طاهيها
فلا شفى الله من يرجو الشفاء بها
…
ولا علت كفّ ملق كفّه فيها
فاحبس رسولك عني أن جيء بها
…
فقد حبست رسولي عن تقاضيها
وللبحتري أشعار كثيرة.
(1) المزورة: حساء بدون لحم يصنع للمريض.
وروى عنه أشياء من شعره أبو العباس المبرد، ومحمد بن أحمد الحليمي، وأبو بكر الصولي وغيرهم.
ولم يزل شعره غير مرتب حتى جمعه أبو بكر الصولي، ورتبه على الحروف، وجمعه أيضا علي بن حمزة الأصبهاني، لكن رتبه على الأنواع، كما صنع بشعر أبي تمام.
وللبحتري أيضا كتاب «حماسة» على مثل «حماسة أبي تمام» ، وله كتاب «معاني الشعر» .
وبالجملة فأخباره ومحاسنه كثيرة.
وقيل لأبي العلاء المعري: أيّ الثلاثة أشعر: أبو تمام، أم البحتري، أم المتنبي؟ فقال: حكيمان، والشاعر البحتري.
وقيل للبحتري: أيّما أشعر: أنت، أو أبو تمام؟ فقال: جيده خير من جيدي، ورديئي خير من رديئه.
ولم ينصفه ابن الرومي في قوله: [من الخفيف]
والفتى البحتري يسرق ما قا
…
ل ابن أوس في المدح والتشبيب
كل بيت له يجود معنا
…
هـ فمعناه لابن أوس حبيب
قال البحتري: أنشدت أبا تمام من شعري، فأنشد بيت أوس بن حجر-بفتح الحاء والجيم-:[من الطويل]
إذا مقرم منا ذرا حدّ نابه
…
تخمّط فينا ناب آخر مقرم
وقال: نعيت إليّ نفسي، فقلت: أعيذك بالله من هذا، فقال: إن عمري ليس يطول وقد نشأ لطيء مثلك، أما علمت أن خالد بن صفوان المنقري رأى شبيب بن شبة وهو من رهطه يتكلم فقال: يا بني؛ نعى إليّ نفسي إحسانك في كلامك؛ لأنا أهل بيت ما نشأ فينا خطيب إلا مات من قبله، قال: فمات أبو تمام بعد سنة من هذا.
ولد البحتري سنة ست-أو خمس-ومائتين، وتوفي سنة أربع-أو ثلاث، أو ست- وثمانين ومائتين وله بضع وسبعون سنة.
وقال ابن الجوزي: (توفي وهو ابن ثمانين سنة)(1).
(1)«المنتظم» (7/ 317).