الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أمّيّ، والله؛ لقد ارتعدت مفاصلي من كتابه، فافتتح من أرض الروم عمورية وغيرها من المدن الكبار.
وكان يقال له: المثمن؛ لأنه ولد سنة ثمانين ومائة، أو ثمان وسبعين مائة، في ثامن شهر منها، وهو ثامن خلفاء بني العباس، وفتح ثمان فتوحات، ووقف في خدمته ثمانية من ملوك العجم، قتل منهم ستة، ومدة خلافته ثمان سنين وثمانية أشهر وثمانية أيام، وخلف ثمانية بنين وثمان بنات، ومن الذهب ثمانية آلاف ألف دينار، ومن الدراهم ثمانية عشر ألف ألف درهم، ومن الخيل ثمانين ألف فرس، ومن الجمال والبغال مثل ذلك، ومن المماليك ثمانية آلاف مملوك، وثمانية آلاف جارية، وبنى ثمانية قصور، هكذا قيل، فإن صح ..
فهو من جملة العجائب.
وتوفي بسرّمن رأى لإحدى عشرة ليلة بقيت من ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين، وعمره ست-أو سبع-وأربعون سنة، وقام بعده ابنه هارون الواثق.
1112 - [بشر الحافي]
(1)
أبو نصر بشر بن الحارث، الولي الكبير، العارف بالله الشهير، المعروف ببشر الحافي.
ذكروا أنه سمع من حماد بن زيد، وإبراهيم بن سعد، واعتنى بالعلم، وتفقه على مذهب الثوري، وحدث باليسير.
وكان رأسا في الورع والزهد، وكان يقول لأصحاب الحديث: أدوا زكاة الحديث، قالوا: وما زكاته؟ قال: اعملوا من كل مائتي حديث بخمسة أحاديث، وقيل له: لم لا تحدث؟ قال: إني أحب أن أحدث، ولو أحببت أن أسكت .. لحدثت؛ يعني أخالف نفسي في هواها، وهو مروزي، من أولاد الكتاب والرؤساء.
قيل: إن سبب توبته أنه وجد ورقة تداس في الطريق، مكتوب فيها اسم الله فرفعها، وكان معه درهم فاشترى به غالية وطيب الورقة، وجعلها في شق حائط، فرأى في المنام
(1)«طبقات ابن سعد» (9/ 344)، و «الجرح والتعديل» (2/ 356)، و «طبقات الصوفية» للسلمي (ص 39)، و «حلية الأولياء» (8/ 336)، و «تاريخ بغداد» (7/ 71)، و «الرسالة القشيرية» (1/ 95)، و «وفيات الأعيان» (1/ 274)، و «سير أعلام النبلاء» (10/ 469)، و «تاريخ الإسلام» (16/ 105)، و «مرآة الجنان» (2/ 92)، و «تهذيب التهذيب» (1/ 225)، و «شذرات الذهب» (3/ 122).
قائلا يقول له: يا بشر؛ طيبت اسمي، لأطيبن اسمك في الدنيا والآخرة، فلما انتبه من نومه .. تاب وأناب.
واختلف في سبب حفائه:
قيل: إنه كان في داره مع جماعة ندماء له في اللهو واللعب، فدق عليهم الباب داق، فقال للجارية: اذهبي فانظري من بالباب، ففتحت؛ فإذا فقير على الباب، فقال: سيدك حر أم عبد؟ فقالت: بل حر، فقال: صدقت، وذهب وخلاها، فأخبرت سيدها خبره، فخرج يعدو في إثره حافيا وهو يقول: بل عبد، بل عبد، ولم يلحقه، فرجع ولزم الحفاء، فقيل له في ذلك، فقال: الحالة التي صولحت عليها لا أحب أن أغيرها.
ويقال: إنه جاء إلى إسكاف يطلب منه شسعا لإحدى رجليه وكان قد انقطع، فقال له الإسكافي: ما أكثر كلفتكم على الناس! فألقى النعل من يده والأخرى من رجله، وحلف لا يلبس بعدها نعلا.
يحكى: أنه أتى باب المعافى بن عمران فدق الباب، فقيل: من هذا؟ فقال: بشر الحافي، فقالت بنت من داخل الدار: لو اشتريت نعلا بدانقين .. لذهب عنك اسم الحافي.
قيل له: بأي شيء تأكل الخبز؟ قال: أذكر العافية فأجعلها إداما.
ومن دعائه: اللهم؛ إن كنت شهرتني في الدنيا لتفضحني في الآخرة .. فاسلب ذلك عني.
ومن كلامه: عقوبة العالم في الدنيا أن يعمى بصر قلبه.
وقال: من طلب الدنيا .. فليتهيأ للذل.
وتكلم رحمه الله تعالى في الورع وعدم طيب المطاعم، فقيل له: ما نراك تأكل إلا من حيث نأكل؟ ! فقال: ليس من أكل وهو يبكي كمن أكل وهو يضحك.
وفي رواية قال: أكلتموها كبارا، وأكلتها صغارا.
وتوفي رحمه الله سنة سبع وعشرين ومائتين.
وكان له ثلاث أخوات ورعات زاهدات عابدات: مضغة-وهي الكبرى-ومخّة، وزبدة، رحمهم الله.