الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها: أنه حج يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بالناس في سنة خمسين، وحج عبد الصمد المذكور بالناس في سنة خمسين ومائة، وهما في النسب إلى عبد مناف سواء.
ومنها: أنه أدرك السفاح والمنصور وهما ابنا أخيه، ثم أدرك المهدي وهو عم أبيه، ثم أدرك الهادي، ثم أدرك الرشيد، وهو عم جدهما، ومات في أيام الرشيد.
وقال يوما للرشيد: هذا مجلس فيه أمير المؤمنين وعمه، وعم عمه، وعم عم عمه؛ وذلك أن سليمان بن أبي جعفر هو عم الرشيد، والعباس عم سليمان، وعبد الصمد عم العباس.
ومنها: أنه مات بأسنانه التي ولد بها، ولم يثغر) (1) أي: لم تسقط أسنان الرضاعة، يقال: ثغر الصبي يثغر إذا سقطت أسنانه، وأثغر-بالمثلثة-واتّغر-بالمثناة من فوق مشددة- إذا نبتت.
توفي عبد الصمد المذكور سنة خمس وثمانين ومائة.
885 - [يزيد بن مزيد الشيباني]
(2)
يزيد بن مزيد بن زائدة الشيباني ابن أخي معن بن زائدة.
كان من الأمراء المشهورين، والأبطال المعروفين، وكان معن يقدمه على أولاده، فعاتبته امرأته لذلك، فقال: إني لأجد عنده من الغنى ما لا أجده عندهم، ولو كان ما يصنعه لبعيد .. لصار قريبا، أو لعدو .. لصار حبيبا، وسأريك في هذه الليلة ما تبسطين به عذري، ثم قال: يا غلام؛ ادع لي جساسا وزائدة وعبد الله وفلانا وفلانا-لأولاده-حتى أتى على جميع أولاده، فجاءوا وهم في الغلائل المطيبة (3) والنعال السبتية بعد ليل، فسلموا وجلسوا، ثم قال معن: يا غلام؛ ادع لي يزيد، فجاء عجلا وعليه سلاحه، فوضع رمحه بباب المجلس ودخل، فقال له معن: ما هذه الهيئة يا أبا الزبير؟ فقال: جاءني رسول
(1)«المنتظم» (5/ 476).
(2)
«المعارف» (ص 100)، و «تاريخ الطبري» (8/ 273)، و «تاريخ بغداد» (14/ 336)، و «الكامل في التاريخ» (5/ 340)، و «وفيات الأعيان» (6/ 327)، و «سير أعلام النبلاء» (9/ 71)، و «تاريخ الإسلام» (12/ 466)، و «مرآة الجنان» (1/ 400)، و «شذرات الذهب» (2/ 384).
(3)
الغلائل: الدروع، وقيل: بطائن تلبس تحت الدروع.
الأمير، فسبق إلى وهمي أنه يريدني لمهم، فلبست سلاحي، فقال معن: انصرفوا في حفظ الله، فلما خرجوا .. قال لزوجته: أرأيت؟ قالت له زوجته: قد تبين لي عذرك.
كان يزيد واليا بأرمينية وأذربيجان ولاه الرشيد، ولما خرج الوليد بن طريف الخارجي على هارون الرشيد ببلاد الجزيرة-كما ذكرناه في ترجمة الوليد في سنة تسع وسبعين ومائة (1) - .. جهز إليه الرشيد موسى بن حازم في جيش كثيف، فهزمهم الوليد، وقتل أميرهم، فوجه إليه الرشيد معمر بن عيسى العبدي، فكانت بينه وبين الوليد وقائع، وكثرت جموع الوليد، فوجه الرشيد إليه يزيد المذكور في عسكر ضخم.
ويروى: أنه لما جهزه الرشيد لحرب الخارجي .. أعطاه ذا الفقار سيف النبي صلى الله عليه وسلم وقال: خذه يا يزيد؛ فإنك ستنصر به، فأخذه ومضى لحرب الوليد، وجعل الوليد يراوغه، وكان ذا مكر ودهاء، وأرسل الرشيد إلى يزيد خيلا بعد خيل، واستحثه في مناجزة الوليد، كما قدمنا ذلك، فالتقى العسكران، فدعا يزيد الخارجي للمبارزة، فبرز إليه الوليد، ووقف العسكران، فتطاردا ساعات من النهار، فأمكنت يزيد فيه الفرصة، فضرب رجله فسقط، وصاح بخيله، فبادروا إليه، واحتزوا رأسه، فوجه به إلى الرشيد، وفي ذلك يقول مسلم بن الوليد الأنصاري يمدح يزيد المذكور:[من البسيط]
أذكرت سيف رسول الله سنته
…
وبأس أول من صلّى ومن صاما
يعني: بأس علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ إذ كان هو الضارب به.
وعن الأصمعي قال: رأيت في ذي الفقار ثماني عشرة فقارة، يقال: إن ذا الفقار كان مع العاصي بن نبيه يوم بدر، فقتله علي رضي الله عنه وأخذ منه ذا الفقار، وذكر بعضهم:
أنه كان للنبي صلى الله عليه وسلم، فأعطاه عليا.
وذكر أبو جعفر الطبري بإسناد متصل: (أن ذا الفقار تلقاه الرشيد من أخيه الهادي، والهادي من أبيه المهدي، والمهدي من جعفر بن سليمان العباسي، وجعفر من التاجر، والتاجر من محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب دفعه إليه، قيل:
بأربع مائة دينار كانت له عليه) (2).
(1) انظر (2/ 253).
(2)
«تاريخ الطبري» (7/ 595).