الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شديد البطش، صعب المراس، ثم إنه طلع من تلك الغيضة في طريق يعرفها في الجبل، وانفلت ووصل إلى جبال أرمينية، فنزل عند البطريق سهل، ولم يزل الأفشين يتحيل عليه بكل حيلة، ويبذل الأموال في طلبه، وجعل المعتصم لمن جاءه برأسه ألف ألف درهم، فلما نزل بابك على البطريق .. أغلق عليه، وبعث يعرف الأفشين، فجاءت الأفشينية فتسلموه، وقدم به الأفشين إلى بغداد أسيرا هو وأخوه، وكان يوم دخوله بغداد يوما مشهودا، ثم دخل على المعتصم بسرّمن رأى، فأركب على فيل، وطيف به في سر من رأى، ثم أمر المعتصم بقطع يديه ورجليه، ثم قتله وصلبه، وأرسل بأخيه إلى بغداد، ففعل به مثل ذلك، وذلك في سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
وفي أيامه ظهر المازيار القائم بملة المجوس بطبرستان.
1090 - [موسى بن إسماعيل التبوذكي]
(1)
موسى بن إسماعيل المنقري البصري، ويقال له: التّبوذكي، يكنى أبا سلمة.
سمع هماما، وإبراهيم بن سعد، وسعيد بن مسلمة وغيرهم.
روى عنه البخاري والحسن الحلواني وغيرهما، وكان أحد أركان الحديث.
توفي سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
1091 - [إبراهيم بن المهدي الأمير]
(2)
إبراهيم بن المهدي بن أبي جعفر المنصور العباسي.
كان فصيحا أديبا شاعرا، رأسا في معرفة الغناء، ولي إمرة دمشق لأخيه الرشيد.
ولما جعل المأمون ولي عهده علي بن موسى الرضا .. شق ذلك على بني العباس، فبايعوا ببغداد لإبراهيم بن المهدي بالخلافة، ولقب بالمبارك، فحاربه والي بغداد من جهة
(1)«طبقات ابن سعد» (9/ 307)، و «الجرح والتعديل» (8/ 136)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 360)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 414)، و «تذكرة الحفاظ» (1/ 394)، و «تهذيب التهذيب» (4/ 169)، و «شذرات الذهب» (3/ 106).
(2)
«تاريخ بغداد» (6/ 140)، و «المنتظم» (6/ 329)، و «وفيات الأعيان» (1/ 39)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 557)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 67)، و «العبر» (1/ 389)، و «الوافي بالوفيات» (6/ 110)، و «مرآة الجنان» (2/ 83)، و «شذرات الذهب» (3/ 108).
المأمون، فانكسر إبراهيم مرة بعد أخرى، ولما وصل المأمون إلى بغداد .. اختفى إبراهيم، ولم يزل مختفيا سبع سنين، وله في اختفائه حكايات عجيبة.
منها: ما حكاه للمأمون بعد أن رضي عليه وسأله عما اتفق له في اختفائه فقال: من أعجب ما اتفق لي: أني ضجرت يوما من طول اختفائي في البيوت، فخرجت نصف النهار في حال غفلة الناس وقيلولتهم، وقد غيرت حالي حتى لا أعرف، فمررت بجسر بغداد؛ فإذا بتركي على فرس يتبعني ويقول: طلبة أمير المؤمنين، وأراد أن يلزمني، فدلقته عن الفرس حتى سقط إلى دجلة، واشتغل الناس به، وانغمست بينهم، وسعيت حتى أبعدت؛ فإذا أنا بدار، فدققت الباب وقلت: هل لكم في إيواء خائف على نفسه من القتل؟ فخرجت صاحبة الدار، وأدخلتني الدار، وسكنت روعي، وطيبت خاطري، فبينا نحن على ذلك؛ إذ أقبل صاحب الدار وهو التركي الذي رميته في دجلة، فدق الباب، فأدخلتني في مخدع لها، فدخل معصوب الرأس مما أصابه من الجراحة، وهو يئن ويتأسف على ما فاته، فقالت: ما نالك؟ قال: فاتني الغنى أن وقع في يدي، قالت: وما ذاك؟ قال: ظفرت ببغية أمير المؤمنين، وقد وقع في يدي ثم دلقني حتى سقطت من على فرسي في دجلة، وهرب، فأخذت تهون عليه الأمر وتقول له: لعل الخيرة لك في ذلك، ولعلك لو قدمت به على أمير المؤمنين فقتله .. كنت مشاركا في دمه، وإن عفا عنه ورضي عنه .. لم تأمنه أن يخبث عليك، فينالك محذور، فالحمد لله الذي سلمك من ذلك، حتى سكن حاله، ثم قربت له ماء فاغتسل، وقربت له طعاما فأكل، وقربت له شرابا فشرب، ثم نام، فلما علمت أنه قد نام .. قالت: أأنت صاحبه؟ قلت: نعم، قالت: قد سمعت أسفه وحرده، وإن يظفر بك .. لم تسلم منه، فالمصلحة أن تخرج وهو نائم.
فخرجت فمررت بحجام جالس على باب بيته، فسلمت عليه، فرد السلام ببشاشة، فقلت: هل ثمّ مكان يؤويني إلى الليل؟ قال: بالرحب والسعة، وأدخلني إلى بيته، ثم خرج وغاب عني ساعة، ثم أتى بأوان جديدة من الخزف؛ من قدر وكوز ونحو ذلك، وقال: إن الملوك يستقذرون أوانينا، وهذه أوان جديدة لم تمسها الأيدي لتستعملها فيما أردت، ثم صنع طعاما طيبا بحضرتي، ثم غرف منه في الأواني الجديدة وقربه إلي، فعزمت عليه أن يجلس يأكل معي، فأبى وقال: الحجامون لا يؤاكلون الملوك، فقلت: ومن عندك من الملوك؟ قال: أولست بإبراهيم بن المهدي خليفتنا بالأمس؟ طب نفسا، وقر عينا، لو تمكث ههنا طول عمرك .. لم يعلم بك أحد، وغرف لنفسه شيئا من الطعام، وقعد يأكل