الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمراض، فمضى، وعاد في قابل، فدخل عليه في مثل ذلك المجلس، فقال:
ما جاء بك؟ فقال: سمعت منك دعاء، فجئت لأتعلمه، فقال له: يا هذا؛ إنه غير مستجاب، أنا في كل سنة أدعو الله تعالى ألاّ تأتيني، وأنت تأتيني.
وله وقائع، وحكايات مشهورة.
وتوفي سنة ثلاث ومائتين، والله أعلم.
983 - [علي الرضا بن موسى الكاظم]
(1)
أبو الحسن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، أحد الأئمة الاثني عشر المعصومين في زعم الإمامية.
ولد في سابع شوال، أو ثامنه سنة ثلاث وخمسين ومائة، وكان المأمون أحضر أولاد العباس الرجال منهم والنساء وهو بمرو من خراسان، فكان عددهم ثلاثة وثلاثين ألفا ما بين كبير وصغير، واستدعى عليا المذكور، وأنزله أحسن منزل، وجمع خواصه، وأخبرهم أنه نظر في أولاد العباس، وأولاد علي بن أبي طالب، فلم يجد أحدا في وقته أفضل، ولا أحق بالخلافة من علي الرضا، فبايعه، وأمر بإزالة السواد من اللباس والأعلام، وإبدال ذلك بالخضرة، وزوجه ابنته أم حبيبة، وجعله ولي عهده، وضرب اسمه على الدينار والدرهم، فلما بلغ الخبر إلى من بالعراق من أولاد العباس .. علموا أن في ذلك خروج الأمر عنهم، فخلعوا المأمون، وبايعوا عمه منصور بن المهدي، ولقبوه بالمرتضى، فضعف عن الأمر، وقال: إنما أنا خليفة المأمون، فتركوه، وعدلوا إلى أخيه إبراهيم بن المهدي فبايعوه بالخلافة، ولقبوه بالمبارك، وجرت بالعراق حروب شديدة، وأمور مزعجة، وتوفي علي المذكور في آخر يوم من صفر سنة اثنتين ومائتين بمدينة طوس، فدخل عليه المأمون، ودفنه بلصق قبر أبيه الرشيد.
قيل: إنه أكل عنبا، فأكثر منه، فمات.
وقيل: مات مسموما.
(1)«الكامل في التاريخ» (5/ 504)، و «وفيات الأعيان» (3/ 269)، و «تهذيب الكمال» (21/ 148)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 387)، و «تاريخ الإسلام» (14/ 269)، و «الوافي بالوفيات» (22/ 248)، و «مرآة الجنان» (2/ 11)، و «البداية والنهاية» (10/ 689)، و «تهذيب التهذيب» (3/ 194)، و «شذرات الذهب» (3/ 14).
وفيه يقول أبو نواس وقد عتب عليه بعض أصحابه وقال: ما رأيت أوقح منك، ما تركت خمرا ولا معنى إلا قلت فيه، وهذا علي بن موسى الرضا في عصرك لم تقل فيه شيئا، فقال: والله ما تركت ذلك إلا إعظاما له، وليس قدر مثلي يستحسن أن يقول في مثله، ثم أنشد بعد ساعة:[من الخفيف]
قيل لي أنت أحسن الناس طرا
…
في فنون من المقال النبيه
لك من جيد المديح قريض
…
يثمر الدر في يدي مجتنيه
فعلى ما تركت مدح ابن موسى
…
والخصال التي زهت هي فيه
قلت لا أستطيع مدح إمام
…
كان جبريل خادما لأبيه
قال الشيخ اليافعي: وفي هذه الأبيات لفظتان أصلحتهما؛ لاختلال وزنهما من جهة الكاتب.
وقال فيه أبو نواس أيضا: [من البسيط]
مطهرون نقيات جيوبهم
…
تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
من لم يكن علويا حين تنسبه
…
فما له من قديم الدهر مفتخر
الله لما برا خلقا فأتقنه
…
صفاكم واصطفاكم أيها البشر
فأنتم الملأ الأعلى وعندكم
…
علم الكتاب وما جاءت به السور
قال المأمون يوما لعلي بن موسى المذكور: ما يقول بنو أبيك في جدنا العباس بن عبد المطلب؟ فقال: ما يقولون في رجل فرض الله طاعة بنيه على خلقه، وفرض طاعته على بنيه، فأمر له بألف ألف درهم.
وكان أخوه زيد بن موسى قد خرج على المأمون بالبصرة وفتك بأهلها، فأرسل إليه المأمون أخاه عليا المذكور يرده عن ذلك، فجاءه وقال له: ويلك يا زيد! فعلت بالمسلمين في البصرة ما فعلت، وتزعم أنك ابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ ! والله لأشد الناس عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم، يا زيد؛ ينبغي لمن أخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعطي به، فبلغ كلامه المأمون فبكى وقال: هكذا ينبغي أن يكون أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قيل: هذا الكلام مأخوذ من كلام زين العابدين؛ فقد قيل: إنه كان إذا سافر .. كتم نسبه، فقيل له في ذلك، فقال: أنا أكره أن آخذ برسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أعطي به.